نسبة 30 بالمائة من المواد الأساسية والخدمات يتم تبذيرها سنويا
 تقدر نسبة المواد الاستهلاكية الأساسية والخدمات التي يتم تبذيرها سنويا، جراء انعدام الثقافة الاستهلاكية ب 30 بالمائة، ما يعادل خسارة تقدر قيمتها بحوالي 18 مليار سنتيم تتحملها الخزينة العمومية، التي تتولى دعم المواد واسعة الاستهلاك لرفع الغبن عن الفئات الهشة.
وتشمل ظاهرة التبذير إلى جانب المواد الغذائية كالحليب والخبز، الخدمات والبنزين والمازوت، إلى جانب الغاز والكهرباء والماء، بسبب عدم تحلي الأفراد بثقافة استهلاكية كما ما هو سائد في البلدان المتقدمة، تقوم على اقتناء الحاجيات اليومية دون اللجوء إلى التخزين، وفق ما يؤكده الخبير في الاقتصاد الأستاذ «مالك سراي»، معتقدا بأن سياسة الدعم التي اعتمدتها الدولة منذ حوالي 40 سنة رغم إيجابياتها، إلا أنها أحدثت بعض الثغرات، بسبب الافراط في الاستهلاك والتبذير، موضحا أن ما نسبته 30 بالمائة من المواد الاستهلاكية والخدمات يتم تبذيرها سنويا، لانعدام الثقافة الاستهلاكية، وعدم تطبيق الأسعار الفعلية من قبل الدولة.
ويرى الخبير الاقتصادي أنه على المستهلكين العودة إلى الأسعار الحقيقية، وفق ما هو معمول به في جل دول العالم، بغرض تجنب التبذير وعقلنة الاستهلاك، والقضاء على بعض الممارسات السلبية، من بينها الاستهلاك المفرط الذي يمس خاصة مادة الخبز والسكريات، وكذا البنزين والمازوت بسبب استعمال المركبات لقضاء أبسط الحاجيات، دون الاكتراث لما ينجر عن ذلك من أثار سلبية على البيئة، وكذا على فاتورة الاستهلاك التي شهدت ارتفاعا في السنوات الأخيرة مقابل شح المداخيل، ويصر المصدر على ضرورة  مراجعة العادات الاستهلاكية، دون أن يفضي ذلك إلى حرمان الأفراد من المواد الأساسية، إذ يمكن للأسر اقتناء كل ما ترغب فيه، لكن بكميات تناسب حاجياتها، حتى لا يكون مصير الفائض منها سلة النفايات، وأعطى الأستاذ سراي مثالا عن بلدان أوروبا الشمالية التي تعيش حياة الرفاهية، لكن في ظل ترشيد النفقات، مشددا على أن الأمر لا يتعلق أبدا بإجراءات تقشفية، لكن بعقلنة الاستهلاك.
وحذر عبد المالك سراي من تداعيات الاستهلاك المفرط على صحة الأفراد، خاصة ما تعلق بمادة والخبز والسكر، كاشفا عن دراسة أخيرة تم القيام بها، بينت أن ما يستهلكه الفرد الجزائري من السكر سنويا والمقدر ب 5 كلغ لكل شخص، يعادل ما يستهلكه الفرد الأمريكي من هذه المادة رغم اختلاف النمط الغذائي، وأن البحث عن أسباب ارتفاع هذا المعدل أظهر بأن نسبة 50 بالمائة مما يقتنيه الجزائريون من مختلف أنواع  السكريات يتم تبذيرها، موضحا بأن ارتفاع عدد الوحدات التي تنتج المشروبات بمختلف أنواعها، والبالغ حوالي 660 وحدة تتوزع على عدد من الولايات، ساهم في رفع نسبة استهلاك مادة السكر، الذي تقتنيه بالأسعار المدعمة من قبل الدولة.   
وناشد الخبير في الاقتصاد المختصين في المجال لإطلاق حملة تحسيسية واسعة عبر وسائل الإعلام، لتوعية الأفراد بكيفية مسايرة الوضع الاقتصادي الجديد، لكن دون تهويل أو تخويف، بل بالدعوة إلى الرجوع إلى المقاييس الدولية في مجال الاستهلاك، وغرس روح العمل والمثابرة، بحث الأفراد على بذل جهود إضافية مقابل ما يتقاضونه شهريا من رواتب، وما يستفيدون من دعم  الدولة، سواء بالنسبة لفاتورة الكهرباء والغاز والماء، وكذا المواد الغذائية الأساسية، مع تطبيق الأسعار الحقيقية لمختلف المنتجات، ليدرك الأفراد قيمتها الفعلية في السوق، بالموازاة مع مراجعة سياسة الدعم لتتوجه مباشرة إلى المعوزين، وذوي الدخل المحدود، بالاستعانة بالمعطيات التي تحوز عليها البلديات وصناديق التأمين الاجتماعي، لضبط قائمة الفئات التي ليس لديها دخلا قارا ومناسبا لتحمل المصاريف اليومية من مأكل وملبس وعلاج وتعليم، فضلا عن الاستمرار في مكافحة التهريب الذي يستهدف المواد المدعمة، لتخفيف العبء عن الدولة، وأشار المصدر إلى أن الإفراط في الاستهلاك لا يضر بالجانب الاقتصادي فحسب، بل يؤدي ارتفاع تكاليف العلاج بسبب المشاكل الصحية التي تطال الأفراد.
 لطيفة/ب

الرجوع إلى الأعلى