لماذا يعادي الجزائريون العمل؟

فقد العمل قدسيته لدى الفرد الجزائري وتحول في السنوات الأخيرة إلى مجرد حضور جسدي وساعات من الجلوس أو تمضية الوقت في الدردشة داخل مكاتب لا مكان للعمل فيها، ما حول الانضباط و الالتزام المهني إلى حالات شاذة تعرض صاحبها للسخرية، بينما يجتهد كثيرون في التخلص من هذا «العبء» بعطل تحيلهم على صندوق الضمان الاجتماعي، حيث تشير إحصائيات صادرة عن «كناص» أنه تم العام الماضي دفع 18 مليار دج تعويضات رغم الإجراءات الرقابية الصارمة على مدعي المرض. ويجمع المختصون أن العمل لم يعد يعني للجزائريين سوى الراتب وربما اللقب والوجاهة الاجتماعية بالنسبة لفئات معينة وذلك نتيجة العشائرية في التوظيف وغياب الرقابة و استخدام أساليب تملقية تبقى على العامل غير المواظب وتضمن للمسؤول الولاء عند الحاجة، وبين الفئتين توجد نقابات تتحمل في نظر المتابعين جزء من المسؤولية بالسكوت على ظاهرة تنخر الاقتصاد الوطني وتضرب قيم المجتمع الذي لم يعد يؤمن بالعمل طالما يرى في المحسوبية السبيل الوحيد للحصول على المنصب والترقية. النصر رصدت عشية عيد العمال من خلال هذا الملف عالم الشغل في بلادنا وأشكال التحايل على أوقات العمل  ونقلت آراء مختصين و مسؤولين حول الظاهرة، كما وقفت على حالات غريبة من التعاطي مع العمل في القطاع العام بينما نجد أن القطاع الخاص لا يتسامح مع التأخرات والعطل المرضية ما يؤكد غياب الرقابة و تساهل في تطبيق القوانين الداخلية للإدارات.
روبـورتـاج: نـور الهـدى طابـي
المقاهي و الأسواق و جهتهم خلال ساعات  الدوام
موظفو الإدارة المحلية، التعليم، الصحة الأقل احتراما للوقت
 تنطلق ساعات الدوام الرسمية في الجزائر على الساعة الثامنة عموما، لكن غالبية الموظفين خصوصا في الإدارات العمومية و المؤسسات الاقتصادية التابعة للدولة، يصلون إلى المكاتب في حدود التاسعة إلى التاسعة و النصف في حين يعد موظفو القطاع الخاص أكثر التزاما بسبب الخوف من الخصم في الراتب،و اعتماد غالبية الشركات الخاصة على تقنية البصمة الإلكترونية لإثبات الحضور و التي يستحيل التحايل معها.
 واقع وقفنا عليه خلال استطلاع قادنا إلى عدد من المؤسسات الاقتصادية و الاستشفائية و التربوية، و كذا الإدارات المحلية بقسنطينة، لقد أظهر لنا بأن الموظفين الدائمين باتوا يعتمدون كثيرا على عمال عقود ما قبل التشغيل و يستغلونهم في التغطية على غياباتهم المستمرة، و تعد بعض القطاعات الأكثر تأثرا بمشكل التسيب الوظيفي، كما أن فصل الصيف يعتبر فترة الذروة أما العطل المرضية فهي عبارة عن ثقافة سلبية منتشرة بين الجنسين طيلة السنة تقريبا، و العمل على قدر الراتب منطق يتبناه الجميع تقريبا.جولتنا بين المؤسسات انطلقت في حدود الساعة الثامنة و النصف من وسط مدينة قسنطينة، زرنا عددا منها، فلاحظنا بأن عدم احترام توقيت الدوام صفة مرتبطة بموظفي الإدارات العمومية كالبلديات و المديريات و المؤسسات الاقتصادية  خصوصا البنوك، على اعتبار أن أغلب المكاتب كانت فارغة، و لدى سؤالنا عن بعض الموظفين، بحجة إتمام مصلحة معينة، أوضح لنا زملاء لهم بأنهم لم يصلوا بعد. بالمقابل اضطررنا إلى مغادرة بعض المديريات، حتى قبل أن نتخطى أعوان الحراسة في الحجابة، لأنهم أخبرونا بأن من نبحث عنهم غير موجودين، و قد طلب منا في العديد من المرات العودة في حدود الساعة التاسعة و النصف إلى العاشرة، لأن الاختناق المروري سيؤخر الموظف المطلوب عن الوصول إلى العمل ككل يوم. خلال جولتنا بين مديريات و مؤسسات وسط المدينة لاحظنا بأن غالبية العمال و الموظفين يجتمعون في المقاهي القريبة من مقرات عملهم، مباشرة بعد تسجيل الحضور، و يقضون من 15 دقيقة إلى نصف ساعة أو أكثر، في الإفطار و الدردشة،  بينما يزيد غيابهم عن ساعة كاملة خلال فترة الغذاء التي قد لا يعودون لمكاتبهم بعدها بالرغم من أن القانون يحددها بساعة من منتصف النهار  إلى الواحدة. حسب ما أخبرنا به نادل بأحد أشهر مقاهي منطقة الكدية، فإن معظم الموظفين العاملين في الإدارات المتواجدة على مستوى الحي يغادرون المقهى ليقصدوا سوق بومزو للتسوق، قبل العودة إلى المكتب، موضحا بأن أغلب الموظفين الذين يقومون بهذه السلوكات معروفون و مشهورون بسبب كثرة تواجدهم في الأماكن القريبة من مقرات عملهم خلال ساعات الدوام.
 نفس الوضع عشناه على مستوى مستشفى قسنطينة الجامعي و مؤسستين استشفائيتين عموميتين للصحة الجوارية، الأولى بالخروب و الثانية بعين سمارة، أين تعدى عدد المرضى و ذويهم في إحدى قاعات الانتظار 15 مريضا غالبيتهم تنقلوا إلى المؤسسة في حدود الساعة الثامنة، غير أن موظف الاستقبال المسؤول عن منح وصولات الكشف تأخر لنصف ساعة كاملة، فيما تطلب التحاق الأطباء و شبه الطبيين ما يزيد عن ساعتين، لتنطلق المعاينة في الساعة العاشرة. الوضع أكدته لنا شيماء، موظفة بمخبر التحاليل بواحدة من المؤسسات المذكورة، مشيرة إلى أن بعض الموظفين يكتفون بالدخول لتسجيل حضورهم و من ثم المغادرة و العودة بعد ساعة، و أحيانا الغياب طيلة الصبيحة، تاركين مصالح المؤسسة معلقة، و حتى في حال تواجدهم بالعمل،فإنهم يناورون للتهرب من العمل و يتقاذفون المسؤولية من شخص إلى آخر، ما يفرض ضغطا إضافيا على الموظفين الآخرين، و يضطرهم أحيانا لإتمام مهام غيرهم، بسبب ضغط المواطنين و الشجارات التي تنشب بسبب المماطلة في الرد على انشغالاتهم. توجهنا إلى أحد البنوك العمومية بقسنطينة فأوضح لنا  الصادق، قابض رئيسي، بأن مشكل التأخر عن العمل و المغادرة قبل  الساعة الثالثة و النصف، تحولا إلى عادة يمارسها الجميع دون استثناء، رجالا و نساء خصوصا في فصل الصيف أما رمضان و المناسبات الدينية الأخرى كالأعياد، فتعد فترة الذروة، إذ يلجأ الجميع، و بالأخص النساء،  إلى التحجج بالمرض، أو وفاة أحد الأقارب للمغادرة باكرا، بينما تقضي أخريات نصف يومهن داخل المكتبة في لعب الورق على الحاسوب، أو إتمام بعض الأشغال اليدوية، كالطرز و حتى تقشير  الفاصوليا و البازلاء و الفول.
موظفون يداومون على الورق  وآخرون تحولوا إلى “فرودور” في أوقات العمل
 في الإدارة المحلية تنتشر ظاهرة التسرب الوظيفي بشكل بارز، خصوصا في البلديات و الدوائر و المندوبيات الحضرية على اختلافها، و يعد الرجال الأكثر ممارسة لهذا السلوك، مقارنة بالنساء، كما أوضح لنا عبد العالي، مسؤول الأمانة بمصلحة المالية بإحدى بلديات قسنطينة، مشيرا إلى وجود موظفين يداومون منذ سنوات في مصالح مختلفة معروفين بأسمائهم و مناصبهم، لكن وجوههم مجهولة بالنسبة للبعض، على اعتبار أنهم موظفون على الورق فحسب، لكنهم لا يداومون كباقي زملائهم، و ذلك لسببين، إما أنهم أصحاب مهن حرة و تجار يتواطأون مع العون المسؤول عن ضبط قائمة الحضور للتمويه عن غيابهم من خلال إثبات الحضور، أو أنهم لا ينقطعون عن تجديد العطل المرضية بمجرد انتهائها.و أشار إلى أن الحاضرين الغائبين، يحظون بمكانة خاصة عند المسؤولين و تربطهم بهم علاقات شخصية بنوها عن طريق “ الشيتة”، كما علق، مؤكدا بأنهم و رغم غيابهم المستمر، يتقاضون رواتبهم دون نقصان و يكونون أوائل المضطلعين على الجديد من القوانين و الإجراءات، و أوائل المطالبين بالزيادات في المنح.
من جهتها أكدت ماجدة موظفة بمصلحة الحالة المدنية بثاني أكبر بلدية بقسنطينة بأن بعض الموظفات تتحججن بتعرض أبنائهن لوعكات صحية للمغادرة و عدم العودة، و تتفنن في تضييع الوقت من خلال تبادل وصفات الطبخ و موديلات الفساتين و خلطات التجميل، حتى أن بعضهن تنجزن أشغال الطرز في المكتب و تعلمن زميلاتهن في العمل، أما العطل المرضية، فهي ثقافة منتشرة بكثرة يرتفع عدد طالبيها في فترات محددة ، هي رمضان، الأعياد و مواسم الأعراس، و الظاهرة، كما قالت، تنتشر بكثرة بين الموظفين الدائمين و حتى عمال عقود ما قبل التشغيل. أما وليد و هو ملازم شرطة بقسنطينة، فقد أكد بأن التودد للمسؤولين أو “ الشيتة”، كما نقول بالعامية، تحولت إلي سبيل للهروب من المسؤولية و التغيب عن العمل، حتى أن بعض الموظفين يغادرون باكرا لممارسة “ الفرود” في محطات النقل و من بينهم إطارات.
أساتذة يستغلون صداقاتهم مع مسيرين و متعاقدون يداومون على قدر الراتب
وداد مقتصدة بإحدى المؤسسات التربوية بقسنطينة، أكدت بأن الظاهرة باتت تشمل الجميع رجالا و نساء، متزوجين و عزاب، و قالت بأنها تعرف أستاذا لم يداوم من قرابة السنة و لا يعرف شكل تلاميذه، غير أن علاقته الوطيدة بمديرة المؤسسة التي يعمل كسائق غير رسمي لها و لأبنائها و يتودد إليها و يتملقها عادة بالهدايا، جعلها تتغاضى عن غيابه.
وداد، قالت بأن المدرسة تهجر تماما عند الساعة الثالثة عادة، بسبب تسلل الإداريين من العمل، على اعتبارهم الأكثر تسربا، مقارنة بالأساتذة المقيدين بحصصهم الساعية، وهي ظاهرة تشمل الجميع دون استثناء، من موظفين دائمين إلى عمال عقود ما قبل التشغيل و المتعاقدين، الذين يتفقون على شعار وحيد “ العمل على قدر الراتب”، مشيرة إلى أن الجميع تقريبا، فقدوا  ضمائرهم  المهنية، من أعلى مسؤول يوافق على تأكيد حضور موظفين يعلم بغيابهم إلى أبسط حارس ليلي يترك المؤسسة لينام في بيته.  وأضافت محدثتنا بأن الجميع يتفق على مبدأ واحد “لماذا أجهد نفسي وأنا لا أتقاضى أزيد من  1500 دج، بينما يغيب صاحب راتب7 آلاف دج في الشهر، طوال العام”.  حسب الخبير الاقتصادي فارس مسدور، فإن العديد من المؤسسات الاقتصادية العمومية و بدرجة جد بسيطة الخاصة، تعاني من مشكل الغيابات و عدم احترام الوقت من قبل موظفيها، و ذلك راجع، كما قال، لسببين الأول ضعف الوازع الديني لدى العمال الذين باتوا مستعدين لأكل “ الحرام”، كما علق، أما السبب الثاني فهو افتقارنا كمجتمع لثقافة العمل و المسؤولية و السبب هو عقلية التوظيف الاجتماعي التي انتهجتها الشركات الجزائرية في سنوات ماضية و حتى الآن، إذ نجد منصبا واحدا يشغله أكثر من موظفين. و أشار المتحدث إلى أن الموظف الذي لا يحترم ساعات الدوام الرسمية، لا يحتسب الخسائر المترتبة عن غيابه، فكل موظف يتقاضى الحد الأدنى للأجر القاعدي في الجزائر و يتغيب يوميا لمدة ساعة واحدة، يسرق من جيب الدولة ما يعادل 35 مليون سنتيم طيلة مساره المهني، و إذا احتسبنا أن الجزائر تحصي 900 ألف مؤسسة، فإن رقم الخسارة المترتبة عن تضييع 900 ساعة يوميا من طرف كل موظف، تكون ضخمة و مؤثرة على صحة الاقتصاد الوطني.
مدير الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية بقسنطينة
ربـع الـعـطل الـمرضـيـة الـمودعــة  وهـميـة
جمعتها : نـور الهـدى طابـي

استقبل الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء بقسنطينة، خلال شهر أوت من السنة الماضية، حسبما كشف عنه مديره الدكتور سعيد علامي، 600 طلب عطلة مرضية من قبل موظفين مؤمنين اجتماعيا، قصد الحصول على إجازات مرضية، شكلت الإناث نسبة 50 بالمائة منهم، إذ تم في هذا الصدد قبول 75 بالمائة من الطلبات و رفض ربعها أي حوالي 25 بالمائة، بعدما صنفها الرأي الطبي، على أنها غير حقيقية، بالمقابل تم رفض 18 بالمائة من الطلبات التي تقدم بها موظفون ذكور، مع العلم أن شهري جويلية و أوت، بالإضافة إلى المناسبات الدينية كالأعياد، تعد الفترة التي تشهد أكبر تهافت على العطل.
حسب ذات المصدر، فان العديد من المؤسسات، سواء في القطاعين العمومي أو الخاص، أصبحت تشتكي من مشكل العطل المتكررة للموظفين، إذ عادة ما يتقدم مسؤولوها للتأكد من مصداقية ملفات العطل المرضية على مستوى صندوق التأمين، مشيرا إلى أن الظاهرة لا تنحصر في قطاع معين، بل زحفت لتمس كافة المجالات المهنية، بما في ذلك القطاعات الحساسة كالتعليم، و الصحة و العدالة بمختلف أجهزتها و بالأخص المؤسسات العقابية.
ظاهرة العطل المرضية، حسب المسؤول، تعد من بين خدمات التأمين المكلفة إذا ما أخدنا بعين الاعتبار أنها كلفت خزينة الصندوق 60 مليار سنتيم في العام الماضي، بالرغم من أن الصندوق لا يغطي سوى العطل التي تصادق عليها اللجنة الطبية التابعة له.
و قد تداولت وسائل الإعلام مؤخرا، العديد من القضايا المتعلقة بموظفين حكوميين في الجامعات و المستشفيات، استغلوا العطل المرضية للتهرب من الوظيفة، ومزاولة أعمال و نشاطات حرة، أو السفر و العمل في الخارج، كان آخرها قضية فجرها العميد السابق لجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، و تخص أساتذة برتبة دكتور، لجأوا إلى التحايل من خلال الإجازات المرضية للسفر و العمل في دول أخرى.
مدير التربية
أساتذة  «يتمارضون» للتهرب من مسؤولية الامتحانات
تطرح العطل المرضية  بحدة   في قطاع التربية، باعتباره من أكثر القطاعات التي يتهرب موظفوها من مسؤولية العمل، باستغلال حقهم في العطلة المرضية الذي يكفله لهم قانون الصحة، كما أكد مدير التربية بقسنطينة محمد بوهالي، مشيرا إلى أن مصالحه تعاني من المشكل، بالأخص في فترة الامتحانات، إذ يلجأ الأساتذة إلى هذا الباب، للهروب من ضغط التحضيرات و مسؤولياتهم  أمام  التلاميذ و الإدارة، مشيرا إلى أنه يستقبل شهريا عددا معتبرا من طلبات الخروج بحجة المرض، تتعدى بكثير تلك المصرح بها على مستوى صندوق الضمان الاجتماعي، لأن أغلب طالبيها يستغلونها فقط، كحجة للغياب من أجل السفر أو ممارسة التجارة، و لا يقومون بتدعيم ملفاتهم بوثائق التعويض.
مدير التربية قال بأن الأساتذة هم أكثر فئة طلبا للعطل، مقارنة بباقي موظفي القطاع، و تشكل النساء النسبة الأكبر، غير أن الإشكال الحقيقي يطرح بالنسبة لطلبات العطل التي لا تتعدى اليومين، و هي عطل يتعذر تعويض طالبها بمدرس آخر عادة، لأن إجراء الاستخلاف يتخذ في حال زادت مدة العطلة عن أسبوع أو أكثر، لكن في كثير من الأحيان، إن لم يكن في الغالب، يلجأ الأساتذة إلى  إحضار وثيقة طبية لطلب التغيب يومين و من ثم يستأنفون العمل لمدة يوم قبل أن يعودوا مجددا لطلب عطلة مرضية جديدة لمدة يومين أو ثلاثة أيام، وهو ما يضع المؤسسات التربوية في حرج، لأن سلوك الأستاذ يؤثر مباشرة على التلاميذ.
و اعتبر المسؤول بأن المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على الأطباء الذين يتاجرون، إن صح القول، بالعطل المرضية، مشيرا إلى أن مصالحه طالبت صندوق التأمينات الاجتماعية  بفرض رقابة أكبر على ملفات العطل المرضية، لقطع الطريق أمام المتحايلين، لكن الإشكال يبقى مطروحا و بكثرة.
مدير المستشفى الجامعي كمال بن يسعد
توقيف 150 إطارا و موظفا في ظرف سنة للحد من التسيب
اشتهر المستشفى الجامعي بن باديس بقسنطينة طيلة السنوات العشر الماضية بالتسيب و الإهمال اللذين طالا مختلف مصالحه، و أثرا على مستوى الخدمة العمومية المقدمة للمواطن و نوعية التكفل بالمرضى، إذ يعد المؤسسة الأكثر معاناة من مشاكل الغيابات المستمرة للأطباء و العمال، على حد سواء، فضلا عن كون احترام ساعات و مواقيت الدوام، كان نقطة سوداء نغصت يوميات المرضى، خصوصا خلال نهايات الأسبوع و في المناسبات، كالأعياد مثلا.  مصلحة الولادة كانت من أكثر المصالح التي تشهد هروبا جماعيا للموظفين خلال كل صائفة بسبب ضغط العمل، و هي ظاهرة ارتبطت في السنوات الأخيرة بكثرة العطل المرضية التي تحولت إلى وسيلة لتبرير الغياب و التحرر من المسؤولية، غير أن هذا السلوك عرف تراجعا خلال السنة الجارية، كما أكده مدير مستشفى قسنطينة كمال بن يسعد، مشيرا إلى أن احترام ساعات الدوام،  أصبح أمرا مفروضا يرتبط الإخلال به بإجراءات عقابية  تصل حد تحرير مخالفة تتعلق ب» ترك العمل»، كما أن الغيابات المتكررة تنتهي عادة بالعقاب أيضا، أما العطلة المرضية، فإنها، و بناء على تعليمة خاصة من الوزارة الوصية، فقد أصبحت المصادقة عليها مشروطة بالمرور على مصالح الرقابة الطبية التابعة للمستشفى و إجراء خبرة لتأكيد أحقية الموظف بالعطلة قبل منحها له.
و أضاف المسؤول، بأن ثقافة عدم احترام العمل و الوقت، كانت سائدة بشدة بين عمال المستشفى على اختلاف مستوياتهم، من إطارات طبية و إدارية إلى أبسط حارس و عاملة نظافة، غير أن الخرجات الفجائية التي أصبح يقوم بها لفرض الرقابة على المصالح، أتت بثمارها، بعد أن كشفت عن وجود تسيب حقيقي في بعض المصالح، التي يتغيب موظفوها عن أماكن عملهم دون مبررات و لا يحترم بعضهم برنامج الدوام و المناوبة، مشيرا إلى أنه قد أصدر خلال سنة واحدة 150 قرارا بالتوقيف و المتابعة ضد موظفين و عمال و إطارات من مختلف الرتب، آخرهم أساتذة مساعدين كانوا يتقاضون رواتبهم دون مداومة، موضحا بأنه ينوي معاقبتهم و إجبارهم على تسديد كامل مستحقات المستشفى خلال السنوات التي تقاضوا فيها رواتبهم دون عمل. 
مسؤولون بمؤسسات اقتصادية عمومية و خاصة
نظام إثبات الحضور عن طريق البصمة الالكترونية كبح التسرّب الوظيفي
 أكد مسؤولون و إداريون بعدد من المؤسسات الاقتصادية العمومية و الخاصة بالجزائر، بأن مشكل التسرب الوظيفي تراجع نسبيا في السنوات الأخيرة بفضل تدعيم مكاتب الاستقبال بأنظمة إثبات الحضور عن طريق البصمة الالكترونية، مع ذلك بقى التغيب و التأخير أو اللجوء إلى العطلة المرضية للتهرب من العمل، واقعا لا يمكن التحكم فيه كليا نظرا لطبيعة الموظف الجزائري في حد ذاته زهير عامل مسؤول بمؤسسة رونو الجزائر، قال بأن ضعف ثقافة الالتزام الوظيفي أمر شائع بشدة بين الموظفين ليس جميعهم و لكن غالبيتهم وبالأخص فئة الرجال، فعادة ما يتعاملون بنوع من الاستهتار فيما يخص الالتزام بمواقيت و ساعات الدوام الرسمية، غير أن المشكل تراجع مؤخرا بعد فرض إجراءات عديدة تتعلق بمعايير التوظيف أولا و الأخذ بعين الاعتبار بعد مكان الإقامة عن مكان العمل، لتلافي مشكل التأخير، فضلا عن إلزام الموظفين باحترام بنود الاتفاقية الجماعية و القانون الداخلي للمؤسسة في ما تعلق بإقرار خصومات من الراتب عند كل غياب أو تأخير تحدد حسب قيمة الأجر، فضلا عن إقرار بعض العقوبات الردعية، من جهته أوضح عبد الرزاق محاسب بذات الشركة، بأن كل تأخير يؤثر على مردود الشركة ونسبة نموها لذلك يعمد إلى إعداد تقارير شهرية و سنوية يحتسب من خلالها الحجم الساعي الضائع و هامش الربح المفقود جراء ضعف لالتزام.
 أما مدير المؤسسة العمومية للنقل الحضري و شبه الحضري بقسنطينة عبد الحميد خرشي، فيتفق مع ممثل الهيئة الإدارية لمؤسسة توزيع المياه سياكو بوغدة، في نفس الطرح الذي يؤكد إسهام نظام تسجيل الحضور الالكتروني عن طريق البصمة، في كبح ظاهرة التسرب الوظيفي بنسبة 95 في المائة ،   خصوصا  و أن كل ساعة ضائعة من عمل حافلة نقل واحدة كما قال مدير مؤسسة النقل الحضري تكلف الشركة ما قيمته 4000دج، وهو ما فرض حتمية إلزام الموظفين باحترام برنامج الدوام.و اعتبر المسؤولان من جهة ثانية، بأن طبيعة المؤسستين القائمتين على تقديم خدمة عمومية، كان من أهم العوامل التي فرضت النظام و ألزمت الموظفين بساعات و مواقيت الدوام، أما مشكل العطل المرضية فيطرح كما عبرا بنسبة ضئيلة جدا و موسمية، على اعتبار أن نظام العمل عن طريق المناوبة و الفرق يتيح للموظفين فرصة للراحة و الاسترجاع من أجل إتمام المهام، وهو ما جعل هذه المؤسسات الاقتصادية دون غيرها تقلص من حجم الوقت المهدور و تتدارك عجلة التنمية.

صندوق «كناص» عوّض أكثـر من 18 مليار دينار
العمـــال الجزائريــون حصلـــــوا على 15 مليـــــون يوم عطلـــة مرضيـــة في  2015
أحصى الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء 861268 عطلة مرضية خلال سنة 2015 ، و قد بلغ التعويض الذي دفعه الصندوق أكثر من 18 مليار دينار
 العام الماضي. وذكر مدير الأداءات بالصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء جغري عبد الحفيظ في تصريح للنصر، أن العطل المرضية الوهمية تعد ظاهرة موجودة لكن وجودها - كما قال- لا يجب أن يجعل الضمان الاجتماعي يقصر في حقوق المؤمنين الاجتماعيين المرضى الحقيقيين ولمحاربة ظاهرة اللجوء إلى العطل المرضية الوهمية -كما أضاف- توجد آليتان أساسيتان للضمان الاجتماعي وهما المراقبة الطبية والإدارية ولو أنه مبدئيا الضمان الاجتماعي يحافظ على حقوق المؤمن ولا يمكن أن  يتم الحكم على المؤمن من البداية.
وذكر جغري عبد الحفيظ ، بخصوص الامتيازات التي يوفرها نظام الضمان الاجتماعي الجزائري، أنها نوعين وهي الأداءات العينية و الأداءات النقدية ، وقال أن الأداءات النقدية ، هي أن الضمان الاجتماعي الجزائري يوفر تعويضا عن الأجر الذي ضيعه كل عامل جزائري أرغم بسبب المرض أو حادث عمل أو مرض مهني على قطع العمل، مضيفا أن دور الصندوق في إطار القوانين والتشريع المعمول به ، ينظر هل حقيقة العطلة المرضية مطابقة للحالة الصحية للعامل أم لا، حيث توجد آليات لذلك - يضيف نفس المتحدث - وتتمثل  الآلية الأولى في المراقبة الطبية، و يعتبر الطبيب الوحيد الذي لديه سلطة التقدير، حيث يذكر هل  الشخص مريض أم لا، موضحا في السياق ذاته، أن القرار الطبي الذي يصدره الطبيب المعالج هو الذي يخضع للمراقبة الطبية من طرف الطبيب المستشار للصندوق ، وأوضح أن كل العطل المرضية  خاضعة للمراقبة الطبية للصندوق قبل التعويض وفي هذه المراقبة توجد  حالتين  -كما قال- أولا عندما يوافق الطبيب المستشار للصندوق على قرار الطبيب المعالج وفي هذه الظروف يكون هناك تكفل بالمصاريف المالية التي تنتج عن العطلة المرضية التي حظيت بالقبول حيث يتم تعويضها من طرف الصندوق، وفي الحالة الثانية عندما يرى الطبيب المستشار أن الحالة الصحية للمؤمن لا تستلزم مثل هذه العطلة وبالتالي يتم الرفض وهذا الرفض لا يمس العطلة المرضية في حد ذاتها ولكن رفض التكفل المالي من طرف الضمان الاجتماعي لهذه العطلة لأن الطبيب المستشار تطبيقا للمعايير العلمية والطبية العالمية المعمول بها رأى أن الحالة الصحية للشخص المعني لا تستوجب عطلة مرضية وفي هذه الحالة يرفض التعويض المالي (التكفل المالي) .
وتطبيقا لقوانين الضمان الاجتماعي حسب نفس المتحدث  يكون إبلاغ رسمي للمؤمن وفتح مجال الطعن ضد قرار الرفض طبقا للقانون حيث يلجأ للطبيب الخبير والذي يفصل بين رأي الطبيب المعالج والطبيب المستشار.
وأكد أنه في حالة قبول العطلة ومرورها على المستوى الأول من المراقبة هناك نوع آخر من المراقبة وهي الإدارية ، موضحا أن المراقبة الإدارية يقوم بها أعوان مكلفون بالمراقبة للمؤمنين الاجتماعيين العاملين الذين استفادوا من عطل مرضية موافق عليها من طرف الطبيب المستشار حيث يقوم هؤلاء الأعوان حسب القانون بالمراقبة داخل  المنازل لمعرفة هل هم حقيقة موجودون في الداخل أم لا ، باعتبار أن الطبيب المعالج يؤكد ساعات الدخول والخروج للمريض من المنزل في الوصفة وعندما يتقدم المراقب الإداري لمنزل الشخص ولا يجده داخل المنزل في نقاهة باستثناء  الحالات المعروفة قانونا  يسقط حينها حق التعويض ، ولفت إلى أن المؤمن له اجتماعيا  الموجود  في عطلة مرضية  لا يحق له العمل في أي جهة كانت و لا يقوم بأي نشاط يؤجر عليه و لا يغادر منزله في فترة نقاهته إلا في حالات استثنائية كزيارة الطبيب المعالج .  وأفاد مدير الأداءات، أن الصندوق سجل  861268 عطلة مرضية  في سنة 2015 بإجمالي 15127391 يوم عطلة مرضية حيث بلغ التعويض الذي دفعه الصندوق أكثر من 18 مليار دينار. وفيما يخص المراقبة الإدارية في السنة الماضية أوضح أنه تم القيام بأكثر من 107 آلاف زيارة مريض  (عملية مراقبة إدارية في المنازل) ومن بين هذه الزيارات تم تسجيل غياب  10521 مريضا عن منازلهم ، ليتم خلالها توجيه إنذارات من أجل تقديم تبريرات الغياب عن المنزل، مضيفا في نفس السياق أنه تم إقصاء 8507 من التعويض بحكم أنهم لم يبرروا غيابهم ، مما سمح للصندوق بعدم التعويض لـ232848 يوم عطلة مرضية وسمح للصندوق بعدم دفع أكثر من 27 مليار سنتيم ( 277 مليون دينار ). من جهة أخرى فقد أحصى الصندوق في الفترة الممتدة من 2 جانفي 2016 إلى 29 فيفري الماضي، أكثر من 140 ألف عطلة مرضية بإجمالي 2560282 يوم وقد عوض الصندوق حوالي 3 ملايير دينار خلال الفترة ذاتها. من جانبه ذكر مدير المراقبة الطبية بالصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الاجراء الدكتور واقنوني محي الدين أن العطل المرضية  التي تم إخضاعها للمراقبة الطبية في السنة الماضية تقدر ب 1028817  ملف وقد تم الموافقة على 888223 عطلة و تم رفض 130 ألف عطلة سواء الرفض الكلي أو الجزئي، بما يعادل 12 بالمائة من الملفات التي قدمت، وبالنسبة  للمراقبة الطبية غير الممكنة فقد أشار إلى 8593 حيث لم يتمكن الصندوق من مراقبتها  طبيا وهذا بسبب إيداعها خارج الآجال . وأضاف في نفس الإطار أن العطل المرضية التي أخضعت للمراقبة الطبية في الفترة الممتدة بين جانفي 2016 إلى فيفري الماضي بلغت  167775 ومنها 145711  حالة حظيت بالقبول فيما تم رفض 19403  أخرى، ما يقارب 12 بالمائة تقريبا، وذكر أن  1388 ملف لم يتم مراقبتها طبيا من طرف الطبيب المستشار لعدة أسباب منها الإيداع خارج الآجال أو عدم الرد على استدعاء الرقابة الطبية وأضاف المتحدث أنه لا توجد هناك إجراءات عقابية ضد  المتحايلين وأوضح أنه في حالة تم وضع عطلة مرضية للمؤمن غير مبررة يتم إبلاغ صاحب العمل من طرف الصندوق ولا يكون هناك تعويض للمتحايلين .  
الزيادات في الأجور رفعت التعويضات
وأشار مدير الأداءات جغري عبد الحفيظ ، من جانب آخر إلى أن زيادة أجور العمال كان لديها انعكاس كبير على نفقات الصندوق فيما يخص العطل المرضية موضحا أن التعويض مرتبط بالأجر فعند ارتفاع الأجر يرتفع التعويض، مضيفا في هذا الإطار أنه منذ سنة 2008 عرفت الأجور ارتفاعا، مما انعكس على ارتفاع التعويضات وأوضح من جانبه أنه لا يتم متابعة المتحايلين قضائيا، مشيرا إلى وجود آليات تحسيسية، وأوضح أن الدور الأساسي للصندوق هو التكثيف من المراقبة و تحسيس كل الفاعلين، الأطباء المعالجين ، المؤمن له اجتماعيا،  مؤكدا في هذا الإطار على ضرورة محاربة ظاهرة العطل المرضية الوهمية من طرف جميع  الأفراد وقال أنها مسؤولية الجميع وهي عملية شاملة تخص كل الأطراف المعنية.
مراد-ح
بعد عامين من الأزمة وتراجع أسعار النفط
 عـــالم الشغــــل يحافـــظ على توازنــــه  و المــــواطن يفضــــل القطــــاع العـــام
استطاع عالم الشغل في الجزائر خلال السنتين الأخيرتين رغم  الأزمة النفطية الحفاظ على كل مكاسبه الاجتماعية والمهنية و توازناته و على مناصب الشغل، على الرغم وكما هو معروف تقليديا  من أن العامل هو أول ضحية عند حدوث الأزمات الاقتصادية عبر التاريخ، أو على الأقل منذ بروز النظام الرأسمالي بحلقته الحالية المتمثلة في رب العمل، المؤسسة والعامل.
و تمكن العامل الجزائري قبل أشهر قليلة فقط من تحقيق مكسب هام تمثل في إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل، وهي المادة التي كانت تحرمه من منح وعلاوات وزيادة في الراتب في آخر المطاف، وهي بحق مكسب كبير تحقق بعد سنوات من النضال، كما تسجل الفترة الأخيرة أيضا انخفاضا في المطالب الاجتماعية، حيث بدت الجبهة الاجتماعية أكثر هدوءا في سنة 2015 المنصرمة وبداية العام الحالي مقارنة بسنوات سبقتها اشتعلت فيها على أكثر من صعيد.
و إذا كانت الحكومة رغم تهاوي أسعار النفط قد تمكنت من الحفاظ على كامل مناصب الشغل وعلى المؤسسات الاقتصادية النشطة والمنتجة بل و ساهمت في خلق مناصب عمل جديدة، رغم قرار وقف التوظيف في بعض القطاعات، فإن المستقبل يحتم على العامل الجزائري رفع جملة من التحديات، حتى يحافظ على مؤسساته وبالتالي يحافظ على منصبه ولقمة عيشه.
و الملاحظ أنه في عز الانفتاح الاقتصادي و تعزيز دور الاقتصاد الحر والمبادرة الحرة وخلق المؤسسات الخاصة في كل جهة وفي كل قطاع، نجد أن الدولة عادت قبل عام إلى خيار التأميم من جديد – مركب الحجار أحسن مثال- للحفاظ على فخر الصناعة الوطنية، وخلق نسيج صناعي أو بعث النسيج الصناعي الوطني الذي بدونه لا يمكن خلق قيمة مضافة خارج المحروقات ومداخليها الريعية.
وعلى الرغم من التشجيع الكبير والتحفيزات المتعددة التي تقدمها الدولة للمؤسسة الاقتصادية الوطنية الخاصة حتى تنمو وتتطور وتساهم في خلق الثروة ومناصب الشغل واسناد الاقتصاد الوطني، إلا أن الملاحظ أن الكثير من المواطنين يميلون أكثر نحو القطاع العمومي، خاصة بعدما بدأوا يلمسون آثار الأزمة المالية والاقتصادية الناتجة عن تراجع مداخيل المحروقات، لسبب بسيط هو أنهم يعتقدون أن الأمان والديمومة مضمونة في القطاع العمومي أفضل منها في القطاع الخاص، و أن القطاع العام في منأى عن بعض المشاكل التي قد يتخبط فيها القطاع الخاص خاصة في أوقات الأزمات.
ويفضل الكثير من الجزائريين - وهذه حقيقة وواقع-  قطاع الوظيفة العمومية وبخاصة مجالات التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي، والقضاء، والصحة العمومية والإدارة والجماعات المحلية، وهي القطاعات التي تحمل الجزء الأكبر من الموظفين في القطاع العام في بلادنا،  ودوافع هذا التوجه عديدة أولها الشعور بالأمان والطمأنينة في هذه القطاعات من ناحية العمل وتلقي الراتب و عدم وجود شبح التسريح، ومن ناحية أخرى  نجد دوافع لها صلة مباشرة بطبيعة العمل في هذه القطاعات.فالعمل في الوظيفة العمومية ليس متعبا ولا يتطلب جهدا كبيرا، وبعبارة أخرى فإن المحظوظ من يظفر بمنصب في القطاعات السابقة - عدا ربما التربية الوطنية التي فيها نوع من الجهد- يكون قد نال راتبا مضمونا طوال العمر و نصيبا من الراحة و النوم أيضا، لأن هذه القطاعات تحظى بدعم كبير من الدولة، وميزانياتها ضخمة ومعتبرة، وبالتالي فإنه لا خوف على الراتب مهما جاءت الأزمات ومهما انخفض سعر البترول ومهما تغيرت المعطيات.
 لكن بالمقابل نجد أن العاملين في القطاع الاقتصادي العمومي وعلى الرغم من أنهم يحصلون على رواتب أفضل بكثير من تلك التي يتقاضاها العاملون في القطاعات سالفة الذكر إلا أنهم يظلون مهددين بشبح التسريح و توقف الراتب، في حال وقوع أبسط أزمة، والأمثلة على هذا متعددة، فالكثير من المؤسسات الاقتصادية التي لم تحقق نجاعة اقتصادية واضحة تعاني اليوم من عجز، وعمالها وموظفوها يعانون من تأخر الرواتب لعدة شهور وهم يواجهون مستقبلا مجهولا.
و من جانبه بدأ القطاع الاقتصادي الخاص  يتحرك وينشط، فعدد المؤسسات الخاصة يرتفع من سنة لأخرى و الخواص يقتحمون كل سنة مجالات عديدة في ظل التوجه الاقتصادي القوي نحو اقتصاد السوق، والتحفيزات التي تقدمها الحكومة للقطاع الخاص الوطني من أجل الاستثمار و المساهمة بالتالي في دعم وتنويع الاقتصاد الوطني.
بل أن المستقبل للقطاع الخاص وبخاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تعتبر في الوقت الحالي المحرك الأساسي لاقتصاديات الدول النامية والدول الناشئة، وعليها يتوقف تطوير الاقتصاد العالمي الجديد، وصار القطاع الخاص الوطني يوظف عشرات الآلاف من الأشخاص، لكنه لم يستطع حتى الآن تقليص اعتماد الدولة الكلي على عائدات المحروقات لأن نسبة مساهمته في التصدير تبقى ضئيلة جدا.
وفي الجزائر وفي ظل الأزمة المالية والاقتصادية الناجمة عن تراجع عائدات المحروقات نتيجة انخفاض اسعار النفط فقد اعتمدت الحكومة قبل أكثر من سنة وعلى لسان الوزير الاول عبد المالك سلال نفسه خطابا جديدا يقوم على ضرورة تثمين قيمة العمل من أجل رفع التحديات الجديدة في ظل المعطيات الاقتصادية العالمية الحالية، و أن يعطي كل مواطن حقه للمؤسسة التي يعمل بها، و للدولة ولشعبه في ميدان عمله دون تحايل أو تهرب، و أن يأكل لقمة عيشه على الأقل من عرق جبينه، لكن الأمر يختلف في الواقع، لأن المواطن أو العامل الجزائري لا يزال بعيدا عن هكذا واجب، وبعيد عن المعدل العالمي لساعات العمل اليومية، وهي مشكلة أخلاقية أولا و اجتماعية و اقتصادية في المقام الثاني لها رواسب تاريخية و أسباب موضوعية متعلقة أساسا بالمكافأة عن العمل وتقدير الجهد، والإحساس بالتمييز.
والواقع أيضا يقول أن الدولة لا تزال تصرف من خزينتها على مؤسسات اقتصادية وإدارات عمومية وقطاعات غير منتجة إطلاقا، بل ان موظفوها لا يقدمون عائدات حتى لتغطية رواتبهم، فما بالك بالتفكير في التجهيزات والاستثمار والتصدير  وغيره، ويبدو أن أكبر تحد للحكومة في الوقت الحالي وفي المستقبل هو كيف نعلم العامل قيمة العمل وحب التفاني فيه، وقد نحتاج لتجاوز هذه الإشكالية لعقود أخرى.
 م- عدنان
الخبير الاقتصادي الدكتور العربي غويني للنصر
العامل الجزائري  لا يقضي أكثر  من أربع ساعات في مكان العمل
يجب مراقبة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والنقابات متواطئة
أرجع الخبير الاقتصادي، العربي غويني أحد أسباب تأخر الاقتصاد الجزائري إلى طغيان عقلية '' البايلك '' لدى العامل والموظف الجزائري ما يؤدي إلى عدم احترام قداسة العمل وعدد ساعات العمل المطلوب أداؤها، مقدّرا بأن معدل ساعات العمل التي يقضيها الجزائري في منصب عمله تتراوح بين ثلاث إلى أربع ساعات، ودعا إلى الصرامة في تطبيق قوانين العمل، وفرض الانضباط ومراقبة استخدام مواقع الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي في مقار العمل في الأغراض التي تتسبب في إهدار الوقت ولا تمت بصلة للعمل كونها تتسبب في إهدار الوقت وتكبد المؤسسات والإدارات أعباء وتكاليف إضافية.
وفي لقاء خص به جريدة النصر في مقر عمله بكلية الاقتصاد في جامعة دالي ابراهيم بالعاصمة، أوضح الأستاذ، الدكتور العربي غويني أن احترام ساعات العمل المتعارف عليها عالميا، هو الذي قفز بالعديد من دول العالم الثالث إلى مصاف البلدان الناشئة أو الصناعية، غير أن الوضع في الجزائر مازال يراوح مكانه وقال '' لقد استطاعت العديد من البلدان تحقيق تطور وتقدم في مختلف مجالات وميادين العمل بسبب احترام ساعات العمل وتقديسها، غير أن واقع الحال في القطاع الاقتصادي وفي الإدارات العمومية أو على مستوى المؤسسات التي تقدم مختلف الخدمات، لا يبعث على التفاؤل بسبب عدم احترام ساعات العمل ولا قدسية العمل ''، مضيفا ''  لو نستعمل المنطق الرياضي في احتساب معدل الساعات الفعلية التي يؤديها العامل والموظف الجزائري سنجد أنها لا تتعدى نصف أو ثلث التوقيت المحدد بثماني ساعات في اليوم ما يعني أن الجزائري لا يشتغل سوى بين ثلاث إلى أربع ساعات''.
وبحسب المتحدث فإن احترام عدد ساعات العمل يختلف بين القطاعين العام الخاص، حيث قال '' في القطاع الخاص لا يمكن للعامل أن  يتلاعب بساعات العمل أو يهدرها في ما لا ينفع كونه يدرك أن رب العمل الخاص لن يتسامح معه وسيتخذ إجراء بالطرد في حقه في حال أي تقصير متعمد، بينما نجد العكس في القطاع العام أين لا يحترم الكثير من العمال وقت العمل ولا يولون أي اهتمام للوقت المحدد قانونا للعمل كلما سنحت لهم الفرصة زيادة عن كثرة الغيابات غير المبررة فضلا عن العطل المرضية''، معتبرا بأن هذه من أهم العوامل التي تسببت في تأخر الجزائر وتأخر اقتصادها مقارنة مع الدول الناشئة وتلك التي تحولت إلى بلدان صناعية وقد كانت في الماضي أكثر تأخر من الجزائر.
غياب الضمير المهني وتراكمات النظام الاشتراكي
وأرجع الدكتور غويني أسباب '' تكاسل العديد من الجزائريين في عملهم وعدم احترام ساعات العمل إلى عدم التشبع بثقافة العمل وإلى غياب الضمير المهني لدى البعض فضلا عن تراكمات ومخلفات النظام الاشتراكي الذي كان سائدا من قبل في الجزائر، وهو ما جعل الإصلاحات التي انتهجتها الجزائر في المجال الاقتصادي وغيرها من المجالات الأخرى لا تحقق النتائج المرجوة''.  
وأعطى الخبير الاقتصادي العربي غويني مثالا على ذلك بقطاع البنوك الذي قال أن الدولة الجزائرية استثمرت أموالا ضخمة فيه من أجل ترقيته وإصلاحه غير أن ذهنية القائمين عليه – كما قال - لم تتغير، إذ ما زال القطاع البنكي – حسب المتحدث '' يسير بعقلية الملكية العمومية أو ما نسميه عقلية ''البايلك'' وهو ما جعله محل انتقادات مستمرة وهو إشكال كبير مطروح على الصعيد الاقتصادي''.
من جهة أخرى أشار غويني إلى أن الذهنية السائدة لدى الكثير من الجزائريين تجعل من الصعوبة دراسة الكثير من الظواهر الاقتصادية في الجزائر بحيث لا نجد المبررات الحقيقية لها''، مستدلا بظاهرة البطالة حيث قال ''  عندما نريد دراسة بعض الظواهر الاقتصادية في الجزائر كغلاء الأسعار والبطالة لا نجد لها المبررات على خلاف ما هو سائد في الدول الأخرى على غرار بعض بلدان الجوار فإذا ذهبنا إلى قطاعات البناء و الأشغال العمومية والفلاحة نصطدم بوجود عجز كبير في اليد العاملة في الوقت الذي نجد فيه الأرقام الرسمية تتحدث عن نسبة بطالة بـ 11 بالمائة، فكيف نفسر ذلك''.
وخلال تطرقه إلى خلفيات وأسباب عدم احترام نسبة كبيرة من الجزائريين على اختلاف مستوياتهم المهنية والاجتماعية، لساعات ومواقيت العمل وكثرة غياباتهم المبررة منها وغير المبررة التي تكبد الاقتصاد الوطني – كما قال - خسائر كبيرة، أرجع الدكتور غويني ذلك إلى غياب ما عبر عنه بقوة الردع على خلاف ما هو سائد في تونس والمغرب ومصر أين ذكر أن ثمة قداسة لساعات العمل، محملا المسؤولية لكل أطراف العملية الإنتاجية أو المسيرين والمشرفين على مختلف القطاعات والغدارات والمؤسسات التي تقدم خدمات وقال بأنه '' لا يعقل عندما نتوجه إلى المستشفى على الحادية عشر فنفاجأ بأن الطبيب لم يحضر بعد إلى مصلحته وعندما نذهب إلى إدارة معينة على الثالثة مساء نفاجأ بأن كثيرين قد غادروا العمل.
وحمل المسؤول مثل هذه الظواهر المؤسفة إلى ''التواطؤ القائم بين الإدارات والعمال من جهة وبين العمال والنقابات التي تستميت في الدفاع عنهم من جهة أخرى''
وحول الحلول التي يراها ناجعة لردع مثل هكذا سلوكات وظواهر دعا المتحدث إلى ضرورة تغيير الذهنيات القائمة وتطبيق قوانين العمل بصرامة وأن يتحمل كل مسؤول عن '' التسيب القائم '' مسؤوليته وأن يتم التحلي بالانضباط في العمل من طرف الجميع أيضا من الحارس والحاجب إلى العمال والإداريين وكذا الإطارات والمسيرين وكذا المندوبين النقابيين وقال '' من دون الانضباط والصرامة في تطبيق القانون وتشديد الرقابة على الأداء لن ينفع أي مشروع إصلاحي ولن ينعكس ذلك على تحسين الخدمة ولن تتحقق نسبة النمو التي تنشدها الحكومة''.  
و أضاف غويني '' إن الشيء الضامن لاستمرارية المؤسسات الاقتصادية  وتطورها وتوسعها وتحقيق النمو والمردودية ونتائج المأمولة بما يحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني لن يتأت إلا بمحاربة تقاعس العمال وموظفي المؤسسات الاقتصادية واحترام قيمة الوقت ووضع حد للغيابات غير المبررة''.
ودعا الدكتور غويني بالمناسبة إلى ضرورة توقف الحكومة عن تقديم الدعم للمؤسسات دون تحقيق النتائج المطلوبة والمأمولة.
من جهة أخرى شدد المتحدث على ضرورة مراقبة ومنع استخدام مواقع الأنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي في الأغراض التي لا تمت بصلة إلى العمل وفي مجالات تجعل الوقت يذهب هدرا، باعتبار أن ربط المؤسسات بشبكة الانترنيت وبتكلفة كبيرة واستعمال التكنولوجيات الحديثة تم بغرض تطوير الأداءات وتطوير الإنتاج وتحسين الخدمات وليس من أجل هدر الوقت.
عبد الحكيم أسابع
رئيس عمادة الأطباء الجزائريين بقاط بركاني
المتاجــرة بالشهـــادت الطبية قد يكون صحيحـــا لكنــــه غير مثبت
نفى رئيس عمادة الأطباء الجزائريين الدكتور بقاط بركاني، استقبال هيئته لأية شكاوى ضد أطباء خلفيتها المتاجرة بالشهادات المرضية و قرارات التوقف عن العمل، مشيرا إلى أن الصندوق الوطني للتأمينات لم يراسل العمادة في هذا الخصوص بالرغم من كونه الجهة المسؤولة عن تعويض الموظفين محل الجدل.
و أوضح العميد، بأنه و في دولة القانون يحق لكل طبيب تقييم حالة مريضة أيا كان موظفا أو غير ذلك و منح شهادة مرضية تتضمن فترة نقاهة معينة، حسب ما يراه مناسبا، مؤكدا بأن الحديث عن متاجرة بعض الأطباء بهذه الشهادات قد يكون صحيحا لكنه غير مثبت لأن العمادة لم تتلق أي نوع من الشكاوى من أية جهة رسمية، فضلا عن ذلك فإن غالبية المؤسسات تملك أطباء خاصين مسؤولين عن إعادة فحص الموظف و التأكد من أحقيته بالعطلة المرضية، و بالتالي فإن مسؤولية الطبيب الأول تكون محدودة، إضافة إلى ذلك فإن صندوق الضمان الاجتماعي بدوره يجري عادة خبرة مضادة من خلال إعادة فحص المعني بملف العطلة المرضية.
من جهته أكد البرفيسرر رشيد جنان رئيس مجلس أخلاقيات مهنة الطب بقسنطينة، بأن المجلس لم يعالج أية قضية لها صلة بالتحرير العشوائي للشهادات المرضية، و تواطؤ الأطباء مع الموظفين في منح العطل و المتاجرة بها، مشيرا إلى أن القانون يمنح كل الحق للطبيب في التعامل مع مرضاه بالشكل الذي يراه مناسبا، مع ذلك يبقى هذا الفعل إن وجد و أتثبت منافيا لأخلاقيات المهنة و غير لائق.
أستاذ علم الاجتماع و الأنتروبولوجيا البروفيسور محمد طيبي
العشائريـــة في التوظيــف  أفقـــدت العمل قدسيتـــه
 يرى البروفيسور محمد طيبي المختص في علم الاجتماع و الأنتروبولوجيا، أن الفرد الجزائري سيجد نفسه أمام واقع جديد يُلزم عليه تحريك سواعده، مع الأزمة المالية التي تشهدها البلاد، كما يؤكد بأن علاقة الأجيال الجديدة مع الشغل ستتغير تدريجيا، معتبرا أن الأجر تحوّل بالنسبة للبعض إلى مكسب غير قابل للنقاش، بغض النظر عن مدى إنتاجيتهم.
و يعتبر البروفيسور طيبي أن تقاليد العمل بالجزائر كانت بعد الاستقلال و إلى غاية نهاية السبعينات، عريقة مقارنة بدول عربية أخرى، لكنها تغيرت منذ بداية سنوات الثمانينات، حيث تحول الشغل إلى أمر هامشي و بدأ الاستيراد، فصار الفرد الجزائري يأكل مما لا ينتجه، و يستهلك وفقا للنموذج الغربي، و هو ما أدى إلى ارتباط مفهوم العمل بالريع و ليس بالمجهود.
و أضاف البروفيسور طيبي في اتصال بـ «النصر»، أن الريع أنتج الفساد و المحسوبية و البيروقراطية و أدى لتعفّن قيمة العمل، كما غاب بسببه النضال النقابي، لكن الوضع بدأ يتحسن، برأيه، مع ترؤس السيد عبد العزيز بوتفليقة للبلاد و انتهاء العشرية السوداء، حيث انتبهت الجزائر إلى ضرورة التحول السلس لإعادة بعث الاقتصاد الصناعي و الانفتاح على القطاع الخاص، مستغلة ارتفاع أسعار البترول، مضيفا أن بلادنا تعيش حاليا مرحلة إعادة الاعتبار لمفهوم العمل، خاصة في مجال الصناعة.
و يُرجع الأستاذ طيبي عدم احترام العديد من موظفي الإدارات العمومية لمواقيت العمل و عدم تقديسه، إلى استمرار العشائرية الموجودة، حسبه، بهذه المؤسسات التي يعتمد التوظيف ببعضها على المحسوبية و صلة القرابة، وسط بُنية غير مراقبة و تشكلت بها مناطق استقلال القرار، فلم يعد هناك، حسب المختص، عقاب أو حساب و تفشت الرشوة، و هو وضع يتوقع بأنه سوف ينتهي يوما ما، مع تطور القطاع الخاص، خاصة مع وجود إرادة من الدولة لتحسينه.
و يؤكد المختص في علم الاجتماع أن الفرد الجزائري قادر كغيره على أن يكون منتجا، بأداء العمل بكفاءة و إتقان، شرط أن يوضع في الظروف المثمنة لمجهوده، مثل العدالة و التحفيزات، و العمل بمكان يضمن فيه حقوقه و كرامته، و ليس تحت الإكراه أو عند مسؤولين لا يقدرون الكفاءة.
و قد بدأ الجزائري يبحث عن الرفاهية في الحياة، و أيقن، برأي البروفيسور طيبي، أن تحقيقها لن يتأتى إلا عن طريق العمل، مُفسّرا رفض بعض الشباب العمل في قطاعات كالبناء و الفلاحة و تعويضهم نتيجة لذلك بالعمالة الصينية، بتراكمات سببها الخيرات الريعية التي أنتجها ارتفاع سعر البترول في السنوات الماضية، فأصبح الشاب لا يقبل أي عمل بل و لا يخضع لأي تأهيل المهني، لتكون النتيجة وظائف شاغرة لعمال غير متوفرين، رغم وجود البطالة.
و يرى السيد طيبي أن الجزائريين سيكونون مُلزمين بتحريك سواعدهم، مع الأزمة المالية التي تشهدها البلاد بسبب تهاوي أسعار البترول في الأسواق العالمية، سيما و أن الدراسات أظهرت أنهم يعملون لساعات أقل من نظرائهم ببلدان أوروبية، كما أن مفهوم الأجر لا يزال مُرتبطا عن الكثيرين، كما أضاف، بالذهاب لمقر العمل و ليس للشغل، من أجل الحصول عليه كل شهر، بعد أن تحول إلى مكسب إداري غير قابل للنقاش، و هو مفهوم غريب، يتوقع المختص بأنه سيتغير مع الجيل الجديد الذي سوف يسير مع عصرنة الاقتصاد و سيقدس العمل أكثر.      
ياسمين بوالجدري

الرجوع إلى الأعلى