في الثامنة عشر ألقت ريان خطابا عن العنصرية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقبل ذلك أصبحت مستشارة لرئيس الوزراء، تنقل له انشغالا وجيها فيتدخل على الفور.
 نعم، إنها جزائرية، لكن هل كان كلّ ما حدث لها سيحدث لو بقيّت في سكيكدة؟
قبل أن نفتخر بما حققته هذه الفتاة، علينا أن نتعلّم من قصتها دروسا عن بناء الإنسان الذي يسبق بناء الأوطان، فهذه النبتة وجدت الرعاية في التراب الكندي، بداية من المدرسة التي قالت ريان في حوار للنصر أنها درّبتها، من خلال النشاطات الجمعوية، على أن تكون معنيّة بمحيطها، وانتهاء برئيس الوزراء الذي قال لها في أول لقاء دفعا لارتباكها:»أنا إنسان مثل الآخرين».
فهل كان أصغر مسؤول في سكيكدة ، مثلا، سيستقبل ريان ويستمع إلى مقترحاتها أم أنه سيسخر منها ويعتبرها مجرد طفلة قادمة من الباطوار؟
يجب أن نبحث عن الفرق هنا في التفاصيل التي تبدو صغيرة: مسؤول يرى نفسه كالآخرين ومدرسة تجعل من طفل مهاجر مواطنا فعالا يُلهم صانع القرار.
 فالنجاح يقتضي وجود  منظومة سياسية واجتماعية توفر الفرص لجميع الأفراد وتثق فيهم بغض النظر عن أصولهم ومعتقداتهم، معتمدة الاستحقاق دون سواه في الفرز،  لأن الفرد ليس مسؤولا عن مكان ميلاده ولا عن مواقف جدّه  من أجداد الآخرين!
و لا بأس أن ننتبه، بالمناسبة، إلى أننا حرّفنا النقاش حول التعليم وبتنا نحصره  في البسملة وعدد الكتب المطبوعة  وعدد البيضات التي يأكلها التلميذ، عوض أن نناضل من أجل مدرسة تؤهل أطفالنا للعيش في عصرهم.
و لا بأس أن ننتبه إلى أننا لم نشف في ممارساتنا من أمراض القبلية و الجهوية ولم نتدرب كما يجب على السير فوق رصيف المدنية، حيث يتم الاحتكام إلى القوانين وليس إلى روابط الدم.
ولا بأس أن نتعلّم من أمم أخرى كيف تستدرج مهاجرين من مختلف الأجناس وتدربهم على فضائل العيش المشترك وتجعل من التنوع الثقافي أحد أسباب قوتها على المسرح العالمي.
نحتاج أن نتعلّم من قصة ريان التي ألقت خطابا وهي دون العشرين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، كيف نحترم الفرد فينا ونفتح له الأبواب وندفعه نحو الإبداع ولا نتركه يشيخ في قاعة الانتظار، لأن كلّ فرد “يتيه” هو بالضرورة خسارة غير قابلة للتعويض مهما ارتفعت أسعار النفط!
سليم بوفنداسة

 
    • ضرورة التفكير في المجتمع

        سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا السلطات لفتح تحقيق حول قيّامه بنشاط غير مرخص، في مبادرة حضاريّة تكشف عن وعي الجمعيّات وتحمّلها مسؤوليّة التصدي لآفات ظلّت لفترة...

    • المخفيّ

      حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان ذلك سنة 2003، أي قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وكان محمد ديب أكبر كاتبٍ جزائري، عاش عمرًا مديدًا يكفي لاستدراجه إلى توثيق يخدم...

    • اختراق

      شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة للفلسطينيين، ويمكن أن نقرأ ما يندى له الجبين في تعليقات عربيّة على الجهود الدبلوماسيّة لوقف المذبحة، أو على التضامن مع الضحايا، حيث...

    • خِفّـــة

      يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي يبقى، لذلك صارت استراتيجيات التّواصل تُبنى على عبارات يوصى بإلقائها وسط موجة الكلام، في حملات الانتخابات وفي الخُطبِ والتدخلات في وسائل...

    • وصفُ السّعادة!

      تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في عصرنا، يلتقي فيه الشغف الكونيّ. صحيحٌ أنّ هذه اللّعبة، تجاوزت حدود الرياضة بعد ظهور "المستثمرين" والتجّار من باعة...

    • القيمة والشّعار

      يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك استغلّت بعض الأمم المُتصارعة على المسرح الكونيّ الفنون لتمرير رسائل تستهدف وجدان البشر و تستدعيه في لعبة استدراج و تماهٍ، عبر صوغ...

    • كبارُ "الباعة"!

      سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت والمتعة للتّنكيل اللّغوي بمنكّل بهم في الواقع، لكنّ اللّغة ستخونه، قطعًا، في وصف القتلة، لأنّ حريّته تتوقّف عند جثث الضحايا،...

    • مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

      في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة والأرصفة السابقة، لا أزهار هنا في وداع النّازلين إلى ترابهم من حياة، هي مجرّد استراحة بين ميتات مُختلفة. قد يُسرف القتلى في النوم حيث...

    • في وصف الشّر

      تدفعُ المقتلةُ الجاريّة هذه الأيّام ومحاولات تأويلها وتغطيّتها نحو التفكير في "الشّر"، ليس كمصطلح خاضت فيه الفلسفات، ولكن كعنوانٍ بديعٍ لعصرنا الذي صدّقنا أنّه يشهد ذروة تطوّر الإنسانيّة، في العلوم والمعارف وفي النظم السيّاسيّة...

    • سوط

      تمنح ُ الحرب القذرة الدائرة الآن  الوجاهة للروايات التي تتحدّث عن حكومة خفيّة تقود العالم، وعن جماعات شيطانيّة تتحكّم في المصائر، وتؤكد أنّها لم تكن بالضرورة مجانبة للصواب، شأنها في ذلك شأن الخطابات التي تسفّه القيّم الغربيّة وتُسقط عنها...

    << < 1 2 3 4 5 > >> (5)
الرجوع إلى الأعلى