رفع برلماني جزائري احتجاجا شديد اللهجة، يفترض لو حق الحق، أن يسجل كاحتجاج فريد من نوعه في التاريخ.
النائب وجه رسالة علنية إلى الوزير الأول، وهي ليست بالمساءلة، حاشا فالرجل لا يريد التدخل فيما لا يعنيه، بل هي مطالبة بإعادة حق مسلوب إلى ممثل الشعب الذي يتحمّل مسؤوليات كبيرة بحضور دورات الخريف والربيع و التصديق إيجابا على كل ما يُطرح، وهذا ليس بالأمر الهيّن كما يعتقد بعض "المشككين".
وهو أراد، أولا وأخيرا، ممارسة مهامه الرقابية، لكن الآلة البيروقراطية حالت دون ذلك وحرمته من أداء الواجب فعبر عن سخطه علنا وهذا هو السلوك المنتظر من منتخب يحترم عهدته، و إذا ما تعرّض إلى لوم أو سخريّة فإن ذلك سيكون نتيجة سوء تقدير لأسلوبه المبتكر في الرقابة، فقد تعوّد ممثلو الشعب على رؤية المسؤولين  في ملابسهم الرسمية  و أراد المعني بالأمر هنا أن يراهم بدون ملابس.
النائب الذي هدّد بطرح المسألة للنقاش العام في البرلمان، احتج لمنعه وزملائه من دخول إقامة الدولة بنادي الصنوبر بغرض السباحة في هذا الصيف الحار، وما حز في نفسه هو وجود أشخاص غرباء عن الدولة في إقامة الدولة في الوقت الذي يُحرم فيه نواب في البرلمان يفترض أنهم أبناء الدولة من الدخول إلى هذه الجنة المسيّجة، وبلغ الأمر بحراس الإقامة إلى حد التصريح بأنهم لا يعترفون  بالنواب وزادوا على ذلك بالقول أن النواب لا يحق لهم الدخول إلى هذا المكان، وفق ما كتبه صاحبنا بحرقة في رسالته.
هذا القرار الخطير الذي اتخذه الحراس في حق ممثلي الشعب سيمس حتما ببعض "المكتسبات" الديمقراطية لأنه سيحرم النواب من "المراقبة اللصيقة" لكبار القوم وأقاربهم الذين يسبحون ويرقبون غروب الشمس    على الشاطئ المحرّم.
ومن الناحية السياسية يشكل السلوك الذي قام به الحراس ضربة موجعة للكوادر الجديدة التي تريد "التمرّس" في الممارسة  أسوة بالأجيال السابقة التي تمكنت من  لعب الدومينو و التريض وشرب القهوة  بل ونجحت حتى في الضحك مع كبار القوم.
ملاحظة
في نسخة منقحة و مزيدة من كتاب الأمير، كتب سيء الذكر غفر الله له:"قل لي مع من تلعب لأعرف من تكون، أما إذا سبحت مع من علا شأنه ورأيت ما يخفي عن الجميع فأبشر".

سليم بوفنداسة

 
    • صعلكة

        أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي بالقوانين ولا بالمبادئ التي راكمتها الإنسانيّة في خروجها الفاشل من الصّراعات الدموية. بل إن "التصعلك" تحوّل إلى ما يشبه العرف في العلاقات الدولية،...

    • ضرورة التفكير في المجتمع

        سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا السلطات لفتح تحقيق حول قيّامه بنشاط غير مرخص، في مبادرة حضاريّة تكشف عن وعي الجمعيّات وتحمّلها مسؤوليّة التصدي لآفات ظلّت لفترة...

    • المخفيّ

      حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان ذلك سنة 2003، أي قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وكان محمد ديب أكبر كاتبٍ جزائري، عاش عمرًا مديدًا يكفي لاستدراجه إلى توثيق يخدم...

    • اختراق

      شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة للفلسطينيين، ويمكن أن نقرأ ما يندى له الجبين في تعليقات عربيّة على الجهود الدبلوماسيّة لوقف المذبحة، أو على التضامن مع الضحايا، حيث...

    • خِفّـــة

      يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي يبقى، لذلك صارت استراتيجيات التّواصل تُبنى على عبارات يوصى بإلقائها وسط موجة الكلام، في حملات الانتخابات وفي الخُطبِ والتدخلات في وسائل...

    • وصفُ السّعادة!

      تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في عصرنا، يلتقي فيه الشغف الكونيّ. صحيحٌ أنّ هذه اللّعبة، تجاوزت حدود الرياضة بعد ظهور "المستثمرين" والتجّار من باعة...

    • القيمة والشّعار

      يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك استغلّت بعض الأمم المُتصارعة على المسرح الكونيّ الفنون لتمرير رسائل تستهدف وجدان البشر و تستدعيه في لعبة استدراج و تماهٍ، عبر صوغ...

    • كبارُ "الباعة"!

      سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت والمتعة للتّنكيل اللّغوي بمنكّل بهم في الواقع، لكنّ اللّغة ستخونه، قطعًا، في وصف القتلة، لأنّ حريّته تتوقّف عند جثث الضحايا،...

    • مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

      في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة والأرصفة السابقة، لا أزهار هنا في وداع النّازلين إلى ترابهم من حياة، هي مجرّد استراحة بين ميتات مُختلفة. قد يُسرف القتلى في النوم حيث...

    • في وصف الشّر

      تدفعُ المقتلةُ الجاريّة هذه الأيّام ومحاولات تأويلها وتغطيّتها نحو التفكير في "الشّر"، ليس كمصطلح خاضت فيه الفلسفات، ولكن كعنوانٍ بديعٍ لعصرنا الذي صدّقنا أنّه يشهد ذروة تطوّر الإنسانيّة، في العلوم والمعارف وفي النظم السيّاسيّة...

    << < 1 2 3 4 5 > >> (5)
الرجوع إلى الأعلى