الشبكة تعمل مع منظمات إجرامية مقابل مبالغ بالعملة الصعبة و رحلات إلى الخارج
أمر عشية أمس قاضي التحقيق بالغرفة الجزائية الثانية بمحكمة أم البواقي، بإيداع 3 عناصر من الشبكة الوطنية المختصة في النصب والاحتيال وانتحال صفة إطارات سامية بالدولة، من الذين انتحل أفرادها صفة أعضاء بالديوان المركزي لمكافحة الفساد رهن الحبس المؤقت، فيما وضع 10 متهمين آخرين تحت الرقابة القضائية، وأفرج مؤقتا عن بقية المتهمين، في قضية تضم 35 طرفا بين متهمين وضحايا وشهود.
قرار قاضي التحقيق جاء بعد جلسة تحقيق استمرت لقرابة 24 ساعة كاملة، وانتهت بصدور أمر إيداع الحبس في حق كل من صاحب محل لبيع الهواتف النقالة،  وهو ابن عون الدفاع الذاتي المسمى (ع.ع.ك) إضافة إلى صاحبة وكالة سياحية بالعاصمة المسماة (ح.أ)، وصاحب محل تجاري بقسنطينة والمنحدر من غرداية، فيما شمل أمر الوضع تحت الرقابة القضائية كل من ، رئيس كتاب الضبط المتقاعد من محكمة أم البواقي المدعو (ج.ع) الذي انتحل صفة الأمين العام الوطني للديوان المركز لقمع الفساد، إلى جانب عوني الدفاع الذاتي،  (م.ب) الحامل لصفة منسق ولاية أم البواقي للديوان السابق، و  (ع.ع.ا) ، وكذا الموظف ببلدية قصر الصبيحي (ج.ط)، إضافة إلى كل من المسمى (ب.ع) الذي انتحل صفة ابن الوزير الأول عبد المالك سلال، بمعية (ك.ق) الذي يعمل على تحرير وتزوير بطاقات مهنية لبقية المتورطين الذين تمت متابعتهم جميعا بجرم التجسس الذي من شأنه الإخلال بأمن الدولة، والتزوير واستعمال المزور في محررات إدارية والنصب والاحتيال وانتحال صفة إطارات سامية.
13 متهما متابعون بجرم التجسس المهدد لأمن الدولة
قيادة مجموعة الدرك الوطني بأم البواقي وفي بيانها الذي تحوز النصر نسخة منه، كشفت عن مراحل الإيقاع بعناصر الشبكة وتفاصيل عن طريقة عملها وحقائق وصفها البيان بالمثيرة، وأكدت بأن وحداتها نجحت في تفكيك شبكة إجرامية تتكون من 14 عنصرا ينحدرون من 6 ولايات مختلفة، مختصة في النصب والاحتيال وتزوير تأشيرات وأختام رسمية مع قيامها بأعمال من شأنها المساس بأمن الدولة، وانتحال صفة إطارات سامية بالدولة وكذا بالديوان المركزي لقمع الفساد.
بيان الدرك أشار بأن وقائع القضية تعود لمعلومات وردت مصالحها، تفيد بتقدم 3 أشخاص إلى إحدى المديريات الولائية بأم البواقي في إشارة لمديرية السياحة، وهم الذين ادعوا تمثيلهم للديوان المركزي لقمع الفساد الذي كلفهم بالتحقيق في المديرية، وعلى إثر ذلك تم تنشيط الاستعلامات ومباشرة التحريات للوصول إلى تحديد هوية عناصر الشبكة من أجل الإطاحة بعناصرها، حيث تم نسج خطة محكمة مكنت المحققين من إلقاء القبض على المدبر الرئيسي لهذه الهيئة المزعومة ويتعلق الأمر برئيس كتاب الضبط سابقا، إلى جانب كل من المسميان (ب.م) و(ع.ع) الذي تم توقيفه رفقة ابنه المسمى (ع.ع.ك)، وكشف بيان قيادة الدرك بأن التحقيقات مكنت من الكشف على عدة حقائق مثيرة حول النشاط الإجرامي لعناصر هذه الشبكة، الذين يعملون مع منظمات إجرامية أخرى تضمن لهم رحلات والإقامة بفنادق فخمة داخل وخارج الوطن، إلى جانب تلقيهم مبالغ هامة بالعملة الصعبة، وكذا حصولهم على امتيازات غير مشروعة كما بينت التحقيقات وقوع بعض المديريات والمؤسسات العمومية ضحية لنشاط هذه الشبكة ومن بينها مستشفى ابن سينا ومديرية السياحة وديوان الترقية والتسيير العقاري.
إقحام المعهد الوطني للأدلة الجنائية للتدقيق في الوثائق المزورة
بيان قيادة مجموعة الدرك أضاف بأنه ولأجل التعمق في التحقيق تم الاعتماد على الوسائل والتقنيات الحديثة في التحري، مع تسخير كل الموارد البشرية والمادية الموفرة من طرف القيادة لاسيما المعهد الوطني للأدلة الجنائية وعلم الإجرام للدرك الوطني، والتي أفضت إلى اكتشاف 4 أشخاص جدد متورطين في القضية من بينهم سيدتان، واتضح بأن باقي عناصر الشبكة ينحدرون من ولايات مختلفة، الأمر الذي تطلب التنقل إلى الجزائر العاصمة وسوق أهراس وقسنطينة أين تم القبض على سيدة تدعى (ح.أ) وتوقيف شخص آخر يدعى (ب.ع) الذي كان ينتحل صفة إبن إطار سامي بالدولة بالإضافة إلى شخص يدعى (ك.ق) يقطن بأم البواقي هذا الأخير كان يوفر لأفراد الشبكة الإجرامية بطاقات مهنية مزورة.
وخلص بيان الدرك للتأكيد بأن التحقيقات بينت بأن نشاط هذه الشبكة يمتد إلى عدة ولايات منها تبسة وسوق أهراس وأم البواقي وقسنطينة والمسيلة والجزائر العاصمة، ومن خلال عمليات التفتيش تم حجز عدة وثائق ومحررات رسمية وأخرى مزورة بالإضافة إلى الأجهزة المستعملة في عمليات التزوير، ليتم تقديم المعنيين أمام وكيل الجمهورية بمحكمة أم البواقي والذي أحال بدوره ملف القضية أمام قاضي التحقيق.
وعرف مقر محكمة أم البواقي خلال 24 ساعة الأخيرة تعزيزات أمنية مشددة، حيث كثفت قيادة مجموعة الدرك من الأعوان المكلفون بحراسة ومداخل القاعات التي جرى بها التحقيق، وتكفل وحدة الأمن والتدخل بإيفاد نخبة من العناصر الذين تكفلوا بتأمين جلسة التحقيق مع عناصر العصابة الوطنية، في الوقت الذي ضمنت الشرطة حراسة مدخل المحكمة ومحيطها الذي عرف توافدا كبيرا لعائلات الموقفين والمقربين منهم، وكذا عشرات الفضوليين الذين سعوا جاهدين لمعرفة تفاصيل عن تجاوزات الشبكة الإجرامية.

محل للهواتف النقالة يحول بطاقات تعريف الزبائن لأغراض خطيرة
من جهة أخرى كشفت مصادر موثوقة للنصر بأن إيداع ابن عون الدفاع الذاتي وصاحب محل لبيع الهواتف النقالة بقصر الصبيحي المسمى (ع.ع.ك)، جاء بفعل تورط المعني في تحويل نسخ من بطاقات تعريف زبائنه الموجهة لاستخراج شرائح للهواتف النقالة لغير وجهتها، فالمحققون اكتشفوا بأن المعني يقوم عن طريقها  باستخراج شرائح ثانية يوزعها على عناصر الشبكة، سعيا وراء إبعاد الشبهات عنهم، وهو ما رصده كشف المكالمات الذي لم يتوصل إلى رصد اتصالات بين أعضاء الشبكة، وكلف صاحب المحل فتاة وظفها بمحله للقيام باستنساخ بطاقات هوية الزبائن، وهي الفتاة التي أفرج عنها مؤقتا، ووجهت المحكمة استدعاءات لأزيد من 6 شبان من قصر الصبيحي ممن استخرجوا شرائح من محل المتهم والذين فوجئوا بإستعمال بطاقات هوايتهم لأغراض أخرى.
وعود بالتوظيف في دول عربية وفتيات أغرين بطعم مضيفات طيران
المعطيات المؤكدة التي بحوزتنا تشير إلى أن اكتشاف عمل عناصر الشبكة خلال الأسبوع المنقضي، جاء عقب شروع الشبكة في عملها التفتيشي على مستوى مختلف الإدارات والمؤسسات العمومية، وذلك مباشرة بعد أن تنقلت صاحبة الوكالة السياحية بالعاصمة لمنزل أحد المتهمين بقصر الصبيحي وقامت بتنصيبهم على أنهم أعضاء بالديوان المركزي لقمع الفساد، وذهبت مصادرنا للتأكيد بأن أحد المتهمين ويتعلق الأمر بالمسمى (م.ب) تحصل بعد أيام على قرار  مزور بتعينه كموظف في السلك الديبلوماسي بسفارة إسبانيا، في الوقت الذي يقوم بقية العناصر بإيهام شبان وفتيات من ضحاياهم بقدرتهم على توظيفهم بدولتي قطر ومصر وإمارة دبي، وكذا مقدرتهم على جلب تأشيرات لهم، ومنح المعنيون تأشيرات في ظرف 24 ساعة لبعض الشبان لتكشف التحقيقات بأنها مزورة، وأقنعت الشبكة قائد فرقة الدرك الوطني السابق بقصر الصبيحي بقدرتهم على ترقيته كملحق عسكري بإحدى الدول، وقاموا بمنح عائلته وأبنائه تأشيرة سفر قضت بها العائلة رحلة مدتها 20 يوما بدبي، فيما تضمن الجهات التي يعمل لها عناصر الشبكة رحلات للموقوفين نحو دول إسبانيا وإيطاليا وفرنسا وقطر ودبي بالإمارات، كما أوهمت الشبكة فتيات من خريجي الجامعات بقدرتهم على توظيفهم كمظيفات بالجوية الجزائرية وكذا توظيف الجامعيين بقطر، ومن بين الضحايا كذلك ابنة ضابط متقاعد من الشرطة والتي طلب منها صديقها منحه حسابها البنكي ليضخ مبالغ مالية، واتضح بأن الجهات التي تمول الشبكة ضخت فيه أموالا بالعملتين الوطنية والصعبة.
تكاليف مهام بختم الوزير الأول
التحقيقات التي عكفت عليها فصيلة الأبحاث والتحريات نجحت في حجز تجهيزات متطورة تستعمل في التزوير، وهي التي استعان بها عناصر بالشبكة لتحرير بطاقات مهنية وتكاليف بالمهام مؤشر عليها بختم مستنسخ للوزير الأول وختم آخر للوزارة الأولى، كما نجح المحققون في ضبط واسترجاع جهاز إعلامي آلي محمول وهواتف نقالة متطورة وجوازات سفر وتأشيرات مزورة وبطاقات مهنية ووثائق إدارية مختلفة، من بينها شهادة حسن السيرة والسلوك التي يرفقها عناصر الشبكة بملف للتوظيف بالخارج وآخر للحصول على التأشيرات.
 أحمد ذيب

الرجوع إلى الأعلى