نفى رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري أي علاقة لحزبه " بجهات أجنبية›› وقال أنه لا توجد أي صلة أو روابط بين حزبه وبين قطر أو بينه وبين تركيا ولا بمؤسسات هذين البلدين، كما نفى أن تكون "حمس " قد تلقت يوما أوامر من حركة الإخوان المسلمين وقال أن ما يربطه بالتنظيم الإخواني هو " تيار الوسطية والاعتدال " لا أكثر.
وأسهب مقري في الحديث الذي خص به النصر، في شرح أسباب خروج حركته من التحالف الرئاسي، كما قدم وجهة نظره حول أسباب وجود التنظيم الإرهابي " داعش "، فيما تطرق إلى مواضيع أخرى  المرتبطة بالإسلام السياسي والدستور وعن استعداد المعارضة للتوافق وللنقاش والحوار مع السلطة من أجل مصلحة البلاد.

• حاوره: عبد الحكيم أسابع

ماذا خسرت "حمس"وماذا ربحت من خروجها من التحالف الرئاسي ومن الحكومة ؟

لقد ربحنا في حركة " حمس " الكثير بخروجنا من التحالف، أولا نحن عندما كنا في التحالف كنا نقوم بما تعتقد المؤسسات بأنه واجب، باعتبار أن البلد كان يمر بمرحلة خطيرة وكان هناك خطر لتفكك المجتمع الجزائري وتفكك المؤسسات الجزائرية، فطيلة نصف التسعينيات الأمر كان عليه إجماع في الحركة غير أنه الفترة الممتدة من 1997 إلى 1999 أصبح الأمر محل خلاف بين مؤيد لمواصلة التحالف ومعارض، بحيث كان هناك من يعتبر أننا قمنا بدورنا لما كانت البلاد في خطر وأن علينا اليوم أن نغادر التحالف لأن النظام السياسي في الحقيقة سيستغلنا أكثر لمصلحته وليس لمصلحة البلد ولكن هناك رأي آخر خطّأه الزمن كان يدعو إلى الانتقال من التحالف إلى الشراكة لنصبح طرفا في تحقيق التنمية بعد ما كنا طرفا أساسيا في تحقيق الاستقرار.

لا نتلقى الأوامر من تنظيم الإخوان المسلمين ولا يربطنا بهم سوى تيار الوسطية والاعتدال

 وأنا كنت ممن يعتقدون أن النظام السياسي،  نظام أحادي لن يقبل الشراكة وثبت بعد سنوات طويلة، ضاعت سدى، صدق ما توقعناه، و نحن عندما خرجنا من التحالف الرئاسي خرجنا في إطار قناعة عارمة فمؤسسات الحركة اتخذت الموقف بعد ثبوت تزوير انتخابات 2012.
و بخروجنا من التحالف، ارتاحت ضمائرنا وأصبحنا نشعر حقيقة بعد ما تأكد أن النظام السياسي لا يريد الشراكة، أنه أصبح من الواجب علينا القيام بواجب وطني كبير لإظهار الفساد والقيام بدور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والكفاح من أجل الحريات والعمل من أجل الحفاظ على بلدنا من الانهيار، وربحنا حماسنا الكبير للعمل فأصبح بالتالي هناك انسجام فكري ونفسي كبير لدى مناضلي الحركة، بعد أن ساد خلال السنوات الأخيرة من تواجدنا في التحالف الرئاسي، شعور بالتوتر النفسي، و ازداد اليوم عدد المناضلين، بإقبال آلاف الشبان على الانخراط في الحركة، كما حققنا تصالح كبير مع الجمهور ومع الرأي العام الجزائري، فأصبحنا نشعر الآن أننا نعيش في بيئة مرحبة.
من جهة أخرى أصبحت لدينا فعالية كبيرة في الطبقة السياسية، وأصبحنا نؤدي دورا رياديا في التنسيق بين الأحزاب واستطعنا أن نساهم مساهمة تاريخية في توحيد المعارضة و بناء رؤيا جديدة في المعارضة السياسية، كما تمكنا أيضا ، من توعية النخب والجماهير الجزائرية بحقيقة الوضع في الجزائر، وقد انتهجنا نهج علمي يعتمد على الاقتصاد وعلى الأرقام الاقتصادية وأيضا على الرؤى الاستشرافية المستقبلية، فيما خرجنا من الخطاب النمطي المعروف لدى الحركة الإسلامية، واتجهنا نحو التركيز على الديمقراطية وعلى الحريات ونحو التركيز على التنمية وعلى الاقتصاد.

ولكنكم خسرتم بعض الإطارات التي فضلت البقاء في محيط السلطة وفي الفريق الحكومي حتى أن منهم من عمد إلى تأسيس حزب؟

عدد هؤلاء قليل جدا فنحن مثل جسم الإنسان كل يوم يضيع خلايا ويربح خلايا وهذا شيء طبيعي والعبرة أن الخلايا الحية النافعة التي تتجدد هي أكثر وما نكسبه من إطارات ومن تعاطف أكبر بكثير مما خسرناه، فلا يوجد جسم لا يخسر خلايا.
قبل أشهر اتخذ الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم مواقف مناقضة لمواقف الحركة فهل معنى ذلك أن ثمة تململ أو خلافات بين قيادي الحركة وبعض الفاعلين سواء في مجلس الشورى أو في الهياكل الأخرى للحزب.
نحن لا يقلقنا هذا لأن " حمس " مدرسة كبيرة وعائلة كبيرة وتصريحات رئيس الحركة السابق لا تحرجنا، فلسنا ثكنة عسكرية والعبرة أن المؤسسات متوافقة مع قيادة الحركة وأن الأغلبية الساحقة، أي أكثر من 90 بالمائة في مجلس الشورى وكل المكاتب الولائية تسير على خط واحد وعلى رأي واحد وهو خط معارض للنظام السياسي لمصلحة البلد.

كثيرا ما يربط بين حركة حمس والأممية الإسلامية الممثلة في تنظيم الإخوان المسلمين ما حقيقة علاقتكم بهذا التنظيم وهل تتلقون أوامر منه وهل تساهمون في صنع القرار فيه؟

نحن لا نتلقى الأوامر سوى من مؤسساتنا منذ تأسيس حركتنا، فهل تتصور أن أحد مثل الشيخ محفوظ نحناح يتلقى أوامر من غيره، أو واحد مثل عبد الرزاق مقري يتلقى أوامر من غيره، أبدا، نحن لدينا مؤسساتنا هي فقط التي تأمر، ولكن التعاون موجود، نشترك والإخوان المسلمين في التوجه الفكري وبالتأكيد نحن والإخوان المسلمون، وجمعية العلماء المسلمين التي أسسها الشيخ عبد الحميد بن باديس والشيخ الإبراهيمي، وبعض الحركات الإسلامية الأخرى كالعدالة والتنمية في المغرب، وحركة النهضة في تونس وحركة التواصل في موريتانيا، مدرسة واحدة وهي الوسطية والاعتدال.

كثيرا ما يثير معارضوكم مسالة علاقاتكم بجهات أجنبية كتركيا وقطر ما حقيقة ذلك؟ وهل مشروعكم وطني جزائري أم أن له تصور في العلاقات الدولية في بعده الإسلامي؟

الذي له علاقة مع قطر هي الدولة الجزائرية، فهي التي لديها سفارة قطر وسفارة تركيا، والصداقة الموجودة بين الحكام الجزائريين والحكام القطريين، صداقة كبيرة وعريقة كبيرة جدا، ونحن لا علاقة لنا بالقطريين كدولة وكمؤسسات سياسية، لا من قريب ولا من بعيد ولم نلتق بهم ولو مرة واحدة في حياتنا لا هم ولا المسؤولين الأتراك، ولم يحدث أبدا أن جرى حديثا أو تعاون بيننا وبينهم على الإطلاق، وكل هذا الذي يقال هو ادعاء و كذب ودجل ونحن وطنيتنا لا يزايد علينا بها أي أحد لقد انتزعناها، بدمائنا، نحن عندما كانت مؤسسات الدولة الجزائرية تترنح نحن الذين وقفنا وليس هؤلاء الذين يزايدون علينا بالوطنية، لقد وقفنا ودفعنا 400 شهيد وعلى رأسهم الشيخ بوسليماني ولحسن بن سعد الله وحمود حمدي، نحن دفعنا ضريبة الدم من أجل المحافظة على مؤسسات الدولة الجزائرية.

اتهامنا بالولاء لقطر وتركيا ادعاء و كذب ولا علاقة لنا بهذين البلدين لا من قريب ولا من بعيد

تمر المنطقة بعاصفة تهدد بقاء الدول الأمر الذي يستدعي خلق جبهة وطنية قوية، لكن بعض معارضيكم يرون أن جنوحكم إلى معارضة متشددة يضعف الجبهة الداخلية في هذه المرحلة الحساسة؟

في المرحلة الحالية ثمة جهة واحدة فقط قد تهدد استقرار البلاد، وهو النظام السياسي فهو الوحيد الذي قد يؤدي بالدولة إلى الانهيار، بسبب بسيط لأن النظام السياسي خاصة خلال الـ 15 سنة الأخيرة أتيحت له فرصة عظيمة لتحقيق التنمية بإنفاق 800 مليار دولار لكنه فشل في ذلك، ومع تراجع إنتاج البترول و نجد أنفسنا اليوم أكثر تبعية للمحروقات و لمداخيل العملة الصعبة وأكثر تبعية في قوتنا وفي دوائنا، ونتوقع في ظل تراجع الميزان التجاري وميزان المدفوعات بأننا من هنا إلى سنتين ونصف فإن صندوق ضبط الموارد لن تجد له أثر من هنا إلى 5 سنوات لن يبق احتياطي الصرف وقد يجد النظام نفسه في مشكلة مع الشعب وليس مع الأحزاب ، لأنه لن يستطيع أن يفي باحتياجات المواطنين لا سيما وأنه رباهم على الإتكالية، عبر شراء السلم الاجتماعي.
ومن هنا فإن المعارضة تقول للنظام السياسي أمامك معارضة راشدة بحوزتها مشروع مجتمع وتدعوك للتوافق على انتقال ديمقراطي لمصلحة الجزائر ولمصلحة الجميع والاتفاق على كيفية محاربة الفساد وبناء منظومة قانونية لتكريس دولة القانون وتكوين رؤية اقتصادية والاتفاق أيضا حول كيفية التصدي للتوترات الاجتماعية ونحن إذا قبل النظام السياسي الانتقال الديمقراطي فنحن جاهزون للتوافق وللنقاش والحوار من أجل مصلحة البلاد لكنه إذا رفض نحن سنكون ذخرا للوطن حينما تلوح مؤشرات الانهيار بأن نكون جبهة وطنية تحتضن البلد ونحن بصدد صياغة مشروع سياسي يحفظ الانهيار.

تصريحات أبوجرة لا تحرجنا، فلسنا ثكنة عسكرية

بخصوص ما يحدث في جوارنا من اعتداءات إرهابية، هل يرى الدكتور مقري أن " داعش " التي يسمونها بالجيل الخامس من الإرهاب، هي نتيجة لانحراف داخل الحركات الإسلامية أم هي لعبة استخباراتية؟

" داعش " هي لعبة استخباراتية بامتياز، وهي نتيجة الانقلاب على الثورات العربية وعلى الربيع العربي، وهنا أشير إلى أن الوثائق التي تسربت من بين التي وجدت لدى مؤسس القاعدة أسامة بن لادن يعترف فيها هذا الأخير بأنه وقع تحول كبير بعد الربيع العربي وأن على الجميع أن ينخرط ضمن هذه التحولات وان يقبل النتائج التي تأتي بها صناديق الاقتراع وهكذا يكون بن لادن مؤسس " القاعدة " قد سلم بأن الشعوب العربية غلبته و لم تسر في منهجه مفضلة الخروج إلى الشوارع لكي تطالب بالتغيير السلمي، ولكن الذي حدث أن الأنظمة العربية والقوى الاستخباراتية الغربية انقلبت على إرادة الشعوب وأفسدت هذا التحول السلمي، لأنها تدرك بأنه لا يمكن التحكم في الشعوب إلا في جو الإرهاب وجو الدماء، باعتبار أن الناس في جو الدماء ينكفئون على ذواتهم لا يخرجون للمطالبة بحقوقهم، لذلك فإن الإرهاب هو نتيجة لإخفاق التغيير السلمي الذي جاءت به الثورات العربية تونس وفي مصر خاصة وفي اليمن، وهو الإخفاق الذي جاء نتيجة العمل الإستخباراتي.
وبكل تأكيد هناك عدد من الشباب عندما يجد نفسه أمام أفق مسدود ويجد في محيطه بعض الدعاوى المتطرفة المنحرفة الإرهابية التي كانت ضعيفة في زمن الحرية، تستهويه ولحسن الحظ فإن هذه الأفكار المتطرفة ليست هي الأغلبية فالتيارات الوسطية المعتدلة هي الغالبة في التيار الإسلامي.

خرجنا من الخطاب النمطي المعروف لدى الحركة الإسلامية، واتجهنا نحو التركيز على الديمقراطية وعلى الحريات

تعد الجزائر من بين الدول العربية الأولى التي ظهر فيها الإسلام السياسي من خلال الترخيص لعدد من الأحزاب الإسلامية التي استقطبت في البداية أعدادا كبيرة من المناضلين والمتعاطفين، لكن رقعة الإسلام السياسي سرعان ما انحصرت.. ألا ترون معي أن الجزائريين أصبحوا ينفرون من الإسلام السياسي؟

إذا سلمنا بهذه الكلمة " الإسلام السياسي " فلا يمكن أن نعرف قوة الإسلام السياسي سوى بالانتخابات الحرة والنزيهة، ونحن كل المواعيد الانتخابية التي جرت عندنا مزورة، والجميع يعرف هذا، والإسلام السياسي هو ليس بتيار عنفي و هو يقوم بعمل سلمي وموجود يوميا عبر التراب الوطني، ونحن كأبناء هذا التيار موجودون في الساحة السياسية بقوة وكل يوم نتقي المواطنين والعلماء والنخب عبر الوطن ولكن لا أحد يتحدث عن هذا، لذلك فعندما تكون كل الانتخابات مزورة وتمنعني من تنظيم مسيرة في عرض الشارع كيف تقول عني أنني غير موجود.

المعارضة جاهزة للتوافق وللنقاش والحوار مع النظام من أجل مصلحة البلاد

يفسر رئيس " تاج " عمار غول سبب التأخر في طرح مسودة تعديل الدستور للاستفتاء أو المصادقة عليه برغبة الرئيس في إعطاء المزيد من الوقت من أجل التوصل إلى صياغة دستور توافقي، ويدعوا رئيس تاج في المقابل إلى ندوة وطنية جامعة من أجل التوصل إلى هذا الدستور التوافقي، فهل بالإمكان أن نرى " حمس " طرفا في هذا المسعى؟

النظام السياسي هو الذي رفض الدستور التوافقي، وهذا الدستور، لا يأتي بالطريقة التي يريدها النظام، لقد سبق وأن دعت السلطة، كل الأحزاب ، للتشاور حول الدستور التوافقي مع عبد القادر بن صالح وقدمنا كل اقتراحاتنا، ثم جاء أويحيى بوثيقة أخرى لا علاقة لها على الإطلاق بما قالته الأحزاب وكأنهم ألقوا بالاقتراحات السابقة في سلة المهملات، لذلك فإننا نلمس عدم وجود إرادة إطلاقا لصياغة دستور توافقي، بل توجد إرادة لربح الوقت وتمييع المشاريع الجادة، واليوم فإننا نعتبر أن تعديل الدستور يجب أن يتم ضمن مسار الانتقال الديمقراطي.  
وجه الأفافاس انتقادات لمبادرة  هيئة التشاور التي تعتزم تنظيم لقاء يوم 9 جويلية لإعادة تنظيم نفسها، واعتبرت مطلبها بتنظيم رئاسيات مسبقة واستحداث هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات بأنها لن تحلّ الأزمة، ولن تحافظ على وحدة واستقرار البلاد وأكثر من ذلك الأفافاس يتهم تكتل المعارضة بتكريس نظام العصب وسؤالي هل كنتم تتوقعون هكذا " خرجة " من الأفافاس وهل " حمس معنية بلقاء يوم 9 جويلية الذي سينعقد في مقر حزب طلائع الحريات.

هذا هو رأي الأفافاس وهو معروف ولا غرابة فيه وقد قاله عدة مرات والآن المسار السياسي الذي يمشي فيه الأفافاس أصبح للأسف الشديد يعارض المعارضة و الأفافاس منذ 2012 أو قبيل ذلك وهو على هذا الحال، حيث وقع له تحول كبير، وبالطبع نحن شركاء أساسيين في هيئة التشاور والمتابعة وسنكون حاضرين وسنقيم الوضع.

الرجوع إلى الأعلى