تراشق جزائريون على مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة  الأخيرة بشأن النظرة إلى لاجئي دول الساحل، وتم استدعاء مصطلح «العنصرية» إلى ساحة النقاش، الأمر الذي حرّك السلطات التي أكدت أنها ترحّب باللاجئين مذكرة بالبعد الافريقي للجزائر.
وحتى وإن كان عدد الذين أظهروا ميلا عنصريا في شبكات التواصل لا يمثل عموم الجزائريين، فإن ثمة بعض الظواهر المسكوت عنها تحتاج إلى دراسات لمعرفة جذورها في المجتمع الجزائري والمتعلقة بالنظرة إلى الآخر التي تشكلت، على ما يبدو، في عقود الحروب الطويلة و “جادت”  بها الثقافة التي حملها الغزاة الذين تقمّصهم المواطنون في وقت متأخر، حيث ورث سكان المدن ازدراء الوافدين من القرى عن المعمرين الأوروبيين الذين كانوا يقيمون في المدن، كما أن المدن الجزائرية لم تفلح في تذويب البنى العشائرية و الإثنية للمجتمع، حيث ظلت بمثابة دينامو غير مرئي يسيّر الحياة الاجتماعية، ويمكن اكتشاف ذلك عند التقدم لطلب خدمات أو منافع عامة حيث يستخدم أطفال العشائر شفراتهم السرية، كما أن القبيلة زحفت على المؤسسة التي هي رمز الحداثة و “غنمتها” وتكفي معاينة بسيطة لبعض المؤسسات لنكتشف كيف يتفوق الرابط الدموي على الاستحقاق.
   وحين تضاف آلية تقمّص المعتدي إلى البنية المذكورة مع خلطها بثقافة شعبية تعتمد معطى العرق في تصنيف الناس وإنزالهم منازلهم ، يصبح من العبث استخدام معايير المدنيّة الحديثة في قياس سلوكات المواطنين.
وحتى وإن كانت إثارة هذا النوع من النقاشات مستوردة من الفضاء الغربي، حيث تمت صناعة كل أنواع العنصرية قبل إطلاق مصطلحات في  هجائها، فإنها تبقى مفيدة لأنها  تساعدنا في التدرب على التعامل مع الآخر، سواء جارنا الجنوبي الهارب نحو الشمال والذي لا علاقة له بالجنود الذين استخدمتهم السلطات الاستعمارية في عمليات إبادة  لا تزال حيّة في ذاكرتنا الجريحة، أو في التعامل مع النازح العربي أو العامل الصيني الذي يبني لنا المدن و  الجسور.
وقبل ذلك نحتاج إلى نقاش يبرز قيّم المواطنة  و يمكننا من استدخال مفاهيم العيش المشترك وما يقتضيه ذلك من حقوق وواجبات لأن الثقافة الاجتماعية السائدة جعلتنا نعيش كلّنا كلاجئين متوجسين!
سليم بوفنداسة

 
    • المخفيّ

      حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان ذلك سنة 2003، أي قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وكان محمد ديب أكبر كاتبٍ جزائري، عاش عمرًا مديدًا يكفي لاستدراجه إلى توثيق يخدم...

    • اختراق

      شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة للفلسطينيين، ويمكن أن نقرأ ما يندى له الجبين في تعليقات عربيّة على الجهود الدبلوماسيّة لوقف المذبحة، أو على التضامن مع الضحايا، حيث...

    • خِفّـــة

      يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي يبقى، لذلك صارت استراتيجيات التّواصل تُبنى على عبارات يوصى بإلقائها وسط موجة الكلام، في حملات الانتخابات وفي الخُطبِ والتدخلات في وسائل...

    • وصفُ السّعادة!

      تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في عصرنا، يلتقي فيه الشغف الكونيّ. صحيحٌ أنّ هذه اللّعبة، تجاوزت حدود الرياضة بعد ظهور "المستثمرين" والتجّار من باعة...

    • القيمة والشّعار

      يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك استغلّت بعض الأمم المُتصارعة على المسرح الكونيّ الفنون لتمرير رسائل تستهدف وجدان البشر و تستدعيه في لعبة استدراج و تماهٍ، عبر صوغ...

    • كبارُ "الباعة"!

      سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت والمتعة للتّنكيل اللّغوي بمنكّل بهم في الواقع، لكنّ اللّغة ستخونه، قطعًا، في وصف القتلة، لأنّ حريّته تتوقّف عند جثث الضحايا،...

    • مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

      في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة والأرصفة السابقة، لا أزهار هنا في وداع النّازلين إلى ترابهم من حياة، هي مجرّد استراحة بين ميتات مُختلفة. قد يُسرف القتلى في النوم حيث...

    • في وصف الشّر

      تدفعُ المقتلةُ الجاريّة هذه الأيّام ومحاولات تأويلها وتغطيّتها نحو التفكير في "الشّر"، ليس كمصطلح خاضت فيه الفلسفات، ولكن كعنوانٍ بديعٍ لعصرنا الذي صدّقنا أنّه يشهد ذروة تطوّر الإنسانيّة، في العلوم والمعارف وفي النظم السيّاسيّة...

    • سوط

      تمنح ُ الحرب القذرة الدائرة الآن  الوجاهة للروايات التي تتحدّث عن حكومة خفيّة تقود العالم، وعن جماعات شيطانيّة تتحكّم في المصائر، وتؤكد أنّها لم تكن بالضرورة مجانبة للصواب، شأنها في ذلك شأن الخطابات التي تسفّه القيّم الغربيّة وتُسقط عنها...

    • عن الوحشيّة عموما وعن الغرب بالخصوص

      قد تبدو الكلماتُ تعيسةً أمام الأهوال التي تحدثُ، وقد يبدو كلّ موقفٍ لا يغيّر الحال مجرّد انفعال بلا أثر، أمام الجدران التي أقامتها وسائل الإعلام الغربيّة ووسائل إعلام عربيّة مُتصهينة، حاولت اختزال ما يحدثُ في ردّة  فعل على اعتداء لمنع...

    << < 1 2 3 4 5 > >> (5)
الرجوع إلى الأعلى