أدى، الحريق المهول الذي اندلع مساء الخميس الماضي، بمخزن المواد الأولية لمصنع نقاوس للعصائر والمصبرات بولاية باتنة، إلى توقف مؤقت للإنتاج فيما استمرت عملية التسويق حسبما لاحظناه أمس ميدانيا داخل المصنع، وفيما لم تحدد بعد أسباب الحريق وقيمة الخسائر الناجمة عنه، رجح عمال وقائمون على المصنع في حديثهم لـ»النصر» التي تنقلت إلى المصنع، أن يكون سبب الحريق هو عملية تلحيم داخل المخزن الذي يتربع على مساحة 7000 متر مربع ومكون من ثلاثة طوابق .
روبورتاج وتصوير: يـاسين عبوبو         
تنقلنا صبيحة أمس، من مدينة باتنة باتجاه مدينة نقاوس للوقوف على ملابسات الحريق المهول، الذي اندلع مساء الخميس الماضي في حدود الساعة الخامسة إلا الربع بعد الزوال بمصنع العصائر والمصبرات، وكذا للوقوف ميدانيا على حجم الخسائر، ولقد بدت آثار الحريق كبيرة لدرجة أنه بمجرد الاقتراب من مدخل مدينة نقاوس التي تبعد بنحو 90 كلم جنوب غربي عاصمة الولاية باتنة، يبدو للعيان منظر حريق المخزن الواقع بالمنطقة الصناعية بمدخل المدينة من خلال اللون الأسود الداكن لبناية المخزن وانتشار كبير للركام.
وبدت الإجراءات والتحقيقات مشددة حول موقع الحريق، حيث لم يكن على غير العادة المرور باتجاه المصنع ممنوعا من طرف رجال الأمن بالحاجز الأمني الروتيني بمفترق الطرق المؤدي إلى المصنع، وتم السماح لنا بالمرور بعد التعريف بأنفسنا بأننا من الصحافة، وعلى عكس رجال الشرطة الذين سمحوا لنا بالمرور اصطدمنا باعتراض أعوان الأمن بالمصنع بمبرر أن المسؤول الأول على المصنع أعطى تعليمات بعدم مقابلة الصحافة.
توقف الإنتاج مؤقتا وتواصل عملية التسويق
بمجرد وصولنا للمصنع وعند دخولنا عبر المدخل الرئيسي لمصنع نقاوس لإنتاج العصائر والمصبرات، لاحظنا أن عملية التسويق لإنتاج المصبرات والعصائر مستمرة من خلال حركة متواصلة لعمليات الشحن بالقرب من الإدارة ووحدة الإنتاج، وهما مقران لم تطلهما ألسنة اللهب بالمصنع، وتزامن تواجدنا عند البوابة الرئيسية للمصنع تحضير وإستعداد سائقي شاحنات كبيرة خاصة بالشحن للخروج من المصنع، وهم محملين بالعصائر وكانت وجهتهم نحو البليدة وخميس الخشنة.
ورغم استمرار عملية الشحن والتسويق إلا أننا علمنا من بعض العمال أن عملية الإنتاج توقفت مؤقتا، بعد أن تم تجنيد أزيد من ألف عامل تابعين لوحدة الإنتاج نحو المخزن لتنظيفه من آثار الحريق ورفع الركام، وهو ما وقفنا عليه حيث بدا الجميع مجندا لمحو آثار الحريق، وقد أبدى عدد من العمال ممن تحدثنا إليهم حسرتهم للحادث، إلا أنهم في الوقت نفسه بدوا متفائلين لعدم امتداد ألسنة اللهب إلى وحدة الإنتاج التي تضم التجهيزات والآلات.    
انصهار الجدران وتصدع الاسمنت المسلح لطوابق المخزن
منظر حريق مخزن المواد الأولية لمصنع نقاوس للعصائر والمصبرات وإن بدا هول منظره من بعيد قبل الوصول إليه، فإن الحريق يبدو مروعا أكثر بمجرد ولوج بناية المخزن التي تمكنا من الدخول إليها بمعية المدير الولائي للحماية المدنية الذي كان متواجد ميدانيا رفقة الأعوان، حيث لاحظنا أنه كان يوجه التعليمات لعناصره لمواصلة عملية إخماد النيران التي وإن تم التحكم فيها بعد أزيد من 20 ساعة من التدخل حسب مدير الحماية المدينة لولاية باتنة العقيد دحمان شليحي، إلا أن العملية استمرت قصد إخماد ألسنة نيران لم تكن تظهر وكانت مشتعلة تحت الأنقاض.
وأثناء تنقلنا داخل مخزن المواد الأولية، وهي بناية شيدت حديثا لاحظنا أن الحريق أتى على كامل المخزن ،وهو ما يبرز هول الحريق خاصة وأن بناية المخزن تتربع على مساحة سبعة آلاف متر مربع وتتكون من ثلاثة طوابق، وعند وقوفنا بالطابق الثاني بدا وكأننا داخل فرن، حيث كان أوار وسعير الحرارة لا يزال ينبعث رغم مرور ثلاثة أيام عن اندلاع الحريق، وكانت أرضية البناية بالطابق الثاني المشكلة من اسمنت مسلح قد ثقبت بسبب لهيب الحريق، وحتى الجدران المبنية من الآجر انهارت وانصهرت، وحسب مدير الحماية المدنية فإن ذلك يؤشر على أن قوة الحريق فاقت ألف درجة مئوية، وهي الدرجة التي تنصهر فيها مواد البناء.
النيران التهمت براميل من العصائر المركزة
أثناء تواجدنا بمخزن المواد الأولية لمصنع نقاوس للعصائر والمصبرات بدت الخسائر كبيرة جدا بعد أن التهمت النيران براميل تحتوي على عصائر مركزة تمثل المادة الأولية لإنتاج العصائر، والتهمت النيران أيضا مختلف أشكال العلب الخاصة بالتعبئة وهي مواد سريعة اللهب كانت ساهمت حسب مدير الحماية المدنية في توسع رقعة الحريق على كامل أرجاء المخزن، وذكر محدثنا بأن أسباب الحريق تبقى مجهولة ومحل تحقيق من طرف المصالح الأمنية، مشيرا لتواصل عملية إحاطة الموقع من طرف عناصر جل وحدات ولاية باتنة بالإضافة لوحدات من ولاية سطيف التي جندت لإخماد الحريق.
وفي سياق التحقيقات حول أسباب الحريق لاحظنا تواجد عناصر الشرطة العلمية التي كانت لا تزال تقوم بالتحقيق الميداني داخل المخزن إلى جانب انتشار رجال الشرطة والدرك الوطني بموقع الحريق، ورجح عمال تحدثنا إليهم أن يكون السبب هو عملية تلحيم كانت جارية بالمخزن بالقرب من الفندق التابع للمصنع المشيد حديثا هو الآخر إلى جانب المخزن المنجز من طرف سوريين حسب ما أشار إليه العمال، وأعاب أحد العمال القيام بعملية التلحيم بعد نقل المواد الأولية إلى داخل المخزن ما ساهم حسبه في اندلاع الحريق واعتبر بأن التلحيم لو تم قبل شحن المخزن لم يكن ليؤدي لوقوع الحريق.     الخسائر بدت كبيرة إلا أن قيمتها لم تحدد بعد سواء من طرف القائمين على المصنع أو مصالح الحماية المدنية.
تدخل الحماية المدنية منع امتداد النيران لوحدة الإنتاج والفندق
رغم الدمار الذي خلفته كارثة الحريق الذي أتى على المخزن الجديد لمصنع نقاوس للعصائر والمصبرات إلا أنه ولحسن الحظ لم يأت الحريق على باقي الملاحق للمصنع المتمثلة في مقر الإدارة والفندق ووحدة الإنتاج خاصة الأخيرة التي تضم الآلات والتجهيزات الخاصة بمختلف مراحل الإنتاج، وكان منع امتداد الحريق للملاحق المذكورة يعود فيه الفضل للحماية المدنية.  ألسنة اللهب أتت على المخزن   الذي  لا  يبعد إلا ببضعة أمتار عن وحدة الإنتاج، حيث وقفنا بالمساحة التي تفصل المخزن عن الوحدة رفقة المدير الولائي للحماية المدنية، الذي أكد بأن الكارثة كانت ستكون كبيرة لو امتد الحريق إلى وحدة الإنتاج خاصة وأن الوحدة مهيأة ومصنعة بمواد سهلة الالتهاب، كما وقفنا عمَا خلفه  امتداد ألسنة اللهب من إتلاف واجهة غرف فندق المصنع المشيد حديثا، حيث أتت النيران على النوافذ وبعض التجهيزات بالغرف، وكان مدير الحماية المدنية قد أشار لتجنيد عناصر كافة وحداته المنتشرة عبر ولاية باتنة بالإضافة للاستعانة بوحدات من ولاية سطيف القريبة من موقع حادث الحريق، وأشار ذات المسؤول إلى استمرار التجند لأيام أخرى استعدادا لأي طارئ.

الرجوع إلى الأعلى