«ليلة حب» لوحة إبداعية اختارت قسنطينة للاحتفاء بالشهيد
قدمت أمس المخرجة  فوزية آيت الحاج آخر أعمالها و هي أوبيريت « رحلة حب» على ركح قاعة العروض الكبرى أحمد باي بقسنطينة، في إطار الاحتفالات المخلدة ليوم الشهيد، فكان العرض جميلا و مؤثرا و مشبعا بالوطنية.
 العرض من تنظيم  الديوان الوطني للثقافة و الإعلام، و يعد الثاني وطنيا إذ سبق وأن استمتع به جمهور مهرجان المسرح العربي بوهران ، قبل أن يحط أبطاله الرحال بقسنطينة، ليقدموا من خلال كرونولوجيا فنية إبداعية، صورا درامية رحلت بالجمهور إلى حقبة زمنية هامة عاشها الجزائريون بعد الاستقلال، بداية بمعركة البناء و التشييد، وصولا إلى حربهم ضد الإرهاب الغاشم. وقد تميز العمل الذي عرض على مدار 80 دقيقة، بلوحاته الكوريغرافية الراقية التي نظم موسيقاها المبدع الراحل محمد بوليفة و كتب نصها عمر البرناوي، و أبدع في أدائها ممثلون، على غرار سعاد خلفاوي و محفوظ بركان، حيث جمعوا بين الأداء المسرحي الرقص و الغناء، بالتنسيق مع عناصر فرقة الباليه الذين سدوا كل الفراغات بحركاتهم ورقصاتهم التعبيرية، التي حاكوا من خلالها معاناة شعب أثقلت كاهله الصراعات و استنزفته التضحيات، لا سيما خلال العشرية السوداء، وهو ما برز من خلال قصة رجل فقد زوجته التي كانت سندا له في الحياة، فلم يستطع نسيانها و عاش على ذكراها، لدرجة أنه بات يتخيل وجودها إلى جانبه، ليختتم العمل باستعراض إبداعي قدم تصورا استشرافيا لمستقبل أفضل.
الأوبيريت بعثت برسائل قوية عن متابعة مسيرة الأجداد الذين صنعوا الاستقلال، ليكون الأحفاد على درب أسلافهم من خلال الفقرات الحافلة بالرقص الإيقاعي و التي جمعت بين الاستعراض والأزياء المبهرة، علاوة على المؤثرات البصرية والفنية والديكور والإضاءة على ركح القاعة. و بقدر ما جسد هذا العمل الفني الذي تم استلهام محتواه الدرامي من أشعار كتبها الراحل عمر البرناوي مؤلف الرائعة الشعرية «من أجلك عشنا يا وطني» توضح معاني الحب و التسامح و السلام و الوفاء للوطن أو  استمرار المسيرة على خطى ثابتة و أكيدة نحو مستقبل أفضل لجزائر الخير.
و تعد هذه الأوبيريت التي أنتجها الديوان الوطني للثقافة و الإعلام في 1995 ، أي في عز سنوات الأزمة التي عاشتها البلاد بغية الترويج لصورة جزائر التضامن و العصرنة، رغم الظروف المعيشية آنذاك تجربة إبداعية مبتكرة تجمع بين الغناء و الاستعراض الإيقاع، بغية تكوين مشاهد ملحمية تمثل تحية محبة لكل الذين حفظوا العهد و لا يزالون يسيرون في نهج بناء جزائر المحبة والخير و باقة وفاء تليق بالشهداء الذين قدموا أرواحهم دفاعا عن الحق والخير. أما الاستثناء الذي تميز به العرض المتجدد أول أمس، فقد كان مشاركة راقص من ذوي الاحتياجات الخاصة أدهش الجمهور بحركاته الراقصة الجميلة  التي شاركه فيها عدد من فناني الباليه أمثال خديجة قويمري، حليم بوعروقي و غيرهم من المبدعين الذين ألهبوا الركح بأدائهم المتميز و الاحترافي.
المخرجة فوزية أيت الحاج
أوبيريت رحلة حب دعوة للحفاظ على الوطن
 أكدت مخرجة العمل فوزية آيت الحاج على هامش العرض،  بأن إعادة إحياء هذا العمل من جديد، لم يكن إلا نتيجة واقع فرض نفسه،  خاصة في ظل الصراعات التي يعيشها العالم العربي اليوم و التي سبق للجزائريين أن ذاقوا لهيبها قبل سنوات.
المخرجة أشارت إلى أن الأوبيريت خرجت إلى النور سنة 1996 و تحدت أزمة الإرهاب في الجزائر في أوج جبروته، أما هذا العام فمسألة إعادتها من جديد تعود إلى الحاجة الماسة إليها في الوقت الراهن، في ظل الوضعية السيئة التي تتخبط فيها بعض الدول و يحاول البعض تصدير الفوضى التي تشهدها هذه الدول إلى الجزائر بأسماء رنانة كالربيع العربي، لذلك فمثل هذه الأعمال من شأنها إحياء الوعي و التأكيد على رسالة الاستقرار و السلام .
 ق/ ث

الرجوع إلى الأعلى