« بداخل كل إنسان فنان و على المرأة اكتشاف موهبتها ولو بعدحين »
 قالت الفنانة المبدعة في الفن التشكيلي زازة شنين أن الفن عموما هو انعكاس للهوية الوطنية و التراث، لذا  يجب دعمه و الاهتمام به، و خاصة رفع العراقيل التي تثبط المبدعين وتحبط عزيمتهم ، مؤكدة  «نحن الفنانون ننقل الجمال للناس ولا نطالب سوى بعدم عرقلتنا".
و كشفت السيدة شنين عن جملة من العراقيل التي واجهتها من أجل إقامة معرض للوحاتها الزيتية بوهران، رغم أنها ابنة الولاية، وأغلب رسوماتها تعكس جمال عدة أماكن بالباهية خاصة البحر، و قد التقتها النصر مؤخرا على هامش أول معرض لها بوهران،  والذي تضمن عشرات اللوحات الزيتية التي فجرت من خلالها المبدعة طاقاتها الفنية التي كانت مكبوتة بداخلها منذ سنوات، كونها فنانة عصامية هوايتها التعامل مع الريشة والألوان، لرسم لوحات تعبر عن عدة مواضيع، منها التي نعيشها ومنها المستوحاة من الخيال الإبداعي للرسامة. المواضيع اختلفت من الأمومة ونفسية المرأة، إلى البحر والميناء ، ثم الطبيعة والحياة و الانبعاث من رحم الألم، إلى غاية الهجرة، وهي اللوحة التي عبرت عن أوضاع المهاجرين السوريين، كما لم تنس محدثتنا التعبير عن ثورة التحرير الوطني من خلال لوحة لم تعرضها بعد ، وتقول أنها ستشارك بها في إحتفالية أول نوفمبر المقبلة.
منذ أربع  سنوات بدأت موهبة زازة في الفن التشكيلي تنفجر تدريجيا، لتنتج لوحات زيتية حملت تعابير الحب والروح، الإنسان والطبيعة، وعكست ما كان يختلج في أعماق الفنانة لسنوات، هي عصامية مبدعة تعشق الحرية وعدم الالتزام بالقواعد النظرية للفن، بل تعتبر الرسم  كسرا للحدود و انعتاق من قيد و تحرر عن طريق الألوان، و ترى أن كل فنان حر في التعبير عن نفسه وغير ملزم بتبرير خلفيات إبداعه وأحاسيسه.
 المميز أيضا بالنسبة لهذه الفنانة، هو أن أولادها كانوا وراء دفعها لتفجير طاقاتها الفنية و ساعدوها على التعبير في لوحاتها، رغم أنهم صغار السن، حيث أن أكبرهم نيبال لا تتجاوز 17 سنة، إلا أن بذرة الفن تبدو مزروعة بداخلهم، مما جعلهم يقفون وراء والدتهم لدخول عالم الرسم، حتى أنهم رافقوها في المعرض الذي احتضنه ديوان الفنون التابع لبلدية وهران مؤخرا، والذي كان بعنوان «نسمة خريف» ،وهو ثاني معرض للفنانة بعد الأول في دار الثقافة بمستغانم.
وأوضحت السيدة زازة أثناء تجوالنا معها عبر لوحاتها المعروضة،  أنها متأثرة بدافنشي وتفضل البقاء في التقنية الكلاسيكية واستعمال الألوان الزيتية،  رغم صعوبة التعامل معها، لكن في هذه الصعوبة تجد محدثتنا راحتها لتجسيد  لوحاتها وفق رغبتها، مثلما أضافت «بهذه الألوان الزيتية أجد في لوحاتي حركة وحياة نابضة»، مشيرة إلى غلاء ثمن القماش والألوان ما يجعلها  تضطر في بعض الأحيان لحرمان نفسها من عدة مستلزمات لتشتري المواد الأولية للوحاتها الفنية.
 بالعودة للتقنية،  لا حظنا بأن أعمال زازة تتميز بتزاوج وتمازج كبير في الألوان دون طغيان لون على آخر، حيث تتقاطع الألوان عندها لتبرز تفاصيل معينة في لوحاتها التي تبدأ أولى خطواتها في مستودع منزلها الذي تتخذه كفضاء للإبداع.
وعن الأوقات التي تشعر أثناءها بالرغبة في الرسم، تجيب الرسامة، بأن الإلهام لا وقت له ،وعندما تشعر به تهرع مباشرة للجلوس أمام قماشها وألوانها لتغوص فيهما وتطلق العنان لإبداعها بكل حرية، من أجل إنجاز لوحة زيتية تشكيلية فنية تعبر عن مكبوت معين أو تأثر بجانب ما في الحياة.
وتصف الفنانة خلوتها مع لوحاتها، بأنها انقطاع عن العالم الذي حولها و راحة علاجية نفسية لها، حيث تتعمد في كل مرة الجلوس أمام لوحاتها الموجودة في بيتها والعزلة لتأمل إنجازاتها، ومن الطرائف التي روتها لنا السيدة زازة، أنها في عدة مرات يحترق أكلها فوق النار أثناء تلك الخلوة الفنية، رغم أنها، مثلما قالت، طباخة ماهرة.  
من جانب آخر، عبرت السيدة زازة عن طموحها للتجول بلوحاتها عبر عدة مناطق من الوطن، عن طريق معارض متنوعة تسمح لها بتقريب أعمالها الفنية من مختلف شرائح المجتمع، مشيرة إلى أنها  بدأت تتلقى عدة طلبات لعرض لوحاتها في أماكن مختلفة، مما سيفتح لها المجال لتطوير موهبتها ودخول عالم الفن التشكيلي من بابه الواسع.
و لم تنه السيدة شنين حديثها معنا، إلا بتوجيه نداء للسيدات سواء الماكثات في البيوت أو العاملات، إلى تفجير موهبة ما تكون مختزنة بداخلهن، حيث أشارت إلى أنها موظفة بشركة وطنية و أم  لأربعة أولاد، ولكن هذا لم يمنعها من اختلاس بعض الوقت من يومياتها لتخلو بنفسها و تمارس هوايتها وتفجر طاقاتها، وهذا ما يجب على أي امرأة فعله ، مثلما قالت، في أي مجال إبداعي، مؤكدة بأن  «بداخل كل إنسان فنان».
هوارية ب

الرجوع إلى الأعلى