خالــد ساحلـي يغوص في المجتمع المدنـي و علاقتـه بالتراكمية التاريخية
صدر منذ أيام عن دار الوطن ،كتاب جديد من الحجم الكبير تحت عنوان «المجتمع المدني: من التأسيس الأوروبي المأمول إلى الواقع العربي المأزوم»، للكاتب خالد ساحلي، و يعالج و يناقش من خلاله  مفهوم المجتمع المدني الّذي لم يظهر، حسبه، إلاّ في سياقات أوروبية وفي ظل مناخ الحاضنة البرجوازية، ولذا فلا يدرك  المفهوم إلاّ بالمرور على الظروف المنشأة لخطاباته والتي كانت سببًا في تطوره.
و تناول المؤلف في كتابه بعض السياقات التاريخية، التي لعبت دورا مُهِمًا في اختزال مفهوم المجتمع المدني وشوائبه وقدمته في مستويات محسنة في الواقع الراهن، لذلك – حسب المؤلف - يرى الكثير من المفكرين أنّ السياقات التاريخية مُهمة في إنتاج المفاهيم، التي هي حجر زاوية لكلّ العلوم، فلا تقف على مجرّد التعريفات والتوضيحات والتوجيهات، بل هي عمل منظم مُنتج صالح للمشكلات بل أكثر من ذلك».
الكِتاب أوضح في أكثر من فصل، أنّ مفهوم المجتمع المدني يتصل بالممارسات السياسية مُحللا صداها الّذي ينعكس سلبا وإيجابا في الواقع. لذا فالمفهوم في سياقه التاريخي الأوروبي يمثل نتاج السياسة المنتهجة غير المتوافقة التي تعيد إنتاج الخطاب البائس الاستبدادي الكنسي والملوكي، ومن هذا المنطلق فالمجتمع المدني –حسب المؤلف- يُعيد خطابه هو أيضا في ثنائية الوقوف ككيان موازي لهيمنة السلطة أو الدولة ومُراقبا لأعمالها. كما يرى بعض الباحثين في عِلم الاجتماع والفكر السياسي وجوب معرفة هوية استعمالاته وسياقاتها المطبقة والمحددة له.
وخلص المؤلف في الأخير متسائلا: «إذن ماذا يعني المفهوم في الوسط العربي والإسلامي؟ وعلاقاته بالديمقراطية والمواطنة ومصطلحات الحداثة الأخرى من علمانية ولائكية وعولمة؟ مصطلحات فرضت نفسها بقوة على الساحة العربية والإسلامية في ظل عالم متسارع متوحش، يدعو للهيمنة على الضعفاء وإلى اتفاق الأقوياء». مؤكدا في إجابة شبه يقينية: «في ظل كثرة الممثلين الاجتماعيين والسياسيين أو تناقصهم فإنّه يتضمنهم هذا الفضاء العام للجمعيات والتكتلات والنقابات. ومهما شملهم الاستبداد وحاصرهم إلاّ أنّ الفاعلين الاجتماعيين يطالبون بالمزيد من الانفتاح على المجتمع المدني الّذي تكوّن أوروبيـًا على تراكمية تاريخية لثلاثة قرون مُتتالية أظهر فيها التعاقد، والحقوق والواجبات واحترام التعايش والملكية». وهذا أغلب ومعظم وأكثر ما يطرحه الكِتاب ويعالجه ويناقشه.
للتذكير، فقد صدرت للكاتب، ثلاث مجموعات قصصية عن دار ميم للنشر، هي على التوالي: «لوحات واشية» عام 2008، «الحكاية الزائدة عن الليلة الألف» عام 2009، «جحيم تحت الثياب» أواخر 2014. كما صدر له كتاب فلسفي بعنوان «الكتابة والوجود» عن دار الوطن عام 2012. أيضا صدرت له عام 2005 مجموعة من قصصه في كتاب الكتروني مشترك مع مجموعة من كُتاب القصّة القصيرة جدا في الوطن العربي. وله مخطوط رواية بعنوان «الغرق»، ومخطوطات أخرى تنتظر هي أيضا فرصة الطبع.
نوّارة/ل

الرجوع إلى الأعلى