على الدولــة تطبيق الدعم الاجتماعي الانتقائــي و التخلـي عن العمومي
يرى الخبير الاقتصادي عبد الرحمان بن خالفة، بأنه لا مناص من توجه الدولة نحو تطبيق سياسة الدعم الانتقائي الاجتماعي المباشر والتخلي عن الدعم العمومي الذي أرهق الميزانية و الاقتصاد الوطني، كما يؤكد الوزير السابق بأن قانون المالية الحالي يعد استثنائيا وفرصة للإقلاع الاقتصادي والنهوض بالاستثمار الخاص، مشيرا إلى أن ارتفاع أسعار البترول سيساهم في تخفيض مستوى التمويل غير التقليدي.
وأفاد الخبير المالي والاقتصادي أمس، خلال يوم دراسي حول قانون المالية من تنظيم غرفة التجارة الرمال بقسنطينة، بأن مؤشرات الإقتصاد الكلي في الجزائر مشجعة جدا لما تتوفرعليه من هياكل قاعدية من مطارات وطرقات وأرضية صلبة للاستثمار، حيث أن حجم الإنفاق العمومي على هذه المرافق وصل إلى مستويات عالية جدا، ناهيك عن سياسة الدعم الضمني التي توفرها الدولة، في الوقت الذي تم فيه تسجيل فوائض إقتصادية لدى القطاع الخاص في العديد من الولايات سواء في المجال الفلاحي والصناعي، على غرار ما هو الحال بوادي سوف في إنتاج الخضر وسيدي بلعباس في مجال الإلكترونيات.
وتحدث الوزير السابق للمالية، بلغة الأرقام عن المؤشرات المالية والإقتصادية للجزائر، حيث أوضح بأن  نسبة النمو في الجزائر مقارنة بالناتج القومي الخام مرتفعة مقارنة بالعديد من الدول إذ تقدر بـ 3.8 بالمائة ، خلافا للعديد من الدول كالصين والبرازيل التي تراجعت في هذا المجال وتعاني من ركود اقتصادي، مبرزا بأن الجزائر تهدف  إلى بلوغ نسبة 4 بالمائة خلال العام الجاري، لكنه أبدى تخوفات بشأن النمو الديمغرافي الذي تعرفه البلاد ووصفه بالمقلق، فضلا عن مؤشرات سوق الشغل التي تراجعت بشكل محسوس مؤخر ما من شأنه أن يؤثر بالسلب على الاقتصاد الوطني.
وأشار بن خالفة إلى  أن قطاع الخدمات ضعيف ومتأخر جدا في الجزائر رغم توفرها على سوق واسع   في جميع المجالات على غرار السياحة والرقمنة فضلا  عن البنوك ، وهو ما يتطلب  حركية ومبادرة من القطاع الخاص تحت توجيه من الحكومة، باعتبار أن المرحلة القادمة هي  مرحلة إستثمار في القيمة المضافة والتي لا يمكن أن تكون إلا  بشراكة بين جزائريين خواص وأجانب من خلال مزج رؤوس الأموال، لأن الجزائريين ليس بإمكانهم دخول السوق العالمية وتدويل الإقتصاد الجزائري بمفردهم.
ودعا الحكومة إلى التوجه نحو الدعم الإجتماعي الإنتقائي  بدل تبني سياسة الدعم العمومي، التي أرهقت كاهل ميزانية الدولة إذ تقدر في قانون المالية الحالي بأزيد من 1800 مليار دينار، وتعد كما  وصفها بالأجر الثاني للجزائريين، لكنه أكد بأن هذا التوجه يتطلب آليات معقدة وتسيير حذر، ولهذا فإن الحكومة شرعت في تنصيب لجان وزارية لدراسة هذا المقترح، مشيرا إلى أنه وفي حال استمرار هذه السياسة فإن الحكومة لن تتمكن كما قال من ضبط الأسعار و  الأسواق والتي تمثل القيمة الحقيقية للاقتصاد الوطني، خاصة وأن الهدف هو الإنتقال من قوة الإقتصاد الشمولي إلى حركية الإقتصاد  الجزئي الذي يفتح المجال للإستثمار الداخلي والخارجي.
أما بالنسبة لقانون المالية 2017، فقد أكد المتحدث بأنه قانون استثنائي وعلى مستوى عال جدا من حيث الاعتمادات المالية المخصصة له، حيث تم مضاعفة ميزانية التجهيز إلى 4 ألاف مليار دينار، وهو ما من شأنه أن يعيد الحركية التجارية والاقتصادية للجزائر بعد أن جمدت المئات من المشاريع في العامين الماضيين، فضلا عن الحفاظ على القدرة الشرائية.
 و تابع الخبير، بأنه لم يتضمن أي إجراءات ضريبية ذات التطبيق الواسع، بل على العكس، سن قوانين لتوقيف الاستيراد قصد ضبط الميزان التجاري، فضلا عن إقرار قوانين ضريبية على استهلاك المواد الفاخرة بنسبة 30 بالمائة وكذا رفع حقوق الجمركة إلى الضعف بالنسبة للمواد غير الضرورية، لكن أكد على ضرورة أن تستغل هذه الإعتمادات في التحضير لتحول وإقلاع إقتصادي.
ويرى بن خالفة، بأن التمويل غير التقليدي أو الاستدانة لا يشكل خطرا على الاقتصاد، باعتبار أن هذا النمط يؤثر سلبا على الدول ذات المديونية المرتفعة، في حين أن نسبة المديونية بالجزائر لا تتجاوز 17 بالمائة بالنسبة للناتج الوطني الخام، كما أشار إلى أن ارتفاع أسعار النفط ، سيخفض من أعباء هذا التمويل  لاسيما وأن قانون المالية اعتمد سعرا مرجعيا بـ 50 دولارا في الوقت الذي ارتفع فيه ثمن البترول إلى أزيد من 70 دولارا، مشددا  على ضرورة مرافقة هذا الإجراء بحركية اقتصادية في القطاع المصرفي أو الاستثمار الخارجي،  ما من شأنه أن يجلب موارد حقيقية غير ظرفية، قصد تفعيل محرك النمو وتغطية الموارد غير التقليدية الظرفية، حتى تتمكن الدولة مثلما قال من تسديد ديونها اتجاه المركزي.
لقمان/ق

الرجوع إلى الأعلى