هناك مخططات لتقسيم العالم العربي على أساس عرقي
قدم الروائي واسيني الأعرج،أمس بجامعة منتوري بقسنطينة محاضرة طبعتها كثافة الأحداث و التحاليل السياسية و التاريخية من منظوره الخاص، حيث قدم عدة أمثلة عن الدول التي تم تهديمها بتخطيط مسبق و قديم، معتبرا تقسيم الدول اليوم لم يعد قائما على التقسيم الجغرافي و إنما على التقسيم العرقي.
الروائي قال في بداية مداخلته، بأنه ضد موت الشعر، لأنه بموت هذا الأخير، يموت الإنسان، لما فيه من طفولة الإنسان، عفويته الأولى وجماليته التي لا تخضع للنظام الذي تخضع له الرواية، كما أنه ينبع من الأعماق، مضيفا بأنه لا توجد في رأيه، لغة تضاهي لغة الشعر، و أن متلقي الشعر، لم يعد له ما أطلق عليه أناقة الشعر.
بخصوص زمن الرواية، قال بأن الدكتور الناقد جابر عصفور هو من صرّح بأن الزمن الذي نعيشه هو زمن الرواية، بحجة أن الشعر بدأ يموت، لكن بالنسبة إليه، فإن باقي الأجناس الأدبية لا تزال لها مكانتها، لكن كل ما في الأمر، أن هذا الزمن يفرض على البشرية فهم نفسها و أعماقها و مشاكلها المختلفة، و هو ما توّفره الرواية في رأيه من إمكانيات لنقل كل ذلك، لأنها «نص مروي موضوعي، و جنس استطاع أن يستوعب كل تعقيدات هذا العصر، لكن حالة الالتباس لا ترسمها لغة مباشرة، مثلما يفعل الشعر في رأيه».
عن روايته» 2084 حكاية العربي الأخير»، قال أنه بدأ التفكير في نصها منذ زمن بعيد، لكن كتابته اقتضت وقتا و التزاما كبيرين لتحقيق ذلك، و اعتبر بأن الروائي المحظوظ هو من ينجح في كتابة رواية تصدق بعد 40 سنة، مثلما فعل جورج أوريل، عندما كتب روايته» 1984» بعد رؤيته لفرحة الناس و هم يحتفلون بانتهاء الحرب العالمية الأولى، فكتب ليحذرهم، مما سيأتي لاحقا، إشارة إلى العدو الإعلامي، مثلما يحدث معنا اليوم و نحن نفرح بعالم التواصل الالكتروني و الشبكة العنكبوتية، متسائلا ماذا يتخفى وراء كل ذلك، معرّجا على ما حدث في العالم العربي، في الماضي و الحاضر، و علّق بأن الأشياء و الأحداث يعاد إنشاؤها، قائلا بأن الغرب صنع الشرق العظيم سابقا،  و لا يزال يواصل  مخططاته المستقبلية، إشارة إلى الأحداث العربية، معتبرا كل ما يحدث اليوم، هو نتاج تخطيط محكم منذ سنوات «هم خططوا لجعل المواطن العربي شخصا مشلولا لا يفكر و ليس له طموح»، و أردف قائلا بأن نموذج الحاكم العربي، بنيته، جوهره، كل ذلك شيء مدروس لجعله نسخة فارغة يتم حشوها، حسب ما يريد الآخر الذي لا يستطيع أن يخرج عن حدوده و قراراته.
محاضرة الروائي واسيني لعرج، كانت مفعمة بالأحداث و التحاليل السياسية و التاريخية من منظوره الخاص.
الحضور الذي غصت به الخيمة المخصصة للمحاضرات، على هامش الصالون الوطني للكتاب، تابع باهتمام مداخلة الروائي التي تطرّقت لمشاريع إسرائيل في إثيوبيا و ما سينجم عنها من تأثيرات على مصر في المستقبل، بخصوص حرب المياه التي تنتظرها و نفس الشيء  بالنسبة لليمن و لم تفكر أي دولة عربية في مشاريع لضمان احتياطي المياه و المعمورة موعودة بأزمة عطش و جفاف، مؤكدا بأن كل هذا الشتات و الأحداث ألهمته كتابة» 2084 حكاية العربي الأخير»، الذي وصفها بصرخة روائي لما هو قادم، باعتبار العالم يتغيّر و العرب في مكانهم ثابتون، مؤكدا بأن العالم الذي كتب عنه يبدو خرافيا و خياليا، لكنه ليس كذلك، كما يبدو تشاؤميا، لأن الرواية تستشرف المستقبل في ظل بقاء الأوضاع على حالها في الوطن العربي.الروائي اعترف بأن قلقا انتابه و هو يجمع مادته لكتابة روايته الجديدة، بسبب كثرة اطلاعه و تصفحه لصفحات الواب، بحثا عن المعلومات التي تخص الأسلحة النووية، التي كان يتحدث عنها و كأنه خبير.واسيني الأعرج ألقى بمعجبيه في قلب نصه المستشرف لمستقبل قد يحدث بعد نصف قرن، موضحا بأن عبارة الظل في روايته، قد تحيل إلى إسرائيل و طرف آخر كان يطارد بطله بالمطار قد يكون «داعش»، بالإضافة إلى الشرطة الفيدرالية الأمريكية «أف بي آي».واسيني تطرّق أيضا إلى الانتقادات التي طالت روايته، مؤكدا بأنها لم تقلقه، «على الكاتب كتابة روايته و المضي أماما و ترك المكان للنقاد»، داعيا إلى النقد الموضوعي البعيد عن الاتهامات و النقد الذاتي، مثلما حدث معه بعد كتابته روايته «كتاب الأمير مسالك أبواب من حديد»، حيث اتهموه، مثلما قال، بكتابتها تحت الطلب، مؤكدا بأن عمله تطلب منه بحثا طويلا و قراءة ما يقارب 400 كتاب باللغات الثلاث العربية الفرنسية و الانجليزية.و في لحظة بوح اعترف الروائي بحيثيات كتابته لروايته الأولى «وقع الأحذية الخشنة» بسوريا و لم يكن ينوي نشرها، لأنها تضمنت كل ما كان بخاطره، دون مراجعة أو تنقيح، و التي أخذها الناقد محمد الخطيب ليقرأها من باب الاطلاع على محاولة صديق له في الكتابة، ليتفاجأ بنشرها كما هي، مما تسبب له في مشاكل، لما تضمنته من تفاصيل من السهل معرفة الأشخاص الذين تناولتهم القصة، الشيء الذي دفعه سنوات من بعد إلى تقديم توضيحات و قول ما كان يريد قوله في روايته الأولى و كان ذلك في روايته «طوق الياسمين». و عاد لقضية تشابه عنوان روايته الأخيرة، مع رواية بوعلام صنصال، مذكرا بأنه لم يتهم زميله بالسرقة الأدبية و اعتبره من أفضل الروائيين الجزائريين الذين يكتبون بالفرنسية، من حيث التقنية و اللغة و شبهه بالروائي الفرنسي سيلين.للإشارة، قام الروائي، عقب المحاضرة، بعملية بيع بالإهداء بالصالون الوطني للكتاب الذي اختتم فعالياته أمس السبت.                                   

مريم/ب

الرجوع إلى الأعلى