قصّة انقلاب في المسلمات
صدر في الآونة الأخيرة للكاتب والباحث الدكتور جمال سالمي، كتاب «النانـو-تكنولوجـي واقتصاديـات الثـورة الإلكترونـية». في مجال التكنولوجيا والاقتصاد. وقد توزع على 4 فصول، الفصـل الأوّل جاء بعنوان «النانو/تكنولوجي:علم المستقبل»، والفصل الثاني «إرهاصات الثورة الإلكترونية»، والثالث «بروز تكنولوجيات الإعلام والاتصال TIC»، والرابع «الآثار الاقتصادية الإلكترونية والنانو-تكنولوجي».
وقد حاول الباحث أن يقدم ملمحًا بالتحليل والتدقيق في هذا المجال، ومدى تأثير الثورة الالكترونية والتطورات العلمية العالمية في الاقتصاد. إذ قال وهو يقدم بعض المعطيات في هذا الصدّد: «لقـد تبـين بما لا يدع أي مجـال لأي شـك مدى تأثيـر الثـورة الإلكترونـية والتطـورات العلمـية العالمـية الهائـلة، خـاصّة في تخصص النانـو-تكنولوجـي، عـلى مخـتلف الأنشطـة الاقتصاديـة للدول والأفـراد والمؤسسات، فـي ظـل الانتـقال حالـيا إلى الاقتصـاد مـا بعـد الصناعـي: اقتصـاد المعرفـة». مضيفا أنّ «كلّ ذلك أحـدث انقلابـا جـذريا في العـديد من المسلـمات والأدبـيات الاقتصاديـة وأنـماط التسـيير داخـل المؤسـسات الاقتصاديـة، التي سارعت إلى التكيف، باعتماد تكنولوجيات الإعلام والاتصال TIC في تسييرها اليومي، وتفعيل وظيفة البحث والتطوير R&D التي تفاعلت سلـبًا وإيجابًـا مع مختلف التطـورات التكنولوجـية والمعرفـية، مع استحـداث إدارة مستـقلة قائـمة بذاتـها للمعرفـة».
كـما تُبيـن أيضـا –حسب الباحث دائما- السعـي الجـاد نحـو إدمـاج مخرجـات النانـو-تكنولوجـي فـي اقتصاديـات المستقـبل، إذ سيشكل استخـدامها فـي مجـال الطاقـات المتجـدّدة فرصـة ذهـبية للتخـلّص تدريجـيا مـن الهيمـنة الاقتصاديـة للمحروقـات والطاقـات التقليديـة، مـن نفـط وغـاز، للحـفاظ عـلى البيـئة وتقليـص النفـقات، مـع زيـادة إنتاج خـلايا شمسـية وخـلايا الوقـود الهيدروجـيني. إضافـة إلـى التمـدّد المُرتقـب مستقـبلا في مجـالات استخـدام تكنولوجـيا النانـو نحو صناعـة الدواء والصناعـات الإلكترونـية، الزراعـة والطـب، ميكانيـكا الإنتاج، معالجـة ميـاه الشُـرب واقتصاديـات البيـئة.
أمّا الفصل الثانـي: «إرهاصـات الثـورة الإلكترونـية»، فتحدث فيه الباحث عن الثورة الصناعية التي تبعتها الثورة التكنولوجية، وتناول هذه الثنائية من باب التكامل إذا قال في هذا المعطى: «إذا كـانت الثـورة الصناعـية قد ساعـدت في تخفـيف العـبء عـن عضـلات الإنسـان بتقـليل جهـده البدنـي، فإنّ الثـورة التكنولوجـية ساعـدت عـلى تخـفيف عبء آخـر عـن العقـول والأذهـان». وهذا ما جعل – كما جاء في كتابه دائما- «بعـض الباحثـين الاقتصـاديين يعتبرون هـذه الثـورة الإلكترونـية بمثابـة ثـالث ثـورة صناعـية تعرفـها الرأسمالـية». مضيفا أنّ بروز تكنولوجيات الإعلام والاتصال TIC أثر بشكل كبير على فعّاليات الأنشطة الاقتصادية للدول والأفراد والمؤسسات. مؤكدا أنّ تلك الثـورة لم تحدث فجـأة دون سابق إنذار، فقد بـدأت إرهاصـات الثـورة الإلكترونـية من خلال بعض المحـطات الهامـة التي شهدها قطاع تكنولوجـيات الاتصـالات.
في حين خصص الباحث، الفصـل الثالـث: «بـروز تكنولوجـيات الإعـلام والاتصـال TIC»، للحديث عن الاقتصاديين وتحديد إطار خاص بتكنولوجيات الإعلام الإعـلام والاتصـال TIC. وحسب ما جاء في سياق بحثه فإنّ أغلب الاقتصاديين لهم تحديداتهم الخاصة لإطار تكنولوجيات الإعلام والاتصال. موضحا من جهة أخرى أنّ هذا التحديد يتم عبر اقتراض إعادة هيكـلة معمـقة للاقتـصاديات المحلـية يتم فيها استخـدام آخـر مقتنـيات العلـوم والتقنـية لإعادة صهـر آلـية ونظـام التسـيير.
 أمّا الفصـل الرابـع والأخير: «الآثـار الاقتصـادية للثـورة الإلكترونـية والنانـو-تكنولوجـي»، فجاء ليلخص أبرز أثار الثورة التكنولوجية، وهنا ذكر الباحث بنوع من التوضيح والشرح: «يمكن تلخيص أبرز آثار الثورة الالكترونية والنانو تكنولوجي على مختلف فعّاليات الأنشطة الاقتصادية للدول والأفراد والمؤسسات، وهذا من خلال عدة طرق أهمها: تأسيس بنوك وحكومات إلكترونية، ترشيد أنظـمة الحُكم، خاصة فيما يتعلق بتسـيير الأموال العامة وموارد الدولـة. تغيير نمط استـهلاك الأفراد بشكل جـذري. شـيوع الهواتف النقالة عالميا، حتى لدى الأطفال الصغار. تغـيير مكونـات الإنـتاج الّذي أصـبح أكـثر مرونـة وكثافـة.
الدكتور جمال سالمي، أوضح على مدار صفحات كتابه، أهمية النانو التكنولوجي، مؤكدا من جهة أخرى أنّ المعلومـة صارت عامـلا مباشـرا للإنـتاج. وأنّ ترسيخ الدور الاستراتيجي المحوري لتكنولوجيات الإعلام والاتصال في الحياة الاقتصادية للدول والأفراد والمؤسسات تزداد مساحته وتتوسع يوما بعد يوم.
نوّارة لحــرش

الرجوع إلى الأعلى