«وصلنا إلى السويد. أريد أن ألتقي بك وأن أروي لك قصتي. سمعت أنك ملك نبيل. لدي حقيبة فيها ملابس جديدة سأرتديها عندما أقابلك»!
فضّل أن يبعث رسالته إلى الملك غوستاف السادس عشر، وهو ملك من الملوك الذين يحبّهم الناس لأنهم لا يقومون بأدوار شريرة، أي لا يقطعون الرقاب ولا يشعلون الحروب باسم الله وباسم مصالحهم الصغيرة.
لم يفكر كثيرا فيما سيكتبه لأنه واثق بأن قصته ستثير اهتمام الملك الذي علم أنه رجل نبيل فطلب مقابلته ليروي له قصته.
ليس لأحمد البالغ 12 عاما سوى قصة تليق بملك وملابس جديدة  تُلبس عند لقائه. وأحمد كان يقيم في بيت جميل بحلب، قبل أن يفسد المدينة ملوك آخرون لا يحبّون قصص الأطفال.
الرسالة  المرعبة التي تدمي القلوب نشرتها الصحافة السويدية وانتشرت في مواقع إخبارية وعلى الشبكات الاجتماعية. وقد بدأت القصة بطلب مستشار مدرسة من التلاميذ أن يبوحوا له بما يرغبون البوح به فقال أحمد السوري أنه يريد مقابلة الملك ليروي له حكايته ومنحه الرسالة المكتوبة بالعربية والتي تمت ترجمتها إلى السويدية، ويروي فيها الطفل قصة تشرّد بدأت بمقتل معلّمته أمام عينيه الصغيرتين.
حفيد شهرزاد لا يريد من الملك سوى الاستماع إلى قصته، ويعني ذلك أن صدمة الطفل عظيمة إلى الحدّ الذي يتحوّل سردها إلى حدث، ووحدهم المشتغلون في علاج الصدمات يقدرون حجم الدمار الهائل الذي لحق بأحمد حين ينظر إلى قصته على هذا النحو.
أما الرسالة فيفترض أن تتبناها اليونيسيف لتشيع قصة أحمد بين أطفال العالم الذين قد يكون بينهم، مستقبلا، صنّاع قرار في العالم  ربما  تسكنهم القصة وتدفعهم  إلى تخفيف نسبة الشر بين سكان كوكبنا الحزين.
كما يفترض أن يُرغم  جميع ملوك وزعماء العرب والمسلمين على  قراءتها  وحفظها  كي يكفوا عن تشريد شعوبهم بين الشعوب.
قد تختلف فصول قصة الطفل السوري أحمد عن قصة الطفل الأفغاني مرتضى أحمدي مرتدي قميص ميسي البلاستيكي، لكن القصتين تلخصان وضعا مأساويا يعيشه  صغار المسلمين بسبب جنون كبارهم. جنون جعلهم يحرقون أوطانهم باسم الدين أحيانا ومن أجل السلطة في أغلب الأحيان.

سليم بوفنداسة

 
    • المخفيّ

      حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان ذلك سنة 2003، أي قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وكان محمد ديب أكبر كاتبٍ جزائري، عاش عمرًا مديدًا يكفي لاستدراجه إلى توثيق يخدم...

    • اختراق

      شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة للفلسطينيين، ويمكن أن نقرأ ما يندى له الجبين في تعليقات عربيّة على الجهود الدبلوماسيّة لوقف المذبحة، أو على التضامن مع الضحايا، حيث...

    • خِفّـــة

      يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي يبقى، لذلك صارت استراتيجيات التّواصل تُبنى على عبارات يوصى بإلقائها وسط موجة الكلام، في حملات الانتخابات وفي الخُطبِ والتدخلات في وسائل...

    • وصفُ السّعادة!

      تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في عصرنا، يلتقي فيه الشغف الكونيّ. صحيحٌ أنّ هذه اللّعبة، تجاوزت حدود الرياضة بعد ظهور "المستثمرين" والتجّار من باعة...

    • القيمة والشّعار

      يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك استغلّت بعض الأمم المُتصارعة على المسرح الكونيّ الفنون لتمرير رسائل تستهدف وجدان البشر و تستدعيه في لعبة استدراج و تماهٍ، عبر صوغ...

    • كبارُ "الباعة"!

      سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت والمتعة للتّنكيل اللّغوي بمنكّل بهم في الواقع، لكنّ اللّغة ستخونه، قطعًا، في وصف القتلة، لأنّ حريّته تتوقّف عند جثث الضحايا،...

    • مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

      في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة والأرصفة السابقة، لا أزهار هنا في وداع النّازلين إلى ترابهم من حياة، هي مجرّد استراحة بين ميتات مُختلفة. قد يُسرف القتلى في النوم حيث...

    • في وصف الشّر

      تدفعُ المقتلةُ الجاريّة هذه الأيّام ومحاولات تأويلها وتغطيّتها نحو التفكير في "الشّر"، ليس كمصطلح خاضت فيه الفلسفات، ولكن كعنوانٍ بديعٍ لعصرنا الذي صدّقنا أنّه يشهد ذروة تطوّر الإنسانيّة، في العلوم والمعارف وفي النظم السيّاسيّة...

    • سوط

      تمنح ُ الحرب القذرة الدائرة الآن  الوجاهة للروايات التي تتحدّث عن حكومة خفيّة تقود العالم، وعن جماعات شيطانيّة تتحكّم في المصائر، وتؤكد أنّها لم تكن بالضرورة مجانبة للصواب، شأنها في ذلك شأن الخطابات التي تسفّه القيّم الغربيّة وتُسقط عنها...

    • عن الوحشيّة عموما وعن الغرب بالخصوص

      قد تبدو الكلماتُ تعيسةً أمام الأهوال التي تحدثُ، وقد يبدو كلّ موقفٍ لا يغيّر الحال مجرّد انفعال بلا أثر، أمام الجدران التي أقامتها وسائل الإعلام الغربيّة ووسائل إعلام عربيّة مُتصهينة، حاولت اختزال ما يحدثُ في ردّة  فعل على اعتداء لمنع...

    << < 1 2 3 4 5 > >> (5)
الرجوع إلى الأعلى