المؤسسات الثقافية .. هل تخدم الثقافة؟

يُجمع عدد من الكتاب الأكاديميين من مختلف ولايات الوطن، بأن الجزائر تتوفر على كم هائل من المؤسسات والمرافق الثقافيةلكنهم يؤكدون أن هذا الكم من الإنجازات لم يقابله زخم من الإنتاج الثقافي، بعد أن تحولت المؤسسات في أغلبها إلى هياكل دون روح، بفعل هجرها من طرف أصحاب الاختصاص، ويؤكد من التقينا بهم بأن إعادة النظر في كيفيات وطرق تسيير الهياكل العقيمة غير المنتجة للثقافة هو السبيل الوحيد للخروج بالثقافة من الأزمة التي تعانيها.

الدكتور عبد القادر العربي كلية الآداب واللغات جامعة المسيلة


للمؤسسات الثقافية دور في تقدير المواهب  وإشاعة الثقافة
لا يزال الجدل قائما حول مدى ارتباط التنمية الشاملة بالثقافة، وهذا بالطبع دليل انسجام الذات مع هويتها، لأن الثقافة بقيت لزمن طويل الدائرة الأكثر غموضا في تعريفها وتحديد دورها في كل نواحي الحياة ومجالاتها، فما مدى مساهمة المؤسسة الثقافية في النتاج الثقافي؟.
لاشك بأن المؤسسة الثقافية تسعى جاهدة لتفعيل الحراك الثقافي وإشاعة فكرة «المثاقفة» بين أوساط أفراد المجتمع، ويمكن تلخيص الدور الإيجابي لهذه المؤسسة في بعث عملية النتاج الثقافي في عدة نقاط أبرزها، ضرورة تقدير المواهب المبدعة وإحداث التثاقف بين الناس من خلال فعل التأثير والتأثر، وكذا الاهتمام بالجوانب الفنية من رسم وفن تشكيلي ومسرح وسينما وإقامة ندوات نقدية، وموائد فكرية ومشاركة أكبر قدر ممكن من الفاعلين ثقافيا، إلى جانب ضرورة التحفيز المالي والتشجيع المعنوي لزيادة وضمان فاعلية ومواصلة النتاج الثقافي، مع مواكبة موجة التواصل الاجتماعي عبر وسائله المتعددة وهذا حتى يتسنى للمراكز ودور الثقافة الفاعلة التفكير بجدية بجعل الثقافة بمثابة مسؤولية ينبغي الإحساس بها وتقديرها وتطبيقها على أرض الواقع.
إضافة إلى وجوب الحديث عن ثقافة المستقبل بديمومة واستمرارية، وضبط النتاج الثقافي بمعيار الجمالية والحديث عن الإيجابيات، وكذا تنظيم ورشات فكرية وثقافية وضبطها ببرنامج سنوي وضرورة الالتزام بتطبيقه، ومشاركة أطياف المجتمع وربط اتصال بين المفكرين وصناع الثقافة وتلاميذ المدارس وطلاب الجامعات، لتبليغهم هموم الثقافة، يقول الأديب الطاهر بن جلون «...ما أهتم به وأحرص عليه هو زيارة المدارس والتحدث إلى الطلبة الصغار، فهذا من جانب يفيدني كروائي في فهم الجيل الصغير وتطلعاته، كما يمنحني فرصة جيدة لأؤدي دوري ككاتب في محاولة زرع حب القراءة لدى الصغار بل وتشجيعهم على التعبير على الفهم وعلى الكتابة أيضا...»، هذا بالإضافة إلى تطبيق مبدأ أو فكرة الثقافة حاجة تبدأ ولا تنتهي.
فالثقافة هي نبض العقل وروح الفكر هي طاقة الإبداع، هي ما لا يمكن الإشارة إليها بتذكير أو بمجرد تعريف ولا يمكن حصرها بمفهوم أو ربط نتائجها بمفصل حياتي من دون غيره، فالثقافة أقصر الطرق وأفضلها لكل ما هو جميل وراق في حياتنا، طريق لبناء أنفسنا وبناء وطننا الصغير والكبير وبناء مستقبلنا، فالثقافة جواز سفرنا إلى عمق العوالم الأخرى، فالثقافة ليست ملفا إداريا عاديا وارتباطها بعملية التنمية الشاملة لا يعكس العلاقة الروتينية بين السلطة والمواطن، فالثقافة الوطنية تستدعي تأسيس الذاكرة الجماعية بحيث لا يترك هذا الأمر لكل فئة أو جماعة تؤسسها على هواها وبطرقها الخاصة، من حسن حظ الثقافة أنها لا تخضع لعملية حسابية على قواعد الربح والخسارة، فالثقافة وحدها هي التي تميز الشعوب بعضها عن بعض في زمن الاعتماد الاقتصادي المتبادل.

الأستاذة رزيقة طاوطاو كلية الآداب واللغات بجامعة أم البواقي


الهياكل الثقافية لا تنتج الثقافة
الهياكل الثقافية مطلب أساسي لتفعيل الثقافة، والدليل على ذلك النشاطات الثقافية بولاية وأخرى والتي تنظم بمثل هذه الهياكل، بيد أن الهياكل وحدها لا تؤسس لفعل ثقافي، فلا بد من استراتيجية معينة تقوم على تفعيل الإبداع، والمشكلة لديها جذور في الماضي أين كنا في تبعية للمشرق ثم بعد الاستقلال اتبعنا إيديولوجية معينة تقوم على التحديث في مجال الصناعة بالدرجة الأولى، ولم تقف في مقابل ذلك الجامعة في خدمة المجتمع.
هذه مشكلة الثقافة بصفة عامة في ظل عدم وجود سياسة لصناعة الثقافة في حد ذاتها، فالسياسي مثلا لا يقدر مكانة الأدب في بناء المجتمع، ولا يظن أن رواية أو قصيدة قد تقود المجتمع لصناعة الآراء، في حين أن الغرب انتبه منذ أكثر من قرنين من الزمن إلى أن الإبداع يوجه المجتمع ويقوده إلى تحقيق طموحات وآراء.
كما أن القائمين على الفعل الثقافي في الجزائر غالبيتهم لا يفقهون معنى الثقافة في حد ذاتها، وباتوا يهتمون فقط بالشكليات إلا أن الاهتمام بالمبدع ورعايته وتحفيزه عامل مهم تم تغييبه، فأموال كبيرة تصرف باسم الثقافة بيد أن المثقف لا يستفيد منها في خدمة المجتمع، وعمليا لا نقصد بأن المثقف يصبح رابحا من الناحية المادية وإنما تنتعش الثقافة بل نسعى لأن تصبح ربة البيت مثقفة، فالثقافة هي من حق كل بيت في المجتمع فلا بد من أن تتسع دائرة انتشارها لكل الشرائح، وهذا هو  دور القائم على الفعل الثقافي، والهياكل التي لا تنتج الثقافة هي فضاء وحسب للتلاقي والحوار والنقاش، فهي إذا إشكالية مرتبطة كذلك بالإعلام خاصة المرئي منه، فلماذا همشت الثقافة من وسائل الإعلام وكان للفعل الثقافي أن يتصدر الأركان الأخرى.

الدكتور جلال خشّاب كلية الآداب جامعة سوق أهراس


إبعاد النشاط الثقافي عن الرعاية الإدارية والمادية سيساهم في تحريره
الإشكالية تعالج من منظور أن المثقف الذي يحمل المشروع الثقافي، ويجتهد في تجسيده وبعثه والعمل على استمراريته وديمومته، وهذه نقطة مهمة للغاية، والسؤال الذي يطرح هنا، أين يوجد هذا النشاط؟، وهو الذي تمثله الجمعيات أو النوادي الثقافية أو الهيئات المختصة، التي يجب أن تكون على صلة مباشرة بدور الثقافة والمراكز الثقافية وغيرها.
هذا بالإضافة إلى ضرورة التأكيد على إبعاد الفعل الثقافي عن المناسباتية وكذا تجنب حصر النشاط الثقافي في أوقات معينة دون غيرها، وضرورة الشعور أيضا باستقلالية الفعل الإبداعي بعيدا عن مفهوم الوصاية وعدم ربط النشاط بالرعاية الإدارية والمالية، صحيح أن البلد يمر بأزمة تتعلق بالتمويل تمويل المهرجانات والملتقيات وما إلى ذلك، والإشكالية التي تطرح كذلك: كيف يمكن أن نتصرف أمام ضآلة المورد المالي؟، صحيح توجد مسؤولية الوصاية وبالمقابل ضرورة الاجتهاد في الإبقاء على الفعل الثقافي من خلال إيجاد جهات ذات صلة مباشرة وغير مباشرة بالحراك الثقافي.
ضرورة التأكيد أيضا على عدم ربط الفعل الثقافي بما يسمى الاحتفالية الكبرى أو الحدث العظيم، بقدر الحرص على تجسيد أفعال ثقافية بأيسر التكاليف، والابتعاد على ما يعرف بالعلاقة المفتوحة والمرنة ما بين الجمعيات والهيئات الثقافية والمؤسسات الإدارية الممثلة في دور الثقافة وتمكينها من هياكل التنظيم، والإسهام في شيء من التوازن حسب القدرة، وتراجع عدد الملتقيات والمهرجانات لأسباب ترتبط بالمادة ليس سببا في تقليصها إلى أقل عدد لأن الحراك الثقافي لدى المجتمع يعكس وجوده وتطلعاته، وتراجع الموارد المالية لا يجب أن يكون مؤثرا على الفعل الثقافي الذي يمثل الامتداد والهوية والأصالة.

الأستاذ عبد المجيد لغريب كاتب  وإطار تربوي سابق


الثقافة ليست قطاعا إضافيا
المؤسسات الثقافية يجب أن تكون مشروعا ثقافيا وطنيا جامعا واستراتيجيا، والثقافة ليست قطاعا إضافيا هي في صلب الاهتمامات الإنسانية والتنموية، والمؤسسات الثقافية هي حلقة صغيرة من المشروع الكبير، والعنصر البشري الفاعل في هذا المشروع يجب أن يكون في إطار ثقافي فعال على غرار الخبز والماء، ووجب أن تصاحبه منظومة قوانين تحدد موقع المثقف من الإعراب في العملية الثقافية التنموية الشاملة، وهل هو فاعل أم مفعول به؟، وكذا هل هو منتج للحوار والخطاب الثقافي أم متابع؟.
الثقافة هي كلّ وليست جزء، هي كلّ على غرار قطاعات عديدة كالتربية والإعلام، وهي كلّ في حياة الناس كأكلهم وشربهم وتعاملاتهم وليست جماليات في حياتهم، هي الأصول، والمؤسسات الثقافية هي تنسيقية فقط، والفعل الثقافي أعمق من تنظيم أمسية ومعرض وملتقى، والفعل الثقافي بناء إنسان يجيد التعامل مع مختلف الأمور، فلا نستطيع بناء تصور لإنسان منتج للثقافة دون مشروع ثقافي يعيد صياغة الإنسان ويضبط مبادئه، والمؤسسة الثقافية هي جزء من الفعل الثقافي العام، هذا الفعل الذي يلزمه مشروع أساسه القوانين والإنسان.

أحمد بختاوي كاتب  و إعلامي سابق


إمكانيات مادية في حاجة إلى من يفعّلها
المؤسسات الثقافية اليوم هيكل متوفر على إمكانيات ومؤهلات لوجيستية مادية رهيبة، من أجهزة وغيرها، غير أن هناك فروق واختلافات عبر الوطن بين مؤسسة وأخرى، وهذا راجع لمديريها الذين لم يفعلوا الفعل الثقافي، وببعض ولايات الوطن توجد هياكل أكثر أريحية غير أنها لا تتوفر على الإطار الكفء لاستثمار واستغلال هذه المكاسب، فالأمر يتوقف على الشخص أو الهيئة المشرفة كنواة لتفعيل هذا المد الثقافي، ثمة كون ثقافي جامد ممثلا في الهياكل بجدرانها غير أنها دون روح، وثمة جدران جرداء كالفيافي، وجب تفعيل النشاط الثقافي داخلها، فالمسألة مسألة مؤطرين لتأطير الهيكل الجامد وجعله متحركا في نفس الوقت.

ابتسام رمضاني أكاديمية


الدولة دعمت الفن والثقافة بهياكل وضعت بين أيد غير مختصة
الإشكالية ليست مرتبطة بالهياكل الثقافية، بل ترتبط بالتهميش الذي يتعرض له الكتاب، فالأسماء القديمة استحوذت على المشهد، وباتت تحتضن بعضها البعض، والكتاب الجدد تعرضوا للتهميش قبل أن تُقرأ أعمالهم، وقبل الحديث عن دور الدولة التي دعمت الثقافة والفن، وجب الحديث عن تسيير الهياكل التي أنشأتها الدولة والتي وضعت في أيد غير مختصة، والنتيجة كانت واضحة بعد ذلك، فالمؤسسات الثقافية تسير من طرف أشخاص ليس لدى الكثير منهم ميولات ثقافية، فيجب الابتعاد عن الأمور المادية وتوجيه أهل الاختصاص لتسيير الهياكل الثقافية.
وفي وقتنا الحالي المال مس جميع المنظومات وإسناد الأمور لغير أهل الاختصاص ظاهرة تفشت كذلك، وفي المقابل يوجد كتاب وأدباء غير معروفين في ولاياتهم فهم مهمشون في الأمسيات الشعرية ومعارض البيع بالتوقيع، ومرافق وهياكل ثقافية تسير بالهاتف، فبولايتي تبسة ميزانية كبيرة موجهة للحفلات والتي لا تظهر نتائجها على أرض الواقع، فحتى المداخلات في الملتقيات لا تطبع، ناهيك عن محاولات الكتاب والمبدعين طبع أعمالهم، وعند طبعها فالفوائد تستفيد منها جهات أخرى في غياب الدعم.

الكاتبة كريمة عساس


الهياكل الثقافية اليوم دون روح
المؤسسات الثقافية تنشط، غير أن مستواها لم يصل بعد للمستوى المطلوب، ويلزمها انفتاح كبير يكون بتنظيم زخم هائل من الملتقيات الثقافية والأدبية، ويجب على الروائي أن يروج ما كتب للقارئ، واليوم نجد بأن ملتقيات تنظم وتصرف عليها أموال كبيرة غير أنها مغلقة على فئة معينة وتنتظر من القارئ أن يتقدم للمشاركة.
اليوم نحن في زمن العولمة الذي هو زمن مفتوح، ومن المستحيل أن يتقدم القارئ من المبدع، ووجب على الأخير أن يفتح المجال أمام القارئ، لأن الإبداع الحقيقي يكون بالانفتاح على العالم، على العكس من أن يبقى المبدع مكتوف اليدين وينتظر، والمبدع أمام خيارين إما الانغلاق على نفسه والبقاء على الشكل الكلاسيكي أو الخروج للقارئ واستعمال مختلف وسائل التواصل للاحتكاك بالقارئ بتجنيد مختلف وسائل الإعلام، وهذه الوسائل هي سلاح ذو حدين.
أغلب الهياكل الثقافية اليوم هياكل دون روح وتنشط باحتشام، فحتى الضيوف الذي توجه لهم الدعوات يتم انتقاؤهم، وهذا هو أحسن دليل على إسناد الأمر لغير أهله، وهي أزمة يتفق حولها الجميع، ويجب على المثقف أن يبادر بنفسه للاعتناء بمجال الثقافة ويمزج بذلك بين المثقف والأكاديمي، فعندما يتولى الإداري تسيير الشأن الثقافي سيموت الإبداع حتما.

نعيمة نقري شاعرة من ولاية الجلفة


تنظيم ملتقيات دون حضور المتلقي أكبر دليل على وجود خلل ما
المؤسسات الثقافية تبرمج ملتقيات وأمسيات، لكن ما الفائدة من تنظيمها إذ يجد الملقي أو المحاضر نفسه في وجه بعض المشاركين فقط؟، وأين المتلقي من كل هذا؟، والسؤال المطروح هل الإشكال في طريقة التنظيم أم في الأسلوب أم في المبدعين أنفسهم؟.
لما ينظم ملتقى بهيكل ثقافي، مالفائدة منه؟ باستثناء الاحتكاك فيما بين المشاركين، وجب إعادة النظر في الطريقة، ما دام العمل تم من أجل استقطاب المتلقي، يجب أن نخرج لهذا المتلقي ونتوجه للشارع، وموضوع الهيكل الثقافي وتفعيله موضوع متشعب والحديث فيه يطول، ويبدأ من نظرة المتلقي للمبدع، كيف ينظر إليه وكيف يعتبره؟، فالبعض يرى مثلا بأن الشاعر يعيش الوهم والخيال والبعض يصفه بالمجنون، فكيف تكرست هذه النظرة التي يجب العمل على تغييرها ببسط سياسة تهدف للعمل الجماعي والمتكامل، على غرار رياضة كرة القدم، التي يود كثيرون أن يروا أبناءهم يلعبونها كونها تنتهي بتقدير مادي.
المبدع اليوم يشارك في الملتقيات من دون أن يتم تعويضه على مصاريف تنقله للمشاركة، فهنا لا بد من  سياسة مركزية تثمن الإبداع وتمنح المبدع حقه، وتجعله يركز جل اهتمامه للإبداع، وأحينا أجدني أقطع مئات الكيلومترات وعشرات الساعات من أجل قراءة نص شعري فوق خشبة مسرح وأعود إلى ولايتي، ودور الثقافة اليوم أغلبها تنظم ملتقيات من دون تعويض مادي للمشاركين، دون أن ننسى تهميش أصحاب البيت، وجب تدخل الوزارة الوصية، فلماذا لا يتم تقييم الشاعر والأديب كبقية الفنانين ولماذا نجحت أغاني الراي التي تعود المتلقي على سماعها من دون أن تنجح روايات وأشعار، وجب أن توجه للمتلقي وتجعله أكثر استماعا لها، لتحسين الذوق من جهة وتكريم المبدع من جهة ثانية.

نورة طاع الله- كاتبة


تحتاج إلى تشريعات تضبطها
المؤسسات الثقافية في بلادنا لا تنتج الثقافة، ففي عديد النشاطات الثقافية أضحت مواقع التواصل الاجتماعي هي التي توجهنا للمشاركة، في غياب إدارة متخصصة بالمجال الثقافي، ووجب على القائمين على قطاع الثقافة أن يبحثوا على قوانين يتم سنها لإعطاء حق للمثقف والأديب، وليس شرطا أن ينشط الأديب في هيكل ثقافي في ظل وجود أماكن عمومية وحدائق ومعاهد بالجامعات، والقضية مرتبطة ومتداخلة بين من سيستفيد عندما يصل الأدب للجمهور، المثقف في الجزائر يصطدم بصعوبات كبيرة في طبع إبداعه، أين يضطر للسفر به خارج الوطن هناك يجد من يحتضن أفكاره ويترجمها مؤلفا قابلا للقراءة، على عكس ما يحدث معنا في الجزائر أين ندفع مصاريف وفي نفس الوقت نشرف على التوزيع في غياب تدقيق لغوي قبل النشر، ودور الثقافة عندنا باتت عنوانا للملتقيات التي يدون من خلالها القائمون على الهياكل الثقافية عملية تنظيمها لرفعها في تقارير للوزارة، في غياب إنتاج ثقافي.
في الجزائر المبدع كذلك يصطدم بغياب الدعم، وحدث معي ذات مرة أني طلبت منحي قاعة في دار الثقافة للترويج لروايتي الجديدة «عبادة الجسد»، غير أنهم رفضوا منحي القاعة، وجب تغيير المنهاج المعمول به حاليا، وعلى الوزارة تغيير منظومة التعامل مع المثقف والأديب  الذي يجد نفسه مهمشا اليوم، خاصة الأدباء الشباب الذين يعانون في غياب الدعم والذين وجدوا الأبواب موصدة أمامهم، أين يستفيدون منهم في دول أخرى وتطبع أعمالهم هناك، غير أنهم في بلدهم الأول يموتون في صمت.

أدار الندوة: أحمـد ذيب

الرجوع إلى الأعلى