الوالي يعتبر القرار سلوكا ديمقراطيا من السلطات المحلية

اضطرت السلطات الولائية بقسنطينة و في ساعة مبكرة من صباح أمس، لإزالة تمثال العلامة عبد الحميد بن باديس من ساحة الشهداء وسط المدينة، و ذلك بعد أن أثير حوله الكثير من الجدل و طالته العديد من الانتقادات من طرف عائلة الشيخ و المواطنين و المثقفين.
و استيقظ سكان مدينة قسنطينة على خبر إزالة التمثال، الذي ظل مزارا للعشرات من المواطنين إلى ساعة متأخرة من ليلة أول أمس من أجل التقاط الصور معه، و حسب ما أفادت به مصادر مسؤولة، فقد تم إزالة التمثال في الساعة الثالثة صباحا بعد أن اتخذت السلطات الولائية قرارا بذلك، بناء على طلبات عائلة الشيخ و بعض المثقفين الذين أكدوا أن التمثال غير مطابق لصاحبه، فضلا عن كونه وضع في مكان غير مناسب.
 للإشارة فإن التمثال الذي نصب بطريقة مفاجئة وسط قسنطينة عشية افتتاح تظاهرة عاصمة الثقافة العربية، قدم كهدية من مقاول قام بمشروع تهيئة بوسط المدينة، حسب سلطات ولاية قسنطينة  التي قالت أن المقاول هو من تطوع بإنجازه و وضعه بذلك المكان، ونفت ذات المصادر إمكانية نقل التمثال إلى المتحف، على اعتبار أنه ليس قطعة أثرية.
و صرح والي قسنطينة للنصر على هامش زيارته لمعرض بقصر الثقافة محمد العيد آل خليفة، أمس، بأنه هو من أمر بإزالة التمثال بعد أن طالته العديد من الانتقادات من طرف عائلة بن باديس و المواطنين، و نظرا لعدم تطابقه مع الشخصية الحقيقية لابن باديس، حيث علق قائلا “يبدو أن التمثال لم يكن في المستوى و نحن ديمقراطيون و لهذا اتخذنا هذا القرار”، نافيا ما تردد حول المبلغ المالي الذي خصص لإنجاز التمثال، حيث أكد بأنه لم يصرف أي «فلس عليه»، و إنما هو هدية قدمها مقاول للمدينة و «هو مشكور على ذلك»، مطالبا من فناني الولاية تقديم أعمال فنية تليق بمستوى قسنطينة، على حد تعبيره.
و أعربت فوزية بن باديس  ابنة أخ الشيخ عبد الحميد بن باديس، في اتصال بالنصر، عن سعادتها بإزالة التمثال، و قالت بأنها كانت قد قابلت الوالي في اليوم الأول من نصبه و طالبت بإزالته، نظرا لعدم مطابقته للشخصية الحقيقية للشيخ، دون أن تؤكد إن يكون قرار الإزالة جاء بناء على طلبها، يأتي ذلك في وقت عبر العديد من المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن ارتياحهم لنقل التمثال و أجمع أغلبهم على أن القرار كان صائبا.
و قبل ثلاثة أيام من الإنطلاق الرسمي للتظاهر قسنطينة عاصمة للثقافة العربية، أثار تمثال ابن باديس الذي وضع بساحة الشهداء، مقابل قصر الثقافة مالك حداد، في وضعية جلوس الكثير من الجدل حول قيمته المالية، كما انتقدت عائلة الشيخ على لسان ابنة أخيه التمثال وطالبت بإزالته نظرا لعدم مطابقته  لشخصية رائد النهضة في الجزائر، حيث رفضت تصويره و كأنه شيخ طاعن في السن و منهك، رغم أنه ظل طيلة فترة حياته متماسكا و مات و هو في أوج قوته في الخمسنيات من عمره، كما أثارت الصور المشينة التي انتشرت في شبكات التواصل الاجتماعي حفيظة مواطني و فناني و مثقفي المدينة، الذين استهجنوا قيام شباب بأخذ صور مع التمثال وهم يقدمون له سجائر وأكواب قهوة، و آخرين صعدوا فوق رأسه، ما اضطر السلطات الأمنية إلى إقامة حراسة للتمثال خلال الثلاثة أيام الأخيرة و على مدار 24 ساعة.
لكن وضع التمثال وإزالته، بعد أيام، يكشف عن سوء تقدير وتخبط في إدارة فضاء عام في مدينة عريقة وهي تقدم نفسها للعالم، وفوق ذلك عدم الأخذ بالطرق المعمول بها عالميا في إنجاز التماثيل، سواء في طريقة الانجاز التي تسند لنحاتين يقدمون عروضهم بطرق شفافة ويتم انتقاء العمل المناسب من طرف مختصين أو في مكان نصب التمثال، حيث أن نصبه في وسط المدينة وفضلا عن تسببه في عرقلة المرور، فإنه فسر من طرف الكثير من المثقفين على انه إهانة لرمز. و لن يكون المبرر الذي قدمته السلطات المحلية لنصب التمثال كافيا، إذا لا يعقل أن يتم السماح بعمل كهذا بوسط المدينة لأنه “هدية”مجانية من مقاول.

لقمان قوادري

الرجوع إلى الأعلى