البـرامـج التلفـزيـونيـة الأدبيـة مجـرّد ثـرثـرة ينشطهـا جـاهلــون
يرى الناقد و عضو الأكاديمية الفرنسية و الأديب المشاغب دومينيك فيرنانديز بأن اللغة الانجليزية لن تزيح الفرنسية من الساحة الأدبية العالمية، كما رفض الاعتراف بموجة اسمها أدباء النت، معلّقا بأن «من لم يتمكن من فرض عمله على دار نشر، ليس أهلا لأن يكون أديبا».الأديب الذي خص النصر بحوار سريع بسبب وضعه الصحي الذي لم يكن يسمح بإجراء دردشة طويلة، قال أن منح بوب ديلان جائزة نوبل للأدب إنصاف للشعر الغنائي، كنوع أدبي معترف به. محدثنا انتقد مقدمي الحصص الأدبية و وصفهم بالجاهلين غير الملمين بالمجال الأدبي.
حاورته مريم بحشاشي
-النصر: هل أفقدت اللغة الانجليزية نظيرتها الفرنسية مكانتها في الساحة الأدبية العالمية؟
- دومينيك فيرنانديز: اللغة الفرنسية لا تزال تحافظ على مكانتها و جمالياتها الأدبية و لا تزال تجذب الكتاب من مختلف الجنسيات، ما تغيّر هو الوضع الاقتصادي، ففرنسا فقدت قوتها الاقتصادية و الإنجليزية اكتسحت أكثر عالم الأعمال  و في رأيي إن عدد الكتاب بالفرنسية من مختلف الجنسيات مهم جدا، و هذا دليل على مكانتها في العالم و نحن بالأكاديمية الفرنسية مثلا، يوجد بيننا خمسة كتاب كبار ذوي أصول غير فرنسية، من بينهم الراحلة آسيا جبار، لذا أجد بأن اللغة الفرنسية حية.
- هل هناك اعتبارات سياسية تتحكم في توزيع الجوائز الأدبية العالمية؟
- ربما جائزة نوبل، لكن لا أظن الأمر كذلك بالنسبة للجوائز الأدبية العالمية.
- أثار منح النجم العالمي بوب ديلان جائزة نوبل للآداب، ضجة إعلامية و انتقادات واسعة، ما هو موقفك بهذا الشأن؟
- بالعكس أعجبتني المبادرة و وجدتها متميّزة جدا و تستحق التشجيع، لأن بوب ديلان شاعر موهوب و دعمه موهبته الأولى بالغناء زاده تميّزا، بل أعتبره إنصافا للشعر الغنائي الذي يجب التذكير بأهميته، كنوع من أنواع الأدب يجب منحه حظه ضمن المسابقات الأدبية العالمية.
- باعتبارك ناقدا و كاتبا، ما الذي تبحث عنه عادة في الإصدارات الأدبية الجديدة و لدى الكتاب الجدد؟
- لا يهم إن كان الكتاب جدد أو قدامى، بل المهم أن يكون المؤلف يتضمن من الفكر و الجمال ما يستقطب الاهتمام و يزيد الفضول و الشوق لاكتشاف المزيد منذ الصفحة الأولى، إلى غاية الحرف الأخير، دون المرور على المطبات اللغوية المزعجة، فمعيار الكتابة الجيّدة في رأيي، ليس هو المهم لوجود ألف طريقة و طريقة للكتابة، لكن ما يحتويه من حبكة و قصة مثيرة.
- ما رأيك في ظاهرة تراجع الحصص الأدبية و عدم استمرارها بالقنوات التلفزيونية؟
- صراحة لا أتابع هذه الحصص، حتى تلك التي تستضيفني و بكثرة، فبمجرّد خروجي من الأستوديو أنساها، لأنها لا تهمني و اعتبر كل ما يقال فيها مجرّد ثرثرة ينعدم فيها التفكير الجاد، و حتى من ينشطون هذه البرامج أجدهم جاهلين، و غير ملمين بالمجال الأدبي.
- ما رأيك في جيل أدباء مواقع التواصل الأدبي؟
-أنا لا أعتبرهم أدباء و لا كتاب، فهناك كتابات سيئة يتم الترويج لها عبر هذه المواقع، و في رأيي من لم يتمكن من فرض عمله على دار نشر، ليس أهلا لأن يكون أديبا.
- قلت في إحدى محاضراتك أن الاستمرار في تسهيل النحو سيقضي على اللغة الفرنسية، هلا حدثتنا أكثر بهذا الخصوص؟
- إذا واصلنا تسهيل اللغة و تبسيط النحو و الصرف بحجة أنها معقدة، سيأتي يوما نضطر فيه إلى إلغاء الأدب، بمبرر عدم فهمنا و تعقيد اللغة الأدبية، فلماذا إذن نجتهد لتعلّم الكتابة و القراءة في بداياتنا، رغم صعوبتها و نجد متعة في ذلك؟...                          
م/ب

من هو دومينيك فيرنانديز؟
يعد دومينيك فيرنانديز من ألمع النقاد في الحقل الأدبي بفرنسا و كذا مبتكر «السيرة النفسية»، كما عرف كناقد و أديب مشاغب التحق بالأكاديمية الفرنسية عام 2007 و عمره 77سنة خلفا للعضو السابق البرفيسور جون برنار.ولد دومينيك فيرنانديز في 25 أوت 1929 بنيلي سير سين بفرنسا و درس بالمدرسة العليا للأساتذة و درس بالمعهد الفرنسي بنابولي الإيطالية قبل تحصله على شهادة الدكتوراه في الآداب و يلتحق بجامعة رين2 كأستاذ، لكن حماسه و نشاطه منحاه حظ التعاون مع عديد الصحف منها»كانزين لتيرير»، «اكسبريس» ،»آرباسيون»، «نوفيل أوبسيرفاتور»..و غيرها و تحصل على عديد الجوائز الأدبية المهمة منها «جائزة ميديسيس»عام 1974 ثم جائزة غونكور عام 1982 عن روايته المستوحاة من حياة بوسوليني  و الموسومة»في يد الملاك» ، كما قلد عديد الأوسمة الشرفية «منها وسم «فيلق الشرف» و قائد مجلس وسام الاستحقاق الوطني.

الرجوع إلى الأعلى