علولـة أســس لنمــوذج مسرحــي جزائـــري مستلهـــم من “القــــوال”
• الخلــــــــل يكمــــــــن في عـــــــدم الاعتمــــــاد على النصــــــــوص الجزائريــــــــــة
يتحدث في هذا الحوار الذي خص به النصر المخرج المسرحي غزري غوتي، رفيق درب الكاتب و المخرج المسرحي الكبير المرحوم عبد القادر علولة، عن حياة هذا الرجل، الذي عمل مساعدا له في إخراج عدة مسرحيات بوهران، و كيف استطاعت مسرحياته أن تترك بصماتها في المجتمع الجزائري، و بالرغم من رحيل علولة ، إلا أن أعماله بقيت خالدة لدى شريحة واسعة من عشاق الفن الرابع، مؤكدا بأنه  كان قريبا بأعمال المسرحية من اهتمامات وقضايا الشعب، لهذا أعماله كان لها صدى كبيرا في المجتمع، و تحدث أيضا المخرج غزري في هذا الحوار، عن واقع المسرح الجزائري، و سبل النهوض به، مؤكدا أهمية التكوين للرفع من أداء المسرح.
حاوره: نورالدين عراب
. النصر: يعرف عنك أنك كنت صديق المسرحي الكبير المرحوم عبد القادر علولة، وعملت مساعدا له بمسرح وهران، حدثنا عن هذا الرجل الذي ترك بصمته في الفن والمسرح الجزائري؟
ـ غزري غوتي :  نعم كنت مساعدا للمرحوم عبد القادر علولة في عدة مسرحيات أنتجها، كما عملت مديرا لمسرح وهران لمدة 16 سنة، وقد عملت مع المرحوم عبد القادر علولة منذ سنة 1972 إلى أن تم اغتياله، و في البداية كانت علاقتي به عادية، لكن بمرور الوقت بدأت تتوطد بعد التقارب المسجل بيننا في الأفكار والآراء، إلى أن أصبحت مساعدا له في العديد من الأعمال المسرحية.
هذا الرجل ساهم في صنع نموذج مسرحي جزائري محض، مستمد من التراث الثقافي الشفوي، واستطاع صنع مسرحيات انطلاقا من التقنيات التي كان يستعملها « القوال» في الأسواق الشعبية، واستعمل بذلك العديد من المفاتيح التي كان يستعملها « القوال»، و وظفها في المسرح، ولهذا كان مسرحه ناجحا من الناحية التقنية،  ومن ناحية المضمون.
المرحوم كان قريبا من اهتمامات وقضايا الشعب، لهذا أعماله المسر حية كان لها صدى كبيرا في الأوساط الشعبية ، وبالرغم من وفاته، إلا أنه بقي حيا في قلوب الجزائريين بأعماله الخالدة، ولا أحد في الجزائر لا يعرف هذا الاسم الذي ترك بصماته في المسرح.
. كيف تقيم واقع المسرح في الجزائر ؟
واقع المسرح في الجزائر يحمل العديد من الايجابيات والسلبيات، والمسرح يعتبر مرآة للواقع الاجتماعي والاقتصادي، وتراجع المجتمع في عدة مجالات ينعكس أيضا على المسرح، وبهذا لابد للمسرح أن يتجاوز مرحلة التراجع، خاصة وأن الجزائر تزخر بطاقات شبابية جديدة وبارزة ، يمكنها أن تدفع المسرح للأمام، خاصة وأننا نملك طاقات كبيرة في هذا الميدان، بإمكانها أن تحمل المشعل.
و الملاحظ أن هناك رغبة قوية لدى الشباب للاتجاه نحو الممارسة الميدانية للمسرح، وتلقين الفكر المسرحي، وهذا ما لم يكن موجودا من قبل، كما تتوفر الجزائر على مخرجين ومؤلفين لهم مستوى ثقافي وذوق جمالي واسع، وهذا ما لم يكن موجودا، لذلك أنا متفائل بمستقبل المسرح في الجزائر.
. إلى أي مدى يعالج المسرح  الواقع الجزائري ؟
ـ حاليا المسرح لا يعكس الواقع كله، بالرغم من وجود العديد من الأعمال المسرحية التي تتحدث عن الواقع في العديد من المجالات، ويمكن الإشارة في هذا الجانب إلى نوع آخر لمعالجة الواقع، وذلك عن طريق المسرح العبثي، أي تمرير الرسائل عبر خشبة المسرح بطريقة عبثية لتعبر عن الواقع، وهذه الطريقة كان معمول بها في خمسينيات القرن الماضي، وهي الفترة التي ظهر فيها المسرح العبثي الذي عالج الواقع، وتزامن ظهوره مع نهاية الحربين العالميتين الأولى والثانية، مما أدى بالعديد من الشبان إلى التوجه نحو هذا النوع من المسرح للتعبير عن الواقع، وقد عاد من جديد .
. من الانتقادات التي توجه للمسرح الجزائري أنه لا يعتمد على النصوص الأدبية الجزائرية، ويقتبس من النصوص العالمية، كيف تعلق على ذلك؟
ـ النصوص العالمية التي يقتبس منها المسرح الجزائري هي ليست نصوصا أدبية، و إنما نصوص مسرحية، ولا أحد ينكر بأن الجزائر تملك رصيدا كبيرا من النصوص الأدبية والعديد منها بارز، وعدم اعتماد المسرح على هذه النصوص، يمكن الاعتراف بأنه خلل ونقطة ضعف لدى الممارسين في المسرح الجزائري يجب تداركها، حيث أن عددا قليلا من النصوص المسرحية مقتبسة من النصوص الجزائرية، وإذا كان لا يوجد مخرجون ومؤلفون كبارا في الجزائر،  فإن النصوص متوفرة بأعداد كبيرة.
. كيف يمكن في رأيك الرفع من مستوى هذا الفن؟
ـ الأمر الأول الذي يجب التركيز عليه لرفع مستوى المسرح، هو التكوين فهو ناقص بشكل كبير في الجزائر، حيث يتوفر البلد على مدرسة وحيدة ببرج الكيفان بالعاصمة، وهي لا تلبي حاجيات المسرح الوطني و المسارح الجهوية، لهذا لابد من دعم التكوين في هذا الميدان، إلى جانب ذلك يجب أن يكون التكوين نوعيا، مع فتح فضاءات النقاش وتبادل الآراء بين المختصين في هذا الميدان، ومن المفروض أن وزارة الثقافة تحفز على ذلك، ولا ينبغي التركيز على الإنتاج المسرحي و التوزيع فقط.  ولا بد من الاهتمام برسكلة وتكوين المخرجين والمؤلفين المسرحين لتحسين مستوى الأداء.
ن ع 

الرجوع إلى الأعلى