لستُ نادمة على أي خطوة في مساري وسأواصل التصدي للتطرّف
قدمت أمس الوزيرة السابقة و الكاتبة ليلى عسلاوي كتابها الجديد «تحكيم العقل» بمكتبة ميديا بلوس بقسنطينة أمام جمع غفير من المثقفين و الأدباء من أبناء المدينة و المدن المجاورة، مؤكدة بأنه مختلف عن كافة مؤلفاتها السابقة، حيث أنه يسلط الضوء على يوميات المواطن البسيط ، بأسلوب خاص تطغى عليه أحيانا خفة الدم و الفكاهة، من باب «شر البلية ما يضحك» أحيانا، مع تمرير رسائل قوية و هادفة إلى المجتمع.
في جلسة بيع بالإهداء أوضحت الكاتبة بأن مؤلفها الجديد وهو من منشورات ميديا بلوس ، يتكون من 170 صفحة من الحجم المتوسط و يضم 11 قصة قصيرة منفصلة، و بالتالي من السهل قراءته في زمن تقلصت فيه نسبة المقروئية، و أكدت بأنها أرادت من خلاله ، أن تتقاسم مع القارئ وضعيات و مواقف و أحداث عاشتها في الإدارات و المحلات و عبر الطوابير المختلفة ، مشيرة إلى أنها لا تستعمل صفة «وزيرة سابقة» ، بل تخرج و تقضي شؤونها بنفسها ، و يومياتها لا تختلف عن يوميات باقي المواطنين في أحيان كثيرة، مؤكدة بأن القارئ عندما يطلع على الكتاب، سيجد بأن العديد من الوضعيات و الأحداث، بمثابة مرايا تعكس واقعه، كالبيروقراطية و النفاق الاجتماعي و الركض خلف المظاهر الزائفة ، و عدم تحكم البعض في أعصابهم في رمضان و غيرها  .

هدفي بيداغوجي
و اعتبرت الأستاذة عسلاوي، المولودة حمادي، بأن كتابها الجديد محطة مختلفة من الشهادات التي اعتمدت عليها في رواياتها منذ الثمانينات ، فهو  يعكس جانبا مختلفا من شخصيتها، و هو الجانب الخفيف و الظريف المليء بخفة الروح، مع الحرص على تمرير مع كل ضحكة رسالة قوية تنص على الالتزام بالهدوء و التعقل و الحوار، على حد تعبيرها،  مشيرة إلى أن هدفها بيداغوجي، للارتقاء بالمجتمع و تطويره و ليس تقديم تعليمات و مواعظ و دروس في الأخلاق أو إصدار أحكام.  
و اعترفت المتحدثة بأن إحدى صديقاتها طلبت منها أن تغير أسلوبها الجاد و الحازم و الغاضب و الثائر في معظم الأحيان الذي طغى على رواياتها ، فقررت أن تبرز ليلى عسلاوي المرحة و المتفائلة في هذا المؤلف الجديد، مؤكدة بأنها ورغم كل ما عاشته من مآس و كوارث في العشرية السوداء، و في  مقدمتها اغتيال زوجها طبيب الأسنان في عيادته في سنة 1994من قبل مجموعة إرهابية، فهي ترفض أن تكون متشائمة و تتمسك بالتفاؤل و الأمل في غد أفضل، و هو أمل زرعته فيها حفيدتاها الصغيرتان،  كما قالت. و شددت القاضية السابقة التي تقلدت منصب وزيرة للشباب و الرياضة من 1991إلى 1992، ثم وزيرة التضامن الوطني وهو المنصب الذي استقالت منه في 1994  للتعبير عن رفضها للتحاور مع الفيس، بأن الغضب الذي عاشته في المراحل الصعبة التي مرت بها، تصدت له و طوعته، حتى لا يتحول إلى حقد أعمى  و رغبة مدمرة في الانتقام، مؤكدة « لقد مات الحقد بعد ميلاد  حفيدتاي )»، و أضافت «أنا مسؤولة إزاء شباب بلادي، لهذا أريد أن أنقل إليهم سوى الحب، و أرفض أن يتكرر ما عشناه في العشرية السوداء».
لست نادمة على أي خطوة في مساري
و تابعت بأنها لم تندم على أي خطوة أو قرار في مسارها السياسي و الأدبي و الاجتماعي، و لو يعود الزمن إلى الوراء لأعادت نفس المسار بحذافيره، «صحيح توجد عيوب و نقائص كثيرة حولنا و الرداءة تطغى على أمور كثيرة في بلادنا، لكن بدل الاحتجاج و التنديد و الانتقاد، فليسأل كل واحد منا نفسه..ماذا يمكنني أن أفعل و أقدم على مستواي، لكي تتغير بلادي إلى الأحسن؟» تساءلت الكاتبة.
و قالت «الحياة طيحة و نوضة»، إنها كفاح مستمر دون هوادة، و أنا مناضلة «في الدم» و لا أستطيع أن أتغير، و لن أسمح لأي جهة أن تفتك منا الجزائر، بلد بن مهيدي و عبان رمضان و آلاف المجاهدين و الشهداء».  
و أضافت كاتبة «أن تكون قاضيا» و«السيدة عدالة»و «همسات» و «دون حجاب دون ندم» الذي توج بجائزة جمعية الكتاب باللغة الفرنسية في 2013 و العديد من الروايات الأخرى، بأن كل كتاباتها عبارة عن شهادات و ستواصل على نفس المنهاج، كما ستواصل التصدي لظاهرة التطرف و التعصب و العنف، خاصة ضد المرأة ، مؤكدة «أنا أدافع حقا عن حقوق النساء لكن ليس دون الرجال، بل إلى جانبهم «.
و وجهت تحية لقوات الأمن التي تصدت للإرهاب في العشرية السوداء و ضحت بالنفس و النفيس لحماية المواطنين و النظام، مؤكدة بأن ما حدث في الجزائر في تلك الفترة ، لا علاقة له بالحرب الأهلية، كما تروج بعض» لوبيات من يقتل من؟»، على حد تعبيرها.
امرأة بمئة رجل
و بخصوص حادثة وصف الرئيس الراحل محمد بوضياف بأنها امرأة بمئة رجل، أوضحت بأنه اتصل ذات  شهر رمضان بمكاتب العديد من الوزراء في حكومته ليطرح عليهم برنامجا خاصا بالشباب، فلم يردوا و عندما اتصل بها وجدها بمكتبها، فاشتكى لها تأخرهم عن العمل، فردت عليه أنت الرئيس بإمكانك عزل من يعجبك منهم، عندئذ قال « هذه امرأة بمئة رجل».
إلهام طالب

الرجوع إلى الأعلى