في الجزائر كما في فرنسا كثير من المتشائمين الذين يقدمون صورة سلبية عن الإنسان والحضارة!
رسامـــــو الكاريكاتيـــــــر في الجزائــــــــــر عالميــــــــــون
عندما كتب الصحفي الفرنسي الشهير  ، كلود سيريون، عن حادثة احتراق كاتدرائية نانت مدينة مولده، سنوات السبعينات، في سبق صحفي بارز  ، حينما كان يكتب بالقطعة كمبتدئ  مع «براس أوسيون»، آنذاك، لم يكن  يعتقد أنها ستكون بداية حياة الشهرة بالنسبة له، ويتحول إلى أحد ألمع مقدمي  برامج تلفزيون فرنسا الرسمي، وبداية شغف كبير سيصبح فيما بعد هوسا بالكتابة والقراءة والرواية وحتى المسرح، وبابا فتح له ليزور  عدة بلدان ومنها الجزائر سنوات الدم، ويتعرف بشخصيات ورؤساء  دول، منهم غورباتشوف وبن بلة.هذا ما قاله النجم الفرنسي في لقاء له بمحبيه ، جمعه بالمركز الثقافي الفرنسي بقسنطينة مؤخرا،  حيث وصف كلود سيريون الجزائريين باللطفاء، عندما استقرأ الكثير من الجمال والحب في نظراتهم القوية، مستذكرا سنوات التسعينات التي عبر عنها بأنها «عشرية سوداء»، وكيف قاده العمل مع التلفزيون الفرنسي إلى اختيار الكتابة عن مشاكل هذا البلد، ومعرفة الأسباب التي أوصلت لهذا التناحر. واعترف سيريون أنه لم يتمكن من معرفة الكثير يومها عن الصراع، لكنه قال أن الجزائر بلد جميل وتغير كثيرا منذ ذلك الحين، غير أنه وجه انتقادا لطيفا مفاده وجود الكثير من الإمكانيات الهائلة بهذا البلد الذي يتقاسم وبلاده الإطلالة على حوض المتوسط، إلا أنه يتقدم ببطء شديد.وصرح الصحفي الشهير أن عالم الإعلام سواء في الكتابة الصحفية أو التلفزيون سمح له بأن يكون محبوبا لدى الجميع، و جعله بالأخص، يشبع فضوله ورغبته في اكتشاف الآخر كما قال، حيث كثيرا ما استهوته العلاقات الإنسانية ومعرفة كيف يفكر الآخرون ومشاغلهم اليومية واختلافاتهم البشرية، ولم يخف تماما ولعه بالنجومية والظهور وحب الناس له، وتحوله إلى نجم معروف ومحبوب من الجميع، بسبب سحر الشاشة، غير أنه نفى وجود ما يسمى حقيقة «الموضوعية» في العمل الصحفي، كون الأمر يرجع بالدرجة الأولى للصحفي، من جهة، وكذا الموضوعات التي يناقشها، مؤكدا أنه اقترف بعض الأخطاء والهفوات خلال مسيرته الصحفية، ومشددا في الوقت ذاته على أن العمل الصحفي لا يرتبط أساسا بالجانب الاقتصادي الربحي، وإنما الصحافة دعامة لتسليط الضوء على موضوع أو قضية عادلة ما، وعناية فائقة الدقة والتحري والبحث عن الجمال والحب والإنسانية والفن، وأن الصحفي إنسان جميل مولع وباحث عن الكمال والمرونة.كما أشار الصحفي كلود سيريون، الذي عمل مستشارا إعلاميا في قصر الإيليزيه، بفرنسا،  في عهد ميتيران و ساركوزي و هولاند وحتى إيمانول ماكرون، أن الاعلامي مطالب بانتزاع المعلومة انتزاعا والبحث عنها وكشفها، لأنه  لا أحد من الأنظمة الحالية، ومسؤولي ادعاء الديمقراطية سيسمح بمنحها مجانا، معتبرا  فرانسوا ميتيران أحد عرابي حرية الصحافة في فرنسا، بعدما سمح بالانفتاح على مؤسسة الإذاعة، حيث كانت قبل فترة حكمه «ممنوعة».أما عن مشاكل وسائل الإعلام حاليا، فأكد سيريون عدم خروجها، بكل أنواعها في فرنسا عن دائرة المشاكل العالمية التي يعاني منها المجال، متحدثا عن صعوبات مالية كبيرة تلاقيها القنوات الإخبارية في الاستمرار وإيجاد المزيد من الموارد المالية وجهات الدعم، فيما تحظى القنوات الرياضية والوثائقية بدعم كبير ومداخيل رهيبة، حسبه، مؤكدا مرة أخرى على الحقيقة الاقتصادية للعمل الصحفي.وفي سؤال أحد الحاضرين خلال فتح النقاش مع الضيف، بعدما سير مدير المركز الثقافي الفرنسي، السيد نوبلي، حوارا قصيرا عاما مع كلود سيريون، عن مدى معرفة مستشار  الإليزيه السابق للصحافة الجزائرية، فرد أنه يعرف كمال داود «، معرجا بالقول أن مستوى رسامي الكاريكاتير في الجزائر عال ومعبر جدا.واختتم الكاتب والصحفي، الذي اتجه للمسرح والروايات،  بالقول ،أنه في فرنسا كما في الجزائر يوجد الكثير من المتشائمين، ما يقدم غالبا صورة سلبية عن الإنسان والحضارة فينا، وهو خطأ، مشيرا إلى وجوب التزام الحب والجمال والمرونة حتى نعيش أكثر.
فاتح خرفوشي

الرجوع إلى الأعلى