أحفاد الأسر القسنطينية العريقة يعزفون عن التبرّع بالأرشيف العائلي
كشفت رئيسة مصلحة الأرشيف بولاية قسنطينة سامية بوغرنوط، بأن نسبة الأرشيف الخاص بعائلات هذه الولاية، لا يكاد يتجاوز 1 بالمائة من الرصيد المودع أو المتبرّع به من قبل الأسر الأجنبية، مشيرة إلى عزوف أغلب العائلات العريقة عن إثراء الأرشيف الولائي.
المسؤولة أوضحت للنصر، بأنه بالرغم من أهمية هذا النوع من الأرشيف ذي الفائدة الوطنية، نظرا لتوثيقه لنشاطات و إسهامات مهمة عبر التاريخ، لا تزال الكثير من الأسر لا تعي ذلك و لا تمنحه العناية الكافية، في إشارة إلى  ظروف الحفظ غير الملائمة للكثير من الوثائق التي قد تكون ذات قيمة تاريخية مهمة، مردفة بأن بعض الورثة من الأحفاد، يحتفظون بأرصدة مهمة من الوثائق في أماكن مختلفة، كالأقبية المظلمة ذات مستوى الرطوبة المرتفع أو أماكن معرّضة بشكل مستمر لأشعة الشمس، أو موضع لا يتوّفر على تهوية جيدة، إضافة إلى عوامل أخرى منها ترتيب الأرشيفات الخاصة فوق رفوف نال منها عامل الزمن، فباتت ملاذا للطفيليات، الشيء الذي يزيد من تدهور الحالة المادية للوثائق، و يسرع وتيرة إتلافها.
محدثتنا أكدت بأن الأرشيف الخاص بالعائلات القسنطينية الذي تتوّفر عليه المصلحة، ضئيل جدا و شبه منعدم، مقارنة بما تركته عائلات المستعمر الفرنسي، حيث لا يتعدى رصيد أرشيف العائلات القسنطينية المودع بالأرشيف نسبة 1 بالمائة، بالنظر إلى باقي الأرصدة الأرشيفية المودعة من قبل أسر أجنبية، مضيفة بأن ما يوجد بالأرشيف حتى الآن، يخص خمس عائلات فقط، و هي عائلة بن تشيكو، و بشكل خاص أرشيف معمل التبغ و الكبريت الذي تعود ملكيته لهذه الأسرة، و الذي بعد تأميمه في عهد الرئيس الأسبق هواري بومدين، تعرّض للإهمال، مما استدعى تدخل مسؤولي الأرشيف الولائي وقتها، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، و اليوم يعد من أهم الأرشيفات المتوفر عليها في هذا الجانب، بالإضافة إلى بعض الوثائق المهمة الأخرى التي تبرعت بها بعض العائلات، مثل عائلة بن الشيخ لفقون، بالإضافة إلى عائلة بن الشيخ الحسين، إذ تبرّعت إحدى الحفيدات بملف يضم مقالات خاصة بجدها في مجال تفسير القرآن و الأدب، فضلا عن عائلة القاضي بن الموهوب التي وهبت مكتبته الخاصة، للأرشيف الولائي في الثمانينات، مؤكدة بأن عدد العائلات المتبرعة أو التي تحصلت المصلحة على بعض الأرشيف الخاص بها، لا يتجاوز الخمس عائلات.
الشيء الذي حفز المسؤولين عن الأرشيف، مثلما قالت، على تنظيم أيام تحسيسية في هذا الإطار، لتشجيع المواطنين على تقديم و كشف ما يكتنزونه من الوثائق الشخصية أو المهنية أو العلمية التي يحوزها الأفراد أو العائـلات أو الجمعيات أو الزوايا أو النقابات أو الأحزاب السياسية أو المؤسسات و المنظمات الخاصة، باعتبار الأرشيف الخاص وديعة ذات قيمة علمية وتاريخية تعبد الطريق أمام الباحثين للكشف أو وصف واقع مجتمعي أو ميداني ما، فضلا عن قيمته كتراث يعكس ذاكرة الوطن و مصدر تاريخي مكمل للأرشيف العام.
و ذكرت بأن أغلب العائلات تتوّفر على أرشيفات، حتى و إن سجل تفاوت في أهمية الوثائق التي تحوزها كل عائلة، متأسفة لما وصفته ببخل بعض العائلات، سيّما من كان أفرادها ينشطون في المجالات السياسية و الجمعوية و مختلف الميادين، على الباحثين بمعلومات و حقائق، من شأنها تصحيح أو تأكيد ما تمت كتابته من قبل، مشيرة إلى أهمية  المراسلات الشخصية و البطاقات البريدية و المراسلات السياسية التي تم العثور عليها بين أكوام الوثائق المسترجعة من معمل عائلة بن تشيكو، باعتبار بعض أفرادها كانوا نشطين سياسيين و أعضاء في جمعيات مهمة، و قد وجد فيها عديد الباحثين و المؤرخين الكثير من المعلومات المهمة التي خدمت أبحاثهم، بمن فيهم الباحث و المدير السابق للمركز الجهوي للأرشيف بقسنطينة السيد عبد الكريم بجاجة.
و قالت السيدة بوغرنوط بأنها و زملاءها حاولوا خلال الاحتفاء بشهر التراث، التعريف بمكانة الأرشيف في حفظ الذاكرة الوطنية، و كذا شرح طرق استغلال الأرشيف العائلي الخاص، في ظل القانون و كيفية حفظ حقوق الورثة و أصحاب الأرصدة الوثائقية، مهما كان نوعها، مؤكدة على ضرورة مساهمة الجميع في إبراز التاريخ المحلي و الوطني، خاصة و أن قسنطينة تزخر بذخائر مهمة من الأرشيفات الخاصة التي تعتبر جزءا من التراث الوطني، والتي ترجع لأسماء شخصيات عمومية ذات وزن من مقاومين وعلماء وسياسيين و أدباء وفنانين، كان لهم أثر في تاريخ الجزائر.                                        

مريم/ب

الرجوع إلى الأعلى