ذكّرت وزيرة الثقافة نادية لعبيدي خلال عرضها أمس، لمشروع قانون أنشطة سوق الكتاب بالإجراءات التي اتخذتها الدولة من أجل ترقية الكتاب، معتبرة هذا المجال بالاستثمار الذي لا يزول.
وحافظ مشروع القانون على محتواه الأصلي باستثناء بعض التعديلات الطفيفة التي أدخلتها لجنة الثقافة بالمجلس، في حين ركزت الوزيرة في مداخلتها أمام ممثلي الشعب على التذكير بالقرارات والإجراءات المتخذة في سبيل تشجيع دور النشر على بذل مزيد من الجهود كي يكون الكتاب في متناول مختلف الفئات وبجودة لا بأس بها وأسعار معقولة، من بينها مشروع مكتبة في كل بلدية،  إذ تمّ فتح لحد الآن حوالي 1500 مكتبة بلدية عبر الوطن، في حين ركز نواب آخرون في مداخلاتهم على ضرورة النهوض بهذا المجال، من خلال إعادة الاعتبار للكتاب بتشجيع المطالعة في الوسط المدرسي، ومنهم من رسم صورة سوداوية للوضع، بالنظر إلى تراجع المقروئية بسبب الأسعار الخيالية للكثير من العناوين، وكذا هجران العديد من دور النشر لهذا النشاط، وتحول مكتبات خاصة إلى محلات للبيع الأكل السريع، وأشاد آخرون بما تم تحقيقه لحد الآن رغم وجود نقائص، لكنهم طالبوا بإعادة النظر في توزيع دور النشر التي تتمركز في مجملها بالمدن والولايات الكبرى، بدعوى أنه سيضع حدا لفوضى السوق،علما أن مشروع القانون أدخل عليه 40 تعديلا. و قد تحولت جلسة مناقشة مشروع قانون الكتاب، أمس إلى محاكمة علنية لوزيرة الثقافة من قبل نائب عن حزب العمال، الذي اتهمها بتبديد المال العام، وإرسال تهديدات للأمينة العامة للحزب للتراجع عن تصريحاتها، وطالب نائب آخر بفتح تحقيق حول تظاهرة عاصمة الثقافة العربية، مناشدا رئيس الجمهورية التدخل.و واجه رئيس المجلس الشعبي الوطني العربي ولد خليفة بعض المصاعب حينما حاول التحكم في سير جلسة مناقشة مشروع قانون يتعلق بأنشطة سوق الكتاب، خاصة حينما أصر على تطبيق المادة 76 من القانون الداخلي للمجلس، التي تتيح لرئيس الغرفة السفلى إمكانية مقاطعة المتدخلين في حال عدم التزامهم بموضوع الجلسة،  غير أنه أبدى ليونة تجاه رئيس المجموعة النيابية لحزب العمال جلول جودي، الذي استهل مداخلته بالتذكير بالدور الرقابي للمجلس الشعبي الوطني، قبل أن يشرع في توجيه سيل من لاتهامات لوزيرة الثقافة، على خلفية الأزمة التي نشبت بينها وبين الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، التي اتهمت الوزيرة في تصريح إعلامي سابق باستغلال نفوذها خدمة لمصالحها الشخصية، وبحسب ما قاله جلول جودي أمام النواب، فإن وزيرة الثقافة أرسلت أشخاصا غرباء إلى بيت الأمينة العامة، لتسليمها رسالة تهديد ووعيد، دعتها فيها إلى التراجع عن أقوالها، وإلا فإنها ستجرها إلى المحاكم، «ما أدى إلى إصابة الأمينة العامة بالذعر رافضة استلام الرسالة»، قبل أن يتم التوجه بها إلى مقر الحزب، وهو ما اعتبر في نظر المتحدث بالتصرف غير القانوني.
ومما قاله رئيس الكتلة النيابية لحزب العمال، أن البرلمان من حقه ممارسة الرقابة عندما يتعلق الأمر بتبديد المال العام، متسائلا  إذا كانت وزيرة الثقافة نادية لعبيدي استشارت الوزير الأول عبد المالك سلال قبل أن تقدم على هذه الخطوة، خاصة وأن الرسالة تحمل ختم الوزارة.
 و باءت محاولات العربي ولد خليفة لمقاطعة المتحدث بالفشل، بعد أن أصر على تخصيص مداخلته لهذا الموضوع، قائلا للوزيرة « لدينا الأدلة والإثباتات».
و طالب النائب عن الأفلان إلياس سعدي، من جهته،  بفتح تحقيق حول تظاهرة عاصمة الثقافة العربية، وأن يتدخل الرئيس شخصيا جراء سوء التنظيم، بدليل فتح قاعتي سينما فقط من مجموع 58 قاعة، واصفا التظاهرة بالكارثة، داعيا الوزيرة إلى احترام نواب البرلمان، على خلفية تغييب أعضاء لجنة الثقافة عن حضور فعاليات افتتاح هذا الحدث الثقافي، كما دقّ ناقوس الخطر بسبب ما تضمنه مشروع قانون الكتاب، الذي أتاح الفرصة لطباعة كتب تتعلق بديانات مختلفة، متسائلا عن كيفية السماح بذلك، في وقت تمنع بلدان غربية هذا الإجراء، لأن ذلك سيؤدي إلى تغلغل ديانات ومذاهب أخرى وسط المجتمع، كاليهودية والشيعة، في حين أن الإسلام هو دين الدولة، محذرا بدوره من تبديد المال العام في تسيير قطاع الثقافة، قائلا «بركات من السرقة، في وقت نتحدث فيه عن التقشف».
كما أحدث النائب الحر لحبيب زقاد، بدوره  فوضى  داخل قاعة الجلسات، بعد أن اعترض العربي ولد خليفة عن محتوى مداخلته، التي تضمنت انتقادا لوزراء في الحكومة، وأصر على قطع المداخلة قبل انقضاء الوقت القانوني، ما أثار غضب النائب الذي استرسل في قراءة المداخلة مقاطعا بذلك النائبة التي تلته في القائمة، فاضطر رئيس المجلس إلى الاحتكام لرأي النواب الذين أيدوا منح النائب لحبيب زقاد وقته المتبقي وهو ما تم بالفعل، في حين تساءل نواب آخرون عن سبب تمركز دور النشر في المدن الكبرى، وعن مصير الملايير التي تصرف في التظاهرات الثقافية لفائدة الكتاب، أمام مقروئية متدنية وأسعار مرتفعة ونوعية رديئة، مقترحين سنّ إطار قانون يحمي حقوق الكُتاب.
 لطيفة بلحاج

الرجوع إلى الأعلى