الجوق الجهوي لتلمسان يرحل بالجمهور العاصمي عبر عبق الأندلس
استمتع الجمهور العاصمي العاشق للموسيقى الأصيلة، سهرة  أول أمس الخميس بوصلات موسيقية و تنويعات غنائية من الطابع الغرناطي التلمساني، سافرت به إلى قلب الماضي الجميل للأندلس وعبقه الساحر.
لقد سحر الجوق الجهوي لمدينة تلمسان جمهور قاعة العروض ‹›بوعلام بسايح ‹›، القادم من مختلف أنحاء العاصمة و ضواحيها، بباقة الأغاني و الألحان الأندلسية الأصيلة العذبة من الطابع الغرناطي ، التي أبدع في تقديمها، و استطاع أن يرحل بالجمهور من خلالها، إلى عوالم هذه الموسيقى الأصيلة التي لا تزال تحظى بإقبال كبير على سماعها، رغم الزخم الكبير من الطبوع المعاصرة التي تيمت بحبها فئات كثيرة من شباب اليوم.
الجوق التلمساني الذي تم استقباله بعاصفة من التصفيقات، وقاده ياسين حمّاس، قسّم برنامج السهرة الذي انطلق في حدود الساعة الثامنة ليلا، إلى قسمين، وحرص على تقديم أشهر النوبات الأندلسية الشهيرة، المعروفة بـ ‹› المصدر و البطايحي والدرج والانصراف والمخلص››.
وقبل انطلاق الجوق في أداء وصلاته الموسيقية والغنائية، المتنوعة و الجميلة، قدم الفنان والباحث الموسيقي توفيق بن غبريط، عرضا مستفيضا عن تاريخ الموسيقى الأندلسية عامة والطابع الغرناطي خاصة الذي يعد جزءا من التراث الموسيقي المغاربي، وهو الطابع الذي حظي باهتمام كبير وعرف انتشارا واسعا خصوصا في مدينتي تلمسان و وجدة عاصمة الجهة الشرقية للمملكة المغربية الشقيقة، مشيرا إلى أن تاريخ الموسيقى الغرناطية  الذي جاء نسبة إلى مدينة غرناطة التي تقع جنوب إسبانيا، خلال الفترة بين 1232 و 1492 خلال فترة حكم بني الأحمر بالأندلس.
وتعتبر مدن قرطبة و إشبيلية وبلنسية المهد الأول لهذا الفن، حيث كانت هذه الحواضر الأندلسية خلال القرن الحادي عشر الميلادي، تتنافس في ما بينها لتقديم أجود ما تعرفه  في هذا المجال، وقد شكل هذا الأسلوب الذي عرفته هذه الفترة التاريخية المدرسة الغرناطية الأولى.
 أما المدرسة الغرناطية المتأخرة فقد اكتملت معالمها كتركيب لمجموعة من الأساليب السابقة في القرن الخامس عشر الميلادي، آخر فترة من وجود العرب بالأندلس وقبل خروج بني الأحمر من آخر معقل للمسلمين بغرناطة.
وتتوقف خاصية الطرب الغرناطي بكونه نوعا من الموسيقى التي تعتمد على مفهوم النوبة وعلى مجموعة مصطلحات تشترك فيها أنماط الموسيقى الأندلسية عموما، وتتشكل كل نوبة ، حسب الباحث، من خمسة مقاطع أو إيقاعات ‹›الَمْصَدَّرْ و البْطايْحِي والدَّرْجْ و الاِنْصِرافْ والْمُخْلَصْ.’’
تجدر الإشارة إلى أن الفرقة الجهوية لمدينة تلمسان، أنشئت بمبادرة من وزارة الثقافة في ديسمبر 2006، حيث التف حولها ألمع الموسيقيين والمطربين بمنطقة تلمسان ، من بينهم، توفيق بن غبريط ، المطرب المعروف و المدير السابق للثقافة بولاية تلمسان، و كذا عازف الرباب المتألق الطاهر حسار ، وعازف الطار لطفي بويعقوب، إلى جانب أسماء أخرى من المطربين الشباب الواعدين في مجال التراث التلمساني، مثل عز الدين بوعبد الله و بن ميلود سيدي محمد .
ويبلغ تعداد عناصر الفرقة الجهوية لمدينة تلمسان حوالي 20 موسيقيا و مطربا ، تكوَّن جميعهم في أوساط الجمعيات الثقافية بتلمسان، على غرار «أوتار تلمسان» ، «سلام» ، «غرناطة» ، «القرطبية» و»رياض الأندلس «.
 وفي  رصيد الفرقة حتى الآن، جولات عديدة عبر التراب الوطني ومشاركات في عدة مهرجانات وطنية ودولية، منها المهرجان الوطني لموسيقى الصنعة والمهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية والموسيقى العتيقة للجزائر العاصمة.
ع.أسابع

الرجوع إلى الأعلى