بقلم ج ..علاوه وهبي
حدّث ترتبو ولد الدرداف قال: «أُطلق سراحي من الحجز في محافظة الشرطة، بعد أن سمعتُ النداء على اسمي فخرجتُ، لكن ما إن وضعت رجلي خارج باب المحافظة حتى جرفني سيل من العباد، كانوا يهرولون وهم يُصدرون أصواتا لم أتبينها، فهرولت معهم ولم أعرف كيف أخلص نفسي، كان الشارع ينحدر باتجاه وسط المدينة، انحدرت الجموع معه مهرولة، كنت أُدفع دفعا ودون إرادة مني، بعد مسافة من الهرولة بدأت الجموع في الجري فجريتُ معهم، وارتفعت الأصوات أكثرفأكثر، وما كنت أتبين ما يهتفون به، وصلنا إلى وسط المدينة وبدأ الجري يهدأ، نحن الآن نقف مقابل بناية تواجه الساحة العامة الفسيحة، التي امتلأت بالجموع المرسلة أصواتها لعنان السماء، وانطلقت الزغاريد، أحسست بقشعريرة تجتاحني والدموع تملأ مآقي عيني، أنا هكذا كلما سمعت الزغاريد تصيبني حالة البكاء الصامت، ثم دوّت التصفيقات وتمكنتُ من فتح كوة صغيرة،أرسلت من خلالها نظري نحو البناية القائمة في مقابل الساحة،كانت مطلية بالأبيض، أما شرفاتها فطليت باللون البني، كانت هناك أعلام على الجانبين، وظهر شخص في إحدى الشرفات، واسُتقبل بموجة من التصفيق والصراخ، لم أكن أتبينُ سوى حركة شفتيه وحركات يديه، لم أكن أسمع ما يقول، كنتُ محاصرا بين العباد، فجأة بدؤوا في التماوج يمنة ويسرة، وكأنهم يرقصون طربا لما يسمعون من القول، إنه رقص على إيقاع الصوت الصارخ من شرفة البناية، وكان صاحب الصوت يرفع يديه أحيانا، وأحيانا يكوّرها مشكلا منها «دبزة» يهدد بها، ما الذي يحدث هنا؟ أي مصيبة أوقعتُ نفسي فيها من جديد؟ فجأة سمعت صوتا يصرخ: « اذهبوا لقد جاؤوا» ! وبدأت فوضى الهروب ولكن إلى أين أهرب؟ لم يكن عندي وقت للتفكير، فاندفعت مع الهاربين.. سقطت ُأرضا وكادت الأرجل الهاربة تسحقني، انتشلتني يد أحدهم وصرخ فيّ صاحبها:»انتبه لنفسك، لقد بدأ إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع، ضع منديلا على أنفك»، لكن الغازات كانت أسرع منه ومني، أحسست بحرقة في عيناي، وبدأ المخاط يسيل من أنفي، يبدو أن الساحة مطوّقة من جميع الجهات، وكانت الجموع الهاربة كأنها وحوش يحاصرها الصيادون، فراحت تحطم كل ما تجده أمامها، وأضرمت النيران في المحلات وامتزج دخانها بدخان القنابل الغازية. سمعت صوتا يصرخ : « استخدموا الخلّ»، ومن أين لي به وسط هذه الفوضى؟ كنت أجري بحثا عن منفذ أنفذ منه إلى فضاء غير الذي أنا محاصر فيه، أجري ..أجري.. يمينا وشمالا، صعودا ونزولا، دورانا في نفس المكان ولا مفر، أمسح الساحة بنظراتي كأنها أضواء كاشفة، لكن دون جدوى، وجرفتني الجموع نحو زقاق جانبي، كانت تدفعني بسرعة وكدت أفلتُ، لكنني عثرتُ وسقطتُ.. لم أعد أبصر جيدا، فالدموع تحجب عني الرؤية، أحسست بيد تمسك بي وسمعت صوتا يقول : «انهض بسرعة وامسك هذا»، ووضع كيسا في يدي، وما إن أمسكتُ به حتى أمسكت بي يد أخرى، وصرخ فيّ صاحبها : «قم بسرعة»، أنهضني واقتادني نحو سيارة، فتح بابها ودفعني إلى الداخل وهو يقول : «وقعتَ مرة أخرى، تُحرض الناس على الفوضى وتدّعي البراءة، سوف نرى من سيطلق سراحك هذه المرة»، أعادوني، إلى غرفة الحجز ثانية، أيها الكاتب لماذا أوقعتني في هذه الورطة من جديد؟ أرجوك أطلق سراحي ما عدت أحتمل» .
ورطة ترتبو
- التفاصيل
-
هــل يمكــن للمثقـــف أن يكــــون صانــــع محتـــــوى؟
هل بإمكان المُثقف أن يكون من صُنّاع المحتوى المؤثرين؟ وهل يمكن أن يكون مُبدعاً لمحتوىً مُؤثر هادف ومسؤول، خاصةً وأنّه من الضروري أن يحدث هذا في زمن...
الكاتب والإعلامي الدكتور محمّد بغداد للنصر
ما تمّ اِنجازه في مشهد الإعلام الثقافي مشاريع أفراديعتقد الكاتب والإعلامي محمّد بغداد، أنّ الإعلام الثقافي يتجاوز المستوى الأدبي، ليشمل كلّ معاني ونشاطات الإنسان في الحياة، بدايةً من الأسماء التي نطلقها على أبنائنا، مروراً...
قصائد لعبد الحميد شكيل
#عبور.. سأعبر الغابة..دون أن تراني الأشجار..سأعبر النهر..دون أن تعاندني طيور الماء..سأعبر البحر..دون أن يراني القراصنة،وهم يغتصبون نساء الزبد..سأعبر الوقت..ممهورا بنمش...
#نايات غيم..!!
الوقت..وهو يتسرب بين أصابعنا؛ يشعرنا بذلك الزخم الكثيف من العفوية ، والتمحل اللذيذ، في سريانه السريع صوب فجوات مفتوحة على كشف الوردة ، وهتف الأغاني...
أمام تطبيقات الترجمة و منتجات التكنولوجيا
أي جدوى للمعاجــم في زمــن الخوارزميـــــات؟ تأتي المعاجم غنية بمفردات اللغة، حيث تحمل بين دفتيها الكلمات ومعانيها، كما تحيل إلى الحقل الدلالي للمفردة فيكون المؤلف والباحث قادِرَيْن على إنتاج أخرى في مختلف المجالات، عدا عن توظيفها في سياقها المناسب داخل...
الشَاعر والناقد الدكتور عبد القادر رابحي للنصر
التحوّلات التي تمرّ بها الجزائر المُعاصرة تقترح عوالم شِعرية رهيبةيعتقد الشاعر والناقد الدكتور عبد القادر رابحي، أنّ المدونة الشِّعريّة الجزائرية المُعاصرة بالنظر إلى ما تُعايشه من تحوّلات بنيوية، شهدت إضافات جديدة، لا على مستوى التفكير...
الفنانة التشكيلية فازي بوعوني للنصر
أعمالي تشبهني وأعيد صياغة القصص بالألوان تحاكي لغة الفنانة التشكيلية فازي بوعوني، تفاصيل الموروث الثقافي الجزائري، و تعبر عن ذلك الزخم الكبير بألوان زاهية تعكس عشقها لتفاصيل الحياة، وجمال وأناقة نساء الجزائر و لباسهن التقليدي من الشمال إلى الجنوب ومن...
تحت شعار: "الرّواية وتشكّلات الفضاء... الذاكرة، المدينة، المنافي": الجلفة تحتضن ملتقى الجزائر الدولي للرواية
تحتضن ولاية الجلفة ابتداءً من اليوم الثلاثاء 20 فبراير، «ملتقى الجزائر الدولي للرواية»، ويتزامن تنظيمه مع اليوم الوطني للمدينة المُصادف لـ20 فيفري،...
الباحث وأستاذ التاريخ الدكتور محمّد بن ساعو للنصر
الدراسات المو نوغرافية تمكن من تجاوز التعميم الذي يعتبر من عاهات التأريخ * التاريخ المحلي يُشكّل قاعدة ومُرتكزاً للتاريخ الوطني يعتقد الأستاذ والباحث المختص في التاريخ، الدكتور محمّد بن ساعو، أنّ المسوغ الابستمولوجي...
باتنة تحتضن مشاريع ثقافية خاصة
أروقة الفن .. استثمارات تبحث عن سوق في عمق الجزائرتشكل أروقة الفن الخاصة، استثمارا جديدا بدأ الاهتمام به يزيد على المستوى الوطني، ورغم أنها ثقافة مدت جذورها الأولى في الجزائر العاصمة، إلا أن باتنة صنعت الاستثناء، فصارت هذه الأروقة...
<< < 1 2 3 4 5 > >> (5)