تجديد يحاكي الدراما التركية و سقوط الكاميرا الخفية
تنافس بعض الأعمال الدرامية الجزائرية الرمضانية هذا العام الإنتاج العربي    و تحظى باهتمام شريحة واسعة من الجمهور، على غرار مسلسل « الخاوة» الذي تبثه إحدى القنوات الخاصة، و كذا السلسلة الاجتماعية الفكاهية «عاشور العاشر» المتصدرة للترند الجزائري على تويتر منذ أسبوع، في حين قدمت أعمال أخرى درامية و فكاهية محتوى هزيلا، و شكلت برامج الكاميرا الخفية سقطة حقيقية هذه السنة.
بعد انقضاء أول أسبوع من رمضان، بدأت معالم الخارطة الدرامية تتضح ، ويمكن معرفة الأعمال الناجحة من الفاشلة من خلال تفاعل الجمهور معها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فبعض الأعمال استطاعت أن تحافظ على جمهورها كسلسلة «عاشور العاشر»، التي استحسنها الكثير من المشاهدين و تصدرت قائمة اهتماماتهم على موقعي التواصل الاجتماعي فايسبوك و تويتر، خصوصا بعدما اختار المخرج جعفر قاسم الجرأة في طرح بعض المواضيع ذات العلاقة بالواقع الاجتماعي الجزائري، لكن ضمن قالب فكاهي مرر من خلاله رسائل ذكية، كما أن انتهاجه لأسلوب « البارودي»،  أو الاقتباس من أفلام و مسلسلات عالمية شهيرة مثل «لعبة العروش» ( غايم أوف ثرون) و إنتاج نسخ محلية فكاهية عنها، كانت نقطة إيجابية خلقت التنوع و التجديد في العمل الذي احتفظ كذلك بنفس الوجوه الفنية التي ألفها الجمهور خلال الجزء الأول، ما ساعد على تقبله للجزء الجديد.
 رغم ذلك لم يسلم المسلسل  من بعض الانتقادات، فالتوانسة شكلوا نسبة 50 في المائة من الكادر الفني للعمل، وهو ما عابه عليه مشاهدون، فعلقوا بأنهم يفضلون لو استعان المخرج بوجوه جزائرية اشتاقوا لرؤيتها على الشاشة الرمضانية.
«الخاوة» جماهيرية لا تخلو من المآخذ   
العمل الأكثر متابعة و شهرة هذه السنة، هو مسلسل «الخاوة» الذي تبثه إحدى القنوات الجزائرية الخاصة، العمل من إخراج مديح بلعيد وبطولة كوكبة من نجوم الفن على غرار حسان كشاش، عبد النور شلوش و عبد الحق بن معروف، بالإضافة إلى مجموعة من الوجوه الشابة الجديدة التي صنعت الاستثناء و لاقت الكثير من الثناء كزهرة حركات، أمين ميموني، منال جعفر و موني بوعلام و آخرين.
و بالرغم من الانتقادات التي قابلت العمل بسبب نمط معيشة النجوم القريب أكثر إلى المجتمع التركي و البعيد نوعا ما عن الواقع الجزائري، إلا أن تفوق الإخراج و قوة أداء الممثلين ومعظمهم وجوه سينمائية، جعل العمل يتصدر التراند الجزائري على تويتر طيلة أسبوع، ويحظى بنسب متابعة كبيرة جدا، بالإضافة إلى إجماع ايجابي على نجاح المسلسل في استقطاب اهتمام الجمهور، إذ وصف بالمتميز و النقلة التقنية النوعية، فجودة الإنتاج لا تقل عن الأعمال العربية، كما أن المستوى الفني جيد و مقنع، فقصة العمل واضحة و حبكته محكمة و لا ينقصه عنصر التشويق، حيث أن المسلسل يحكي قصة صراع الإخوة مصطفاوي من أجل الميراث و ينقل الجمهور إلى قلب المشاكل الاجتماعية التي تحدث لهم بسبب سر مدفون منذ أكثر من 20 سنة، و ينكشف بعد وفاة الأب، رجل الأعمال الغني والمشهور، تاركا وراء إرثا كبير داخل وخارج البلاد.   
 تكرار الوجوه يحاصر «صمت الأبرياء»  
«صمت الأبرياء» من إنتاج التلفزيون الجزائري و قد انتظره الجمهور بفارغ الصبر، لكنه لم يكن في مستوى تطلعاته، بسبب مشكل التكرار، فالرهان على الوجه الفني سارة لعلامة خسر هذه المرة، إذ اعتبر الجمهور بأن تكرار نفس الأسماء و الوجوه و تغيير أدوارها، لم يقدما الجديد، رغم وجود قامات فنية كبيرة من أمثال محمد عجايمي، بل على العكس وضعهم في حيرة و خلق لبسا و خلطا مع المسلسلات الرمضانية السابقة.     
و قد عاب الكثيرون على مخرج العمل عمار تريباش، عدم اعتماده على الكاستينغ للتجديد و حفاظه على نفس تشكيلة السنوات الماضية، ما  عدا اعتماده على بعض الوجوه القديمة الغائبة منذ مدة، كالفنانة خديجة مزيني التي اعتبرها البعض إضافة نوعية للعمل.
  تدور أحداث المسلسل حول الصراعات العائلية التي تؤدي إلى مشاكل وصعوبات يعيشها البطلان حنان وعمر، و اللذين لاقى مشهد لقائهما الأول الكثير من الانتقادات بسبب بعده عن المنطق و الواقعية، مع ذلك يحظى المسلسل بنسبة من المتابعة، خصوصا من قبل عشاق الدراما الجزائرية.
  نفس الانتقادات طالت مسلسل « للزمن بقية»، وهو الجزء الثالث من مسلسل «الذكرى الأخيرة»، فالجمهور اعتبر بأن التطورات التي طرأت على حياة أبطال العمل، و بالأخص «رشيد» ـ يلعب دوره عز الدين بوغدبورـ  الذي أصبح غنيا فجأة، بعدما كان يعيش ظروفا اجتماعية قاهرة ليست منطقية، لكن بالمقابل اعتبر البعض بأن تطرق سيناريو العمل لقضايا الإدمان و الانحراف و الزواج العرفي، جعله مقبولا لكونه يعكس واقعا اجتماعيا معاشا، من خلال قصص أبطال العمل وهم أبناء رشيد و شقيقاته.
برامج تلفزيونات خاصة تثير الجدل
الكاميرا الخفية شكلت حصة الأسد من البرنامج الرمضاني، فغالبية القنوات راهنت عليها بشكل كبير، لدرجة عرض أكثر من برنامج واحد خلال اليوم، وقد خصصت لها فترات الذروة، و بالرغم من أن برنامج « الواعرة» لريم غزالي يتصدر الترند الجزائري على تويتر، بفضل تنوع المقالب، إلا أن انتهاجه للعنف في بعض الحلقات، جعله محط انتقادات، خصوصا وأن المنتجين لم يلتزموا بتعليمات سلطة الضبط في ما يخص غربلة المضمون و الابتعاد عن العنف، إذ لاحظنا تكرار مقالب الجن و التعنيف و الضغط النفسي.
بالمقابل قوبلت برامج تعرض على قنوات أخرى بالرفض الشديد من قبل الجمهور، لدرجة إطلاق حملات لمقاطعتها و مهاجمة محتواها على مواقع التواصل، وقد وصل الأمر الى المطالبة بتدخل سلطة الضبط لوقف بثها، خصوصا بعد تعرض الروائي رشيد بوجدرة، للإهانة و الإحراج في احد البرامج .
و انتقد الكثيرون استضافة أسماء غير مرغوب فيها اجتماعيا عبر الشاشات و السماح لها بدخولها بيوت العائلات الجزائرية من بوابة الكاميرا الخفية ، في حين وصلت بعض البرامج إلى حد الاستخفاف بالأشخاص و إذلالهم و فضحهم «.أما بالنسبة للبرامج الفكاهية، فلم تستطع أن ترتقي عن المضمون الهزيل الذي قدمته العام الماضي، إذ وقعت أيضا في فخ التكرار و التشابه في الطرح وحتى العناوين، مثل « أنا ومرتي» ، «مرتي وباباها» و «أنا وياك»، وجاءت عموما فارغة من أي محتوى أو رسالة، و تعتمد أكثر على الصراخ و التهريج.و حتى «السيت كوم» الفكاهي « بيبيش وبيبيشة» من بطولة مروان قراوبي و سهيلة معلم، فقد جمهوره هذه السنة ،مقارنة  بالسنوات الماضية، إذ اتفقت جل الآراء على مواقع التواصل على أن العمل غير مؤسس و غير مبني على أي قصة واضحة، كما أن المحتوى الفني للممثلين تراجع بشكل ملحوظ، رغم مشاركة أسماء كبيرة من أمثال الفنانة بهية راشدي.                    
ن/ط

الرجوع إلى الأعلى