الصحافة الوطنية بين التطلع إلى الحرية و المطبات المهنية

بوتفليقة يأمر الحكومة باستعمال المنظومة  القانونية للاعلام

تحتفل اليوم الصحافة الوطنية بعيدها الوطني الثاني، الذي اقره الرئيس بوتفليقة في ماي 2013، وبرغم الورشات التي أطلقتها وزارة الاتصال، والانجازات المحققة، لا تزال كثير من تلك الورشات غير مكتملة، وسط تجاذبات، بين المنادين بتحرير الإعلام من سيطرة السياسيين، وبين الداعين إلى أخلقة المنبر الإعلامي. ولا يزال الحديث عن الأخلاقيات في المهنة والتكوين وهامش الحرية، ومن له الحق في الحصول على الإشهار بعدما امتد لهيب التقشف إلى صفحات الجرائد.
قبل عامين قرر رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، ترسيم تاريخ 22 من أكتوبر من كل سنة يوما وطنيا للصحافة الوطنية، وحرص على إعطاء هذا الحدث طابعا تاريخيا كونه يتزامن مع ذكرى صدور أول عدد من جريدة «المقاومة الجزائرية» في 22 أكتوبر 1955، واخذ أصحاب المهنة على عاتقهم رمزية «المقاومة» وكان على كل صحيفة أو منبر إعلامي أن يجد له الجهة التي يقاومها، في السلطة أو في المعارضة.
كثير من المحللين يرون بان الإعلام في الجزائر بلغ مستوى من الحرية غير متاح في دول عربية أخرى، ولكن كثيرين يعتقدون أن الحرية لا تقاس بعدد المطبوعات، بل بمحتواها وما تتضمنه من أراء وتوجهات تعطي لكل فرد ولكل مكون الحق في الإدلاء برأيه، بينما يغفل كثيرون عن حقيقة مفادها أن حرية الصحافة هي مرآة عاكسة لحرية المجتمع، فعندما يكون السياسي حرا، والأكاديمي حرا، ورجل الأعمال حرا، ورجل الدين كذلك، لا يمكنك إلا أن تصل إلى صحافة حرة. لأن الحرية هي كل متكامل مركب.
الورشات التي أطلقتها وزارة الاتصال، بداية بصدور قانون السمعي البصري الذي سمح بتحرير قطاع السمعي-البصري، على الرغم من بعض النقائص المرتبطة أساسا بقصر عمر التجربة، وإنشاء سلطة الضبط للقطاع، مرورا ببطاقة الصحفي المحترف لا تزال بحاجة إلى مزيد من القرارات لاستكمال الورشات التي لا تزال مفتوحة لمعالجة إشكالية الإشهار التي طالما شكلت صداعا للمسؤولين على القطاع.
ولعل أهم ورشة يستوجب العناية بها، ما يتعلق بأخلاقية المهنة، لمراقبة الأخلاقيات التي قد تغيب عن أجندات أصحاب وسائل الإعلام، أخلاقيات يلتف حولها الصحفيون أنفسهم ولا تكون مرتبطة بسلطة أو وزارة،  وتستدعي تنظيم المهنة وإبعاد الدخلاء الذي استثمروا أموالا يجهل مصدرها لشراء أو إطلاق عناوين بحثا عن ريع الإشهار العمومي، ثم التركيز على تكوين الإعلاميين والصحافيين التي يجب أن تتصدر أولوية المؤسسات الإعلامية.
الإصلاحات التي تنتظر أسرة الإعلام، قد لا تكون بحاجة إلى قرارات فوقية، بل بحاجة إلى تغيير الذهنيات وطبيعة العمل الصحفي، لينقل الإعلام الجزائري من ناقل للندوات الصحفية وتصريحات الوزراء والمسؤولين، إلى أداة لنقل هموم المواطنين، ويجعل من اليومية وسيط تفاعلي يمكنه من معايشة الحراك داخل المجتمع.  
الإصلاح الذي بادرت به السلطة لإصلاح القطاع، يجب أن يمتد كذلك ليشمل ممارسات بعض المسؤولين، الذين يرون في الإعلامي مجرد عدو همه البحث عن الأمور السلبية ويتحيّن فرصة الإيقاع بهم، وينبغي على المسؤول أن يدرك أن إخفاء الخبر يخلق الإشاعة التي قد يكون مفعولها اشد من عشرات المقالات الصحفية على سلبيتها.                                                           

أنيس-ن

دعا الصحافيين إلى الاهتمام بانشغالات المواطن والارتقاء بأدائهم
رئيس الجمهورية يأمر الحكومة باستكمال المنظومة القانونية للصحافة
أكد رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، أمس الأربعاء، أنه عمل على تمكين الصحافة الوطنية من الأدوات القانونية الكفيلة بضمان الممارسة الحرة لنشاطها طبقا للقواعد والضوابط المهنية المعمول بها في المجتمعات الديمقراطية، وذلك ـ كما قال ـ  في ظل احترام أخلاقيات المهنة وآدابها السارية عبر العالم كله، دعا رئيس الجمهورية بالمقابل، الصحافة الوطنية إلى الاهتمام بانشغالات المواطن والارتقاء بأدائها لمواكبة تحولات المجتمع، مؤكدا من جهة أخرى، بأن سعيه من خلال ترسيم جائزة رئيس الجمهورية للصحافي المحترف يهدف “إلى الإسهام في تمكين المهنيين في الصحافة من إبراز قدراتهم الإبداعية.
و قال رئيس الجمهورية في رسالة إلى الأسرة الإعلامية ، عشية الاحتفال باليوم الوطني للصحافة المصادف لـ22 أكتوبر «وإني إذ آمر الحكومة باستكمال المنظومة القانونية للصحافة، خاصة تلك المرتبطة بالضبط في مجالات الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية، أهيب بالمهنيين، والناشرين منهم على الخصوص، من أجل تحمل مسؤولياتهم من حيث التكوين والاستثمار في مؤسساتهم ضمانا لديمومة التشغيل فيها.  و شدّد الرئيس بوتفليقة على ضرورة أن يترجم ذلك أيضا في تحديث أدوات الإتصال واحترافية أداء هذه المؤسساتمن جهة، والتقيد من جهة أخرى، بأحكام منظومة التشريع والتنظيم ذات الصلة بحماية العاملين في قطاع الإعلام وضمان حقوقهم ومكتسباتهم الإجتماعية.  ولا مناص للصحافيين، بعد استكمال عملية تحديد صفة الصحافيين المحترفين وضبط البطاقية الوطنية، ـ يتابع رئيس الجمهورية ـ من الإنضمام إلى مسار الإصلاح الذي باشرناه خلال السنوات الأخيرة عن طريق الهيئات الممثلة لهم قانونا، أي سلطة ضبط الصحافة المكتوبة ومجلس أخلاقيات المهنة وآدابها.
كما دعا رئيس الجمهورية، الصحافة الوطنية إلى الاهتمام بانشغالات المواطن والارتقاء بأدائها لمواكبة تحولات المجتمع في جميع مناحي الحياة.  و قال رئيس الجمهورية في رسالته، «إن التحديات الجديدة التي تواجه بلادنا، والتي ليست بمعزل عن التحديات التي تواجه العالم كله، تفرض على الصحافة الوطنية الارتقاء بأدائها إلى التساوق مع الانشغالات الحقيقية للمواطن ومسايرة تحولات المجتمع في جميع مناحي الحياة». وأكد الرئيس بوتفليقة أن «الاستقرار هو الشرط الأساسي في أي بلد كان، لازدهار الحريات والتقدم والرفاهية لفائدة الجميع» وهو أيضا «درس استخلصته الجزائر من ماضيها القريب، درس يذكرنا كذلك بالأوضاع الأليمة التي تمر بها، ويا للأسف بعض البلدان الشقيقة، بأن الحفاظ على استقرار الوطن هو رهان منوط كسبه في إطار القانون بجميع الفاعلين بما في ذلك أسرة الأعلام الشريفة التي تظل، مثل الأمس ذات الدور الأساسي». و أشار رئيس الجمهورية إلى أن مرجعية هذا الحدث تنطوي على رمزية عظيمة المعنى بالنظر إلى الدور الذي اضطلع به جيل الثورة، من صحافيين وإعلاميين عموما، في الدفاع عن مشروعية كفاح الشعب الجزائري من أجل استرجاع حقوقه المسلوبة خلال حقبة من الزمن تجاوزت القرن واثنتين وثلاثين سنة.  ومن فوائد إحياء هذا اليوم الوطني ـ يضيف الرئيس بوتفليقة ـ أنه فرصة لتقييم التطور الحاصل في مجالات الصحافة ضمن ديناميكية التنمية التي تشهدها البلاد في مختلف المجالات كما أنها محطة للإستلهام بمثل رواد الإعلام الوطني في خدمة الجزائر ومصالحها قبل أي شيء كان.  كما لفت رئيس الجمهورية، إلى أن تطور الصحافة ظهر جليا للعيان خلال العقد الأخير، وذلك في مختلف أوجه نشاطات التعبير عبر وسائط الإذاعة والتلفزيون والصحافة المكتوبة والإلكترونية، وما اقتضاه ذلك من رصد للإمكانيات المادية والمالية والتكوينية، سخرتها الدولة تجسيدا لحق المواطن في الإعلام، المكرس دستوريا.  وأوضح الرئيس بأن سعيه من خلال ترسيم جائزة رئيس الجمهورية للصحافي المحترف يهدف «إلى الإسهام في تمكين المهنيين في الصحافة من إبراز قدراتهم الإبداعية والتأسيس لثقافة المنافسة الشريفة بينهم».
و حرص رئيس الجمهورية، على تهنئة العاملين والعاملات في الصحافة كافة في هذا اليوم الرمز، معبرا لهم عن تقديره للدور الذي يضطلعون به في خدمة قضايا
الأمة.                                  

ق و

أخلاقيات المهنة.. حلقة مفقودة في الإعلام الجزائري
تعرف الصحافة الجزائرية منذ الاستقلال فراغا في مجال أخلاقيات مهنة الصحافة تم كسره سنة 2000 بانتخاب مجلس لم يصمد أكثر من سنتين لتظل عملية تجديده معلقة إلى اليوم، ما فسح المجال واسعا أمام ممارسات حادت بالمهنة عن قواعدها و أدخلتها مرحلة  خطيرة من الفوضى  أفقدت الإعلام مصداقيته، وحولت الصحفي إلى مجرد أداة، تحرف مادته أو توجه وفق إملاءات وحسابات تجارية.
التفتح الإعلامي في الجزائر حصل في مرحلة متقدمة مقارنة بدول  لها تقاليد إعلامية سبقت حتى ميلاد الدولة الجزائرية المستقلة، لكن ظروف التعددية وسياقاتها السياسية والأمنية حولت الصحافة إلى طرف في الحياة السياسية وجعلت من الصحفي ذلك المناضل الذي يدافع عن فكرة وموقف، وهو ما أسس لإعلام كان في جزء كبير منه يفتقد لقواعد مهنية وتقنية، وإن كانت تلك المرحلة لها ما يبرر «الهفوات»  التي لا تلغي حقيقة بروز جيل من الصحفيين عملوا في ظروف صعبة، فإن ما تعرفه الصحافة الجزائرية اليوم يعد أخطر بكثير من إختلالات بداية التفتح الإعلامي. تزايد عدد الجرائد وظهور قنوات تلفزيونية من رحم عدد منها، جعل الأمور تزداد سوء بل دخل بالإعلام في مرحلة يعتبرها الملاحظون الأكثر سوء،  رغم ما يبدو عليها ظاهريا من تنوع،التداخلات الحاصلة بين الخبر والرأي و التعليق وبين المعلومة والتشهير و  كذلك الإشهار والإعلام، جعلت العملية الإعلامية تدور في فلك الإشاعة والتوجيه والتخمين والتنظير أحيانا كثيرة، لتبتعد الصحافة عن  مهمة تقديم معلومة مدققة و منح الحق في الإعلام للمتلقي الذي يجد نفسه بين الخبر ونقيضه في نفس الوسيلة الإعلامية وربما حتى في نفس العدد، إلى درجة أفقدت الإعلام مصداقيته وجعلته محل شك وموضوع استخدامات أبعد ما تكون عن الغرض الصحفي. و  يعترف الإعلاميون قبل غيرهم  بوجود انحرافات خطيرة في مهنة المتاعب بعد أن أمسك غير المهنيين بزمام الأمور وسيطر المال على القطاع، لتتحول مؤسسات إعلامية إلى بؤر لاستغلال خريجي الجامعات وعلب سوداء لتمرير رسائل مشبعة بخلفيات وأهداف خطط لها غير الإعلاميين وأمر بها “ رؤساء العمل» لتخرج لنا  موقعة بأسماء  شباب يدفع بهم إلى الواجهة استغلالا لحماس  مهني محض، الصحفيون يتلقون في بدايتهم مفاهيم خاطئة عن الإعلام والسبق الصحفي لتتكون لديهم صورة مشوشة عن المهنة ينقلونها بدورهم لمن يأتون بعدهم، في عملية تدوير،  صنعت لنا صحافة غارقة في اللامهنية ابتعدت تدريجيا عن أخلاقيات المهنية ومبادئها، ومع اتساع دائرة مجاراة السوق والبحث عن الإثارة أصبحت وسائل الإعلام أبعد ما تكون عن الإعلام في ظل غياب ميثاق و مجلس لأخلاقيات المهنة. الصحافة الجزائرية عرفت منذ الاستقلال فراغا في مجال الأخلاقيات إلى غاية سنة 2000 أين تم انتخاب أول مجلس في خضم تحرك نقابي واسع للصحفيين، بدأ بميلاد النقابة الوطنية للصحفيين، التي كانت إطارا  لتنظيم جمعية عامة حضرها أكثر من 400 صحفي آنذاك، انتخبوا مجلسا مكونا من 11 عضوا، اختير الناشر زبير سويسي رئيسا له، وشكل صحفيو القطاع العام بحكم التفوق العددي أغلبية أعضائه، التشكيلة وضعت قانونا داخليا وشرعت في مهمة كانت تعد أول تجربة لكنها تظل الخطوة الأهم في اتجاه إرساء إطار لضبط المهنة مكون من مهنيين، المجلس لم يصمد أكثر من سنتين بسبب مشاكل مالية انتهت بتجميد مهامه قبل انتهاء العهدة المقدرة بأربع سنوات، ومنذ 2003 لم تنجح الأسرة الإعلامية في تجديد مجلس أخلاقيات المهنة، ويفسر السكوت غير المفهوم على هذا الأمر على أن وجود مجلس لأخلاقيات المهنة يتعارض و مسعى المضي في الانحراف بالمهنة، لان العودة إلى العمل بمدونة الأخلاقيات وإثرائها سيؤدي إلى زوال وسائل إعلام تتغذى من الفيسبوك وأحاديث المقاهي وتسوق مادة فقيرة تقنيا و معلوماتيا  اختزلت الصحافة في التلفيق و اجترار الإشاعة و جعلت  «القص و اللصق” هاجسا يوميا للصحفيين، كما ركبت التلفزيونات الجديدة الموجة بإعادة بث فيديوهات مدونين ومواطنين مشكوك في صحتها، تنسبها الوسيلة لنفسها وتعتبرها إنفرادا، زيادة على فتح منابر للسب الذي طال حتى زملاء ، بحثا عن الإثارة.
وزيادة على نقص المهنية وتراجع مستوى الأداء أصبح الصحفي الحلقة الأضعف في مجاله الحيوي، بسبب نقص التكوين وضعف الأجور الذي يدفع بالبعض إلى تحصيل الفارق المادي بطرق ملتوية جعلت جرائد وقنوات تلفزيونية تحت تصرف متعاملين اقتصاديين، لتصبح شريحة الجيل الثالث أو نقال مجاني مهمة إعلامية، ويسمح بعض الصحفيين لأنفسهم بالحصول على رحلات وهدايا مقابل الترويج أو السكوت، في ظاهرة ندد بها الإعلاميون لكنها تبقى أسلوبا متحكما في علاقة الوسيلة الإعلامية بمحيطها. الأسرة الإعلامية اليوم وبالنظر للانحرافات الحاصلة  سواء في علاقة الصحفي بالمؤسسة أو في أداء وسائل الإعلام والعلاقات المتشابكة بين المال وسلطة الإعلام، تبقى في حاجة إلى تحرك سريع يعيد ضبط الأمور من الجانب الأخلاقي،  وهو أمر لا يتسنى إلا بانتخاب مجلس أخلاقيات المهنة، كون الخطوة لم تعد معقدة بعد تخطي عقبة حصر عدد الصحفيين بإقرار بطاقة الصحفي المحترف ، ليبقى الأمر متوقفا على إرادة الصحفيين أنفسهم، حتى وإن يظل التخوف من الفشل و الاستغلال قائما بسبب إشكالية التمويل، وإن كانت مهمة مجلس أخلاقيات المهنة لا تخرج عن كونها محكمة رمزية لأخطاء الإعلام قد لا تتعدى خطوة العقاب المعنوي بواسطة بيان، إلا أنها ستخلق ثقافة الرقيب من داخل البيت وتخرج لنا بميثاق شرف لمهنة فقدت الشرف.
نرجس كرميش

تشمل بطاقة الصحفي، لجنتي ضبط الصحافة، وقانون الإشهار
ورشات مفتوحة من أجل إصلاح جذري لقطاع الاتصال
فتحت وزارة الاتصال مباشرة بعد صدور القانون 12-05 المؤرخ في 12 يناير من سنة 2012 المتعلق بالإعلام ورشات عديدة من أجل إصلاح كل الاختلالات التي يعرفها القطاع، وملء الفراغات التي كان يعاني منها، ووضع إطار ملائم للممارسة، والعمل بالتالي على تحسين أداء مهنة الإعلام باعتباره رسالة نبيلة، وتحسين الوضع المهني والاجتماعي للعاملين بها من نساء ورجال.
وقد دعت وزارة الاتصال كل المهنيين والمشتغلين في قطاع الإعلام للمشاركة في الورشات التي فتحتها بغية إعطاء وجه جديد للعمل الصحفي في بلادنا، وهذا على الرغم من الصعوبات الكبيرة التي تحيط بأداء المهنة والتعقيدات والتشابكات السياسية والايديولوجية التي غزتها على مدار أكثر من عشرين عاما، أي منذ اعتماد التعددية الإعلامية بعد دستور 23 فيفري 1989.
اللجنة المؤقتة للبطاقة الوطنية للصحفي المحترف
كانت أولى ورشات وزارة الاتصال الإعلان عن إنشاء لجنة وطنية مؤقتة للبطاقة الوطنية للصحفي المحترف وقد نصبت هذه اللجنة بالفعل من طرف وزير الاتصال حميد قرين في 22 جويلية من العام 2014 وتضم 12 عضوا من الصحفيين من القطاعين العام والخاص ورئيس عيّن من طرف الوزير وموظفين من وزارتي الاتصال والعمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، وتتمثل مهمة هذه اللجنة في إجراء عملية إحصاء وجرد لكل العاملين في قطاع الإعلام كصحفيين محترفين يعتمدون في عيشهم على ما يجنونه من عملهم في الصحافة.
وعلى مدى 14 شهرا من العمل تمكنت اللجنة من تسليم 3770 بطاقة للصحفيين العاملين خاصة في قطاع الصحافة المكتوبة والاذاعة والتلفزيون العموميين وللمصورين المهنيين ومديري النشر وللصحفيين الأحرار، وتمكنت اللجنة من خلال عملها هذا من تحديد هوية 85 بالمائة من الصحفيين والعملية لا تزال متواصلة إلى اليوم، وقد سلمت اللجنة لكل صحفي استجاب للشروط التي وضعتها اللجنة واثبت انه فعلا صحفي محترف «بطاقة مؤقتة» على أن تسلم لهم بطاقة دائمة بعد انتخاب لجنة وطنية دائمة للبطاقة الوطنية للصحفي المحترف بعدما تم تحديد هوية الصحفيين.
ولم تكن بداية هذا النوع من العمل سهلة، وعليه فضلت وزارة الاتصال إنشاء هذه اللجنة المؤقتة من خلال تعيين أعضائها حتى يجرون جردا للصحفيين المحترفين العاملين في القطاع كمرحلة أولى، وفي المرحلة الثانية يتم انتخاب لجنة دائمة للبطاقة الوطنية للصحفي المحترف من طرف كل الصحفيين الذين تسلموا البطاقة والذين تم جرهم وتحديد هويتهم من طرف اللجنة الأولى، حتى تكون لجنة منتخبة لا طعن فيها و بمشاركة الجميع.
وفي جانب متصل، فضل أعضاء اللجنة المؤقتة تأجيل البتّ في ملفات الصحفيين العاملين في المواقع الالكترونية والعاملين في القنوات الخاصة الخاضعة للقانون الأجنبي، وكان وزير الاتصال حميد قرين قد صرح خلال استقبال رئيس مجلس اخلاقيات المهنة السويسري قبل أيام أن هناك 43 قناة من هذا النوع، وفضلا عن هذا هناك 20 ملفا متحفظ عليها اليوم حسب أحد أعضاء اللجنة لعدم اكتمالها، مثل نقصان شهادة العمل في الملف أو ملفات لصحفيين كانوا يعملون في جرائد توقفت عن الصدور مثل «الجزائر نيوز».وتمنح البطاقة الوطنية للصحفي المحترف كل متحصل عليها امتيازات عديدة كما ذكر وزير الاتصال حميد قرين قبل أسابيع قليلة، وذكر في هذا الصدد أن ثلاث اتفاقيات سوف توقع مستقبلا مع وزارة النقل لتخفيض سعر التذكرة لحامل البطاقة بين 30 إلى 50 بالمائة، واتفاقية ثانية مع وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال من أجل خفض في سعر الهاتف و خدمة الانترنيت، أما الاتفاقية الثالثة فسوف توقع مع وزارة السياحة والصناعة التقليدية من أجل تخفيض السعر في الفنادق العمومية للصحفيين.
سلطة ضبط الصحافة المكتوبة
ويبدو أن وزارة الاتصال تتبع أسلوبا هرميا لإعادة بناء قطاع الإعلام، لذلك فإن اكتمال مهمة اللجنة المؤقتة للبطاقة المؤقتة للصحفي المحترف سيؤدي بشكل آلي إلى الورشة الأخرى التي فتحتها الوزارة وهي انتخاب سلطة ضبط الصحافة المكتوبة التي نص عليها قانون الإعلام 12-05 لسنة 2012، وهذه السلطة هي التي ستتولى في المستقبل بعد انتخاب أعضائها مهمة ضبط عمل الصحافة المكتوبة من جميع الجوانب.
وتتكون سلطة ضبط الصحافة المكتوبة التي نص عليها قانون الإعلام الجديد من 14 عضوا ثلاثة منهم يعينون بمرسوم رئاسي، بينهم الرئيس، بينما يعين رئيس الغرفة العليا بالبرلمان عضوين غير برلمانيين ورئيس الغرفة السفلى يعين هو الآخر عضوين غير برلمانيين، بينما يُنتخب السبعة المتبقون من طرف الصحفيين المحترفين الذين يكونون قد حصلوا على بطاقة الصحفي المحترف، وهذا ما يفسر لماذا بدأت وزارة الاتصال بلجنة البطاقة الوطنية للصحفي المحترف لأنها وجدت صعوبة كبيرة في طريقة انتخاب أعضاء سلطة الضبط في غياب نقابات تمثيلية في القطاع.
وتتكفل سلطة ضبط الصحافة المكتوبة بتوضيح كيفية تطبيق حقوق التعبير وضمان استقلالية الخدمة العمومية، وحياد وسائل الإعلام، كما تسهر على تشجيع ودعم النشر والبث والسهر على التوزيع العادل للإعلانات والمساعدات التي تمنحها الدولة لوسائل الإعلام واحترام مقاييس الإعلان التجاري، ومراقبة هدفه ومضمونه، وترسل السلطة ملاحظاتها لكل من يتجاوز القانون، ويمكن لها سحب الاعتماد من النشريات التي لا تحترم القانون.
سلطة ضبط السمعي البصري
بعد المصادقة على القانون المتعلق بالسمعي البصري نهاية جانفي من العام 2014، والذي يعد أول قانون من نوعه في تاريخ الجزائر، نصب وزير الاتصال حميد قرين سلطة ضبط الصحافة المكتوبة التي تعد هيئة استشارية ورقابية على مجال السمعي البصري في البلاد.وهذه السلطة تعتبر من أهم الورشات التي فتحتها وزارة الاتصال في العامين الأخيرين بالنظر لتطور مجال السمعي البصري في بلادنا وفسح المجال للعديد من القنوات الجزائرية الروح والخاضعة للقانون الأجنبي، وكان لابد من الوصول إلى هذا الوضع لأنه لا يمكن لبلد مثل الجزائر أن يبقى منغلقا في مجال السمعي البصري ومواطنه خاضعا للقنوات الأجنبية بكل ما فيها من سلبيات وإيجابيات.وقال وزير الاتصال حميد قرين خلال تنصيبه رئيس سلطة ضبط السمعي البصري ميلود شرفي في 21 سبتمبر من العام الماضي، أن هذه الهيئة لها دور استشاري وآخر في حل النزاعات ومراقبة سير القطاع.و منذ تنصيبها أعطت سلطة ضبط الصحافة المكتوبة رأيها في بعض الاشكالات التي وقعت فيها بعض القنوات الخاصة واستدعت مديريها سواء لطلب بعض التفسيرات او توضيحا لحدود القانون وأخلاقيات المهنة، ويبدو أن عمل هذه السلطة سيكون حاسما في المستقبل بالنظر لحداثة التجربة الجزائرية في هذا المجال وكذا بالنظر لتعدد القنوات الخاصة التي وصل عددها إلى 45 قناة حسب آخر تصريح لوزير الاتصال حول الموضوع.لكن الإشكالية التي لا تزال مطروحة رغم مرور أكثر من عام على اعتماد قانون السمعي البصري هو بقاء كل القنوات الخاصة الجزائرية خاضعة للقانون الأجنبي وبالتالي فهي مجرد مكاتب هنا في الجزائر، وهي فضلا عن ذلك تشتغل بطريقة غير مفهومة، فهي من جانب قناة أجنبية منح الاعتماد لعدد قليل منها لكن كلها تنشط بشكل عاد، وربما ستكون هذه الإشكالية من بين أكبر مهام سلطة ضبط السمعي البصري مستقبلا.وعلى العموم يعتبر تنصيب سلطة لضبط قطاع السمعي البصري الفتي في الجزائر خطوة إضافية للجهود المبذولة من طرف الجميع من أجل المساهمة في بناء هذا القطاع الذي بقي غائبا عن المشهد الإعلامي الجزائري لسنوات.
قانون الإشهار.. نحو نهاية الفوضى
ولاستكمال الورشات التي فتحتها في القطاع، أعلن وزير الاتصال حميد قرين، قبل أسابيع أن قانون الإشهار الجديد سيقدم للحكومة شهر ديسمبر المقبل، مضيفا أن القانون جاهز وأنه سينهي الفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار، كما شدد على أن القانون الجديد سيفتح المجال للمهنيين فقط للاستثمار في هذا القطاع.ولحد الآن فالملاحظ أن إعداد القانون الجديد للإشهار استغرق عدة سنوات ولم يخرج بعد للنور، كما لا تتوفر أي معلومات عن مضمونه عدا ما قاله المسؤولون عن قطاع الاتصال من أنه سيقضي على الفوضى التي يتخبط فيها قطاع الإشهار، وينظم عمل الوكالة الوطنية للنشر والإشهار التي تعود إليها نسبة كبيرة من الإشهار الوطني.وجدير بالذكر أن المهنيين والناشرين وغيرهم،  كثيرا ما انتقدوا احتكار الوكالة للإشهار العمومي وطالبوا بإنهاء هذا الاحتكار وفتح المجال امام المهنيين في القطاع، وهذه هي ربما الإشكالية المطروحة حاليا والتي ينتظر من القانون الجديد أن يحلها.   
محمد عدنان

يوم للمهنة  وجائزة لتثمين  الاحتراف
بادر رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، في الثالث ماي من العام الجاري 2015 باستحداث جائزة للصحفي المحترف، بهدف تشجيع  وترقية الإنتاج الصحفي الوطني بكل أشكاله، والتحفيز على التميز، والإبداع والاحترافية في العمل الصحفي، و تكريس ثقافة الاستحقاق في هذا المجال.
تعزز قطاع الإعلام والصحافة الوطنية في السنوات الأخيرة بعديد المكاسب التي ساهمت في ترقية وتطوير المهنة ، بفضل العناية والدعم الذي تقدمه الدولة، تجسيدا لقرارات رئيس الجمهورية والذي أقرّ يوما وطنيا للصحافة أسوة بالمهن الأخرى.
وقد تعززت العديد من القطاعات خلال الأعوام الأخيرة، بإصلاحات عديدة أقرها الرئيس بوتفليقة  و مست هذه الاصلاحات  قطاع الإعلام والصحافة الوطنية التي تلقت كل وسائل الدعم المختلفة من الدولة ، وتعزز القطاع بقانون للإعلام في 2012 .وكذا العديد من المكاسب التي تحققت لصالح رجال المهنة ،في إطار الإصلاحات الجارية .
 وقد أقر الرئيس بوتفليقة تاريخ 22 أكتوبر يوما وطنيا للصحافة أسوة بالفئات المهنية والاجتماعية الأخرى  والذي يوافق تاريخ صدور أول عدد من جريدة المقاومة الجزائرية في عام 1955، كما قرر استحداث جائزة للصحفي المحترف و  تعد جائزة رئيس الجمهورية للصحفي المحترف التي خصصت طبعتها الأولى لموضوع «الجزائر نموذج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية «والتي استحدثها رئيس الجمهورية ، دليلا على الاهتمام والعناية التي يوليها الرئيس بوتفليقة لقطاع الصحافة و الإعلام بشكل عام.
وقد نظمت وزارة الاتصال الطبعة الأولى لجائزة رئيس الجمهورية للصحفي المحترف وهذا بمناسبة اليوم الوطني للصحافة في 22 أكتوبر 2015.وهي الجائزة التي أعلن عنها رئيس الجمهورية بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في 03 ماي 2015 ، وهي تهدف إلى، تشجيع  وترقية الإنتاج الصحفي الوطني بكل أشكاله، والتحفيز على التميز، الإبداع والاحترافية في الصحافة الوطنية بالتأسيس لثقافة الاستحقاق.ومكافأة أحسن الأعمال الصحفية المنجزة إما فرديا أو جماعيا وتخص هذه الجائزة الإعلام المكتوب ، الإعلام التلفزي ، الإعلام الإذاعي ، الإعلام الإلكتروني  و الصورة.
و  ينصّ المرسوم الرئاسي الخاص بهذه الجائزة على جملة من الشروط التي يجب أن تتوفر في الصحفيين المرشحين لنيلها منها ، التمتع بالجنسية الجزائرية وأن يكونوا حاملين للبطاقة الوطنية للصحفي المحترف وأن لا يكون المترشح عضوا في لجنة التحكيم، كما يشير المرسوم أيضا، إلى أن الجائزة تتمثل في منح شهادة تقديرية ومكافأة مالية تقدر قيمتها بـ1.000.000 دج للفائز الأول بالنسبة لفئات الإعلام المكتوب والتلفزي والاذاعي والالكتروني و500.000 دج للفائز الثاني و 300.000 دج للفائز الثالث من نفس الفئات، في حين تقدر القيمة المالية لجائزة الصورة بـ 100.000 دج لأحسن صورة فوتوغرافية أو رسم صحفي أو كاريكاتوري.
وقد تم تنصيب لجنة التحكيم لهذه الجائزة من طرف وزير الاتصال حميد قرين و التي تتشكل من 10 أعضاء، ويوجد على رأسها الوزير الأسبق لمين بشيشي.
 مراد ـ ح

أساتذة مختصون في الإعلام للنصر

الصحافة المكتوبة مطالبة بالتكيف مع التحولات التكنولوجية
90 بالمئة من الصحف مآلها الزوال في حالة تطبيق قانون الإعلام
اعتبر أساتذة و مختصون في مجال الإعلام ، أن الصحف الجزائرية توجد اليوم أمام خيار صعب، في ظل الثورة المعرفية والتطور التكنولوجي في وسائل الاتصال ، حيث أصبحت مطالبة بالتكيف مع التحولات الجارية ، بعدما تحول مركز الثقل إلى الصحافة الإلكترونية، ويرى بعض الخبراء أن الصحافة الورقية، أمام مفترق الطرق باعتبار أنها تعاني من نقص المقروئية و الإشهار، وأن 90 بالمئة مآلها الزوال في حالة تطبيق قانون الإعلام،  لكنهم نوهوا بالتجربة الجزائرية في مجال الصحافة المكتوبة، كونها أثبتت وجودها وأصبحت رائدة للعمل الديموقراطي وساحة للتعبير الحر . 

مراد  . ح

الأستاذ في كلية علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر محمد لعقاب
التوجّه الإلكتروني أصبح يحاصر الصحافة الورقية
اعتبر الأستاذ في كلية علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر، الدكتور محمد لعقاب ، أن التوجه الالكتروني أصبح يحاصر الصحافة الورقية والتي هي بصدد التحول من هذه النسخة إلى النسخة الالكترونية مؤكدا، أن الصحافة المكتوبة أثبتت وجودها وأصبحت رائدة العمل الديموقراطي وساحة للتعبير الحر،  و قاطرة تقود ردود الفعل حول مختلف القضايا ، وأضاف أنه كان ينبغي على الحكومة أن تتفرغ لتقوية صحافة القطاع العام، لتقديم خدمة عمومية راقية.وأوضح محمد لعقاب ، في تصريح للنصر، أن الحديث عن مستقبل الصحافة المكتوبة في بلادنا، يفرض علينا  التمييز بين صحافتين مكتوبتين، الورقية و الالكترونية ، فبالنسبة للورقية يبدو ، أن التوجه الالكتروني - كما قال-   يحاصرها وهي بصدد التحول إلى النسخة الالكترونية، نظرا للعديد من الأسباب والمتمثلة- يضيف نفس المتحدث- في نمو القراء الإلكترونيين، حيث أصبح الأشخاص يقرأون الصحف عبر شبكة الانترنيت، قبل أن يتم توزيع النسخة الورقية، موضحا أن هذا النمو يرجع إلى زيادة عدد المشتركين في شبكة الأنترنيت في الجزائر، إضافة إلى عدد المشتركين في مواقع التواصل الاجتماعي، أما العامل الثاني فيتمثل، في ارتفاع سعر الطباعة، الذي لم يعرف تراجعا وهو في زيادة مستمرة ، حيث أوضح أنه  كلما اتجهت الصحف الورقية نحو جودة الطباعة، كلما ارتفعت تكلفة الانتاج، إضافة إلى ذلك ارتفاع سعر الورق في السوق الدولية، فمن الصعب على الحكومة أن تستمر في دعم سعر الورق، خاصة بالنسبة للصحافة الخاصة ، أما العامل الرابع كما قال فيخص سوق الإعلانات أو الاشهار، موضحا أن المعلنين أو الصناعيين أصبحوا يتوجهون نحو القنوات التلفزيونية ومواقع الانترنيت، لأن تكلفتها أقل من الصحافة الورقية وأكثر جاذبية و تأثيرا وبالتالي فالمستقبل يتوجه نحو الصحافة الالكترونية ، وهذا لا يخص الجزائر فقط وإنما ينطبق على ما يجري على الصعيد العالمي فكثير من الصحف يضيف المتحدث، بدأت تغلق أبوابها مثل ما حصل في الآونة  الأخيرة في مصر حيث قرر مالك أحد الجرائد وقف طباعتها ورقيا والاكتفاء بالطبعة الالكترونية كما أن  الكثير من الصحف العالمية الكبيرة مهددة  مثل جريدة لوموند الفرنسية.
من جهة أخرى، ذكر المتحدث ذاته، أن الصحافة الخاصة متفوقة على الصحافة العمومية من حيث عدد السحب ومن حيث القراء والتأثير المطلوب ، وقال أنه كان ينبغي على الحكومة أن تتفرغ لتقوية صحافة القطاع العام لأنها هي أولى بتقديم خدمة عمومية راقية، مقارنة بصحف القطاع الخاص، موضحا في السياق ذاته، أن تجربة القطاع الخاص ثرية، حيث أثبتت الصحافة المكتوبة في ظرف 20 سنة وجودها وأصبحت رائدة العمل الديموقراطي وساحة للتعبير الحرّ عن الأفكار وفي نفس الوقت، قاطرة تقود ردود الفعل حول مختلف القضايا سواء كانت دولية أو وطنية، وقال أن هذه الأمور نادرا ما نجدها في الصحافة العمومية . من جانب آخر، ذكر لعقاب، بأنه يجب التمييز، بين نوعين من الصحافة العمومية ، فهناك الصحف المركزية التي تصدر في العاصمة والصحف المحلية أو الجهوية، فمثلا -كما قال – جريدة النصر، التي تصدر من قسنطينة، تحتل الريادة في العمل الجهوي ولديها إقبال كبير جدا ينافس الصحف الخاصة في منطقة الشرق الجزائري. وأضاف أنه حسب بعض مراكز البحث الأجنبية، فإنها تحتل المرتبة الرابعة من حيث السحب على المستوى الوطني وهذا مفخرة للجريدة وللعاملين وشرف للمسؤولين عليها مقارنة بالصحف العمومية التي تصدر في العاصمة وفي الغرب على حد تعبيره.وأضاف لعقاب، أنه لكي تضمن الصحافة المكتوبة مكانة لها في الحقل الإعلامي فينبغي لها أن لا تتأخر في الأخذ بعين الاعتبار، مجموعة من المعطيات والمتمثلة في تعزيز وجودها الرقمي وأن تشتغل على التحاليل أكثر من الركض وراء الخبر، كونها لا تستطيع منافسة القنوات التلفزيونية في العمل الاخباري إضافة إلى تعزيز احترافية الصحفيين مع الرسكلة المستمرة ، لأننا اليوم كصحفيين -يضيف نفس المتحدث- ،أمام تحديات جديدة، حيث ظهر القارئ الرقمي الذي يقرأ على الشاشة وهو يختلف في سلوكه عن القارئ في الصحافة الورقية ، وبالتالي الكتابة تغيرت فالذي يكتب في الأنترنيت ليس كمن يكتب للصحافة الورقية وهذا المعطى يجب أخذه بعين الاعتبار كما قال.و ذكر لعقاب أن القوانين الموجودة في مجال الإعلام ، غير مطبقة بالشكل اللائق  ومثال ذلك قانون الإعلام الجديد الصادر في  سنة 2012 ، حيث لا توجد لحد الآن سلطة الضبط  وهذا خلل من المشرفين على القطاع  حسبه. وأوضح أن الوزارة تكون قد تأخرت لعدم اكتمال إنجاز بطاقة الصحفي المحترف وذلك حتى تستطيع أن تعرف من هو الصحفي المحترف ومن يحق له الترشح لعضوية سلطة الضبط، لكن هذا ليس مبررا مقنعا لتأخر إنشاء سلطة الضبط ،يضيف المتحدث.
وقال من جهة أخرى، أن عدد الصحف الموجودة في الجزائر،  ليس دليل على تطور الصحافة ، حيث توجد 160 يومية لا نعرف منها سوى 10 أو 15 والباقي تسحب من 1000 إلى 2000 نسخة للحصول على الإشهار وحتى توزيعها لا يتم، مضيفا أن هذه الصحافة إن أرادت أن تقدم شيئا للقارئ، ينبغي أن تحدث تكتلات إعلامية، كل 10 صحف تتكتل في صحيفة واحدة وتجمع طاقاتها البشرية والاقتصادية والفنية وتعمل على تقديم منتوج إعلامي جيد للسوق الجزائرية وأوضح أن هذه الظاهرة عرفتها أوروبا في القرن ال 19 .
  وأكد أن الصحافة المكتوبة تاريخيا، في كل مرة يتم تهديدها بالموت، لكنها  في كل مرة تفرض وجودها وتتكيف مع المستجدات،  فمثلا تم تهديدها من  الإذاعة في العشرينيات، لكنها فرضت وجودها وعندما ظهر التلفزيون  وأيضا لدى ظهور الأنترنيت وبدون شك كما قال، الصحافة المكتوبة ستفرض وجودها من خلال التحول من صحافة ورقية إلى صحافة الكترونية، مؤكدا أن مستقبل الصحافة بيد أهلها فهم من يقررون مصيرها.

 

أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر لزهر ماروك
على الصحف أن تبدأ تدريجيا بالتخلي عن النسخة الورقية
قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر، الدكتور لزهر ماروك ، أن الصحافة الورقية تعاني من نقص المقروئية ونقص الإشهار ، الذي انتقل إلى القنوات الفضائية والمواقع الاخبارية الالكترونية، وأوضح أن الجرائد الجزائرية أمام خيار صعب، في ظل التطور التكنولوجي الهائل في وسائل الاتصال، حيث أصبحت مطالبة بالتكيف مع التحولات التكنولوجية و التخلي تدريجيا عن النسخة الورقية ، وأضاف أن عدم تطبيق قانون الإعلام لحد الآن ينعكس سلبا على أداء الصحافة الوطنية. وأوضح لزهر ماروك في تصريح للنصر، أنه في ظل التطور التكنولوجي وتطور وسائل الاتصال، انتقل مركز الثقل من الصحافة الورقية إلى الصحافة الالكترونية ، التي أصبحت تتمتع بمزايا ونافست بشدة الصحافة التقليدية الورقية ، مضيفا أن المواقع الإخبارية الالكترونية، أصبحت تعطي الخبر بالدقيقة والثانية، إضافة للنقل المباشر في القنوات الفضائية، مما جعل المتلقي يتابع الأخبار عن كثب ودون انتظار و يتفاعل معها على عكس الصحافة الورقية على حد تعبيره، وقال أن هذه الأخيرة، أصبحت تعاني من نقص المقروئية ونقص الإشهار الذي انتقل إلى القنوات الفضائية والمواقع الاخبارية الالكترونية، وأشار نفس المتحدث، إلى أن الكثير من الجرائد العالمية تخلت عن النسخة الورقية واكتفت بالنسخة الالكترونية وهذا يعود بالأساس إلى أن النسخة الورقية، مكلفة على عكس المواقع الالكترونية التي تتحكم في التكاليف بشكل لا يؤدي بها إلى العجز  . وبالنسبة  للجزائر، يضيف نفس المتحدث، الكثير من الجرائد الورقية ، تتساءل عن مصيرها في ظل التطور التكنولوجي الهائل باعتبار، أن القارئ لم يعد ينتظر شراء جريدة حتى يطلع على الخبر،  مؤكدا في هذا الصدد، أن الصحف في الجزائر أمام خيار صعب، فإما أن تتكيف مع التحولات التكنولوجية والتخلي تدريجيا عن النسخة الورقية والتي ليس لها مردودية سواء من حيث المقروئية أو من حيث الاشهار وإما فإنها ستختفي من السوق  بحكم أنها لم تعد وسيلة اعلامية ناجعة  لنقل الخبر،  كونها لن تتمكن من تغطية نفقاتها وتكاليفها وتصل إلى طريق مسدود.. وذكر المتحدث من جانب آخر، أن الكثير من الصحف الموجودة في الجزائر، لا تعتمد على مداخيلها من المقروئية وإنما من الإشهار والذي يقل شيئا فشيئا  وقال أن، هناك العديد من الجرائد تعاني من نقص الاشهار وبالتالي أصبحت ، اليوم أمام مفترق الطرق، فكيف تستمر بهذه الوضعية وكيف تتحول إلى الوضعية الأحسن كما قال . وأضاف ماروك، من جهة أخرى، أنه لا يجب أن ننقص من قيمة التجربة الجزائرية فيما يخص الصحافة المكتوبة وننبهر بتجارب الآخرين ، فهذه التجربة، لها إيجابيات ولها سلبيات، لكن الإيجابيات هي الأكثر ومن بين السلبيات،  ذكر أن الصحافة الغارقة في الشأن السياسي، صحافة مسيسة وقال أن المواطن أحيانا لا تهمه السياسة بقدر ما تهمه قضاياه اليومية، مضيفا في هذا الصدد، أن بعض الصحف تخصص 4 صفحات للشأن السياسي وهذا أمر مبالغ فيه ، كما أن بعض الجرائد يغلب عليها طابع الإثارة وأحيانا هناك غياب الاحترافية والمهنية في تحرير الخبر و كذا غياب أقلام النخبة من  محللين وكتاب كبار في الصحف كما هو  موجود في بعض الدول العربية.   و أوضح أن أكبر مشكل تعاني منه الصحافة الجزائرية هو غياب المعلومة فالصحفي في أغلب الأحيان يكتب وهو يفتقر للمعلومات ما يؤدي به إلى السقوط في فخ الرأي ويعبر عن رأيه أكثر مما يعطي المعلومة، غير أن هذه السلبيات لا تقلل من شأن التجربة الجزائرية حيث أصبحت عندنا صحافة وطنية تتمتع بقدر كبير من القدرة على تأطير الرأي العام والدفاع عن المصالح العليا للبلاد وتوفير حق المعلومة للمواطن وتناول القضايا الوطنية .وأكد ماروك ، أن سقف حرية الصحافة في الجزائر، مرتفع على الرغم من أن بعض التقارير الدولية تصنف الجزائر في المراتب الأخيرة ، لكنه تحدث عن ممارسة هذه الحرية بطريقة سلبية في بعض الأحيان ، تؤدي إلى حد تشويه هذه المبدأ العالمي النبيل، على اعتبار أن حرية التعبير هي من أقدس الحريات في العالم ولا يمكن لأي نظام سياسي أن يستقر في غياب حرية التعبير وفي غياب صحافة  مستقلة وقوية وذات مصداقية كما قال . وأفاد نفس المتحدث ، أن الصحافة المكتوبة في الجزائر ، مطالبة بالمزيد من التكيف مع التطورات العالمية، موضحا أن هناك ثورة معرفية وتكنولوجية متسارعة في مجال وسائل الاتصال و تدفق معرفي ومعلوماتي كبير جدا إلى درجة أن المعلومة بدون ثمن  وبالتالي  الإعلام بطرقه وأساليبه التقليدية -كما قال- سيختفي تماما في السنوات القليلة القادمة لأننا مقبلين على حضارة جديدة قائمة على المجتمع المعرفي . وأضاف في هذا السياق، أن الصحافة الورقية نهايتها قريبة،  و بقاؤها مسألة وقت لأنها أصبحت إطارا لا يتماشى مع التطورات العالمية ، حيث سيتم الانتقال إلى العالم الافتراضي والمواقع الالكترونية الإخبارية والفضائيات وبالنسبة للجزائر مازال المواطن لديه ثقافة قراءة الصحيفة والاعلام الآلي لم يتغلغل بشكل كبير في المجتمع، لكن في السنوات القادمة  سيأتي الجيل الصاعد ويتخلى عن الجرائد الورقية ويلجأ إلى المواقع الالكترونية الاخبارية. من جهة أخرى ، ذكر ماروك، أن الجزائر تعد أكبر بلد متخلف في العالم فيما يخص قوانين الإعلام ، والتي  تتطور بشكل كبير في دول العالم، لكننا في الجزائر ، دائما نلتحق متأخرين ونسن قوانين متأخرة، مضيفا «أن قانون الإعلام الأول كان في 1990 و الثاني في 2012 فهل هذا معقول ؟» فكأن هناك اتجاها كما قال لتقليص حرية الصحافة وعرقلتها ومنع ظهور صحافة مستقلة وقوية من شأنها العمل وتكوين رأي عام وطني .

الأستاذ في كلية علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر  عبد العالي رزاقي
هناك صحف تسحب 500 نسخة و تأخذ أكثر من 10 إعلانات وهذا احتيال على مؤسسات الإشهار
قال الأستاذ في كلية علوم الإعلام والاتصال الدكتور عبد العالي رزاقي، أن 90  بالمئة من الصحف  ستزول في حالة تطبيق قانون الإعلام ، مضيفا أنه لا يمكن الحكم على التجربة الجزائرية في مجال الصحافة المكتوبة باعتبار، أن القانون لم يطبق، ودعا إلى التعجيل بإنشاء سلطة الضبط وتسوية أوضاع الصحف للانتقال إلى مرحلة الصحافة المهنية.
وأوضح عبد العالي رزاقي، «أنه مادام لم يطبق قانون الإعلام لسنة 2012 فلا يمكن أن نقول في الجزائر توجد صحافة» وإنما موجود- يضيف المتحدث- ، أكثر من 150 عنوان من الصعب معرفة الأطراف التي تقف  وراءها باستثناء القطاع العام الذي يتوفر على 6 عناوين.
 وأضاف، رزاقي في تصريح للنصر، أنه لا يمكن معرفة العناوين التي يمكن أن تبقى والتي تزول عند تطبيق قانون الإعلام لأن أغلب  هذه العناوين الموجودة -كما قال-، هي ملحقات لصحف اندثرت والقانون الجديد يتعامل مع الصحف وليس مع الملاحق.  من جانب آخر قال، أنه ما لم يظهر قانون للإشهار، فإنه من الصعب الحديث عن بقاء الصحف أو زوالها، لكنه عبر عن تفاؤله لأن هناك صحف تسحب أكثر من 400 ألف وهذا الرقم لا وجود له في أي دولة عربية باستثناء الجزائر.
 وأوضح نفس المتحدث، أنه منذ ظهور قانون الإعلام،  لم تعتمد الوزارة ولا صحيفة واحدة فهناك الكثير من العناوين مجمدة لدى وزارة الاتصال حسبه ، في انتظار تطبيق القانون،  مضيفا أن الصحف الوحيدة التي تعطي لأصحابها الاعتماد هي المتخصصة.
وقال من جانب آخر، أن المتخرجين من الجامعات الجزائرية، لا يستطيعون الوصول إلى الصحف، فلا توجد علاقة بين المؤسسات الجامعية المنتجة للصحفيين مع المؤسسات الصحفية، مما يصعب تقييم الصحفيين الموجودين . وذكر، أن 90 بالمئة من الصحافة الجزائرية تعتمد على الأنترنيت وبالتالي من الصعب القول أنه لدينا صحافة مستقلة فإذا توقفت الأنترنيت الكثير من الصحف تتوقف كما قال ، موضحا أن الصحفي أصبح له منفذ واحد للأخبار وهو الانترنيت في ظل غلق المنافذ الأخرى للحصول على المعلومات. وأضاف أن هناك نوع من الاعتداء على مجهود الآخرين في الكثير من الصحف، فإذا استثنيانا 10 صحف موجودة والقوية يضيف نفس المتحدث،  فالبقية تعتمد على الأنترنيت في مصادرها وأخبارها وتحقيقاتها وقال أن هناك صحفا تسحب 500 نسخة و تأخذ أكثر من 10 إعلانات وهذا نوع من الاحتيال على مؤسسات الإشهار على حد تعبيره. موضحا أنه في غياب سلطة الضبط يوجد إعلام فوضى و ملء للفراغ ، باستثناء 12 عنوانا في القطاع الخاص، يمكن أن نتفاءل بها» كما قال.   وأضاف أنه  يأمل من زير الاتصال، أن يعجل بانتخابات سلطة الضبط وتسوية أوضاع الصحف حتى ننتقل من صحافة الهواة إلى مرحلة الصحافة المهنية عند توفر الشروط القانونية لقيامها يضيف نفس المتحدث  .
 وذكر من جهة أخرى، أنه لا توجد اليوم مهنية في معالجة الأخبار، مشيرا إلى ما اعتبره بالتجاوزات الكثيرة في حق المواطنين و قال أن العديد من الصحفيين في الجزائر ليس لديهم حقوق وبعض الصحف تحتال على القانون على حد تعبيره.
 و دعا المتحدث إلى ضرورة إعادة النظر في مؤسسات التوزيع و تشكيل نقابة للصحفيين ووضع مواثيق شرف لكل المؤسسات ومدونة سلوك تحدد علاقة الصحفيين بالمؤسسة.
 وأضاف رزاقي، أن الصحافة توجهت إلى أخبار الحوادث ، كما كانت الصحافة الصفراء وصحافة الفضائح في القرن الـ 18 وقال أن كل صحيفة تريد أن تفرض نفسها بالطريقة التي تراها أصلح بالنسبة إليها وليس وفق القانون، مضيفا أن90  بالمئة من الصحف ستزول في حالة تطبيق القانون وأشار إلى وجود بعض الصحف التي توظف صحفي واحد فقط.     

مراد ـ ح

الخبير الإعلامي فؤاد بن حلة للنصر
الوضع الاقتصادي للإعلام العمومي سيكون أصعب في المستقبل لكنه قادر على الصمود
قال الخبير الإعلامي والأستاذ الجامعي فؤاد بن حلة، أن الإعلام العمومي في الجزائر مرشح لمواجهة صعوبات مالية أكثر في المستقبل لعدة أسباب، شأنه في ذلك شأن وسائل الإعلام الحكومية في عديد البلدان، ودعا في هذا الصدد المؤسسات الإعلامية للصحافة المكتوبة على وجه الخصوص إلى أن تلم شملها في مؤسسة كبيرة من أجل تجميع جهودها والعمل سويا لضمان صمودها واستمرارها.
 وفي حديث خص به النصر توقع الأستاذ بن حلة، الذي يشتغل حاليا كأستاذ محاضر في عديد الجامعات عبر العالم، أن رقعة انتشار الإعلام العمومي آخذة في الانحسار بسبب المنافسة الشديدة التي يواجهها سواء من طرف الإعلام الدولي أو الإعلام المحلي التابع للخواص.
ويرجع المتحدث أسباب انحسار الإعلام العمومي في القطاع السمعي البصري إلى المنافسة الشديدة التي يواجهها من طرف القنوات التلفزيونية التابعة للقطاع الخاص المحلي سيما في ميدان الإنتاج البرامجي، بعد أن كانت المنافسة في السابق تقتصر على القنوات الفضائية.
كما توقع الأستاذ بن حلة أن يعرف الإعلام العمومي في قطاع الصحافة المكتوبة، المزيد من الانحسار من ناحية الانتشار و المقروئية بعد سنوات ‹› الازدهار ‹› التي كان قد شهدها قبل عدة عشريات سيما في ستينيات القرن الماضي، وما بعدها، مرجعا سبب ذلك أيضا إلى المنافسة الشديدة التي تفرضها الجرائد التابعة للخواص، وشح مصادر التمويل، منوها إلى أن القطاع العام في الصحافة المكتوبة في عديد البلدان يواجه نفس الظروف و الصعوبات، سواء في مصر أو تونس وفي المغرب بشكل أكبر.
وأضاف بن حلة ‹› إذا كانت الصحافة المكتوبة في القطاع العمومي تشهد تراجعا في مختلف البلدان وحتى في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا أتوقع بأن وضعها سيكون أصعب في المستقبل بسبب نقص الإعلانات وتراجع المبيعات بسبب تراجع مقروئية الجرائد الورقية لاستعاضة قطاع واسع من الناس عن ذلك بقراءة الجرائد من مواقعها الإلكترونية وبصفة مجانية بالنسبة لمشتركي الأنترنيت››، مضيفا ‹› رغم لك أقول أن مقروئية الجرائد الورقية في الجزائر مازالت منتشرة وبنسبة عالية لكن أتوقع بأن ينحسر العدد في المستقبل والجزائر لن تكون حالة استثنائية››. في مصر
وفي هذا السياق أشار ذات المتحدث الجرائد العريقة في مصر ظلت دائما ‹› هي الجرائد العمومية ولكنها اليوم تعاني مشاكل اقتصادية رغم كونها الأولى في مجال النشر والإعلان وقال بأن نفس الوضع ستشهده مستقبلا الصحف العمومية في الجزائر، وأشار إلى أن الصحف العمومية التي كانت همزة الوصل بين الدولة والحكومة والرأي العام، حل اليوم محلها بعد اختفائها في العديد من البلدان ‹› صحف مقربة من الحكومة ‹› تابعة للرأسماليين والخواص وللشركات الكبرى، لذلك يقول الأستاذ بن حلة ‹› إن الحكومات اليوم لا تتوجه نحو إنشاء صحف خاصة بها وإنما تبحث عن الصحافة المقربة لتلعب نفس الدور الذي من المفروض أن تلعبه الصحف العمومية››.
و في رده عن سؤال عن الحلول التي يقترحها لضمان استمرار وديمومة وجود القطاع العمومي في الصحافة مستقبلا، قال الأستاذ بن حلة ‹› إن الصحف العمومية في الجزائر مطالبة بأن تلم شملها في شكل مجمع أو مؤسسة كبيرة بفروع جهوية  من أجل العمل بشكل جماعي لإيجاد حلول تجعلها تتجاوز أي أزمة مستقبلا بسلام›› مشترطا أن لا يتم تعيين مديرين لها من طرف الحكومة، وقال ‹› من المحبذ أن تستمر الدولة في دعمها بأي شكل›› وأضاف ‹› في البداية يجب أن تبتعد الصحف العمومية شيئا فشيئا عن الحكومة مع احتفاظها بالطابع العمومي، أي أن لا تبقى تحت وصاية مباشرة لوزارة الاتصال، وأن تبحث عن مصادر تمويل جديدة وأن لا تستمر في الاعتماد على الدعم المباشر أو غير المباشر الذي كانت تتحصل عليه من الدولة››، فيما طالب صحف القطاع العام  بإنشاء معهد تطبيقي ذي طابع استثماري موجه لتدريب صحافييها باعتبار أن الصحافيين بحاجة إلى التدريب المستمر سيما في مجال استعمال التكنولوجيات الحديثة وفي كل ما يرتبط بمجال الممارسة الإعلامية، مقترحا أن يكون المدربون غير موظفين ‹› لتقليل التكاليف والاكتفاء باستقدام مدربين لتأطير دورات معينة›› وبحسبه ‹› يمكن فتح هذا المعهد الذي لا يمكن أن يحل محل كليات الإعلام طبعا، لتكوين صحفيي القطاع الخاص والطلبة الراغبين في تكوين تطبيقي››.
أما بالنسبة للتلفزيون العمومي فشدّد على ضرورة أن يكون في مستوى المنافسة مع القطاع الخاص من خلال الاهتمام بإنتاج برامج أفضل وذات نوعية على أن لا تكون الوصاية المباشرة للتلفزيون العمومي للحكومة بل يجب أن يكون تحت وصايته المجلس الأعلى السمعي البصري، الذي يتم تعيين أعضاءه كما قال من  البرلمان ورئاسة الجمهورية.
ع.أسابع

الدقة والابتعاد عن الإثارة جعل الموقع مصدرا رئيسيا للأخبار الوطنية
"تي آس آ " رائد الإعلام الالكتروني في الجزائر
تمكن الموقع الإخباري الناطق بالفرنسية "كل شيء عن الجزائر" أو "تي آس آ" من احتلال الموقع الريادي بين المواقع الإخبارية الوطنية، ونجح بعد 8 سنوات من تأسيسه في كسب عدد كبير من القراء والمتابعين، بالنظر لنوعية المعلومات التي يقدمها والتي تتميز بالمهنية، ويقول الصحافيون بالموقع، بأن نجاحه يعود أساسا إلى السياسة المتبعة من قبل المسؤولين والطاقم الصحفي بالابتعاد عن الإثارة والتركيز على نوعية الخبر الذي يعتمد بدوره على صحة المصدر.
يبرز اسم "تي آس آ" أو موقع "كل شيء عن الجزائر" الذي يتناول الأخبار المحلية والدولة، كأهم موقع الكتروني في الجزائر، بالنظر لعدد متصفحي الموقع، ومتابعيه، وهو ما جلب بدوره عدد كبير من المعلنين الذين يضعون إعلاناتهم الاشهارية على الموقع، الذي استطاع في ظرف ثماني سنوات من التموقع كرائد للإعلام الالكتروني في الجزائر.
وترى الصحفية بالموقع كاتيا مهدي، أن " الصحافة الالكترونية تعاني من مشاكل مرتبطة بطبيعة العمل الصحفي بشكل عام، وأخرى تخص المواقع الالكترونية"، وتضيف "نعاني من مشكلة الحصول على المعلومة والوصول إلى مصدر الخبر وهو نفس المشكل الذي تواجهه اغلب الجرائد والمؤسسات الإعلامية الأخرى"، بالإضافة إلى متطلبات يفرضها العمل الصحفي بأي موقع الكتروني، تتعلق بضرورة بث الخبر بشكل آني وسريع، مع الحرص على التدقيق في المعلومة قبل نشرها، انطلاقا من الحرص على مصداقية الموقع، وقالت "انه في بعض الأحيان يمتنع الموقع عن نشر معلومات موثوقة تعذر التأكد منها عبر عدة مصادر مختلفة " لتفادي الوقوع في الإثارة التي لا تخدم لا الموقع ولا القارئ.
وتشير الصحفية بالموقع، أن هذه الجدية في التعامل الإعلامي، سمح للموقع من أن يتحول إلى مصدر للمعلومات لعديد الهيئات العالمية، وقالت بأن التقرير الذي أصدرته مؤخرا الهيئة الدولية لمعالجة الأزمات "كريزيس غروب" أورد ضمن مصادره عدة مقالات صادرة عن الموقع، وهو ما يؤكد مكانة الموقع الذي أصبح مصدر موثوق للمعلومة الصحيحة.
وحسب مسؤول الموقع، فقد استقبل "تي آس آ " العام الجديد 2015، بعدد زوار يفوق 3 ملايين، 77 بالمائة منهم متابعون أوفياء، إضافة إلى أكثر من 9 ملايين و نصف عدد الصفحات المشاهدة، وذلك خلال ديسمبر من العام الماضي، حسب معطيات محرك البحث "غوغل"، متصدرا بذلك قائمة المواقع الإخبارية الالكترونية الجزائرية الفرنكوفونية.
ويقول مسؤول بالموقع أن فكرة الحديث عن على نظام الاشتراك بمقابل مادي في المواقع الإخبارية، فكرة مطروحة ولكنها غير قابلة للتطبيق في الوقت الحالي، موضحا بأن إدارة الموقع "فكرت في وضع نظام للدفع خاص بالمعلومات الحصرية التي يحصل عليها الموقع ويعاد نشرها في الجرائد دون أي مقابل في الوقت الذي يجهتد الصحفيون العاملون بالموقع من أجل الظفر بمعلومة ذات مصداقية".
وتقول الصحفية بموقع "تي آس آ " كاتيا مهدي، بأن فرض نظام الدفع يصطدم بعدة عقبات واعتبارات بعضها تقنية، ومنها خاصة عدم الاستعمال الواسع لأنظمة الدفع الالكتروني، وأخرى مرتبطة بطبيعة الفرد الجزائري الذي لم يتعود بعد على خدمة الدفع مقابل الحصول على المعلومة وينظر إلى الأخبار كوسيلة للترفيه وقضاء الوقت، وتقول كاتيا مهدي "يلزمنا بعض الوقت لإقناعه بفكرة دفع اشتراكات مقابل تصفح المواقع الإخبارية فالذهنية المحلية ليست نفسها في فرنسا أو غيرها من دول غربية. وقد تعود الجزائري على مطالعة الخبر بتكلفة أقل، وهو لا يدرك حجم الخسائر التي تتكبدها مؤسسات إعلامية للوصول إلى المعلومة، وتوفيرها في وقت جد قصير بين يديه". وتشير إلى أن الحل الوحيد المتبقي، هو العمل على تطوير سوق الإعلان الافتراضي، الذي لم يعرف بعد تزاحم المعلنين عليه حتى الآن، على الرغم من الأسعار المخفضة.
أنيس نواري

قال أن مصالحه تولي اهتماما خاصا للإعلام الأمني
اللواء هامل يدعو إلى توثيق التعاون بين الشرطة و وسائل الإعلام
أكد المدير العام للأمن الوطني، اللواء عبد الغاني هامل ، أن علاقة مصالح الشرطة بوسائل الاعلام ، تقوم على عدد من المبادئ السامية التي تحقق المزيد من التعاون المشترك والوثيق بينهما، بما يضمن تهيئة رأي عام واع بقضاياه الأمنية ودور شرطته في المجتمع، ويعزز -كما قال- الجهود الموجهة لمكافحة الجريمة بكل أشكالها، وإقرار الأمن والنظام
العام في المجتمع.
وعبر اللواء هامل، في رسالة وجهها للإعلاميين، بمناسبة اليوم الوطني للصحافة عن تهانيه لجميع الأجهزة الإعلامية، إدارة وصحفيين وتقنيين ومساعدين و المزيد من  الانجازات و المكاسب.  
و أوضح ، أن المديرية العامة للأمن الوطني، تولي الإعلام الأمني، اهتماما خاصا وعناية تامة، تهدف إلى إبلاغ الرأي العام بكل ما تقوم به مصالح الشرطة من أنشطة إعلامية وتوعية بهدف المحافظة على أمن الوطن ومكتسباته وعلى حماية المواطن في نفسه وممتلكاته ، وقال في هذا الصدد، نحن على قناعة بوجود إعلام أمني فاعل وناجح، وهو في تطور دائم، وأكد أن المديرية العامة للأمن الوطني تسهرعلى إمداده المتواصل بالحقائق والمعلومات الأمنية لتمكينه من صياغتها في الشكل الإعلامي المناسب لإيصالها بكل أمانة للرأي العام، بما يحقق كما أضاف، التجاوب الجماهيري مع الأفكار الأمنية المطروحة، وبهذا تساهم وسائل الاعلام  في تنمية الوعي الأمني لدى المواطن.
وأشاد هامل بالمناسبة ، بعناية وجهود رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة  لتعزيز حرية التعبير، منها إقرار تاريخ 22 أكتوبر من كل عام يوما وطنيا للصحافة، مضيفا أن رئيس الجمهورية ، يقدم دوما إنجازات تاريخية تصب كلّها في تهيئة الظروف القانونية، المادية والمعنوية لتسهيل عمل مختلف الهيئات الإعلامية في الجزائر، وتوفير الشروط اللازمة للصحفيين، من أجل تقديم خدمة إعلامية راقية لتمكين المواطن من الحصول عليها بسهولة وسرعة كبيرة.
وأضاف أن "رؤيتنا المستقبلية الدائمة في مجال تعزيز الاتصال تعتمد على الإعداد المستمر لرجال الشرطة الأكفاء في المجال الإعلامي والعمل الجواري لحثهم على التنسيق مع مختلف الهيئات الإعلامية لبلوغ سويّة أعلى مستويات الأداء وحسن معاملة المواطن وتقديم العون له وحل مشكلاته.
و أضاف " نسعى أيضا من خلال دعم الإعلام الأمني إلى حث المواطنين على التعاون مع مصالح الأمن الوطني وقيامهم بدور إيجابي يعزز جهودها ويؤازرها في مجالات الأمن وفي توعية ألجماهير ومكافحة الجريمة بكل أشكالها، وإقرار النظام والمساهمة في إرساء فلسفة الإعلام الأمني، حتى يُنقل -كما قال- جزء من الثقل في مكافحة الجريمة من جهاز الشرطة إلى الرأي العام، وهذا ما يدل على إشراك المواطن والمجتمع المدني في إيجاد الحلول  لمشكلات الأمن والجريمة في المجتمع"، مؤكدا أن التعاون الوثيق بين جهاز الشرطة ووسائل الإعلام يبقى أمر ضروري، لأن هدفهما الأسمى واحد، وهو بناء مجتمع يسوده القانون والنظام واحترام مبادئ حقوق الانسان.        

مراد .ح

الباحث في علوم الإعلام والاتصال نصر الدين العياضي للنصر
الدولـة مطالبـة بالقيـام باستثمـارات كبرى بالإعـلام لضمـان استمرار الخدمة العمـومية
دعا الباحث في علوم الإعلام والاتصال نصر الدين لعياضي، الأستاذ بجامعة الجزائر 3 إلى ضرورة القيام باستثمارات كبرى لفائدة وسائل الإعلام العمومية إذا ما أرادت الدولة استمراره، باعتبار أنه الضامن للخدمة العمومية، وذلك من أجل تجديد عتاده و مواكبة التكنولوجيا  وإعفاء هذا القطاع من بعض المصاريف التي تثقل كاهله والتكفل في المقابل بتكوين وتأهيل رجالاته.

حاوره/ عبد الحكيم أسابع

كما دعا لعياضي في حديث خص به النصر، إلى فتح المجال أمام المبادرات حتى لا يبقى القطاع العمومي رهين إعانات الدولة ومبادرات الدولة، كما دعا إلى ضرورة لجوء القطاع العام ذاته للبحث عن مصادر جديدة للتمويل وتنويع المنتوج الذي يلبي احتياجات مختلف شرائح القراء والمشاهدين والمستمعين إذا ما أراد تجاوز ظروفه الحالية.
• كيف تنظرون إلى واقع الإعلام العمومي، حاليا، في ظل المنافسة الشديدة المفروضة عليه من طرف القطاع الخاص؟
في البداية من الضروري توضيح المفاهيم بحيث أن ما نسميه بالقطاع العام في الإعلام بالجزائر هو في الواقع قطاع حكومي وليس قطاعا عاما، لأن القطاع العام مرتبط بمفهوم الدولة وليس بمفهوم الحكومة، وجزء من الصعوبات التي تعاني منها وسائل الإعلام الحكومية ترتبط بطبيعة العلاقة بين الجهاز التنفيذي وبين المؤسسات الإعلامية، وبالمنافسة الشديدة التي تواجهها من طرف القطاع الخاص أو القطاع المستقل وهو في الواقع ‹› قطاع تجاري››، علما أننا في الواقع نخجل أن نقول القطاع التجاري لأن تراثنا السياسي ينظر بنظرة خجل لكل ما هو تجاري في مجال التعليم وفي المجال الثقافي، فضلا عن المنافسة التي تواجهها بسبب انتشار شبكة الانترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي.

الهيئات التنفيذية في الدولة تعتبر وسائل الإعلام  أدوات تجنيدية تعبوية

والمشكل المطروح اليوم في الجزائر لا يرتبط بالمنافسة فحسب بل يتمثل في أن قواعد اللعبة غير مضبوطة في قطاع الإعلام وهنا فإن الحاجة لوجود قانون خاص بالإشهار، ملحة، كما أن غياب قانون المنافسة في ميدان الإعلام يجعل العملية تبدو في غاية الصعوبة بالنسبة للقطاع العام، لماذا صعبة بالنسبة للقطاع العام لأن الذهنية المسيطرة الآن على مختلف الهيئات التنفيذية في الدولة، أنها تعتبر وسائل الإعلام أدوات تجنيدية تعبوية، بينما معطيات السوق الآن تفرض على القطاع العام أنه ينافس القطاع الخاص المفتوح على المبادرات الخاصة.
العامل الآخر وهو التحول الحاصل الآن في طبيعة الإعلام كمفهوم، فمع انتشار الشبكات الاجتماعية تغير مفهوم الإعلام، بحيث أن الناس أصبحوا لا يهتمون بالفعل ( الحدث ) بل بردود الفعل وبتداعيات الحدث أكثر عكس ما كان عليه الحال في السابق حيث كان الاهتمام أكثر بالحدث في حد ذاته ثم أن الجمهور أصبح أكثر تفاعلية، في السابق كنا نكتب إلى تصور عن مفهومنا للجمهور كالروائي الذي يجلس في بيته ويكتب للجمهور الأشياء التي يتصورها، ما يجعل وسائل الإعلام العمومية، مطالبة بمسايرة ردّات الفعل.
•  وما هو برأيكم الجديد الذي حدث على مستوى قواعد المنافسة؟
إن قواعد المنافسة قد تغيرت بحيث أن وسائل الإعلام التقليدية دخلت في منافسة مع شبكات التواصل الاجتماعي، والأكثر من هذا فإن وسائل الإعلام التقليدية أصبحت مضطرة لكي تستثمر في هذه التكنولوجيا الجديدة، لذلك نجد أن الكثير من الصحف أصبحت لها مواقع وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنافذ من أجل التفاعل مع الجمهور واستخدام الجمهور كمادة وكمصدر إخباري وأعتقد أن هنا تكمن الصعوبة بالنسبة لوسائل الإعلام العمومية، لماذا، لأن وسائل الإعلام العمومية مصدرها مؤسساتي باعتبار أنها مضطرة لان تتعامل مع المؤسسات الرسمية فقط في استقاء ونشر الأخبار، بينما الآن الجمهور أصبح طرفا في العملية الإعلامية ووسائل الإعلام الآن أصبحت تعتمد على الجمهور كمصدر إخباري كما أن وسائل الإعلام مطلوب منها الآن أن تلتزم بشروط الآنية بينما طبيعة العمل في القطاع الإعلامي العمومي يتطلب نوعا من التأني ونوع من الموافقات لنشر بعض المعلومات التي تعتبر حساسة لذلك فإن القطاع العمومي يعاني نوعا من الغبن مقارنة بوسائل الإعلام الخاصة التي تغامر وتقدم بعض الأخبار حتى ولو تبين فيما بعد بأنها غير صحيحة ومجرد إشاعات، وكل ذلك من أجل رفع عدد جمهور قراءها.
أما التنافس في القطاع السمعي البصري فحالة الجزائر  " استثنائية "، نظرا لوجود قنوات " غير قانونية " باعتراف المسؤولين وأكثر من هذا فإن بعض الرسميين يفضلون هذه القنوات على حساب  القنوات العمومية، كما لو أنهم يسعون لإضعاف القطاع العام من أجل تشجيع القطاع الخاص، قبل أن يتهموه فيما بعد، بالضعف وهذا من المفارقات.
 •  وهل تعتقدون أن وسائل الإعلام الجزائرية قادرة على فرض نفسها في ظل الفضاء المفتوح على مصراعيه للتنافس؟
أعتقد أن ما تم تحقيقه لحد الآن لا يسمح لنا القول بأن مستوى الأداء في القطاع الخاص التلفزيوني ينافس القنوات الأجنبية، لماذا.. لأن غايات هذا الانفتاح ليست مبنية على هم وطني للدفاع عن حق المواطن في التعبير الحر، بل قامت لمعالجة حسابات أخرى.
لو نريد بناء قطاع تلفزيوني وإذاعي وطني، لابد من تقنين ولابد من احترام هذه القوانين، وضبط قواعد اللعبة بعيدا عن مختلف الأطراف الفاعلة في العملية الإعلامية من مجالس وغيرها، ذلك ما هو مفقود عندنا ويجب أن نعلم أن كلفة الفوضى والتسيب الحاصل في القطاع الإعلامي سندفعها لاحقا وليس الآن.
 •  وبخصوص القطاع العام في الصحافة المكتوبة ما هو المطلوب برأيك من أجل ضمان ديمومته ؟
لا بد من سياسة وطنية للحفاظ على مكتسبات الصحافة المكتوبة،  و رسم آفاق الاستثمار في مجال التكنولوجيا، من هنا إلى 20 سنة، كون أن الأمور قد تتغير خاصة وأن البحوث الآن في مختلف أنحاء العالم تقول أن قارئ الصحافة الورقية الذي يموت لا يعوض أي الآن لو نقوم بمسح سوسيولوجي لقراء الصحافة  سنجدهم أناسا متقدمين في السن.

قواعد المنافسة تغيرت بدخول شبكات التواصل الاجتماعي على الخط

وبرأيي لابد من طرح السؤال المركزي، ماذا نريد من صحافة القطاع العام التي تعاني من إكراه سياسي مرتبط بالسلطات التنفيذية ومن إكراهات اقتصادية لأن الإدارة الاقتصادية ليست في يد المؤسسات وإنما في يد الهولدينغ والمجمعات، وبرأيي لابد  من تقنين العلاقة بين السلطة التنفيذية وبين وسائل الإعلام التابعة للقطاع العام من خلال دفتر شروط ومحاسبتها بناء على أساس هذا الدفتر والمحاسبة يجب أن تتم عن طريق هيئة منتخبة، على غرار ما هو معمول به في الخارج.
إذاً لابد من وضع تشريعات جديدة يتم على ضوئها تحديد طبيعة العلاقة التعاقدية مع الهيئات التنفيذية كما أنه من الضروري فتح المبادرة للمؤسسات التابعة للقطاع العام بالعمل وفق شروط المنافسة لكن في إطار الشفافية وفي إطار مجموعة من الضوابط القانونية، كما لابد من وضع استراتيجية تكوينية لأن المطلوب الآن هو الحصول على كفاءات جديدة ومهارات جديدة، وتعزيز هذه الجهود بالاستثمار في مراكز البحوث أي في مجال البحث ثم لابد من سياسة وطنية في مجال الاستثمار في التكنولوجيا، واعتقد أنه من المستحيل أن نكتسب خبرة في مجال التكنولوجيا في قطاع الإعلام بدون رسم سياسة وطنية وبدون تقديم دعم معنوي ومادي لقطاع الإعلام والاتصال من أجل الحصول على العتاد التكنولوجي وأيضا أجل إعادة دعم الفنيين والصحافيين و إعفاءهم من دفع بعض الضرائب إعانتهم في مجال النقل وفي مجال التوزيع، أما إذا  تركنا الأمور على ما هي عليه  الآن فلا يجب أن ننتظر سوى المزيد من الفوضى والضبابية.
•  ما هي برأيك القيمة الحقيقية أو الأهمية التي يكتسيها وجود القطاع العام في حقل الإعلام؟
القطاع العام هو الضامن الأساسي للخدمة العمومية لأن تسليم الثقافة والإعلام إلى القطاع الخاص سيؤدي إلى نوع من التجارة، وعليه أن يعمل على فرض نفسه سيما من خلال  الاستثمار في الإعلام المحلي والجواري، وليس معنى ذلك أن لا نستثمر في الإعلام الخارجي، والدولة مطالبة إذا ما أرادت استمرار القطاع العمومي في الإعلام القيام باستثمارات كبرى من أجل تجديد العتاد و مواكبة التكنولوجيا  وإعفاء هذا القطاع من بعض المصاريف التي تثقل كاهله والتكفل بالتكوين والتأهيل وفتح المجال للاستثمارات والمبادرات حتى لا يبقى القطاع العمومي رهين إعانات الدولة ومبادرات الدولة، كما لابد أيضا أن يفكر القطاع العام ذاته في كيفية تحقيق تمويله الذاتي من خلال  تغيير خارطة توزيعه وأن ينوع منتوجه حتى يلبي احتياجات مختلف شرائح القراء والمشاهدين والمستمعين.

مراسلون من الجزائر العميقة
وضع قانوني غامض، حقوق مهنية مؤجلة و متاعب لا تنتهي مع مصادر الخبر    
يتسلحون بشيء من الإرادة و الصبر و يحملون أوراقا و أقلاما و كاميرات صغيرة و يغادرون كل صباح باتجاه مداشر و قرى و مدن ولاية قالمة و غيرها من مناطق الجزائر العميقة الواسعة بحثا عن الحدث و مواطنين يعيشون بعيدا عن الأضواء يتألمون في صمت بسبب مرض أو عزلة أو فقر لعين، و يتطلعون كل يوم إلى أمل قد يأتي مع خيوط الفجر الذهبية لكنه لا يلبث أن يتلاشى مع شمس المغيب و يتحول إلى وهم أبدي طويل في انتظار يوم جديد قد يغير واقع الحال.    
يعيشون ساعات طويلة و ربما يوما كاملا بين الألم و الأمل و بين الحقيقة الماثلة أمامهم و بين الوعود و القرارات المؤجلة إلى حين. الكثير منهم لم يكونوا يتوقعون بأن يصيروا كائنات بشرية ضعيفة تختزن هموم الآخرين و تنقل صوتهم و صراخهم المدوي إلى الآخرين عندما كانوا على مقاعد الجامعة أو عاملين بقطاعات أخرى غير الإعلام، فقط  ربما كان حلمهم المشترك هو أن يصبحوا مراسلين صحافيين لكنهم لم يكونوا أبدا يتوقعون أن تتحول يومياتهم إلى متاعب و تحديات و هم يتجولون بين السهول و المداشر و القرى بحثا عن حقيقة يوثقونها بالصوت و الصورة و القلم، و ينقلونها بأمانة للمسؤولين المحليين و الرأي العام لإيجاد البدائل و الحلول للمشاكل المطروحة في مجال التعليم و الصحة و الطرقات و السكن، و مياه الشرب و الغاز و الكهرباء و البطالة و غيرها من الانشغالات و الهموم المنتشرة بكثـرة عبر الأقاليم النائية بولاية قالمة، التي يعاني اقتصادها من متاعب كبيرة لم يتعاف منها حتى الآن رغم جهود الدعم و الإصلاح التي تقوم بها الدولة كل عام في إطار البرامج القطاعية السنوية.   
إنهم المراسلون الصحفيون العاملون بالجزائر العميقة بعيدا عن هيئات التحرير المركزي، يقفون على خطوط التماس الفاصلة بين الحقيقة و الأرقام النظرية المجردة التي تملأ الملفات و رفوف الخزائن في انتظار ترجمتها إلى واقع ميداني ملموس، يتحملون الجوع و البرد و حرارة الشمس و يدفعون من جيوبهم بلا مقابل و بلا حدود لتعبئة رصيد هاتف و خط انترنت أو دفع تكاليف حافلة أو سيارة فرود تنقلهم إلى قرية نائية و تستنزف ما بقي لهم من نقود.  
يسابقون الزمن و يضحون من أجل الخبر المقدس و يصلون إلى حيث المعاناة الحقيقية و إلى حيث الأمل و المنجزات أيضا، هم ليسوا سلبيين دائما كما يعتقد الكثير من المصابين بفوبيا العداء للصحافة عن جهل و بأحكام متسرعة.  
الكثير من هؤلاء الذين ساهموا في تطوير الإعلام الجواري بالجزائر العميقة و التأسيس لصحافة محترفة لم يتعلموا مبادئ الصحافة على مقاعد الجامعة بل اكتسبوها عن جدارة من الواقع الحي و الممارسة اليومية و صاروا مراسلين و حتى صحافيين متمرسين مسلحين بالإرادة و حب المهنة و جنون الإبداع و الكتابة التي تتجلى في أبهى صورها من خلال الروبورتاجات المثيرة التي تتحدث عن أحزان و أفراح الآخرين و توثقها للتاريخ و الأجيال اللاحقة.  
النصر التقت عددا من مراسلي الصحف الوطنية و القنوات الفضائية الخاصة بقالمة، و استمعت إلى أرائهم المختلفة حول الحقوق و الواجبات المهنية و واقع و تحديات العمل الإعلامي الجواري و نظرتهم إلى المستقبل الغامض في ظل التشريعات الجزائرية الحالية التي لا تكاد تشير إلى مهنة المراسل الصحفي و المتعاون و العامل بالقطعة و حتى الهاوي الذي يعشق الظهور و الكتابة في الصحف بلا مقابل و بعيدا عن هيئات التحرير المركزي و المؤسسات الإعلامية التي لا يعرفها الكثير من المراسلين المحليين رغم سنوات طويلة من العمل فيها.

عبد الوهاب بودراع مدير مكتب وكالة الأنباء الجزائرية بقالمة
المراسل الصحفي المحلي مازال كائنا غامضا في نظر التشريع الجزائري
يثير عبد الوهاب بودراع مدير مكتب وكالة الأنباء الجزائرية بقالمة في حديثه للنصر الوضع القانوني للمراسل الصحفي المحلي و علاقته بمؤسسته الإعلامية المفترضة و المحيط الذي يعيش فيه و مصادر الخبر و دوره الكبير في إنتاج المادة الإعلامية و تزويد هيئة التحرير بما أمكن من الأخبار و التحاليل و التحقيقات.     
“أولا قبل الحديث عن المراسل الصحفي لا بد من الإشارة إلى ماهية هذا المراسل الصحفي ومكانته في التشريعات الجزائرية الخاصة بتنظيم الممارسة الإعلامية ثم نظرته هو شخصيا إلى ما يقوم به من عمل إعلامي وأهدافه من ممارسة هذا النشاط ثم نظرة مسؤولي المؤسسات الإعلامية المستخدمة أنفسهم للمراسلين العاملين معهم ونظرة المسؤولين المحليين والمواطنين لطبيعة العمل الذي يقوم به .
وباختصار شديد فرغم أن الكثير من  المختصين في الميدان الإعلامي  في العالم يرون في المراسل الصحفي العين التي تلتقط كل ما يدور حولها من أحداث والأذن التي تسمع جزء كبيرا مما لا يسمعه غيرها من الناس العاديين كما يعتبرون بأن المراسل الصحفي هو ذلك الشخص الذي يعرف كيف يحفر للحصول على المعلومات الظاهرة منها و الباطنة والخفية والغامضة» .
 و يضيف عبد الوهاب بودراع «غير أن الواقع الذي يعيشه المراسل الصحفي في طبيعة علاقاته بمختلف الأطراف التي تدخل في العملية الإعلامية الممارسة يوميا تظهر وجود شرخ وفجوة كبيرة بين هذا الإعلامي والمهنة التي يمتهنها بداية بالمؤسسات الإعلامية المستخدمة ثم بقية الأطراف الأخرى .
وما يؤسف له في هذا الشأن هو أنني شخصيا لا أكاد أجد مفهوما واضحا وصريحا  أو «وضعية قانونية للمراسل الصحفي « في التشريع الجزائري  الذي يتحدث فقط عن الصحفي المحترف باعتباره الشخص الذي يكسب قوته اليومي من العمل الصحفي باعتباره المورد المالي الوحيد» .
هذا الفراغ القانوني في نظر المتحدث فتح المجال أمام المؤسسات الإعلامية بمختلف تخصصاتها إلى تطبيق قانونها الخاص والذي لا يعرف منه المراسل أية مادة ما عدا التوجيهات الشفوية التي يتلقاها من رئاسة التحرير وهو الوضع الذي تكرس خاصة بعد الانفتاح الإعلامي وتوجه الصحف والقنوات الإخبارية المختلفة إلى التركيز في عملها اليومي على الواقع المحلي بمختلف أبعاده عن طريق شبكة واسعة وغير محدودة في بعض الأحيان من المراسلين المنتشرين في كل ولايات الوطن وفي بعض الأحيان أكثر من مراسل في الولاية الواحدة.
الواقع الحالي حسب صحفي وكالة الأنباء الجزائرية بقالمة يظهر بأن هناك من يعمل « بالقطعة « لكن أية هوية قانونية وأية حماية اجتماعية للعامل بالقطعة وكيف يحصل على تعويضاته المالية السؤال يبقى مطروحا ، هناك من يعتبر نفسه مراسلا دائما وفق عقد عمل محدد المدة وهنا أيضا يبقى الوضع تقريبا على ما هو عليه هل هو صحفي محترف يتمتع بكل حقوقه أو هاو لا حقوق له سوى ما يراه مسؤولو المؤسسة المستخدمة.
و ذكر بأن المدخل السابق يجعلنا نتحدث عن المراسل الصحفي كعامل غير واضح المعالم ولا الواجبات ولا الحقوق في الحقل الإعلامي وهو ما ينعكس بالطبع عن يوميات كل صنف من المراسلين.
و يرى بأن الصحفي المحترف الموجه للعمل بمنطقة أو ولاية معينة (وهي الحالة التي نجدها خاصة لدى المؤسسات العمومية في الجزائر)  فهو مجبر على أداء وظيفته الوحيدة واليومية بشكل منتظم وجاد مع الالتزام الكلي بالقانون الأساسي والنظام الداخلي للمؤسسة المستخدمة تماما على نفس الدرجة التي يكون فيها ملتزما بأخلاقيات المهنة ومتطلبات العمل المهني
وبصفة عامة كما يقول عبد الوهاب بودراع الذي خاض تجربة طويلة في مجال العمل الصحفي المحلي، فإن المراسل يقضي كل وقته في البحث عن المعلومة القابلة للنشر ليلا ونهارا،   فيجري الاتصالات اللازمة مع مصادر الخبر ويتنقل بين المنطقة والأخرى حيث يوجد الخبر وفي بعض الأحيان يكون المراسل صانعا للموضوع من خلال تنويع المواضيع الصحفية بإجراء روبورتاجات وحوارات وبورتريهات وتحقيقات صحفية مع أن صحافة التحقيق في الجزائر ما تزال بعيدة عن المستويات المهنية. موضحا بأنه بالنسبة للمراسل الصحفي فاليوم لا ينتهي بمجرد كتابته للمقال أو نقله للخبر كونه يبقى أيضا في انتظار ردود الفعل أو «الفيد باك» أو رجع الصدى من المحيط والزملاء ورؤساء التحرير.
 بالنسبة للمعوقات والصعوبات التي يواجهها المراسل الصحفي في عمله اليومي فهي حسب المتحدث تخص أكثر العاملين في قطاعات أخرى غير الإعلام ويتعاملون بالقطعة أو متعاونين تبدأ من نظرتهم هم أنفسهم للصحافة وفهمهم للمعلومة القابلة للنشر ثم كيفية تبريرهم للغياب عن مواقع عملهم ومناصبهم الأصلية وما يترتب عن ذلك من تأثيرات سلبية على مسارهم المهني .
و خلص إلى القول بأن «عمل المراسل الصحفي يكون عادة وسط ظروف غير ملائمة تماما بداية من صعوبة الحصول على المعلومة نتيجة قلة الوعي لدى مصادر الخبر بأهمية العملية الإعلامية في دعم التنمية وكذا غياب منظومة إعلام مؤسساتي ترتكز على مد الجسور مع وسائل الإعلام عبر المراسل المحلي ، إضافة إلى عدم توفر وسائل العمل الرئيسية بالنسبة للمراسل في مجالات التنقل والأمن مع تسجيل صعوبات أخرى مرتبطة بوسائل الاتصال الحديثة أثناء التعطلات».

كمال مرابط مراسل يومية الفجر بقالمة
نحن بحاجة إلى قرارات عملية تلزم المسؤولين المحليين بفتح الأبواب و التعاون  مع وسائل الإعلام
يرى كمال مرابط مراسل يومية الفجر بقالمة، بأن المراسل الصحفي بالجزائر العميقة مازال يعاني من مشاكل عديدة تعترضه في كل مرة عندما يقوم بعمله، يعيش تحت ضغط يومي مستمر فهو ملزم أمام مؤسسته الإعلامية بالبحث عن الخبر و تحريره و إرساله رغم قلة الإمكانيات مقارنة بما تتوفر عليه هيئات التحرير المركزي من وسائل نقل و تجهيزات و تدفق مقبول للانترنت.  
و أضاف مراسل يومية الفجر، الذي يعد واحدا من أقدم المراسلين الصحافيين بقالمة، بأن هناك متاعب كبيرة تواجه المراسلين المحليين بقالمة و ربما بولايات أخرى في الجزائر العميقة خلال البحث عن المعلومة خاصة مع غلق بعض المسؤولين المحليين أبوابهم و عدم تعاونهم مع الإعلام رغم أن هذا حق من الحقوق التي يضمنها القانون لكن هذا الحق ضاع في ظل غياب ثقافة الإعلام للجميع و لهذا لابد من أن تكون قرارات تلزم المسؤولين المحليين بفتح أبوابهم أمام الإعلام لنقل الخبر من مصدره بدون زيادة و لا نقصان.  
و ينظر كمال مرابط إلى مستقبل المراسل الصحفي المحلي بتشاؤم و يعتبره «مستقبل يسوده الغموض في ظل وجود الكثير من العقبات التي تعترض مهنة المراسل الصحفي المحلي رغم الدور الكبير الذي يقوم به من أجل المساهمة في رقي الجريدة أو القناة التي يعمل بها، فهو دائما بحاجة إلى إطار قانوني يحمي حقوقه المهنية و الاجتماعية».  
و بخصوص الوضع المهني الصعب الذي يعيشه أغلب المراسلين الصحفيين بالجزائر العميقة يقول كمال مرابط، « بالطبع هناك حقوق و واجبات تجاه هيئة التحرير، فالمراسل الصحفي مرتبط بمؤسسته الإعلامية بعقد عمل يلزمه بإرسال المادة يوميا لكن في المقابل هناك أيضا حقوق و واجبات مترتبة على الجهة المشغلة و المطالبة بتوفير جميع ظروف العمل و الحقوق المادية و المعنوية التي تمكنه من أداء عمله على أحسن الظروف و التوجه بقوة نحو انشغالات المواطنين و تغطية مختلف الأحداث التي تقع بالحيز الجغرافي الذي يعمل فيه و ربما يتعداه بلا حدود حيث أن المراسل الصحفي المحلي المتمكن غير مقيد بولايته فقط فهو قادر على المساهمة في مواضيع و ملفات تخص الشأن الوطني و حتى الدولي و هو مستعد لذالك عندما يطلب منه ذالك».  
و حسب المتحدث، فإن المراسل الصحفي المحلي يعد حلقة قوية بمؤسسته الإعلامية و لا يمكن لهيئة التحرير المركزي الاستغناء عنه مهما استعانت بمصادر أخرى.  
و أثار مراسل يومية الفجر قضية التكوين و العلاقات المهنية قائلا « رغم الخبرة التي يستمدها المراسل الصحفي من الممارسة الميدانية و من خلال الاحتكاك الدائم بزملائه المراسلين العاملين معه فإنه يبقى دائما في حاجة إلى تكوين متواصل على الأقل أسبوعا مكثفا كل سنة فمهنة الصحافة عبارة عن بحر من المعرفة نتعلم فيها كل يوم أشياء جديدة، و اعتقد أن الفريق الصحفي المحلي هو الأقرب للمراسل الصحفي من زملائه بهيئة التحرير المركزي فهناك مراسلون لا يعرفون حتى مقرات مؤسساتهم الإعلامية رغم مرور أكثر من 15 عاما على العمل بها، إنه وضع صعب و معقد ذلك الذي يعيشه المراسل الصحفي بالجزائر العميقة و أتمنى أن يأتي يوما تتغير فيه الأحوال نحو الأحسن و أرى بأن قرار ترسيم اليوم الوطني للصحافة بالجزائر من طرف رئيس الجمهورية ربما يكون مؤشرا قويا و بداية جادة نحو مستقبل واعد ينهي معاناة رجال الإعلام العاملين بالجزائر العميقة.                

فاطمة الزهراء شماخ مراسلة قناة و جريدة النهار بقالمة
نحظى باحترام سكان المناطق المحرومة لكن نعاني متاعب كبيرة مع مصادر الخبر
فاطمة الزهراء شماخ المراسلة الصحفية العاملة بقناة و يومية النهار واحدة من مراسلي و صحفيي الجزائر العميقة العاملين بتراب ولاية قالمة، والتي تحولت في السنوات الأخيرة إلى خزان كبير يمد مختلف الجرائد و القنوات بمزيد من المراسلين و الصحافيين المتمرسين الذين تركوا بصمات واضحة في المسيرة الإعلامية المحلية الفتية التي انطلقت باحتشام مطلع التسعينات قبل أن تبلغ مرحلة الزخم الكبير في السنوات الأخيرة مع الظهور المكثف و المتواصل للوسائل الإعلامية المختلفة، تتحدث للنصر عن واقع و آفاق العمل الصحفي الجواري بولاية قالمة و ربما بولايات أخرى من عمق الجزائر الواسعة حيث تتشابه المعطيات و الظروف المحيطة بعمل المراسل المحلي الذي يعد حلقة قوية في سلسلة الحلقات المتشابكة التي تكون هيئة التحرير المركزي.   
«إن المراسلين المحليين يواجهون متاعب كبيرة في الميدان و في مقدمتها مصادر الخبر الشحيحة التي تضع المراسل تحت ضغط كبير و خاصة عند وقوع أحداث تتطلب المعالجة السريعة حيث يصعب ربط الاتصال بالمصالح التي تحتكر المعلومة و ترفض الإدلاء بتصريح سريع حول هذا الحدث أو ذاك لتزويد الصحفي و من خلاله الرأي العام بالمعلومة الصحيحة، و أتمنى أن تتدارك مختلف الوزارات مشكل الاتصال و التواصل المستمر بين القطاعات المحلية المختلفة و المراسلين و ذالك من خلال إرساليات مستمرة تطلب من الدوائر الوزارية المحلية فتح مجال المعلومة الصحفية و التعامل مع رجل الإعلام الجواري باحترام حتى يؤدي دوره و ينجز عمله في ظروف مقبولة على الأقل».  
و تضيف مراسلة النهار من قالمة قائلة « ضعف الانترنت، تكاليف الهاتف المرتفعة، مشكل التنقل اليومي على مسافات بعيدة باتجاه مناطق معزولة و انعدام مقرات العمل كالمكاتب و دار الصحافة مشاكل أخرى يعاني منها المراسل الصحفي المحلي الذي يعد حلقة قوية بالمؤسسة الإعلامية فهو يؤدي دورا كبيرا فيها، و هو سفيرها و ممثلها على المستوى المحلي سواء أمام الدوائر الرسمية أو أمام المواطنين الذين مازالوا ينظرون إلى المراسل الصحفي بنوع من الاحترام و التقدير و خاصة بالمناطق المحرومة التي تعاني نقصا إعلاميا كبيرا و هي في حاجة إلى مزيد من الاهتمام و العمل الصحفي الجاد لتسليط الأضواء عليها و إيصال صوتها إلى أصحاب القرار المحلي و المركزي».  
و ترى المتحدثة بأن المراسل الصحفي المحلي يبقى دائما في حاجة إلى تشجيع و دعم متواصل من هيئة التحرير المركزي حتى لا يشعر بالعزلة لأنه يجد نفسه أحيانا وحيدا في الميدان يواجه متاعب كبيرة، مضيفة بأن التكوين الدوري للمراسل الصحفي مهم جيدا كما هو مهم الأجر المحترم و التامين و غيرها من الحقوق المهنية أيضا.  
و تنظر فاطمة الزهراء شماخ بتفاؤل إلى مستقبل العمل الصحفي الجواري و تتوقع مزيدا من الانفراج في العلاقات بين المراسلين و مختلف الإدارات التي تحتكر المعلومات الصحفية القابلة للنشر، و اعتبرت قطاعات الدرك الوطني و الشرطة و الحماية المدنية بقالمة نماذج يقتدى بها في مجال الاتصال المكثف مع وسائل الإعلام على العكس تماما من بعض الدوائر الوزارية المحلية التي يقتصر فيها الاتصال على المناسبات لا غير.                                                                                                               
فريد.غ         

عنابة نموذج الصحافة المحلية على الصعيد الوطني
الإعلام الجواري يبقى بعيدا عن مستوى التطلعات رغم تواجد 7 يوميات
لا يختلف إثنان في تصنيف عنابة  في خانة الولاية النموذج  في تجربة الصحافة المحلية على الصعيد الوطني، على اعتبار أنها تعرف تواجد 7 يوميات محلية في الساحة الإعلامية، رغم أنها لا تتوفر على مطبعة، و هو مكسب كبير للولاية، لكن الآراء و وجهات النظر تبقى متضاربة حول الخط الإفتتاحي لكل جريدة، لأن ثراء المشهد كان من المفروض أن يدفع بهذه اليوميات إلى التركيز بالأساس في على الأخبار الجوارية و التنمية المحلية بعنابة و الولايات المجاورة، مع إكتساء الطابع الجهوي، في محاولة لخدمة الإعلام الجواري، إلا  أن الواقع الميداني يثبت بأن رحلة بحث المواطن في الجزائر العميقة عن فضاء إعلامي يسمح له بإيصال إنشغالاته إلى المسؤولين المحليين ما تزال متواصلة إلى إشعار آخر، رغم تشبع الساحة الإعلامية بعنابة بعديد اليوميات التي تتخذ من عاصمة هذه الولاية مقرا لتحريرها المركزي.
«النصر» و في محاولة لتشريح الواقع الحالي للصحافة المحلية و خدمتها للإعلام الجواري اقتربت من أهل الإختصاص لأخذ نظرة شاملة، حيث كانت لها لقاءات مع مدير نشر يومية «آخر ساعة» الزميل السعيد بلحجوجة، و كذا رئيس تحرير جريدة «الصقر» رضوان سكلولي، إضافة إلى السيد لزهر مراد مسؤول نشر يومية «الشرق الجمهوري» الناطقة باللغة الفرنسية، فكان الإجماع على أن الصحافة المحلية تبقى بعيدة عن الأهداف المرجوة منها، و أن نجاح الإعلام الجواري يمر عبر شرط رئيسي و وحيد، يتمثل في ضرورة تواجد الصحافيين في الميدان، و التواصل دائم مع المواطن، و هذا رغم إختلاف الأطراف الثلاثة في بعض النقاط.

السعيد بلحجوجة (مدير نشر يومية آخر ساعة)
«الصحافة التجارية» سبب تدني مستوى الإعلام الجواري
أعرب مسؤول النشر في يومية آخر ساعة الزميل السعيد بلحجوجة عن إستيائه من الوضع الراهن الذي تعيشه الساحة الإعلامية المحلية، و أكد بأن الأمر لا يخص ولاية عنابة والصحف التي تصدر منها فقط، بل أن القضية أصبحت شاملة، و هناك الكثير من الجرائد المحلية التي أصبحت تصدر على الصعيد الوطني، لكن من دون تقديم الخدمة الإعلامية المنوطة بها.
بلحجوجة أوضح في هذا الصدد بأن إتساع الحقل الإعلامي بعنابة إلى 7 يوميات محلية يعكس بالدرجة الأولى الوضع المتردي ـ كما قال ـ «الذي تشهده الساحة الوطنية، لأن مهنة الصحافة تم إقتحامها من طرف أشخاص لا تربطهم أية علاقة بالإعلام، و الدليل على ذلك أن بعض المقاولين و رجال الآعمال، و حتى السياسيين، سجلوا وجودهم في القطاع من خلال مبادرتهم إلى إنشاء جرائد جهوية، لكن بأهداف تختلف كلية عن خدمة الإعلام الجواري، لأن المغزى التجاري ألقى بظلاله على المشهد، فضلا عن السعي لتحقيق غايات أخرى شخصية، من دون التفكير في تقديم خدمة إعلامية كفيلة بنقل إنشغالات المواطن».
بلحجوجة أشار في معرض حديثه إلى أن تشبع الساحة الإعلامية الوطنية بالعشرات من العناوين الصحفية لم يشفع للصحافة الجوارية من بلوغ مستوى تطلعات القراء، خاصة بالنسبة للجرائد المحلية التي تبقى ـ حسبه ـ «عاجزة عن إثبات وجودها كرفيق دائم للمواطن، و ذلك راجع إلى الأسس الخاطئة التي تبنى عليها مشاريع أغلب الجرائد المحلية، لأنني على قناعة بأن كل مبادرة لا يكون وراءها أحد رجال المهنة لن يكتب لها النجاح، مهما كانت فترة تواجدها في الساحة، لأن التعلق بالمهنة يعد المفتاح الوحيد الذي يشفع لجريدة بالتواجد في المشهد الإعلامي الوطني، في حين أن الحسابات التجارية ستسقط كلها في الماء، و تصطدم بالواقع الميداني، الذي يحتم على صاحب المشروع الإنسحاب مباشرة بعد إكتشاف حقيقة قطاع الإعلام».
مدير نشر يومية آخر ساعة أكد بأن سر تراجع الصحافة المحلية عن القيام بالدور المنوط بها يمكن في الوضعية الداخلية لكل جريدة، لأن أصحاب هذه اليوميات لا يضعون إنشغالات المواطن في صدارة مادتهم الإعلامية، بل أن فكرة «الصحافة التجارية» طغت على الوضع، فضلا عن عدم الإقدام على هيكلة الجريدة، و البحث عن مكانة في الساحة بأقل تكلفة ممكنة، لأنه من غير المعقول ـ كما أضاف ـ « أن تصدر يومية محلية بطاقم صحفي لا تتجاوز تركيبته 3 إعلاميين، إلا أن حقيقة الواقع تثبت بأن بعض الجرائد المحلية يشرف عليها صحفي واحد، و القلة القليلة من المراسلين، مع الإعتماد على المواقع الإلكترونية و النسخ من جرائد أخرى لأخبار مستهلكة لتقديم مادة إعلامية للقراء، و هو سبب رئيسي في تدني خدمة الإعلام الجواري».
من هذا المنطلق خلص بلحجوجة إلى القول بان التواجد في الميدان هو الذي يصنع الفارق بين الجرائد المحلية، و التواصل الدائم مع المواطن لإيصال إنشغالاته يبقى الشرط الوحيد للإرتقاء بالإعلام الجواري إلى مكانته الفعلية، لأن «صحافة المكاتب» ـ كما أردف ـ «تبقي المحرر بعيدا عن الحدث، و يفتقر للمعلومة الحقيقية التي تمكنه من نشر الخبر للقارئ، الأمر الذي ينعكس بصورة مباشرة على مصداقية الجريدة، و مكانتها في الساحة من حيث المقروئية».

لزهر مراد (مدير نشر يومية الشرق الجمهوري)
خبرة «النصر» سر بقائنا في الساحة و أقترح فتح قنوات تلفزيونية جوارية
إعتبر مدير نشر يومية «الشرق الجمهوري» الزميل لزهر مراد بقاء جريدته في الساحة الإعلامية طيلة 16 سنة دليلا على المكانة  التي إكتسبتها هذه اليومية المحلية في أوساط القراء، بالجهة الشرقية من التراب الوطني، و أكد في هذا الصدد بأن التجربة كان في بدايتها صعبة، إلا أن سر نجاحها يمكن في الطاقم الذي أشرف على إصدار أول عدد منها سنة 2000، لأن هذا الطاقم ـ كما قال ـ «كان يمتلك خبرة طويلة في المجال الإعلامي، و تمرس في مدرسة النصر التي تبقى نموذجا يقتدى به، و لا نستطيع نكران فضل و جميل هذه المدرسة علينا، بصفتنا من أبنائها، لأن المغامرة كانت عند خط الإنطلاق في غاية الصعوبة، لكن الخبرة المكتسبة سمحت لنا بتجاوز كل العقبات، و التواجد في الساحة».
مراد أشار في معرض حديثه إلى أن خدمة الإعلام الجواري تبقى بعيدة عن مستوى التطلعات، رغم أن الساحة تدعمت بالعديد من الجرائد المحلية، في عنابة و كذا في بعض ولايات الوطن، لأن نقل إنشغالات المواطنين عن كثب في كل شبر من أرجاء الجزائر العميقة يتطلب الكثير من التضحيات، غير أن الإشكال المطروح يكمن في غياب الهيكلة على مستوى عديد الجرائد، لأن التركيبة البشرية المتكونة و المتمرسة تعد أساس نجاح أي تجربة إعلامية، و لو فتح محدثنا قوسا ليضيف « عند بداية تجربتنا الكثير تنبأ لنا بالفشل، في ظل التعددية الإعلامية التي شهدتها الجزائر، و لم يكن من السهل إيجاد مكانة لدى القراء، غير أننا لم نبق مكتوفي الأيدي، و سطرنا سياسة عمل واضحة المعالم، مبنية على العمل خدمة الإعلام الجواري، و مع مرور السنوات نجحنا في تغطية بعض النقائص التي سجلناها في مشوارنا، لأن قناعتي الشخصية تتمثل في كون الجرائد المحلية تعد بمثابة «فنجان القهوة» الذي يرتشفه القارئ كل صباح، و بالتالي فإن المادة الإعلامية يجب أن ترقى إلى مستوى ذوق المواطن البسيط، و ذلك بالتركيز على الأخبار المحلية، و جعلها المادة الرئيسية في اليومية، بتخصيص أكبر حيز ممكن من المساحة لنقل إنشغالات المواطنين، مع العمل على التنويع بين التنمية، الرياضة و الثقافة، و هذا من دون تجاهل الأحداث الوطنية البارزة التي تفرض نفسها يوميا، و التي تهم كل الجزائريين».
و في سياق متصل أوضح مدير نشر يومية «الشرق الجمهوري» تواجد 7 يوميات محلية تصدر من ولاية عنابة لا يعني بأن الساحة الإعلامية بهذه الولاية متشبعة، لأن خدمة الإعلام الجواري تحتم على الصحفي النقل الآني للأحداث، الأمر الذي دفع به إلى التأكيد على أن تجربة الإذاعات الجهوية أثبتت ـ حسبه ـ «نجاحها الميداني في مجال الإعلام السمعي، و ذلك بالتركيز على الأخبار الجوارية، و عليه فإنني أقترح فتح قنوات تلفزيونية تهتم بالشأن المحلي، لبلوغ مستوى تطلعات المواطن، لأن عصر التكنولوجيا يبقي الأخبار مستهلكة، بعد معالجتها عبر مواقع التواصل الإجتماعي».

رضوان سكلولي  (رئيس تحرير يومية الصقر)
البحث عن التهويل على حساب المصداقية قضى على إحترافية الصحافة المحلية
إعترف رئيس تحرير يومية «الصقر» الزميل رضوان سكلولي بأن خدمة الإعلام الجواري لم ترق بعد إلى مستوى الأهداف المرجوة من منح الإعتماد لعديد الجرائد لمزاولة نشاطها على المستوى المحلي، موضحا في هذا الصدد بأن إشكاليات قنوات الإتصال و مصدر المعلومة تبقى من بين العوامل التي تحول دون تحقيق اليوميات المحلية لغايتها الرئيسية.
سكلولي أشار في هذا الإطار إلى أن تنصيب خلايا مكلفة بالإعلام و الإتصال على مستوى كل الهيئات و المديريات كان بغرض تسهيل مهمة الصحافيين في الوصول إلى مصدر الخبر، و نقل المعلومة مؤكدة، لكن الواقع يبقي الإعلاميين مصطدمين بأبواب مغلقة، سيما في فترة العطل و نهاية الأسبوع، من دون الحصول على الخبر من مصدر رسمي، مما يحتم عليه معالجة القضية و نشر الموضوع بالإكتفاء بالمعلومات التي تكون بحوزته. من جهة أخرى أوضح سكلولي بأن سبب تدني مستوى الإعلام الجواري يعود بالدرجة الأولى على غياب الإحترافية، و الميول أكثر إلى التهويل و التهريج بحثا عن مقروئية أكثر، حتى و لو كان ذلك على حساب مصداقية الجريدة و الحس المهني، و أخذ كمثال على ذلك تغطية الإحتجاجات التي يقوم بها المواطنون، و التي غالبا ما تكون من جانب واحد، و ذلك بنقل أقوال و تصريحات المحتجين، من دون الإستماع إلى الطرف الآخر، رغم أن المواطن ينتظر بفارغ الصبر موقف الإدارة أو السلطات المحلية من الإنشغال الذي كان قد طرحه عند تنظيم وقفة إحتجاجية، و السبب في ذلك ـ على حد تعبيره ـ « يعود إلى غياب التكوين و الرسكلة، و البحث عن تضخيم الأمور، عوض السعي لتهدئة الأوضاع، و السعي لإيجاد حلول كفيلة بالإستجابة الميدانية لإنشغالات المواطنين، لأن الصحافة المحلية تبقى همزة الوصل بين المواطن و الإدارة، و التحلي بالإحترافية يحتم على الصحفي الإستماع إلى الطرفين عن معالجة أية قضية، فضلا عن حتمية التواجد الميداني».
صالح فرطــاس

قدور تقار..  رجل المهنة الذي عايش 4 أجيال إعلامية
42 سنة في الصحافة ومنحة تقاعد تقارب الأجر القاعدي
على مدار 42 سنة وهو يمارس مهنة المتاعب التي أصبحت جزءا من يومياته ومن حياته، أصبح  تقار قدور يتنفس الصحافة. على مدار 42 سنة لم يقف أمام المحاكم من أجل القذف أو قضايا إعلامية، سجله المهني يحمل فقط عبارات الشكر والتقدير. تذكرنا معه في هذه الدردشة مراحل هامة من يوميات مساره المهني، وتحدث معنا عن وضعه الحالي، وعن خروجه من الباب الضيق وبمنحة تقاعد تعادل الأجر القاعدي
الأدنى حاليا.
• كيف بدأت حكايتك مع الصحافة قبل أكثر من أربعين سنة؟
ـ  حكايتي مع الصحافة بدأت سنة 1972 كنت متحصلا على بكالوريا لغات وأدب، فقرأت إعلانا في الجرائد التي كانت تصدر آنذاك حيث كانت وكالة الأنباء الجزائرية تبحث عن صحفيين فقدمت طلبي لمكتب وهران وتم قبولي.
و ميدانيا لم تكن لي أية فكرة عن الصحافة، لكن كانت لدي رغبة في ممارسة المهنة، فبعد قبولي في وكالة الأنباء التي كانت بحاجة ماسة لأشخاص يتقنون الفرنسية، مررت بمرحلة تكوين مبدئي لمدة 3 أشهر لتعلم أبجديات الإعلام وساعدني تكويني الأولي العسكري في مدرسة أشبال الثورة على مزج الإنضباط والإلتزام بقواعد العمل الصحفي، وبداية نزولي للميدان كانت دائما برفقة صحفي محترف كنا نكلف بجلب الأخبار ونتدرب على تحريرها على شكل برقية لا تتعدى 10 أسطر.
•  لو تحدثنا عن أجور الصحفيين آنذاك ماذا تقول؟
- أولا زحمة الرغبة في إبراز ما ينجز من أجل الوطن لم تترك لنا المجال للتفكير في الأجور، كما أن المستوى المعيشي لغاية نهاية الثمانينات كان جيدا، فمثلا أنا كنت أتلقى 500دج شهريا وكنا مجبرين على صرف جزء كبير منها على الهندام أي نشتري ملابس جديدة لأنها ضرورة في أداء المهنة بمظهر يليق بكوني صحفي، والباقي من الأجر كان يكفيني وأولادي الخمسة خاصة وأننا كنا نستفيد من العلاوات على الأداء والمردود وكذا تكاليف المهمات التي كانت تقدر وقتها  بـ 24دج وكانت تساهم في توفير نسبة من المال لدعم المصروف، الخلاصة أن الأمور المعيشية لم تكن معقدة
•  وعند التقاعد كيف هي أحوال المستوى المعيشي؟
للأسف بعد أكثر من 35 سنة عمل متواصل خرجت للتقاعد من الباب الضيق، لأنني كنت أريد البقاء للضرورة المادية ولكن تم رفض الطلب ومنحنا التقاعد بـ20 ألف دج في وقت إشتعلت فيه كل الأسعار، لم نتمكن من المواصلة لغاية الإستفادة من شبكة الأجور الجديدة، ولكن الحمد لله منذ خرجت للتقاعد لم أتخلَ عن الصحافة من جهة لأني بحاجة لدخل مالي إضافي لتسيير أمور بيتي، وكذا لعدم الخضوع للراحة التي ربما تقتلني على نار هادئة، حيث أعمل منذ أكثر من عشرة سنوات صحفيا متعاونا مع جريدة خاصة.
 • هل يختلف العمل الصحفي حاليا عن أيام السبعينات والثمانينات؟
- الإختلاف لا يكمن في التحرير أو إستقاء الأخبار التي هي قواعد عالمية، بل في الإلتزام بخدمة قضايا الوطن، كنا لا نهدأ نعمل ليلا ونهارا لأن جزائر الإستقلال كانت تبنى من خلال مشاريع الثورة الزراعية والقرى الريفية والمصانع والكبرى وغيرها من التحولات التي كانت تتطلب مرافقة إعلامية لتنوير الرأي العام بها خاصة منها برنامج محو الأمية ومجانية التعليم والصحة، ومن جهة ثانية كانت الجزائر قبلة للملوك والرؤساء والوفود الأجنبية.
ويختلف العمل الصحفي في وقتنا عن ما يجري حاليا في أن الصحفي كان يحظى بمكانة محترمة لدى السلطات في جميع المستويات المهم أن الخطأ أو عدم الإنضباط لا يغفران.
•  وهل تنوي التوقف عن العمل الصحفي؟
- أنا بحاجة للمال ولا أعرف أي عمل آخر غير الصحافة لدى لن أتوقف عن العمل الإعلامي ما دمت بصحة جيدة.
هوارية ب

عميدا الصحافة العنابية محمد الزين رزق الله والسعيد العماري
انتـهت متـاعب المهنـة و بدأت متـاعب التقـاعد
الصحفيان المتقاعدان محمد الزين رزق الله، والسعيد العماري، من أبرز الوجوه الصحفية بولاية عنابة، قدما إضافة نوعية للإعلام المحلي والوطني، تخرجا من المدرسة الوطنية العليا للصحافة، بشهادة ليسانس عام 1978، التحق رزق الله بوكالة الأنباء الجزائرية كصحفي بالمكتب الجهوي بعنابة، فيما اختار العماري جريدة المجاهد الناطقة بالفرنسية.
أكد محمد الزين الذي تقاعد سنة 2013 من العمل بوكالة الأنباء بعد 28 سنة خدمة، بأن وضعيته الاجتماعية غير مريحة، كون أجرة التقاعد التي خرج بها محدودة، واستفاد من الزيادات الأخيرة التي مست العاملين بالقطاع الإعلام العمومي، في العام الأخير فقط قبل التقاعد، وهي غير كافية – حسبه - للرفع من نسبة الأجرة الصافية التي يمنحها الصندوق والوطني للتقاعد، الذي يحتسب معدل أجرة الخمس سنوات الأخيرة من العمل، حاول الاستمرار العمل بوكالة لكن الإدارة المركزية رفضت وأحالته على التقاعد، رغم اقتراح المكتب الجهوي بقسنطينة التمديد.
 وقال رزق الله بأنه همُش في مسيرته المهنية، ولم يكلف بأي مهمة صحفية خارج الوطن عكس زملاء آخرين، حيث وجد نفسه مضطرا للتعاقد مع جريدة الشرق الجمهوري الناطقة بالفرنسية التي تصدر من ولاية عنابة، لتحسين وضعيته المادية من جهة، وعدم الابتعاد عن العمل الصحفي من جهة ثانية.
قال محمد الزين بأنه يحاول خوض تجربة الإنتاج السينمائي والمسرحي  بسبب الركود الذي تعانيه الساحة الإعلامية، إلى جانب تفكيره في مشروع إنشاء جمعية تحت اسم « عمار العسكري» المخرج المعروف بإنتاج عدة أفلام سينمائية تخلد كفاح الشعب الجزائري ضد المستعمر منها « دورية نحو الشرق» تهتم هذه الجمعية بالسينما والثقافة ضد النسيان، كما لديه رغبة لانجاز عمل أكاديمي حول واقع الصحافة المحلية.     
أما محمد الزين (62 سنة) فأب لأربعة أبناء، أصغرهم يدرس بالثانوية، وآخر متخرج من الجامعة بطال، وبنت تعمل كمدرسة، وأكبرهم موظف، أقرّ بأن مهنة الصحافة أنسته عائلته و لم يشعر بكبر أولاده، كانت أول تجربته المهنية عبر بوابة مركب الحجار للحديد والصلب، حيث أشرف سنة 1979 على تحرير نشرية تصدر شهريا تعنى بشؤون المصنع، بعدها بسنة استدعي رفقة زميله وصديقه السعيد العماري، لأداء واجب الخدمة الوطنية، حيث ألحقتهما قيادة الجيش، بطاقم تحرير « مجلة الجيش» رفقة العديد من الأسماء البارزة في الصحافة الوطنية.
وكشف السعيد العماري (62 سنة) المدير السابق للمكتب الجهوي لجريدة الشعب، ورئيس التحرير الحالي لجريدة الشرق الجمهوري الناطقة بالفرنسية، بأن راتب تقاعده مقبول بالمقارنة مع صحفيين آخرين لم يلحقوا بالزيادات الأخيرة.
تقاعد العماري في جانفي 2014 بعد 30 سنة قضاها بجريدة المجاهد، توجه مباشرة للإشراف على تحرير جريدة الشرق الجمهوري، بالعمل دون انقطاع أو الاستفادة من عطلة، وهي رغبة منه للحافظ على الخبرة التي اكتسبها، عمل لسنوات في التحرير المركزي بالعاصمة قبل العودة للمكتب الجهوي بعنابة، كما كلف بتغطية نشاطات رئيس الجمهورية خارج الوطن بكل من كندا، ألمانيا، وليبيا، إلى جانب تغطية عدة ندوات دولية منها الندوة الدولي للبيئة بكوبنهاغن في الدنمارك، و المؤتمر العالمي لدول عدم الانحياز بشرم الشيخ في مصر.     
حسين دريدح

الصحفية أمينة قروج ترفع تحدي العجز الجسدي و تؤكد
الصحافة عوضتني عن فشلي  في أن أكون شرطية
منذ أكثر من 5 سنوات تمارس أمينة قروج مهنة الصحافة بنكهة خاصة تميزها عن باقي الصحفيين، ليست ميزة مهنية فقط بل أمينة لها وضع جسمي مميز حيث لم يكتمل نمو يديها بصفة عادية لكن إكتمل نمو شخصيتها القوية وطموحاتها الكبيرة.
تتفوق أمينة قروج في ممارسة مهنة الصحافة مثلما كانت متفوقة في دراستها، حيث توجت سنة 2008  بالمرتبة الأولى ولائيا بوهران، والثانية وطنيا في شهادة البكالوريا فئة ذوي الإحتياجات الخاصة وهذا بمعدل 16,50، وتم تكريمها من طرف رئيس الجمهورية، لكن لم تتمكن أمينة من تحقيق أمنيتها في أن تنضم لسلك الشرطة بسبب عدم الكفاءة الجسمية، بالمقابل وبطلب من ديوان رئاسة الجمهورية تم تسجيلها في رغبتها الثانية وهي أن تصبح أستاذة في اللغة الإنجليزية، وفعلا تنقلت أمينة من وهران لغاية قسنطينة لتجتاز الإختبار الشفهي المؤهل لدخول المدرسة العليا للأساتذة التي توجد بمدينة الجسور المعلقة أين أيضا علقت إمكانية قبول أمينة في هذا التخصص بحجة عدم قدرتها على ممارسة التدريس، لتصاب أمينة بإحباط لإحساسها بأن أعضاء اللجنة إستخفوا بقدراتها وإمكانياتها الفكرية.
من هنا بدأت أمينة في تحديد مسار حياتها، واختارت التسجيل في معهد الإعلام بوهران لأنها أحست بأن الصحافة هي المنفذ الجيد لتفجير طاقاتها وتحقيق طموحاتها وهذا رغم معارضة العائلة لها كون الصحافة مهنة المتاعب والعراقيل ولكن هذه الميزة هي التي حفزتها على تجسيد حلمها في إثبات قدراتها وكفاءتها على مواجهة كل الصعاب، وفعلا منذ السنة الثانية جامعي بدأت أمينة في الإتصال بالجرائد والتربص في بعضها لغاية تحصلها  على شهادة الليسانس حيث إشتغلت كمتعاونة صحفية في جريدة «الجزائر صحافة» لمدة سنة تمكنت خلالها من الإحتكاك بالوسط الإعلامي وبالميدان أين كانت تستقي أخبارها وأثبثت جدارتها، لتنتقل بعدها لجريدة الوصل التي كانت سابقا قد أجرت فيها تربصها وهي الجريدة ذاتها التي لازالت تمارس فيها أمينة مهنتها لحد الآن بعد تجاوزها لسنتين من العمل بصيغة عقود ما قبل التشغيل.
تفوق أمينة الفكري لم يعرقله عجزها الجسمي خاصة مع إدخال التكنولوجيات الحديثة في العمل الصحفي، حيث الكتابة تتم بالرقن على أجهزة الإعلام الآلي واستعمال أجهزة التسجيل الحديثة التي تغني عن الكتابة باليد.
لا شيء يحد من عزيمتها في تحقيق ذاتها وتحقيق طموحاتها التي بدأت تكبر، حيث أنها تتمنى أن تصبح مقدمة نشرة في إحدى القنوات التلفزيونية ومن خلال كلامها تحس بأن طموحها لا يهدأ حتى تصل لما تريد. بعد 5 سنوات وصلت أمينة لنيل ثقة وإعجاب المسؤولين في جميع المستويات وزملائها الذين لا أحد يحس أنها تختلف عنهم في أداء مهامها، وختمت أمينة حديثها معنا أنه «من خلال الصحافة كسرت حاجزي الخوف وضعف المواجهة، واليوم أنا اثق في قدراتي جيدا التي من خلالها استطيع الوصول إلى أبعد الحدود رغم كل العوائق»
هوارية ب

وزير الاتصال حميد قرين
علــى الصحفييــن المساهمــة في مســار تنظيــم القطــاع
دعا وزير الإتصال حميد قرين إلى المزيد من الاحترافية و تكريس أخلاقيات مهنة الصحفي في حديث خص به وكالة الأنباء الجزائرية عشية الإحتفال باليوم الوطني للصحافة.
   نحتفل هذا الخميس 22 أكتوبر باليوم الوطني للصحافة الذي أقره رئيس  الجمهورية سنة 2013. ما هي الرمزية التي يكتسيها إحياء هذا اليوم بالنسبة لمهنة  قدمت تضحيات جسام لتكريس حق المواطن في الاعلام ؟
في سؤالكم جزء من الجواب. لقد قلتم أن الصحافة الجزائرية لها تاريخ  لم يبدأ مع التعددية الاعلامية بل يعود للسنوات الأولى من مقاومة الاحتلال. فهذه  هي الرمزية التي أراد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة إعطاءها لهذا اليوم من  خلال اختيار يوم 22 اكتوبر و هو اليوم الذي يرمز الى المقاومة. و بعدها واصلت الصحافة الوطنية الحرة المتعددة و القوية بتاريخها تقديم تضحيات جسام بوضع قلمها الجمهوري في مواجهة مباشرة مع لغة العنف.
 ستمنح لأول مرة جائزة الصحفي المحترف هذه السنة لمهنيي وسائل الاعلام، بعيدا عن التشريف  ماهي المساهمة المترقبة من تأسيس هذه الجائزة ؟
ـ  باعتبارها جائزة مرموقة للجمهورية  ينبغي أن تكون المساهمة المنتظرة  في مستوى جائزة رئيس الجمهورية و علينا من جهة أخرى الإشارة إلى أن هذا اليوم سيشهد مبادرات غير مسبوقة. هي مبادرات تترجم فكرة قوية بادر بها منذ البداية رئيس الجمهورية و عبر عنها بشكل ملموس في خارطة الطريق المؤرخة في 3 مايو 2014. لقد بلغت الصحافة و الفضاء الإعلامي بشكل عام في بلدنا مرحلة حاسمة تطرح فيها ثلاثة جوانب بقوة.   يتعلق الجانب الأول بالماضي الذي يجب عليهم تثمينه لمعالجة الحاضر و المستقبل. و يتعلق الجانب الثاني بالاحترافية و شقها الاخلاقي أما الجانب الثالث فيخص الجدارة و الاستحقاق.  سهر رئيس الجمهورية على أن يتم التكفل بهذه الجوانب الثلاثة في يوم واحد، ألا و هو اليوم الوطني للصحافة.   و فضلا عن هذا التكريم و من خلال تأسيس هذه الجائزة  نطمح إلى أن يشكل هذا الموعد نقطة انطلاق تصور جديد للمهنة يضعنا بشكل نهائي في فضاء الاحترافية و تكريس اخلاقيات المهنة.
    هل ستسمح البطاقة الوطنية للصحفي المحترف بتطهير الأسرة ، و ما مدى تقدم الورشات الأخرى للوزارة في مجال تنظيم القطاع على غرار مجلس أخلاقيات المهنة و سلطة ضبط الصحافة المكتوبة؟   
ـ لا يجب الحديث عن مزايا غير مدرجة في البطاقة الوطنية للصحفي المحترف و في نفس الوقت يجب الإعتراف بأن لهذه البطاقة الفضل في كونها آلية فعالة لتنظيم الصحفيين المحترفين تميزهم عن أولئك الذين يزعمون أنهم صحفيين مع أنه لا علاقة لهم بالمهنة.   ليس هناك أكثر التزاما في هذا المشهد المضطرب كهذا العمل الذي يجعل من الصحفيين أطرافا من شأنها مرافقة مسار هيكلة الأسرة الإعلامية و ترسيخ المصداقية التنظيمية اللازمة لإنشاء مجلس لأخلاقيات المهنة و سلطة ضبط الصحافة المكتوبة. و من شأن هذه الآليات الضرورية لضمان العمل وفق المعايير الدولية ترسيخ مبادئ مهنة مسؤولة و ملتزمة بالأخلاقيات تكون في خدمة المواطن و التنمية الإجتماعية و الإقتصادية للوطن.
 وأج

رئيس مجلس إدارة الأهرام الدكتور أحمد النجار ينشط دورة تكوينية بالعاصمة ويؤكد
على الصحافة أن تمارس الرقابة على الأداء المالي والإداري للحكومة لدفعها نحو مسار صحيح
صمود الإعلام العمومي مرهون بالكفاءة المهنية والبحث عن مصادر ذاتية للتمويل وسقف معتبر من الحرية
دعا رئيس مجلس إدارة الأهرام الدكتور أحمد السيد النجار، أمس إلى ضرورة التزام الصحافة في بحثها عن الحقيقة بالموضوعية والمصداقية، مؤكدا على ضرورة التزام الصحفي في عمله اليومي بمجموعة من القواعد والضوابط، سيما الابتعاد عن مواضيع الإثارة والتشهير بالآخرين إلى جانب الحرص على عدم تعريض أمن الوطن واستقلاه إلى الخطر.
وأكد النجار خلال تنشيطه دورة تكوينية حول “الاعتبارات المهنية و الأخلاقية في الصحافة”، بالمدرسة العليا للصحافة بالجزائر العاصمة، التي حضر جزء منها وزير الاتصال حميد قرين، على ضرورة حرص الصحفي على تناول المواضيع التي يقوم بإنجازها بنية الإصلاح لا التشهير مع تقديم البدائل والتحقق من المصادر عند نشر المعلومة وتفادي أخبار الإثارة، باعتبار أن الصحفي ضمير الأمة والرقيب لأداء الحكومة وقال ‘’ إن الصحفي الذي يبحث عن الحقيقة لا يجب أن يعرض الأمن القومي ( الوطني ) للضرر ‘’ مضيفا ‘’ إن ضرورات الأمن القومي تجبر الصحفي على حجب بعض الحقائق الصغيرة التي لا يضير الصحفي أن يحجبها، ولكن قد يضر الأمن القومي إذا كشفها كالأخبار المتعلقة بصفقات الأسلحة مثلا’’ محذرا في ذات الوقت من تناول المواضيع التي تمس بتماسك المجتمع ووحدته الوطنية، والانتصار في المقابل للقيم التي تبني المجتمع وليس للقيم التي تشكل أزمة أو مشكلة للمجتمع أو تهدد بنيانه الاجتماعي.
كما ابرز المتدخل، أمام حضور كبير من الصحافيين من مختلف وسائل الإعلام العمومية والخاصة وطلبة علوم الإعلام والاتصال، وإطارات قطاع الاتصال، أهمية وضرورة جعل في مقدم عمل الصحافة، حرصها  على أن تكون رقيبا على الأداء المالي والإداري للحكومة من خلال إبراز إيجابيات عمل مختلف الوزارات والتنبيه إلى وجود مشكلات وسلبيات مرتبطة بأداء الحكومة مع الحرص في هذا السياق على طرح البدائل من خلال ترك الكلمة للخبراء لتحليل الحقائق علميا لمصلحة الوطن  بما يدفع الحكومة في اتجاه وفي مسار صحيح، وعدم الاكتفاء بالتالي – كما قال -  بتقديم صورة سوداء لأن هذا يأتي بأثر سلبي جدا ويكون عمل إحباط أكثر من كونه عمل تنوير، باعتبار أن الصحفي – يضيف، جزء من ضمير الأمة ورقيب على الحكام وعلى المحكومين وعلى المجتمع.
من جهة أخرى اشترط المحاضر على الصحفي في عمله بالتزام الموضوعية، واحترام أخلاقيات مهنة الصحافة من خلال الحرص على إسناد مصادره وعدم الاعتماد على المصدر المجهول، أو على ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي دون التحقق منه ومتابعة مدى صدقيتها، فيما شدد على ضرورة احترام الحياة الشخصية للناس وعدم التشهير بمرتكبي الجرائم وعائلاتهم بالاكتفاء بذكر الفاعلين بالأحرف الأولى لأسمائهم، وأن لا يكون الصحفي مستشارا لدى رجل أعمال، وعدم خلط العمل الإعلامي بالإعلانات.
وبعد أن أكد على ضرورة أن يتحول ميثاق الشرف الصحفي  ‘’ مدونة أخلاق مهنة الصحافة ‘’ إلى مواد قانونية ملزمة للصحافيين من خلال وضع آلية للثواب والعقاب، شدد المحاضر على ضرورة أن يحترم الصحفي التزاماته تجاه المجتمع إذا أراد أن يلقى عمله الاحترام ودعا إلى عدم التسامح مع كل صحفي يرتكب مخالفات ومعاقبته.
وفي رده عن سؤال للنصر حول نظرته إلى مستقبل القطاع العمومي في الصحافة المكتوبة قال رئيس مجلس إدارة الأهرام، أن مستقبل المؤسسات الإعلامية العمومية مرتبط بأن تكون على درجة عالية من الكفاءة والمرونة مع العمل الصحفي واستبعاد التعيينات المرتبطة بالأقارب وبالتوصيات والمحسوبية، وأن تعمل عن البحث عن مصادر ذاتية للتمويل من خلال القيام ببعض الاستثمارات وضرب مثالا بأن الأهرام لديها مطابع وصناعة السيديهات وقرية سياحية وغيرها، مشترطا أن يكون الاستثمار على درجة كبيرة من الكفاءة.
كما أكد على ضرورة يكون لوسائل الإعلام العمومي ‘’ سقف معتبر من الحرية ‘’ وأن تقدم عملا إعلاميا يجذب القارئ والجمهور المشاهد وأن لا تكون صوت الحكومة، بل هي مطالبة كما قال بأن يكون لها صوت قادر على انتقاد أخطاء الحكومة لكي تكسب احترام جمهورها.
على صعيد آخر دعا الدكتور أحمد السيد النجار إلى ضرورة وضع قانون خاص بحرية تداول المعلومات، يلزم المؤسسات الرسمية بتسهيل مهمة الصحفي في الوصول إلى مصادر الخبر وقال ‘’ إن هذا المطلب
ضرورة لعمل إعلامي محترم ‘’، كما اعتبر بأنه من الضروري ‘’ وضع قانون يحدد حدود حرية المدون على الأنترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي حتى لا نسمح بالمس بالوحدة الوطنية وإثارة الفتن العرقية’’.                      

ع.أسابع

نقص الإشهار ومشاكل الانترنيت تعيق تطور الإعلام الالكتروني في الجزائر
الجرائد الالكترونية إعلام بديل أم صحافة النخبة
ظهرت في الساحة الإعلامية بشكل لافت، الصحافة الالكترونية، وانتشرت عديد المواقع الالكترونية، التي استطاعت أن تجد لها مكانة في الساحة الإعلامية الوطنية، وأضحت أكبر منافس للإعلام التقليدي، وتجاوز دورها، مواقع التواصل الاجتماعي، عكس ما تشهده بعض الدول الأخرى، ونجحت تلك المواقع في استمالة القرار، وتحولت إلى مصدر فعال وآني للعديد من الوسائل الإعلامية، نظرا لما تضخه من المعلومات بسرعة، رغم التشكيك الذي يلاحق الكثير من هذه المواقع التي تنشر أخبارا مجهولة المصدر،
أو يصعب التحقق من صحتها.
تشير إحصائيات حديثة، إلى تراجع كبير سنة 2014 في عدد سحب عدد من الصحف الجزائرية واسعة الانتشار، بسبب انخفاض مبيعات نسخها الورقية، وضع فسره خبراء وإعلاميون بالطبيعي، كون الإعلام الجزائري يسير في منحى الاتجاه العالمي نحو التخلي تدريجياً عن الصحافة الورقية، وسط بروز بدائل جديدة تتصدرها الصحافة الالكترونية التي يصفها البعض بـ "صحافة المستقبل".
و يرى محللون بأن المستقبل سيكون للصحافة الإلكترونية، و"كل الصحف مصيرها أن تصبح إلكترونية" بحكم أن معظم القراء حاليا من الشباب (بين سن العشرين والخمسين سنة) الذين يحسنون التحكم في أجهزة الكمبيوتر، ومعظم قراءاتهم من مصادر إلكترونية. أما قراء الصحافة الورقية فهم في الغالب من الجيل المتقدم في السن، الذي اعتاد قضاء بعض الوقت في مقهى يتصفح الجريدة.
هذا الوضع دفع بعدد كبير من الإعلاميين إلى خوض تجربة الإعلام الالكتروني، وذلك جراء ما تعرضت له الصحافة الجزائرية من أزمات بفعل تداعيات الأزمة الاقتصادية، حيث أخذ قراء الصحافة التقليدية في التآكل شيئا فشيئا.
لكن، وفي خضم هذه الطفرة، يطرح السؤال: لماذا هذا الحماس في التوجه نحو الإعلام الإلكتروني؟، وهو ما يجيب عليه عدد من الصحفيين في الجزائر، بكون التوجه بفتح موقع إخباري على شبكة الإنترنت، بات أمرا سهلا وأقل كلفة من خلق وإنشاء جريدة ورقية. ويرى إعلاميون "إن الفضاء الإلكتروني يوفر مساحة واسعة من الحرية، وأكثر بعدا عن القيود السياسية والبيروقراطية، وأيضا التخلص من تكاليف طبع الصحيفة، ومواجهة تكاليفها المادية".
البروز اللافت للإعلام الالكتروني، سمح ببروز قناعة لدى بعض مسؤولي الصحف المكتوبة، بجدوى النشر الإلكتروني، فالشبكات الاجتماعية ومواقع التواصل تزدهر في الجزائر، وخاصة "الفيسبوك"، التي لديها أكثر من 6 ملايين مشترك، ووفقا لدراسة نشرت قبل عامين فإن حوالي 74 بالمائة من مستخدمي الإنترنت في الجزائر، يفضلون استخدام الإنترنت كأداة لاستقاء المعلومات.
الآنية والتفاعلية تصب في صالح الإعلام الالكتروني
و تمكنت العديد من المواقع من أن تكون مرجعية إخبارية ذات فعالية، من خلال إطلالة مجموعة من المواقع الإعلامية المهتمة بالأخبار وتحاليل الأحداث و من بين المواقع الإلكترونية الإخبارية نجد الموقع الإلكتروني للإذاعة الجزائرية "راديو نت" و موقع "كل شيء عن الجزائر" و "الجيري 360" و "الجيري1" "الجيري فوكوس" وكذا "الجزائر والعالم" "امباكت 24" وهي كلها مواقع تأسست على أيدي إعلاميين تمرسوا عدة سنوات في الصحف الورقية، كما برزت العديد من المواقع التي تبث أخبارا جهوية، على غرار "الجلفة انفو" و "بجاية انفوا" ومواقع أخرى.
وتحولت هذه المواقع إلى المصدر الأول للمعلومة بالنسبة للأجانب، والمنظمات غير الحكومية، والتي حولت أنظارها إلى المواقع والمدونات الالكترونية، لمتابعة ثورات الشارع العربي، وذكرت إعلامية أمريكية متابعة للشأن الجزائري أن المعلومات التي حصلت عليها حول بعض الحركات الاحتجاجية بالجزائر، كانت عبر المواقع الإخبارية والمعلومات التي نشرت عبر وسائل الإعلام الحديث ومواقع التواصل الاجتماعي، وقالت بان ''الأنترنت بدأت تقدم للصحفيين المحترفين فرصة جديدة للاطلاع على التطورات بدلا من الاتصال بأشخاص على أن يقدم الصحفي المحترف باقي المعلومة بشكل احترافي وأوسع''.
ويرى الكاتب الصحفي حمزة محصول، أنه بغض النظر عن الظروف الاقتصادية التي تعيق تنامي هذا النوع من الصحافة وتطوره بالشكل المطلوب، إلا أنه من الناحية المهنية يظل تجربة رائعة، ومهمة، ويعتبر بأن "العمل الإعلامي صار في حاجة إليها" لأسباب متعددة "لأنها توفر خاصة الآنية والسرعة في إيصال المعلومة للقارئ من جهة، ومن جهة ثانية خصائص الجمهور الالكتروني تفرض على الصحافي أسلوب تحرير يتسم بالدقة، والانتقائية والنوعية سواء في اختيار النص أو في كتابة المقال أو التقرير الصحافي".
من جانبه، يرى الإعلامي المختص في المواقع الالكترونية، كامل الشيرازي، بأن الجزائر تدرك تحولات عميقة بفعل الاستعمال المكثف للتكنولوجيات الحديثة والوسائط الاتصالية المبتكرة من لدن طلائع الجيل الجديد، وتطور الأشياء قلب الأمور، فالصحف الإلكترونية والمنتديات والمواقع الاجتماعيَّة والمدونات وغيرها، صارت جسورا تسوّق الأخبار بسرعة فائقة.
وفي نظر المتحدث، فان التحولات التي يعرفها الإعلام التفاعلي، جعل من الجزائريين أو الكثير منهم على الأقل يتحولون إلى إعلاميين حيث أصبحوا ينشرون الخبر كسلوك اجتماعي رائج، وبعدما كانت الظاهرة محصورة في فئة الشباب، الآن اتسعت وشملت شرائح وفئات عمرية أخرى خصوصًا مع تهافت الجزائريين على التكنولوجيا الحديثة، واهتمامهم بالاستهلاك السريع للمعلومات والأخبار.
ويجزم المتحدث بأن صعود الصحافة الالكترونية يشكّل تتويجا لسنة التطور، ويرى بان المنطق يقف إلى جانب الصحف الالكترونية التي هي قادمة لا محالة، ويؤكد بان الاستثمار الأكبر في المستقبل القريب والعاجل منصب على الاتجاه إلى المواقع الالكترونية، عبر إنشاء مواقع جذابة تشتغل 24/24 ساعة، وينشط فيها أفضل الصحفيين والتقنيين، ووفق برامج تقنية حديثة تُعنى بخلق محتوى جزائري ونقل وجهة نظر جزائرية، وذلك هو الرهان الأكبر برأيه.
إعلام بديل أو مكمل للصحافة الورقية
يختلف المحللون بشأن موقع الصحافة الالكترونية في الساحة الإعلامية، فهناك من يرى بأن الإعلام الالكتروني، سيحل بديلا للإعلام الورقي التقليدي، فيما يرى آخرون، بأن طبيعة العمل الصحفي تقتضي تواجد الوسيلتين معا، ويعتبرون بأن دور الصحافة الالكترونية والورقية مكملان لبعضهما البعض. ويشير أصحاب هذا الرأي أن الإعلام الالكتروني يمكن أن يتفوق من جانب التفاعلية والآنية، والسرعة في الخبر، إلا أن كفة الميزان تميل إلى جهة الإعلام الورقي فيما يتعلق بالمقالات التحليلية والروبورتاجات المطولة.
وفي نظر الصحفي حمزة محصول، فإن تطور الصحافة الالكترونية في الجزائر، لن يؤدي إلى اختفاء الصحف الورقية كما يتحدث بذلك كثيرون، ويوضح قائلا "اعتقد أنه مجرد تصور مبني على تفوق هذه المواقع في خاصية الآنية، لكنها لن تلغي النسخ الورقية لأن هذه الأخيرة توفر مادة إعلامية مهمة ومفيدة وبمعالجة مختلفة مثل التحقيقات والروبورتاجات المطولة ثم أن علاقة الإنسان بالورق قديمة قدم البشرية ولن تؤول للزوال أبدا اقصد القراءة على الورق".
ويتفق مع هذا الطرح الإعلامي كامل الشيرازي، الذي يرى بأن الإعلام الالكتروني "لا يشكّل بديلا لنظيره الورقي" ويعتقد بأن هذا النوع من الإعلام "هو محض امتداد تاريخي في ظلّ ثورة المعلوماتية التي تتقدم بخطوات متسارعة عالميا، وباتت تفرض نقل الخبر في وقته الحقيقي"، وتمكن الصحفي كذلك من استكشاف "متعة خاصة مع نشر تقاريره على الفور والتفاعل على المباشر".
صحافة النخبة...أم نخبة الصحافة
ويرى محللون أن الصحافة الإلكترونية تبقى فضاء حصرا على النخبة، التي لديها ولوج إلى شبكة الإنترنت بجودة عالية، كما أن معدل الاختراق يعد واحدا من أدنى المعدلات في العالم، قد لا يسمح برواج الإعلام الالكتروني، رغم أن البعض يعتبر بأن تعميم تقنية الجيل الثالث للهاتف النقال، مع خفض الأسعار مستقبلا قد يساهم في تطور الإعلام الالكتروني. و يقول الإعلامي وليد رمزي، أن إطلاق الجيل الثالث في بعض المناطق في شهر ديسمبر عام 2013، وتعميم الخدمة تدريجيا، قد يساهم في تجاوز الإشكالات المرتبطة بعدم توفر الانترنت، ويمكن أصحاب الهواتف الذكية من تلقي ومتابعة الأخبار بشكل آني والتفاعل معها.
وصف الإعلام الالكتروني بأعلام النخبة، طرح لا يوفق عليه الإعلامي حمزة محصول، الذي يرى أنه مع تعميم الانترنت يستطيع أي شخص بشرط أن تكون لديه دراية ولو سطحية بكيفية استعمال الأجهزة الالكترونية من مطالعة الموقع في أي وقت ومن أي مكان، ويعتبر بان الحديث عن النخبة فقد يكون مرتبط بالمحتوى والجمهور الذي يستهدفه.
ويذهب خبراء آخرون في مجال الإنترنت إلى مطالبة الجهات الوصية بضرورة إدخال و تطوير التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال بشكل واسع ، وتحسين نوعية التدفق و الاستثمار أكثر في سوق الاتصالات المتطورة، إلى جانب مضاعفة عدد الموزعين الناشطين في مجال النت عبر الوطن لتسهيل نمو قطاع الصحافة الإلكترونية .
مشاكل قانونية وأخرى مادية
ورغم الخطوات التي اتخذتها الحكومة لمسايرة التطور الإعلامي، خاصة في شقه الالكتروني، إلا أن محللون يتحدثون عن عدم مسايرة وموازنة هذه التشريعات بالجانب الالكتروني ما فتح الطريق للممارسة الإعلامية دون حدود أو رقابة، خاصة ما يتعلق بعدم المساس بالحياة الخاصة التي تؤدي غالبا إلى ارتكاب جرائم معلوماتية كون أن الانترنيت بيئة لارتكاب هاته الجرائم.
ولعل أبرز الانتقادات الموجهة للإعلام الالكتروني، نقل الحدث إثر وقوعه مع سرد جزء من الوقائع، مما يصعب على المتلقي الربط واستنتاج تفاصيل القضيّة بدقّة. و في بعض الأحيان تتحول بعض المواقع إلى منابر للدعاية التجارية، خاصة وأن المورد الأول لهذه المواقع يكون عبر الإشهار، ما يضع أصحابها أمام بعض الإشكاليات الإعلامية والأخلاقية في حال تناول موضوع قد يمس أحد مصادر الإشهار.
ويعتقد وليد رمزي، بأن التشريعات القانونية لم تواكب التطور الحاصل في الإعلام الالكتروني، ففي الوقت الذي تنتشر فيه المواقع الإخبارية، لا تزال التشريعات عاجزة عن معالجة الإشكاليات المتعلقة خاصة بتوسيع شبكة الانترنت، دون إغفال الجانب المتعلق بوضعية الإعلاميين الذين يعملون في المواقع الالكترونية الإخبارية، حيث يرى المتحدث بأن الوضعية القانونية لهذه الفئة من الصحفيين لا تزال غامضة.
بالإضافة إلى الجانب التشريعي، تعاني أغلب المواقع الالكترونية، باستثناء البعض منها من شح الإشهار، وإحجام المعلنين عن التعامل معها، ويعتبر وليد رمزي  "ضعف الربحية المالية للصحف الإلكترونية، هو أهم مشكل يواجه المشاريع الإعلامية ورؤساء تحريرها"، وأثار قضية عدم استفادة الإعلام الالكتروني من الإشهار العمومي على غرار بقية وسائل الإعلام الأخرى.
ويرى الإعلامي حمزة محصول أنه نظرا لطبيعة النشاط الصحفي عبر المواقع الالكترونية، وغياب "نظام الدفع لولوج تلك المواقع" فإن الإشهار والإعلانات تكاد تكون مصدر "رزق" تلك المواقع، ودفع غياب الإشهار إلى غلق الكثير من المواقع التي لم تجد لها سندا ماديا. ويعتبر المتحدث أن عملية إنشاء المواقع وتمويلها خاصة في السنوات الأولى من العمل الإعلامي "معقد نوعا ما" ويضيف في تحليله "يجب أن ننظر إلى صاحب الموقع أو فكرة إنشاء الموقع غالبا ما تكون مبادرة من قبل صحفيين ليس لهم القدر الكافي من المال للسير بالموقع إلى بر الأمان معنى ذلك: الموقع يحتاج إلى استثمار جاد. لجلب صحافيين وتسديد أجورهم ويكون هناك وفرة مالية أنا هنا أتحدث عن بداية الموقع لو يقاوم ويفرض مكانه ويصمد من الناحية المالية لخمس سنوات مع نوعية العمل سيصبح اقوي ماليا من جريدة لأنه يفرض نفسه ويكسب ثقة المعلنين وكغيره من المؤسسات الإعلامية التقليدية"، ويرى المتحدث أن الأمر مرتبط بعلاقات شخصية والتقاء توجه الموقع مع مصالح الجهة مصدر الأموال ولو بطريقة غير مباشرة.
شح الإشهار كان سببا في توقف بعض المواقع الإخبارية، ولعل أبرزها موقع "آخر الأخبار عن الجزائر" المعروف اختصارا بـ (دي.أن.أ) الناطق باللغة الفرنسية وذلك لانعدام مصادر الدخل و المتمثلة في الإشهارات ، حيث رفضت معظم المؤسسات الكبرى بالجزائر حجز مساحات إعلانية لها بالموقع رغم الشعبية الكبيرة التي اكتسبها.
وذكر مؤسس الموقع ( فريد عليلات ) في مقال نشر بتاريخ 11 مارس 2013 أن عدد زوار الموقع تجاوز الـ 500 ألف زائر شهريا ، وأن عدد الزيارات للموقع منذ إنشاءه هو 8 ملايين زيارة ، كما تجاوز عدد ظهور الصفحات الـ 20 مليون، في حين بلغ عدد المعجبين على موقع التواصل الإجتماعي فيس بوك 22.980 معجب، فرغم النتائج القياسية التي حققها الموقع، إلا أنه لم يتمكن من جذب المعلنين.                  

أنيس نواري

رئيس سلطة ضبط السمعي البصري ميلود شرفي للنصر
حرية التعبير لا تبنى على حساب حرية المواطن أو سمعة مؤسسات و رموز الدولة
أكد السيد رئيس سلطة ضبط السمعي البصري ميلود شرفي، بأن الهيئة التي يشرف عليها ليست أداة رقابة أو تضييق، وان القنوات التلفزيونية نشأت بكيفية غير منظمة لذلك فإن نشاطها صاحبته اختلالات، معلنا في حوار للنصر، عن الشروع قريبا في تلقي طلبات الاعتماد وفقا الإجراءات التي يتضمنها القانون.
كيف يمكن تقييم أداء سلطة الضبط للسمعي بصري بعد أزيد من سنة على تنصيبك رئيسا لها، وكذا بمناسبة إحياء اليوم الوطني للصحافة؟
اغتنم في البداية هذه الفرصة السعيدة لأتقدم بأخلص التهاني، وأصدق آيات العرفان إلى الأسرة الإعلامية الجزائرية، كما نقف وقفة إجلال وإكبار وترحم على أرواح شهداء القلم النزيه، والكلمة الحرة، وعلى كل أرواح شهداء القلم النزيه والكلمة الحرة، وعلى كل أرواح شهداء الواجب الوطني الطاهرة، وأرواح شهداء ثورة الفاتح نوفمبر البررة، الذين ننعم بفضل تضحياتهم اليوم، بالعيش في كنف الحرية والديمقراطية.
إن سلطة ضبط السمعي بصري حريصة كل الحرص على منح الأولوية لحرية الصحافة حتى تأخذ المكانة التي تستحقها، وعليه فإن هذا المكسب، أعني مكسب رفع سقف الحرية بالجزائر نشيد به وندعمه، ونؤكد من جهة أخرى، أنه ينبغي أن لا يتجاوز حدوده تعسفا، من خلال المساس بباقي الحريات، لأن حرية التعبير أو الصحافة لا تبنى على حساب حرية المواطن أو سمعة مؤسسات ورموز الدولة، بل هي في الحقيقة تعد امتدادا لباقي الحريات، وعليه نؤكد مرة أخرى، أنه إذا تحولت حرية الصحافة إلى أداة تعتدي على باقي الحريات، أقول إن هناك قانونا واضحا لضبط هذه التجاوزات.
ماهي أجندة سلطة الضبط في المراحل القادمة؟
سلطة ضبط السمعي بصري مؤسسة عمومية مستقلة تساهم في بناء مجتمع ديمقراطي تتعدد فيه الآراء، ويمارس فيه العمل الإعلامي بكل حرية ضمن أطر قانونية، تقوم على الاحترافية والمسؤولية الرامية إلى تجسيد خدمة عمومية، تتقدم فيها المصلحة العليا للوطن، مهما تعددت الأفكار واختلفت الآراء.
وعلى هذا الأساس، فإن سلطة ضبط السمعي بصري ستعمل على تجسيد كل صلاحياتها المخولة قانونا، وستبدأ في تلقي طلبات الاعتماد فقط بعد الإعلان عن الترشح وفقا للقانون، إذ لا يمكن أن تستقبل أي طلبات قبل الإعلان عن ذلك.
لكن كيف يمكن تجنب التجاوزات وتصحيحها دون المساس بحرية التعبير؟
تفادي التجاوزات يقتضي معرفة ودراسة القانون، وكذا التحلي بأدبيات وأخلاقيات هذه المهنة الشريفة، لأنه وببساطة لما نرجع إلى كل هذه الإصلاحات التي أقرها رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، نجد الإجابة عن سؤال يطرحه ربما بعض من يدعون الظلم والحيف، ويطلقون الكثير من الإدعاءات، لكسر هذا المكسب الذي تزين به المشهد الإعلامي للسمعي البصري.
لماذا يخشى البعض التضييق على الحرية الإعلامية فور التنبيه بحدوث تجاوزات؟
التعددية الإعلامية مكرسة من خلال القانون العضوي للإعلام، وكذا القانون المنظم للنشاط السمعي بصري، والذي جاءت من خلاله سلطة الضبط، حاليا القطاع عرف انتشارا واسعا للعديد من القنوات الجديدة بطريقة غير منظمة، مما أدى إلى وقوع كثير من الاختلالات في التعاطي مع المعلومة والخبر، وكذا الخروج عن أبجديات المهنة من جهة، وحتى أخلاقيات المهنة في بعض هذه المنابر.
ونحن إذ نثمن هذه التجربة الفتية ببلادنا، نحرص على التذكير والتنبيه لتفادي الارتجالية في العمل، والتي تؤدي حتما وربما من غير قصد إلى خرق القوانين والأعراف المعمول بها في هذا المجال الحساس، وعليه نؤكد مرة أخرى بأن سلطة الضبط كرست لبنة الصرح الإعلامي في الجزائر، و جاءت لتضبط هذا المسار النشيط الذي أحدثه قطاع السمعي بصري، وذلك بعد هذا الميلاد للعديد من القنوات التلفزيونية الذي باركه المواطن.
ما هي رسالتكم للقنوات التلفزيونية؟
إننا نسجل بارتياح ثمرة تطور قطاع السمعي بصري في بلادنا، خدمة لمصلحة الوطن والمواطن، وندعو لتحسين الآداء الإعلامي، وإلى احترام القانون وأخلاقيات المهنة، ونؤكد مرة أخرى، على ضرورة الانتباه إلى الإطار القانوني الذي يضبط قطاع السمعي بصري، ونذكر أن سلطة الضبط ليست أداة رقابة أو تضييق، بل مؤسسة عمومية، أرادها فخامةرئيس الجمهورية أن تكون دعامة إضافية لتطوير قطاع الإعلام، ولمرافقة كل المهنيين في القطاع، وجميع الفاعلين في هذا المجال.
وماذا عن غلق قناة الوطن؟
عندما سجلنا من خلال أحد البرامج المقدمة من طرف قناة الوطن، نبهنا مسؤول القناة للتجاوزات التي لاحظناها، والتي اعتبرناها على مستوى سلطة الضبط خرقا لقوانين الجمهورية، وبنفس المناسبة أكدنا تدعيمنا ومساندتنا لقرارات السلطات العمومية، وقرار وزير الاتصال باتخاذه لإجراء نعتبره صائبا وقانونيا.
حاورته: لطيفة بلحاج

رئيس اللجنة الوطنية لمنح بطاقة الصحفي المحترف السعدي شيباح للنصر
سلمنا أكثر من 3700 بطاقة وعملية استلام الملفات مازالت مستمرة
ما تردد عن امتناع بعض المؤسسات عن تقديم ملفات صحفييها مجرد إشاعة
كشف رئيس اللجنة الوطنية المؤقتة لمنح بطاقة الصحفي المحترف، السعدي شيباح، بأن اللجنة تمكنت إلى الآن من تسليم أكثر من 3700 بطاقة، فيما أشار إلى أن عملية استلام الملفات مازالت متواصلة بسبب الإقبال الكبير الذي شهدته اللجنة من طرف الصحفيين ومسؤولي المؤسسات الإعلامية لطلب الحصول على بطاقة الصحفي.
وأشار شيباح في لقاء خص به النصر، إلى أنه من بين إجمالي الملفات التي استلمتها اللجنة فقد تم رفض ما لا يقل عن 110 ملفات لعدم توفر الشروط المطلوبة، كما ذكر بأنه قد تم تأجيل الفصل في مصير 6 ملفات إلى حين استكمال أصحابها الوثائق المطلوبة، فيما تم تأجيل البث في 30 ملف آخر كونه يتعلق بالعاملين على مستوى المواقع الالكترونية إلى حين تنصيب سلطة الضبط للصحافة المكتوبة على اعتبار أنها تدخل ضمن صلاحيتها.
وبخصوص ظروف انطلاق العملية قال شيباح '' لقد انطلقت العملية بعد تنصيب اللجنة في 22 جويلية 2014 من خلال سندها القانوني المتمثل في القانون العضوي المتعلق بالإعلام في مادته 76 التي تنص على أن صفة الصحفي المحترف تثبتها بطاقة تمنحها له لجنة تنشئ لهذا الغرض'' وأضاف '' وأشار إلى أن عمل اللجنة ذو شقين الاول ويتمثل الشق الاول في تحديد هوية الصحفيين المحترفين الذي جاء به النص القانوني، على أن يتم التفرغ بعد استكمال العملية إلى انتخاب وتنصيب الهيئات المنصوص عليها في القانون والمتمثلة – كما ذكر -  في اللجنة الدائمة المتساوية الأعضاء المتكونة من 12 عضوا، ستة معينون من قبل الوزراء المعنيين، وستة آخرين، أربعة منهم يمثلون الصحفيين المحترفين واثنين يمثلون مسؤولي النشر، وإلى جانب ذلك ستتولى اللجنة الإشراف على عملية لانتخاب 7 صحفيين محترفين، لكي يمثلوا الصحافة المكتوبة في سلطة الضبط، فيما يتم تعيين السبعة الآخرين لعضوية ذات الهيئة، على أن تختتم العملية  بعقد جمعية عامة لكل هؤلاء الصحافيين من أجل وضع أسس المجلس الأعلى لأخلاقيات المهنة.
وأشار المتحدث إلى أن ظروف العمل في بدايتها كانت نوعا ما بطيئة بسبب عدم تقبل بعض الصحفيين للفكرة، لسواد نظرة تشاؤمية لديهم بسبب تجارب سابقة لديهم مرتبطة  بالبطاقات التي سبق وأن أعدت في عهد المجلس الأعلى للإعلام وحتى تلك التي أعدت في سنة 85 أو 86 غير أنه و بعد أن اتضحت الأمور،  اقتنع معظم الصحفيين باعتبار أن البطاقة قانونية ومن شأنها أن تصبح إلزامية بعد استكمال العملية الأولية، ولن يسمح بعدها لاي صحفي بتغطية حدث او نشاط ما دون استظهارها.
وفي رده عن سؤال حول صحة ما تردد عن كون أن بعض المؤسسات الإعلامية التابعة للقطاع الخاص أحجمت عن تقديم ملفات صحفييها أو تكون قد أعطت تعليمات لصحفييها بأن لا يتقدموا بملفاتهم للجنة، قال شيباح '' لقد سمعنا شيئا من هذا القبيل في البداية لكننا اكتشفنا فيما بعد أن كل هذا مجرد إشاعات وقد تقدمت لحد اليوم أكثر من 140 مؤسسة بملفات صحفييها وتحصلت على بطاقات صحفييها'' وأضاف '' توجد بعض المؤسسات لم تقدم في البداية أي ملف لكن في المدة الأخيرة قدمت ملفات صحفييها دفعة واحدة''.
وبخصوص المراسلين الصحفيين قال شيباح '' لقد استفاد كل المراسلين الصحفيين الذين أثبتوا أنهم يعملون بشكل دائم ( تعاقد ) مع مؤسسات إعلامية وأن موردهم الوحيد يتمثل في الراتب الذي يتلقونه منها ، فيما تم استثناء المراسلين المتعاونين الذين الموظفين في قطاعات أخرى''.
ع.أسابع

تأخر صدور القوانين التنظيمية مدّد في عمر الفوضى التي يعيشها السمعي البصري
قنوات تلفزيونية خاصة تتموقع وأخرى تعاني من أزمات مالية ومهددة بالزوال
عرفت الساحة الإعلامية الجزائرية مباشرة بعد صدور قانون الإعلام الجديد في 2012 الذي سمح بفتح قطاع السمعي البصري للخواص، إنشاء عدة قنوات تلفزيونية خاصة، ورغم أن القانون الجديد الخاص بفتح السمعي البصري لا زال لم يدخل حيز التنفيذ، كون لجنة ضبط السمعي البصري التي يترأسها ميلود شرفي لم تباشر نشاطها كاملا كهيئة بعد بسبب تأخر صدور القوانين التنظيمية الخاصة بالقطاع، إلى جانب عدم تعيين أعضاء اللجنة، وعدم صدور القانون الأساسي لذات اللجنة، إلا أن قطاع السمعي البصري في الجزائر عرف ظهور قنوات عديدة وصل عددها اليوم إلى 45 قناة، لكن المهمة لم تكن سهلة والطريق لم يكن معبدا لمسيري هذه القنوات، وذلك لعدم اعتماد مسيريها على دراسات للجدوى وميزانيات للإنتاج

إعداد/ نورالدين عراب

وهذا ما جعل عددا منها يتوقف كقناة الهقار التي كانت قد تحصلت على رخصة من طرف وزارة الاتصال للنشاط، وتوقف بثها بسبب معاناتها من أزمة مالية، ولم تتمكن من دفع رواتب صحفييها وعمالها لمدة ما يقارب سنة واضطر هؤلاء إلى الاحتجاج أمام وزارة الاتصال قبل أن تتوقف القناة عن البث نهائيا، كما توقفت قنوات كواليس، الصحراء الجزائرية، الحراير المختصة في الطبخ وذلك لنفس الأسباب المذكورة سالفا، في حين قنوات أخرى استطاعت التموقع واستقطبت جمهورها، خاصة منها القنوات الإخبارية، وقنوات الطبخ، لكن رغم ذلك يجمع مختصون في قطاع الإعلام بأن التكاليف المالية الكبيرة ستجعل حتى هذه القنوات التي استقطبت جمهورها من خلال بعض الحصص التلفزيونية أو المتابعة الآنية للأخبار لن تصمد طويلا،  ويشير في هذا السياق الإعلامي المتخصص في السمعي البصري مدني عامر بأن تكلفة إنتاج وبث 06 ساعات يوميا في وقت الذروة التي تتنافس عليها القنوات التلفزيونية من أجل الظفر بشريحة مشاهدين كبيرة وشريحة معلنين تكلف 700 مليون سنتيم كل يوم، إلى جانب تكاليف البث الفضائي التي لن تقل حسب نفس المصدر عن 06 ملايير سنتيم، وبذلك يعتبر مدني عامر التجربة الإعلامية للعديدين هي مغامرة، وفي نفس الإطار لا تزال هذه القنوات تواجه متاعب عدم صدور النصوص التنظيمية الخاصة بقانون السمعي البصري، وبذلك لا تزال أغلبها باستثناء04 قنوات بعد توقف بث قناة الهقار الحاصلة على تراخيص النشاط كمكاتب قنوات أجنبية ناشطة في الجزائر.
شقق في العمارات وفيلات للسكن تحول إلى مقرات لقنوات خاصة
وقد تميزت تجربة السمعي البصري لدى الخواص بالفوضى وبسبب عدم صدور القوانين التنظيمية فإن هذه القنوات هي الأخرى تنشط بطريقة فوضوية، ولجأ بعض مسؤولي الجرائد الخاصة إلى إنشاء قنوات تلفزيونية تحمل نفس أسماء الصحف، في حين لم يكن الأمر مدروسا لا من ناحية البرامج والوسائل أو من الناحية المالية، كما لا يملك هؤلاء أي خبرة في مجال السمعي البصري، و لهذا كانت تجربة بعض القنوات تنقصها الكثير من الاحترافية ولا تقدم أي شيء جديد للمشاهد الجزائري، كما تفتقد هذه القنوات في الكثير من الأحيان للطاقم البشري المؤهل سواء من الصحفيين أو التقنيين، وفي نفس الوقت اتخذت هذه القنوات شققا في العمارات وفيلات سكنية كمقرات لها بسبب ضعف مواردها المالية، كما تحولت هذه القنوات إلى ما يشبه نسخة طبق الأصل لبعض الصحف التي تعتمد في مادتها الإعلامية على ما يزيد عن 80 بالمائة مما ينشر عبر الانترنت، ونفس الشيء بالنسبة لهذه القنوات التي تعتمد في برامجها على أفلام قديمة تجاوزها الزمن بالنسبة للمشاهد، أو بعض الأشرطة العلمية ويعاد بث هذه البرامج عدة مرات، ولا تظهر لدى المشاهد بصمة هذه القناة من البرامج الإنتاجية، وما تنتجه قد يتعلق فقط ببعض الحوارات مع شخصيات التي تعد هي الأخرى غير معروفة لدى المشاهد والمضامين التي تقدمها لا تفيده في شيء.
بالمقابل، هناك قنوات أخرى استطاعت أن تكسر احتكار التلفزيون العمومي للصورة والصوت رغم التجربة الحديثة للقنوات الخاصة، ونجحت هذه القنوات في الكثير من البرامج الإخبارية أو الموضوعاتية أو الفنية واستقطبت العديد من المشاهدين بالرغم من تسجيل بعض التجاوزات التي اضطرت معها سلطة ضبط السمعي البصري للتدخل عدة مرات وتقديم اعذرات لهذه القنوات مثل ما كان عليه الحال بالنسبة لبرنامجي «ألو وي» « وجورنان القسطو» اللذين تبثهما قناة كي بي سي، وكانت قد تلقت هذه القناة اعذارا من طرف سلطة ضبط السمعي البصري بسبب تماديها عن طريق البرنامجين المذكورين في السخرية والتجريح والمس بالأشخاص بما فيها أسماء ورموز في الدولة، كما تدخلت نفس الهيئة مع قناة «الشروق تي في» فيما يخص السلسلة الرمضانية المتمثلة في الكاميرا الخفية، التي كانت تبث مقاطع عديدة تروج للعنف، وهو ما أثار حفيظة سلطة ضبط السمعي البصري وقدمت اعذرها لهذه القناة، كما أوقفت سلطة ضبط السمعي البصري برنامج « ويك آند « بقناة الجزائرية بسبب تطاوله على شخص رئيس الجمهورية ورموز في الدولة، وفي نفس السياق، أصدرت وزارة الاتصال في وقت سابق، قرارا بوقف قناة الوطن بعد استضافتها مدني مزراق والذي تهجم على شخص رئيس الجمهورية، ويؤكد هذا التدخل المستمر لسلطة ضبط السمعي البصري ووزارة الاتصال تجاه القنوات الخاصة على حداثة التجربة، ونقص التجربة المهنية عند مسؤولي هذه القنوات، إلى جانب تأخر صدور القوانين التنظيمية التي تحكم القطاع، وتحدد حقوق وواجبات هذه القنوات، وبالمقابل فإن تحرك السلطات الوصية تجاه الصحافة المكتوبة أصبح شبه منعدم بسبب التجربة المتوسطة للصحافة الخاصة في الجزائر التي انطلقت مع التعددية السياسية وهي الأخرى شهدت في تلك الفترة عدة صدامات مع السلطات وأدت إلى غلق عدة صحف خاصة في فترة التسعينات.
برامج واحدة بتسميات مختلفة ونفس الوجوه تطل على عدة قنوات
ما ميّز تجربة القنوات التلفزيونية الخاصة بالجزائر هو التشابه الكبير في البرامج التلفزيونية بين عدة قنوات، بحيث تختلف فقط التسميات خاصة منها للبرامج الاجتماعية، التي تحمل نفس المضامين ولا يختلف فيها إلا بلاطو البرنامج والضيوف، وما يميز أيضا هذه القنوات هو تعاقب عدد من نجوم الفن وعلماء الدين ومنشطي حصص الطبخ على عدة قنوات وهو ما أفقد هذه البرامج قيمتها لدى المشاهد الجزائري، وأصبحت تقريبا تقدم برامج نسخة طبق الأصل لبعضها ولا تختلف فيما بينها إلا في التسميات، كما أظهرت هذه التجربة الحديثة في مجال السمعي البصري مدى النجاح الذي حققته القنوات الموجهة للطبخ للمرأة، بحيث حققت قناة سميرة رواجا كبيرا في الوسط النسوي الجزائري خاصة مع اهتمام هذه القنوات بالتقاليد الجزائرية، وأمام هذا النجاح الذي حققته القناة اتجه مجمع الشروق إلى إنشاء قناة جديدة موجهة للطبخ للمرأة تحمل اسم « بنة»، كما وجه مجمع النهار قناة ثانية للمرأة تحت اسم « النهار لكي»، وفي نفس الوقت ظهرت قناة أخرى موجهة للمرأة تحمل اسم الحراير، لم تصمد طويلا وانقطعت عن البث.

مدير قناة دزاير نيوز جمال معافة
القنوات الخاصة لا تتحكم في تقنيات السمعي البصري وتتناول مواضيع هامة بسطحية
يرى مدير قناة دزاير نيوز جمال معافة،  بأن تجربة فتح السمعي البصري للخواص هي تجربة فتية لها من الايجابيات كما لها من السلبيات. وأوضح  معافة في تصريح للنصر، بأن الجزائر كان من المفترض أن تفتح مجال السمعي البصري للخواص منذ مدة لمواجهة آلاف القنوات التي تغزو الساتل، مضيفا بأن القنوات الجديدة الخاصة هي فضاءات تضاف إلى فضاءات النقاش السياسي الاقتصادي والثقافي، بحيث فتحت هذه القنوات مجالا لتغطية مواضيع و انشغالات المواطنين التي  لم يكن بوسع التلفزيون العمومي التطرق إلى كل جوانبها، كما أشار معافة إلى أن الفتح الأولي للسمعي البصري مكّن من تشغيل طاقات جديدة و إعطاء فرص للعمل، في حين يعاب على هذه القنوات السطحية في تناول بعض المواضيع الهامة، إلى جانب عدم التحكم في التقنيات السمعية البصرية نظرا لحداثة التجربة، والجري وراء المعلومة مما أدى في الكثير من الأحيان إلى عدم التحلي بأخلاقيات المهنة على حد تعبيره. من جانب آخر، يعتقد  مدير قناة دزاير نيوز، بأن عدم صدور القوانين التنظيمية المنظمة للقوانين الخاصة في الجزائر أثر كثيرا على  مردودية هذه القنوات أو على الأقل على البعض منها التي لديها مشاريع حقيقية لبناء تلفزيونات قوية  تشتغل إلى جانب التلفزيون العمومي، وهو ما أدى حسبه، إلى تدخل السلطات العمومية في الكثير من الأحيان لتوجيه ملاحظات صارمة في حق العديد من القنوات. وفي سؤال حول إمكانية دخول هذا العدد الكبير من القنوات التلفزيونية الخاصة مجال المنافسة، أوضح محدثنا بأن ليس كل القنوات الموجودة اليوم تتوفر على خصائص ومعالم قنوات تلفزيونية حقيقية، وبذلك لا تستطيع دخول المنافسة، وأشار إلى أن هناك من 03 إلى 05 قنوات بإمكانها بناء مشاريع تلفزيونية خاصة  وتستطيع الصمود، أما باقي القنوات فلا تملك هذه المقومات.   كما يرى معافة بأن هذه القنوات الخاصة قدمت إضافة محترمة و مقبولة رغم حداثتها، بحيث تقوم بتغطية أغلب الأحداث وتبث عشرات الروبورتاجات يوميا، كما تستقبل الكثير من الوجوه عبر الحصص التي تبثها يوميا، ورغم ذلك يضيف محدثنا بأن هذه القنوات والمنظومة الإعلامية ككل ينتظرها عمل كبير. أما فيما يتعلق بتجربة قناة دزاير نيوز، فيعتبرها جمال معافة نموذجا مقبولا إلى حد ما، في حين لا تزال تنتظرها العديد من الأعمال، مشيرا إلى أن هذه القناة  فتحت الأبواب للعشرات من الشباب يمارسون مهنة الإعلام عبر أكثر من 30 موعدا إخباريا في اليوم، كما تواكب القناة مختلف الأحداث الوطنية و العالمية يوميا، وفي نفس الوقت فتحت قناة دزاير نيوز عدة تخصصات، وتهتم بالكثير من المواضيع التي تهم المشاهد عبر كل أقسامها من ثقافي سياسي و اقتصادي. كما تفتحت على الثقافة العالمية من خلال تقديم مواعيد إخبارية باللغة الفرنسية و الانجليزية. وأكد في نفس السياق مدير قناة دزاير نيوز، بأنهم يحاولون دائما تحري الخبر والابتعاد عن الإثارة، مضيفا بأن طاقم هذه القناة الفتية ينتظره الكثير من العمل وخاصة من ناحية التكوين .

رئيس تحرير قناة «النهار تي في» أحمد حفصي
القنوات الخاصة قدمت البديل للمشاهد الجزائري رغم النقائص المسجلة
يرى رئيس تحرير قناة "النهار تي في" أحمد حفصي في حوار للنصر بأن انفتاح قطاع السمعي البصري على القطاع الخاص شكل نقلة نوعية في مسار الصحافة الجزائرية وأعطى تنوعا وثراء غير  مسبوق للمشهد السمعي البصري في الجزائر، مشيرا إلى أنه بالرغم من النقائص المسجلة  والمحيط  غير المشجع استطاعت  قناة النهار الإخبارية حسبه، في ظرف وجيز أن تتحول إلى مرجعية في المادة الإخبارية وطنيا ودوليا، مضيفا بأن هذه المحطات التلفزيونية رسمت معالم فضاء سمعي بصري متنوع، ويعتقد محدثنا بأن القنوات الخاصة التي  وصل عددها اليوم إلى 43 قناة  قدمت البديل للمشاهد  الجزائري.
وفي سياق متصل، يرى رئيس تحرير قناة النهار بأن تأخر صدور النصوص التنظيمية  المتعلقة بقطاع السمعي  البصري وعدم مباشرة سلطة الضبط لعملها ميدانيا، وعدم تنصيب أعضائها حولها إلى ما يشبه هيكلا بدون روح، فالعملية حسبه ألقت بظلالها على أداء القنوات الخاصة التي وجدت نفسها تتخبط  في دوامة من المشاكل والعراقيل وعلى رأسها صعوبة إدخال المعدات التقنية عالية الجودة وعدم وضوح سوق الإشهار بالتلفزيونات الخاصة ناهيك عن الإجراءات البيروقراطية التي تحرم  الصحفي من الحصول على المعلومة في وقتها، مشيرا إلى أن الصحفي  بالقنوات الخاصة ملزم بتقديم  طلب لأي مؤسسة أو هيئة عمومية وانتظار تراخيص مقابل التصوير وإجراء  مقابلات. وأضاف بأن سلطة الضبط لم تتضح بعد معالم ورقة  طريقها، وأشار إلى  جلسات العمل والنقاش التي جمعت مدراء وصحفيي  القنوات الخاصة  برئيس سلطة ضبط السمعي البصري ميلود شرفي رسمت حسبه، صورة  حول ورقة  طريق  الحكومة لتنظيم  المجال الذي  يعيش  فوضى .  
وفي سؤال حول مستقبل هذه القنوات الخاصة يعتقد أحمد حفصي، بأن العديد  من هذه القنوات ستتوقف لأساب مالية، لأن التلفزيون يجب أن تكون له موارد  مالية  كبيرة ومع فوضى الإشهار  سيصعب الأمر على العديد  من القنوات التي  لم تضع لها اسما في  قائمة  كبرى القنوات، ولذلك فهو يرى بأن بعض  القنوات الخاصة التي هي عبارة عن  دكاكين تستغل شققا بعمارات  كمقرات ولا تملك أي تجهيزات أو وسائل عمل  ستضمحل من الوجود، مضيفا بأن غربلة هذا القطاع ستسمح باستمرار قنوات تعد على الأصابع، أما فيما يخص رأيه من ناحية أداء هذه القنوات يرى رئيس تحرير قناة النهار، بأن القنوات الخاصة رفعت التحدي خاصة مع الطاقم الشبابي الذي يقودها من خرجي الجامعات الجزائرية، كما يؤكد محدثنا بأن القنوات الخاصة استطاعت كسر الاحتكار  الذي كان ممارسا من قبل المؤسسة العمومية  للتلفزيون، وتحولت إلى بديل  وصوت للمواطن في الجزائر العميقة، مضيفا بأن الفضائيات الخاصة استطاعت أن تنفرد  بالسبق الصحفي في العديد من الأحداث السياسية والاقتصادية  والاجتماعية، كما أنها أعطت الفرصة  للشباب  للإبداع  بعد أن طاله التهميش، خاصة وأن هذه القنوات توظف اليوم حسبه كفاءات  شابة وأتاحت الفرصة للعديد من الطاقات الشبانية للإبداع في هذا المجال.
وفي سياق متصل، أوضح حفصي بأن الإحترافية هي مبتغى العديد من القنوات الخاصة، مشيرا إلى أن مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة، و الرهان الأكبر اليوم حسبه معلق على  تقديم معلومة آنية ذات مصداقية مع تكوين الطاقم الصحفي وحسب وجهة نظره، هناك قنوات بلغت برامجها ومواعيدها الإخبارية سقفا تستطيع من خلاله تصنيفها في  خانة مؤسسات محترفة، ووجب التفريق هنا حسبه بين  قنوات خاصة يملكها إعلاميون وأخرى تعود لرجال أعمال أو دخلاء على مهنة الصحافة.
أما فيما يتعلق بتدخل وزارة الاتصال واستدعاء بعض مدراء هذه القنوات فيما يتعلق بارتكابهم لتجاوزات، وكان آخرها ما حدث مع قناة الوطن، أوضح حفصي بأن قضية الوطن تي في وفق رأيه، أخذت شقا  قانونيا أكثر منه سياسيا، رغم أن الملف يبقى يحتفظ  بكل أسراره، والقضية حسبه يشوبها  غموض، في حين المهم بالنسبة له هو تنظيم قطاع السمعي البصري وأن يكون عمل هذه القنوات وفق القانون
وعن تجربة قناة النهار، يرى رئيس تحريرها، بأن هذه القناة تحولت إلى مرجعية في  تقديم الأخبار بقوالب مختلفة وطنيا ودوليا، واستطاع مجمع النهار حسبه كسر العديد  من  الطابوهات وفضح ممارسات ظلت في خانة المسكوت عنها. وأضاف بأن هذه القناة كانت صوت المواطن في الجزائر، واستطاعت بعد فتحها الباب  للشباب الطموح أن  ترفع  التحدي في ظرف  وجيز وتحولت إلى القناة الأكثر مشاهدة في الجزائر ونتائج  سبر لآراء  والدراسات  تتحدث عن ذلك على حد تعبيره، مشيرا إلى أن قناة  النهار تي  في أصبح لها انتشار واسع في  الجزائر العميقة ولدى أبناء الجالية الجزائرية  بالمهجر، وذلك بفضل ما قدمته من إضافة للمشهد  الإعلامي.

الإعلامي مدني عامر
الذين خاضوا مغامرة السمعي البصري يحاولون اليوم الخروج منها بأهون الأضرار
أكد الإعلامي والنجم التلفزيوني الجزائري مدني عامر، في حوار للنصر بأن الذين خاضوا تجربة القنوات الخاصة في الجزائر غامروا ويحاولون اليوم أمام المتاعب المالية التي تواجههم الخروج منها بأهون الأضرار، مضيفا بأن قطاع السمعي البصري لم يفتح بعد في الجزائر ولا تجري ممارسته وفق قواعد وضوابط قانونية ولا تخضع ممارسته بعد إلى مرجعيات مهنية وأخلاقية لأن قانون السمعي البصري حسبه الذي صدر في بداية عام 2014 لم تصدر بعد مراسيمه التنفيذية ولم يطبق إلى الآن. كما لم يكتمل بعد تشكيل سلطة الضبط التي عين رئيسها قبل سنة ومازالت لم تباشر مهامها بشكل رسمي وفق قانونه الأساسي، مضيفا بأن الوضع السائد وكما يعرف الجميع لا يخضع لأي مرجعية وحتى القنوات الخمس التي تملك اعتمادا  فإن هذا الاعتماد حسبه ممنوح لمكتب مراسل أجنبي، وليس لقناة ولنشاط، أما البقية أي الـ 37 قناة فإن نشاطها لا يخضع لأي مرجعية ولأي نظام عمل أو أداء، وفي تقييمه الأولي لتجربة السمعي البصري، قال مدني عامر بأن هناك قصورا وتقصيرا من ناحية التأطير، ورغم ذلك يضيف بأن بعض التجارب قد رسخت من ناحية الممارسة والأداء بعض الأسس والقواعد التي يمكن البناء عليها لاستمرار تطوير التجربة، أما الكثير منها يقول مدني بأنها قد غرقت في متاعب ومتاهات مالية ووظيفية وتحريرية وهذا لأن أغلب تلك القنوات لم تطلق بعد دراسات للجدوى وميزانيات للإنتاج والتشغيل.
من جانب آخر، أوضح الإعلامي مدني عامر بأن تأخر صدور المراسيم التنفيذية واللوائح التنظيمية عطل  إخضاع تلك التجربة إلى القانون وإطلاق المنافسة بين اللاعبين على ساحتها وفق دفتر شروط ومرجعيات تسمح بإطلاق المبادرات والإرادات في الميدان  وتساعد على التأسيس للممارسة المحترفة للمهنة ولرجالها وللمرجعيات القائمة على التأطير والمتابعة، كما أوضح بأن ارتفاع عدد القنوات ينم عن جهل بعض المشرفين عليها بتقنية التلفزيون، مشيرا إلى أنه لو كان هناك سلم للتصنيف بين الأنماط والأشكال في الصناعة الإعلامية فإن التلفزيون يعني حسبه الانتقال إلى عصر الصناعات الفضائية، في حين أن أغلب القنوات لم تخضع إلى دراسات ولذلك فالنتيجة اليوم والحكم هو عند المشاهدين وليس عند أصحابها، لأن ما يشاهده الجزائريون من بين 42  قناة لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.
تكلفة إنتاج وبث 06 ساعات في وقت الذروة لا تقل عن 700مليون سنتيم
وفي سياق متصل، أوضح الإعلامي مدني عامر بأننا نسمع اليوم عن مصاعب مالية كبيرة في تغطية نفقات تلك القنوات، مشيرا إلى أن كلفة إنتاج وبث 6 ساعات يوميا المصنفة  ساعات ذروة التي تتنافس عليها القنوات من أجل الظفر بشريحة مشاهدين وشريحة معلنين تكلف أكثر من 700 مليون سنتيم كل يوم بحسب سعر الإنتاج في السوق، كما أن كلفة البث الفضائي لا تقل عن 6 مليار سنتيم في السنة، مؤكدا بأن الذين غامروا اصطدموا وأغلبهم يحاولون الخروج من التجربة بأهون الأضرار .
ورغم كل ما تعرفه هذه التجربة الحديثة للقنوات الخاصة ـ يضيف مدني عامر ـ بأنه لا ينكر لهذه القنوات بأنها كسرت احتكار التلفزيون العمومي لصناعة الصورة، وفتحت الباب أما الشباب ومنحتهم فرصا جيدة لخوض تجارب لم تكن متاحة، و برزت من خلالها بعض الوجوه وبعض التطبيقات التلفزيونية وخاصة منها التحقيقات والحوارات التي فتحت الشاشة للناس حتى وإن كان الأمر لا يخضع في بعض الأحيان لأي مقياس، كما أنها منحت حسبه الجمهور نوافذ على ما يجري في البلاد وقدمت نفسها بديلا لقنوات أخرى كانت تتوجه إلى الجمهور من الخارج، ويعتقد محدثنا بأن الحكم في الأخير أضحى الآن عند العامة الذين يستطيعون إجراء عملية الفرز والتمييز والاختيار.
وفي سؤال حول تقييمه لمدى احترافية هذه القنوات أوضح مدني عامر، بأن اليوم في العالم لا اعتراف إلا باحتراف، كما أن  التلفزيون لم يعد علما يصرف في المفرد بل أن الحديث اليوم ينسحب على علوم التلفزيون وتطبيقاته المختلفة التي يحتاج كل متعاطي مع أي حقل من حقوله إلى التسلح بخامة معاريفية لانجاز المنتظر والمطلوب، مشيرا إلى أن  ما لاحظه وعن كثب هو أن مؤسسات التكوين وخاصة معاهد وكليات الإعلام لا تقدم تكوينا تطبيقيا لطلبتها ولذلك يخرجون إلى الميدان وهم يتطلعون إلى فرص للتدريب العملي أو التطبيقي، كما أن حاجة هذه القنوات الفورية إلى كوادر بشرية لإطلاق مشاريعها قد دفع في أغلب الأحيان إلى أن يتدرب الموظف ويعلم وهو ينتج ويقدم، مضيفا بأن المطلوب هو أن تكون هناك مجموعة من المؤطرين يشرفون على عمليات التدريب والتأهيل المستمر للكادر البشري والدفع بهم تدريجيا إلى ساحات العمل وإلى الشاشات بحيث تتحول تلك العمليات إلى فرص لإطلاق كفاءات وليس لخنق مبادرات على حد تعبيره، مؤكدا في نفس السياق بأن الاحتراف هو أكبر رأسمال يمكن أن يستثمر فيه أي مشروع وهو الضمانة الأكيدة والوحيدة لخوض غمار المنافسة والتطلع إلى مواقع الريادة، وليس بالبيانات والخطابات عن مدح الذات، مبررا ذلك بكون أن الحكم عند المشاهدين وتنفيذه يمكن في لمسة زر هي التي تقدم أو تؤخر .

 

 

 

الرجوع إلى الأعلى