الجزائر قطعت أشواطا كبيرة في مجال استقلالية القضاء لا ينكرها إلا جاحد
أكد وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح، أمس، أن الجزائر «قطعت أشواطا كبيرة في مجال استقلالية  القضاء لا ينكرها إلا جاحد»، مضيفا أن الإنجازات المحققة تعبر عن «قناعة ونظرة  شاملة على المديين المتوسط والبعيد»
وقال لوح أمام نواب لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات بالمجلس  الشعبي الوطني خلال عرضه لمشروع القانون العضوي الذي يعدل ويتمم القانون  العضوي رقم 98-01 المتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله، أن «الجزائر  قطعت أشواطا كبيرة في مجال استقلالية القضاء لا ينكرها إلا جاحد، حيث عرفت  المنظومة التشريعية خلال الأربع سنوات الأخيرة إصلاحات عميقة صادق عليها البرلمان بغرفتيه».
واعتبر وزير العدل أن تجاهل المكتسبات التي نتجت عن إصلاح القطاع، “أمر غير  مقبول»، على اعتبار أن النتائج جلية، وإنكارها يعد «إجحافا» في حق الحكومة.
وأضاف لوح أن الحديث عن “هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية  خطأ فادح»، لأنه «لا وجود لهذه الهيمنة في الواقع»، ولأن الاستقلالية القضائية  الحقيقية «ليست فقط بتقديم ضمانات بعدم تدخل الجهاز التنفيذي في عمل القضاء بل  هي كل لا يتجزأ»، مشيرا إلى ضرورة حماية القضاة من كل المؤثرات الخارجية  الأخرى.
وعدد الوزير الإصلاحات التي عرفها القطاع في السنوات الأخيرة، وذكر منها”  الإصلاحات الجوهرية» التي مست قانون الإجراءات الجزائية، وإخضاع الضبطية  القضائية لمراقبة وكيل الجمهورية وإصلاح محكمة الجنايات وعصرنة القطاع التي  قال أنها على علاقة وطيدة بحقوق الإنسان وضمان حريات المواطنين.كما أشار الوزير إلى تمكين النيابة من تحريك الدعاوى القضائية العمومية بصفة  تلقائية مع إلغاء صلاحياتها بخصوص أمر الإيداع الذي أصبح في يد قاضي الحكم،وإدراج الجانب الوقائي في السياسة الجزائية.
وشدد لوح على أن “الحملات الموجهة والتدخل في الأحكام القضائية هي أكبر  خطر قد يمس مصداقية القضاء ومؤسسات الدولة»، معربا في المقابل، عن ترحيبه بكل  الانتقادات والآراء في إطار احترام قوانين الجمهورية.
وفي إطار مواصلة مسعى الإصلاحات، أعلن وزير العدل عن مشروع لتفعيل مبدأ  التقاضي على درجتين «بصفة تدريجية»، حيث يتم دراسة إدخال الدرجة الثانية  للتقاضي في القضاء الإداري من خلال محاكم جهوية استئنافية.
وأكد الوزير أن مشروع القانون العضوي الذي يعدل ويتمم القانون العضوي رقم 98-01  المؤرخ في 30 مايو 1998 والمتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله، يندرج في إطار تكييف هذا القانون العضوي مع الأحكام الجديدة المنصوص عليها في  التعديل الدستوري الأخير الذي بادر به رئيس الجمهورية، مضيفا أن هذا التعديل  أوكل للمجلس صلاحيات قضائية واستشارية، تجسيدا لنظام ازدواجية القضاء الذي  كرسه دستور 1996.
وتطرق وزير العدل، إلى أهم التعديلات التي تضمنها النص، والمتمثلة في “تجسيد  المهمة الاستشارية لمجلس الدولة في مجال إبداء الرأي في مشاريع الأوامر التي  يصدرها رئيس الجمهورية في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني أو خلال العطل  البرلمانية» وذلك تطبيقا لأحكام المادة 142 من الدستور، ويقترح المشروع أن  يدرس المجلس مشاريع الأوامر وفقا لنفس الإجراءات التي يدرس بها مشاريع القوانين، حيث «يتم إخطاره بها من طرف الأمين العام للحكومة بعد مصادقة  الحكومة عليها».
ويتعلق التعديل الثاني، بمراجعة تشكيلة مجلس الدولة في المجال الاستشاري، حيث” يتداول المجلس في لجنة استشارية بدلا من جمعية عامة ولجنة دائمة» كما يحدث  حاليا، حيث أكد الوزير أن هذا الإجراء جاء «توخيا للنجاعة وعدم ثقل الإجراءات»، ويحدد المشروع تشكيلة اللجنة الاستشارية المتكونة من رئيس المجلس  ومحافظ الدولة ورؤساء الغرف وثلاثة مستشارين يعينهم رئيس مجلس الدولة، كما  يلزم المشروع اللجنة بدراسة مشاريع الأوامر والقوانين «في أقصر الآجال».
أما التعديل الثالث فيتعلق بـ”تحيين مواد الدستور المنصوص عليها في المادتين 1و3 من القانون العضوي رقم 98-01 وفقا لأرقامها الجديدة الواردة في التعديل  الدستوري الأخير»، كما يقترح المشروع تعديل المادة 40 من ذات القانون العضوي عن طريق «النص على أن تخضع الإجراءات ذات الطابع القضائي أمام مجلس الدولة  لأحكام قانون الإجراءات المدنية والإدارية بدلا من قانون الإجراءات المدنية  الذي تم إلغاؤه سنة 2008».
وخلال مناقشتهم لمشروع القانون، ثمن أغلب النواب التعديلات المقترحة مشيدين  بهذه «الإضافة» التي ستساهم في تعزيز دور مجلس الدولة، معتبرين أن المشروع»  قفزة نوعية في مسار إصلاح العدالة»،        كما تم طرح تساؤلات تعلقت بعضها بالملاحظات الشكلية، فيما ركزت أخرى على كيفية تحديد الطابع الاستعجالي وفترة  دراسة المشاريع وكذا عن تشكيلة المجلس.
وفي رده على أسئلة النواب، أكد وزير العدل حافظ الأختام، أن الطابع  الاستعجالي «يقدره الوزير الأول الذي يحدد أيضا الفترة الاستعجالية لدراسة  الأوامر ومشاريع القوانين»، مضيفا أن مجلس الدولة يتكون حاليا «من تشكيلتين  إحداهما خاصة بالقضايا العادية والأخرى بالاستعجال، غير أنه في الواقع وفي  التطبيق هناك تشكيلة واحدة»، ومن هنا جاء اقتراح تشكيل هيئة واحدة «تدرس  مشاريع القوانين والأوامر مع الأخذ بعين الاعتبار الطابع الاستعجالي».
وفي هذا الصدد، قال لوح أن التعديلات المدرجة وكل الإصلاحات التي مست  قطاع العدالة هي «واقعية»، مضيفا أنه «لا ينبغي الانعزال عن واقع المؤسسات  الجزائرية حتى تؤتي الإصلاحات ثمارها».

الرجوع إلى الأعلى