الكاميرا احتوت إطارات همشتها الجامعة
تعرض المصورة الفوتوغرافية سهام صالحي مجموعة من أعمالها المتميزة برواق العرض الفني بقصر الثقافة محمد العيد آل خليفة بقسنطينة هذه الأيام، في إطار فعاليات الطبعة السابعة من تظاهرة أيام الفنون و الآداب، حيث تزين لوحاتها جدران القاعة فاتحة المجال أمام زائري المعرض للسفر في عالم تمتزج فيه الواقعية بالخيال، فأغلب صور سهام هي عبارة عن لوحات تعكس الجانب الآخر للطبيعة و تبحث في ما هو أبعد من المشهد المجرد، لأنها تخاطب الأحاسيس و الوجدان.
التقت النصر بسهام خلال فعاليات المعرض، فاكتشفنا فيها فنانة متكاملة لا تكتفي بحمل الكاميرا و البحث عن الجمال في الجماد، بل تمارس أيضا فن الحكاية و السرد، فهي حكواتية متخصصة في قصص الأطفال، سبق لها و أن شاركت في العديد من المهرجانات داخل و خارج الوطن، إعاقتها الحركية الناتجة عن مرض عصبي نادر، تكاد تكون غير مرئية بفضل نشاطها الكبير و حيويتها، أما إبداعها فلا حدود له.
هي ، كما عبرت عن نفسها،  امرأة  تكتب شعرا أو تروي حكاية وقد تلتقط  صورة بقلبها قبل عدستها، لتترك بصمة في الحياة، فهذا الفن بالنسبة إليها يعد رحلة بحث عن كيانها و عن كل شيء جميل يخفف من  الضغوطات الاجتماعية التي تعيشها و يواجهها جمهورها، فالفن، حسبها، رسالة تخاطب الروح، وهو بالفعل ما لمسناه من خلال لوحاتها، التي تركز على جوانب مغيبة وأخرى مهمة في الحياة، كالتواصل الاجتماعي و الهجرة و الهواجس و الخوف من المستقبل، و تعطي أيضا مساحة كبيرة لتفاصيل صغيرة في يومياتنا، حيث تصور المدينة القديمة و تبرز خصوصياتها العمرانية و الاجتماعية، و تحاول أن تبرز هشاشة المرأة من خلال بروتريهات قوية، تعكس أحاسيس لا تلتقطها العين المجردة و تغفل عنها حتى المرآة.
تصنف سهام فنها ضمن خانة الصورة المعاصرة، و تؤكد بأن هذا المجال، لا يزال بعيدا عن الارتقاء إلى مستوى المهنة التي قد توفر لصاحبها دخلا في بلادنا، بسبب غياب سوق خاصة به، كما هو حال الفن التشكيلي و النحت، إلا أنه مجال يشهد تحولات و تطورات كبيرة، في ما يتعلق بالجانب الإبداعي و التقني  خاصة في السنوات الأخيرة، حيث بات المصور الجزائري يحظى بالاحترام و الاهتمام في الخارج، والدليل هو أن آخر معرض شاركت فيه كان في العاصمة الفرنسية باريس، و هو معرض جماعي لقرابة 20فنانا متخصصا في الصورة المعاصرة ، أما غالبية العارضين من المصورين، فهم شباب جامعيون إطارات و حملة شهادات دولة و مهندسون، احتوتهم الكاميرا بعدما قذفت بهم الجامعة إلى عالم البطالة، إذ يحاولون التعويض و الإبداع في مجال غير مجال تكوينهم، رغم أن الصورة لا توفر المال بقدر ما تستنزفه متطلبات التقاطها و طبعها و حتى عرضها، مع ذلك يبقى الأمل كما عبرت قائما، خصوصا و أن الجزائر تستعد لتنظيم الصالون الدولي الأول للفن المعاصر بالعاصمة قريبا .
قسنطينة أصبحت مقبرة للفن
تقول محدثتنا بأن المطلب الأساسي للفنانين و المصورين، هو الحصول على فضاء خاص بالعرض يكون مجانيا، يمكن هذه الفئة من المبدعين من عرض أعمالهم و لما لا بيعها، و بالتالي التمهيد لخلق سوق حقيقية للفن في الجزائر، خصوصا على مستوى قسنطينة التي تحولت مؤخرا إلى مقبرة للإبداع، عكس العاصمة أين تقام مهرجانات دولية للكتاب و يجد الحكواتي و المصور متنفسا له في هذه الأجواء، فمعنى أن تكون فنانا في هذه المدينة، حسبها، هو أن تعمل دون مقابل أي بالمجان، والأمر هنا، كما أوضحت، لا يتعلق فقط بالتصوير، بل حتى الحكاية،  إذ كان العمل مقتصرا سابقا على نشاطات مهرجان القراءة في احتفال الذي كان ينظم سنويا بعاصمة الشرق، لكن الوضع ساء جدا بعدما توقفت التظاهرة.  
مع ذلك تقول الحكواتية و المصورة : " الحكاية جزء من حياتي و ذكرياتي، هي مرتبطة بطفولتي، فقد كانت جدتي تحكي لنا كل يوم حكاية و تلك الحكايات كانت بالنسبة إلي واقعية أكثر منها خيالية، الحكاية متعة أكثر منها عمل و في الحقيقة لا أتلقى مقابلا ماديا من خلال نشاطي فيها، إلا نادرا".
أما عن تأثير الإعاقة على نشاطها كمصورة فقد أوضحت : " إعاقتي ناتجة عن مرض  نادر و هو عصبي عضلي متطور، لا دواء له الآن، لكن الأبحاث جارية، أجل أتعب كثيرا، لكن لا يهم لأنه تعب مختلط بالمتعة، لا شيء مستحيل في عالم الإبداع من يحب عملا يقوم به مهما كانت العراقيل".                 
 هدى طابي

الرجوع إلى الأعلى