انتهت تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، تاركة خلفها ملفا ثقيلا من الديون و المستحقات العالقة التي لم تسدد إلى غاية الآن، رغم تأكيدات محافظ الحدث بأن مليار دينار جزائري من الميزانية الإجمالية للتظاهرة، قد أعيد إلى خزينة الدولة، مع ذلك تغرق المرافق الثقافية بالمدينة في الظلام، بعدما قُطعت عنها الكهرباء بسبب فاتورة قوامها مليار و نصف سنتيم، فيما لا تزال مستحقات الناقلين و المطاعم دون تسوية.
مشكل قطع التموين بالكهرباء عن قاعة العروض الكبرى أحمد باي و مقر محافظة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، بالإضافة إلى قصر الثقافة محمد العيد آل خليفة ، تحول إلى معضلة حقيقة أعاقت النشاط الثقافي بالمدينة و أحرجت مسؤوليها،خصوصا و أن الإجراء الذي اتخذته مؤسسة توزيع الكهرباء و الغاز للشرق للمطالبة بمستحقاتها العالقة منذ قرابة سنة، تزامن مع فعاليات شهر التراث ما تسبب في تأجيل فعاليات عديدة و إلغاء أخرى، فيما لا تزال فواتير الناقلين و المطاعم عالقة.
قصر الثقافة، قاعة العروض و مقر المحافظة مطالبة بمليار و 500 مليون سنيتم فاتورة كهرباء
و برغم تأكيدات محافظ التظاهرة سامي بن الشيخ، بأن الحدث وفر حوالي مليار دج من ميزانيته الإجمالية المقدرة بـ 7 ملايير ، إلا أن التظاهرة انقضت تاركة وراءها كما من الديون على كاهل المؤسسات الثقافية التي احتضنت فعاليات المناسبة، أبرزها فاتورة الكهرباء التي أكد بشأنها مسؤول الاتصال بمؤسسة سونلغاز حميد بلاغة، بأنها قاربت المليار و 500 مليون سنتيم، منها ما لم يسدد منذ انطلاق الحدث، كما هو الحال بالنسبة لمقر المحافظة الذي لم يلتزم القائمون عليه بدفع أي فاتورة تذكر منذ سنة كاملة، بالمقابل سددت قاعة العروض الكبرى أحمد باي فواتير الثلاثي الأول فقط من عمر التظاهرة، وكذلك الأمر بالنسبة لقصر الثقافة محمد العيد آل خليفة.
و أوضح ذات المصدر، بأن التموين بالكهرباء، لن يعود مجددا للمرافق المذكورة إلا إذا التزم المسؤولون بتسديد  الفاتورة كاملة، نافيا ما أثير حول عودة التيار لقاعة العروض الكبرى أحمد باي و مقر المحافظة، إذ أشار إلى أن مؤسسة توزيع الكهرباء و الغاز للشرق، و نزولا عند طلب والي قسنطينة حسين واضح، وافقت على إعادة التيار لقاعة “ الزينيت” فقط، لتجنيب المسؤولين الإحراج، كون المرفق كان مبرمجا ضمن برنامج زيارة رئيس جمهورية كوت ديفوار إلى قسنطينة في مطلع الشهر الجاري، فضلا عن أن الولاية طالبت بتركه مؤقتا إلى غاية اختتام إحدى الفعاليات الخاصة بها، على أن يعاد قطعه مجددا بمجرد انتهاء الفترة المتفق عليها.
و بالرغم من أن مشكل انقطاع التموين بالتيار الكهربائي شمل ثلاثة مرافق، إلا أن غياب التيار عن دار الثقافة مالك حداد ،صنع الحدث على اعتبار أن المؤسسة تعد شريان النشاط الثقافي نظرا لموقعها الهام، إضافة إلى المبالغ التي رصدت بغية إعادة تهيئتها قبل سنة، و قد أثر مشكل الكهرباء على نشاطات المرفق، خصوصا و أنه تزامن مع فعاليات شهر التراث و برمجة العديد من المعارض الفنية و التشكيلية الهامة.
وكان الفنان التشكيلي أحمد بن يحيى، قد اشتكى من قطع التيار عن معرضه الذي افتتح منذ شهر على مستوى رواق العرض الرئيسي بقصر الثقافة، مؤكدا للنصر بأن الأمر أثر سلبا على المعرض و حرمه كفنان من لقاء جمهوره، كونه اضطر إلى غلق الرواق بسبب الظلام و تعذر الرؤية، زيادة على أن المشكل تسبب له في حرج أمام أصدقاء و مهتمين بالفن تنقلوا لمشاهدة أعماله من العاصمة و حتى فرنسا، في وقت ألغيت زيارات بعض الباحثين و الأساتذة المشاركين في عدد من الملتقيات العلمية و الأدبية التي احتضنتها جامعة قسنطينة مؤخرا. بدورها تأسفت المسؤولة بمديرية الثقافة، الشاعرة منيرة سعدة خلخال للوضع الذي آل إليه قصر الثقافة، مؤكدة للنصر، بأن انقطاع الكهرباء أثر سلبا على برنامج شهر التراث، الذي أتى باهتا بسبب الظلام، و اضطرها كمنظمة للعديد من الفعاليات، إلى إلغاء بعضها لذات السبب، خصوصا المحاضرات و اللقاءات التي تتطلب عرض أفلام وثائقية آو تقديم مداخلات مصورة.
 مديرية النشاط الاجتماعي بقسنطينة كانت أيضا ضحية لقطع التيار عن المرفق الثقافي، إذ اضطرت إلى إلغاء ملتقى حول واقع المعاقين بالمدينة، تزامنا مع الاحتفال بيومهم العالمي، ما وضع مسؤوليها، و على رأسهم  مديرها، في حرج أمام الحضور و اضطرهم إلى إلغاء الحدث.
مدير الثقافة نور الدين بوقندورة
مستحقات سونلغاز ضخت و تنتظر التحويل و على المحافظة الالتزام بمسؤوليتها
أكد مدير الثقافة نور الدين بوقندورة في اتصال مع النصر، بأن قطع التيار الكهربائي عن المرافق الثقافية، و بالأخص قصر الثقافة محمد العيد آل خليفة منذ 2 ماي الجاري، تحول إلى مشكل حقيقي، أعاق بشكل كبير نشاطات المؤسسة و أثر سلبا على فعاليات شهر التراث، التي اختتمت الخميس الماضي في الظلام، بالمقابل تم تأجيل بعض النشاطات كالمعارض و أروقة الفنون، ومنها ما تم تحويله نحو دار الثقافة مالك حداد لتجنب احتمال إلغائه، بالمقابل أجلت عملية منح التراخيص لجمعيات مختلفة طالبت بالاستفادة من المرفق لعقد لقاءاتها و تنظيم نشاطاتها.
و أوضح المسؤول بأنه تنقل ثلاث مرات كاملة، لمقابلة المدير الجهوي لمؤسسة توزيع الكهرباء و الغاز “ سونلغاز”، من أجل حل الإشكال، إلا أنه لم يتوصل إلى نتيجة، بالرغم من أن ديون المؤسسة المقدرة، حسبه، بـ 400 مليون سنتيم، قد ضخت في الخزينة و تنتظر التحويل لحسابها.
كما أضاف بأن المحافظة مطالبة بتحمل مسؤوليتها كاملة، خصوصا و أنها أعلنت عن تسجيل فائض في ميزانية الحدث، و أن قضية الديون لا تخص الكهرباء فقط، بل تشمل أيضا مستحقات الناقلين و أصحاب المطاعم.
المسؤول أشار بالمناسبة، إلى أن قصر الثقافة، و بعيدا عن قضية الكهرباء يطرح مشكلا حقيقا يتعلق بالتسيير، لأنه الى غاية الآن لا يزال دون وضعية قانونية، وهو مشكل سيتعقد أكثر بداية من شهر أوت، حيث سيتعين على مديرية الثقافة تسييره إلى أجل غير مسمى، بالاعتماد على ميزانيتها الخاصة، التي لا تكفي كما عبر، لتسديد نفقاته الخاصة بالنظافة و الحراسة و الكهرباء، مشيرا إلى أن الوالي  و وزير الثقافة على علم بالإشكال.للاستفسار حول الإشكال المتعلق بالديون العالقة، حاولنا الاتصال بمحافظ التظاهرة سامي بن الشيخ و المكلف بالاتصال على مستوى مقر المحافظة، إلا أن الأمر تعذر علينا، فالأول غيّر رقم هاتفه كما يبدو و الثاني لا يرد على أي مكالمة منذ نهاية الحدث.  
نور الهدى طابي

الرجوع إلى الأعلى