اسـتفحــال مـخيـف لـلـعنـف في الـمؤسـسـات الـتربـويـــة

تعرف ظاهرة العنف المدرسي التي استفحلت بقوة خلال السنوات الأخيرة في بلادنا، تطورات خطيرة وصلت في كثير من الحالات إلى حد الجريمة، و إن تعددت الأسباب و المتورطين فيها، إلا أن العامل الوحيد الذي يبقى يميز المؤسسات التربوية، هو انعدام الأمن بمحيط هذه الهياكل التي تحول بعضها من أماكن للتربية و نهل العلم، إلى حلبات لمناوشات سرعان ما تتحول إلى شجارات جماعية، تسببت في إصابات خطيرة و عاهات مستديمة لعشرات المتمدرسين، فيما فقد آخرون حياتهم بسبب هذه الآفة الدخيلة على مجتمعنا، و التي دفعت بوزارة التربية الوطنية إلى وضع استراتيجية لمكافحتها و الوقاية منها.
ملف من إعداد  خالد ضرباني
بشهادة المتتبعين و المختصين في المجال التربوي، خلق العنف في الوسط المدرسي بالجزائر حالة من الخوف و الترقب لدى الأولياء حول مصير أبنائهم المتمدرسين، كما تسببت الظاهرة في إصابة تلاميذ كانوا شهودا على حالات عنف، بصدمات نفسية و ارتباك سلوكي، فضلا عن تسجيل عديد الوفيات التي وقعت بمحيط المؤسسات التربوية في عدة ولايات خلال السنوات الأخيرة، و هو ما استدعى من السلطات العليا للبلاد إلى دق ناقوس الخطر، و تُرجم ذلك من خلال إعلان وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط عن مشروع لاستراتيجية وطنية لحماية المدرسة من العنف، في حين تشير آخر الإحصائيات التي قدمتها الوزارة، إلى تسجيل 40 ألف حالة عنف مدرسي سنويا عبر مختلف أنحاء الوطن، مقابل 260 ألف تم إحصاؤها بين سنتي 2000 و 2014، و ذلك سواء بالنسبة لتلك التي وقعت بين المتمدرسين، أو بين الأساتذة و المتمدرسين، و حتى بين الأساتذة في حد ذاتهم.
البنات يقتحمن عالم العنف
النصر تجولت بمحيط عدد من المدارس بولاية قسنطينة، و كان لها حديث مع بعض التلاميذ حول الظاهرة و أكثر الفئات المتورطين فيها، كما رصدت آراء مختصين و مسؤولين حول أسباب العنف المدرسي، و الحلول المقترحة للتخفيف من حدتها، و من خلال تجاذبنا لأطراف الحديث مع بعض التلاميذ الذين التقينا بهم خارج مؤسساتهم بوسط المدينة، أول شيء لفت انتباهنا هو استفحال ظاهرة التدخين في أوساط التلاميذ، و خاصة في الطور الثانوي، حيث كانوا يقفون على الرصيف في شكل حلقات تتكون من 4 أو 5 تلاميذ فما أكثر، و لدى اقترابنا منهم شاهدنا عددا لا يقل عن 3 تلاميذ ممن يدخنون في كل حلقة تقريبا، و هو ما يعني بأن ظاهرة التدخين المبكر استفحلت بقوة في الوسط المدرسي، و أصبحت غير مقتصرة على أشخاص مُعينين، لاحظنا كذلك بأن جل المدخنين من هذه الفئة لا تبدو عليهم علامات الانحراف، بل كانوا في مشهد عادي لتلاميذ أنيقين و عاديين سواء من حيث الهيئة أو طريقة الكلام.
تعمقنا في الحديث بعد ذلك حول ظاهرة العنف، و كُشف لنا على لسان من تحدثنا معهم بأن الأمر أصبح شيئا عاديا بالنسبة لهم كونهم اعتادوا على مشاهدة سلوكات عنيفة يوميا تقريبا، سواء داخل الأقسام بين التلاميذ و الأساتذة، أو في الفناء، أو حتى خارج المؤسسات، و ذلك من خلال حدوث ملاسنات سرعان ما تتحول إلى مضايقات و شجارات، و بالرغم من كون ظاهرة العنف تخص بنسبة كبيرة فئة الذكور، إلا أنه و من خلال تطرقنا إلى هذا الموضوع مع التلاميذ، تبين بأن هناك العديد من الحالات التي تتورط فيها فتيات، حيث سردوا لنا عديد الروايات عن شجارات و عنف لفظي وقعت في الأقسام بين تلميذات و أساتذة، و بين الفتيات فيما بينهن، حتى أن هناك سلوكات عنيفة صدرت، حسبهم، عن تلميذات ضد ذكور من أقرانهم، و هو ما يعكس حجم استفحال الظاهرة التي من الممكن تأخذ أبعادا أخطر مستقبلا.   
منحرفون يسيطرون على  محيط المؤسسات التربوية
و تصادف تواجدنا بمحيط هذه المؤسسات التي تقع في وسط مدينة قسنطينة، مع التقائنا ببعض التلاميذ المحولين من مؤسسات تربوية أخرى تقع في مناطق معزولة عن الوسط العمراني نوعا ما، حيث كان لنا حديث مع أحد الثانويين الذين درسوا سابقا في ثانوية بالمدينة الجديدة علي منجلي، و التي كان موقعها معزولا نوعا عن الأحياء و الوحدات الجوارية الآهلة بالسكان، حيث أكد التلميذ بأن مثل هذه المؤسسات المعزولة، كثيرا ما تحكمها عصابات منحرفة تتردد باستمرار على محيطها، و خاصة في أوقات خروج التلاميذ من الأقسام، و قال بأن هؤلاء الأشخاص لا علاقة لهم بالدراسة، و إنما همهم الوحيد هو استهداف التلاميذ و خاصة فئة الفتيات من أجل المضايقات أو الاعتداء بالسرقة و غيرها، و عند محاولة زملاء المعنيات التدخل، يكون مصيرهم التعنيف من طرف هؤلاء المنحرفين، و هو ما يعكر، حسبه، الحياة المدرسية لتلاميذ مثل هذه المؤسسات المعزولة.
كما تحدث لنا آخرون عن قضية أخرى لا تقل خطورة عن العنف المدرسي، باستعانة بعض مروجي المخدرات و الأقراص المهلوسة بالبنات لترويج هذه السموم داخل المدارس، موضحا بأن بعض البنات يقمن باستغلال عدم تفتيشهن عند دخول المتوسطات و الثانويات، من أجل إدخال هذه السموم و بيعها لصالح المنحرفين داخل المؤسسات التربوية، التي يعمل بالعديد منها أعوان أمن رجال فقط، و هو ما لا يمكّن من تفتيش الفتيات عند الدخول.

مديرية التربية  تقترح مرافقة ذوي الاضطرابات السلوكية
6000 حالة عنف في مدارس قسنطينة
ولاية قسنطينة التي اهتزت مؤخرا لحادثة قتل تلميذ لزميله في أحد شوارع المدينة الجديدة علي منجلي، سجلت بها مصالح مديرية التربية أزيد من 600 حالة عنف مدرسي في الأطوار التعليمية الثلاثة خلال سنة 2016، قرابة 400 حالة منها في الثانوي، فيما تم تسطير استراتيجيات للتخلص من الظاهرة، منها عقد أيام مفتوحة بالمؤسسات التربوية في موضوع المواطنة و العيش معا، و دعم تكوين المتدخلين للتعرف على التلاميذ ذوي الاضطرابات السلوكية.
و حسب إحصائيات قدمها مدير التربية محمد بوهالي، فبالنسبة لحالات العنف الجسدي، تم تسجيل 134 حالة في الأطوار الثلاثة، 98 منها حدثت وسط التلاميذ و المُتبقيّة بين التلميذ و الفريق التربوي و الإداري، مع تسجيل 70 حالة عنف مادي أغلبها وقعت بين التلاميذ، في حين تم تسجيل 280 حالة عنف لفظي، 222 منها وقعت بين التلاميذ، مقابل 159 حالة عنف معنوي.
و تشير ذات المعطيات إلى أن أعلى النسب تم تسجيلها في الطور الثانوي، و ذلك سواء بالنسبة لحالات العنف التي وقعت بين التلاميذ، أو تلك الصادرة من الفريق التربوي و الإداري نحو التلاميذ أو العكس، و هو ما يؤكد بأن حالات العنف عادة ما تحدث بين التلاميذ المتمدرسين في الثانويات، خاصة و أنه من إجمالي 645 حالة عنف مسجلة في الوسط المدرسي خلال سنة 2016، هناك 387 سجلت بالثانويات، و الباقي منقسمة بين الإبتدائيات و المتوسطات، و أكدت مصالح المديرية بأن هذا العدد يمثل الحالات المصرح بها فقط، و التي تم إحالة المتورطين فيها على مجالس التأديب و تحويل ملفاتهم إلى المديرية، ناهيك عن الحالات غير المصرح بها و تلك التي تتم معالجتها داخل المؤسسات.
و أكد مدير القطاع بالولاية أنه تبعا للدراسة التي قامت بها مصالحه حول الظاهرة، تم وضع بعض التوصيات المكملة للتخفيف من حدتها، ذكر منها عدم التفرقة بين التلاميذ داخل الأقسام، ما قد يؤدي بهم إلى ارتكاب سلوكات عنيفة ضد بعضهم البعض، إلى جانب العمل على دفع التلميذ لبناء مشروعه الشخصي في الدراسة و العلاقات مع زملائه، موازاة مع عقد أيام مفتوحة بالمؤسسات التربوية في موضوع المواطنة و التعايش الجماعي، و دعم تكوين المتدخلين في مكاتب الإصغاء و الإرشاد في مجال التعرف على التلاميذ ذوي الصعوبات السلوكية، و كذا حث مدراء المؤسسات و مسؤولي جمعيات أولياء التلاميذ على تشكيل أندية مختلفة و تنظيم أنشطة ثقافية و فنية و رياضية لترفيه التلاميذ و تثقيفهم.
و تضمّنت التوصيات أيضا إعداد دراسات ميدانية حول ظاهرة الإخفاق المدرسي و علاقتها بالاضطرابات السلوكية، و تنظيم حوارات بالمؤسسات التربوية حول السلوك الحضاري، مع إيجاد وسيلة لرصد حالات العنف و متابعتها و عدم التستر على حالات العنف الجسدي و التحرش الجنسي التي قد يتعرض له التلاميذ، إضافة إلى ضرورة تواجد عناصر الأمن بمحيط المؤسسات و خاصة النائية منها، و الاستعانة بمختصين في علم النفس لمتابعة بعض الحالات التي تظهر عليها بوادر الاضطرابات السلوكية كالفشل المدرسي والغيابات والعنف، مع صياغة دليل للتلميذ يتضمن كيفية التصرف مع حالات العنف و إنشاء مراكز استماع للتلاميذ مثيري الشغب و الاستفسار عن الأسباب.

رئيس الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ
مستعدون للمساعدة في تزويد  26 ألف مؤسسة بكاميرات مراقبة
أكد رئيس الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ احمد خالد، بأن الجمعية مستعدة لمساعدة الوزارة في مشروع تزويد 26 ألف مؤسسة عبر تراب الوطن بكاميرات مراقبة، محملا المدراء والمشرفين التربويين مسؤولية تأمين هذه الهياكل، كما طالب بتكوين أعوان أمن مختصين في حماية محيط المؤسسات التعليمية.
و قال احمد خالد في تشريحه لظاهرة العنف المدرسي، بأن هناك الآلاف من الحالات المسجلة خلال السنوات الأخيرة عبر أنحاء الوطن، منها ما وصل إلى حد الجريمة، متحدثا عن عدة أسباب أدت إلى انتشار العنف بين التلاميذ و حتى بين التلاميذ و الأساتذة، ذكر منها إهمال الوالدين لتربية أبنائهم تربية سليمة، و تأثير الظروف الاقتصادية و الاجتماعية القاهرة على سلوك الكثير منهم، خاصة، حسبه، بالنسبة للمقيمين في الأحياء القصديرية و السكنات الضيقة، و هو ما يخلق حالة من الاحتقان و الضغط عند الكثير من المتمدرسين، و يؤدي بهم إلى القيام بسلوكات عنيفة ضد أقرانهم من فئات أخرى، كما قال بأن هناك «نقصا» في تكوين الأساتذة في الميدان النفسي بالخصوص، و هو ما يترجمه سوء التعامل مع التلاميذ في بعض الحالات التي تصدر عنها سلوكات انحرافية، مشيرا إلى الانتشار الرهيب و السلبي لوسائل الاتصال الحديثة، واستخدامها لأغراض غير سليمة، فضلا عن متابعة الأفلام الدرامية التي قد تحدث فيها جرائم تعتبر بمثابة لعبة لدى فئة المتمدرسين.
كما أضاف محدثنا، بأن المجتمع أهمل دوره التربوي و لم تعد هناك ضوابط كالخوف من المحيط أثناء ارتكاب أفعال عنف، موازاة مع عدم تطبيق العقوبات الردعية حين تقع مثل هذه الأفعال و دون استثناءات، محملا المدراء و المشرفين التربويين مسؤولية تأمين المؤسسات التربوية، داعيا إلى التنسيق مع مصالح الأمن لتمكينهم من التدخل في الوقت المناسب، كما أكد السيد خالد بأن الظاهرة أدت إلى خلق حالة من الخوف و القلق لدى الأولياء، و جعلتهم يعيشون في وضعية استنفار قصوى، و ذلك بدليل مداومة الكثير منهم على اصطحاب أبنائهم إلى مقاعد الدراسة، مضيفا بأن التوقفات المفاجئة للدراسة بسبب الاحتجاجات و الإضرابات، قد تجعل التلاميذ عرضة للاختطاف و الاعتداء و التعنيف.
وبخصوص الحلول المقترحة، قال أحمد خالد، بأن الظاهرة تستدعي تزويد المؤسسات التربوية بكاميرات المراقبة، كاشفا عن استعداد الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ لمساعدة الوزارة الوصية في تركيب هذه الأجهزة بـ 26 ألف مؤسسة تربوية عبر الوطن، و ذلك، حسبه، من خلال اقتنائها بالاعتماد على اشتراكات الأولياء، مشيرا إلى توجيه طلب إلى الوزارة للحصول على الرخصة الخاصة بهذا المشروع، متحدثا عن ضرورة تدعيم محيط هذه الهياكل بأعوان أمن يتم تكوينهم لدى مصالح الشرطة، لتكليفهم بفرض الأمن بالزي المدني، وقال بأن الوزارة سطرت برنامجا لتكوين المدراء والمعلمين و حتى المراقبين و حراس المؤسسات التربوية، و ذلك للحد من مشكل العنف داخل المدارس بين التلاميذ و هؤلاء المسؤولين.

الأخصائية في علم الاجتماع التربوي فاطمة الزهراء بلفطار
على الوليّ  و الأستاذ التواصل مع التلميذ و المشكلة في المخدرات
ترى الأخصائية في علم الاجتماع التربوي فاطمة الزهراء بلفطار، بأن إدخال المخدرات إلى المدرسة الجزائرية، يُعد من أهم الأسباب إلى تؤدي إلى العنف المدرسي، منتقدة الاتصال السطحي بين الأساتذة والأولياء حول سلوكات أبنائهم داخل هذه المؤسسات، و «انعدام» سياسة بيداغوجية واضحة للتخفيف من حدة الظاهرة.
وأكدت المختصة في تحليلها لأسباب العنف المدرسي، بأن التجارب الدراسية للظاهرة في الميدان، أثبتت، وجود العديد من حالات إدخال المخدرات إلى الوسط المدرسي، و ذلك، حسبها، بالاعتماد على شهادات لمدراء مؤسسات و أساتذة، و قالت بأن المراحيض هي الأوساط المعتادة لتناول هذه السموم من طرف بعض المتمدرسين و خاصة في الطورين المتوسط و الثانوي، متحدثة عن أسباب أخرى أدت إلى استفحال الظاهرة، ذكرت منها، الموقع الجغرافي المعزول لبعض المؤسسات التي تتواجد على مقربة من بؤر الانحراف التي ينزوي بها الكثير من الشباب الطائش، و قالت بأن قضاء أوقات طويلة في استخدام وسائل الاتصال الحديثة، كالانترنت و الهواتف النقالة بدون رقابة من طرف الأولياء، قد يسبب انحرافا في استعمال هذه الوسائل في أمور غير أخلاقية، و إحداث تغييرات سلبية على سلوكات التلميذ، خاصة بالنسبة للقضايا التي لها علاقة بمحيطه المدرسي.
و قالت بلفطار بأن السلوكات المنحرفة أوصلت أصحابها في كثير من الأحيان إلى ارتكاب جرائم، و هو ما نشاهده و نسمع عنه اليوم من خلال تسجيل عديد حالات القتل في أوساط التلاميذ سواء من طرف زملاء لهم، أو من بعض المنحرفين الذين يترددون كثيرا على محيط المؤسسات التربوية، محملة المسؤولية الكبرى للأولياء كونهم مطالبون بمراعاة الجانب الاتصالي مع أبنائهم، و محاولة متابعة و فهم ما يجري حولهم، كما دعت المختصة الأساتذة إلى إعطاء أهمية كذلك لعنصر الاتصال مع تلاميذهم، من خلال محاورتهم و تبليغ الأولياء عن كل المؤشرات التي توحي بإمكانية حدوث انحرافات سلوكية، مقترحة بعض الحلول للتخفيف من حدة الظاهرة، ذكرت منها، الاعتماد على أخصائيين لمتابعة تغير السلوكات، كما قالت بأنه أصبح من الضروري توظيف نفسانيين و مختصين في علم الاجتماع لمعالجة هذه القضايا في المؤسسات التربوية، مؤكدة على ضرورة تكييف البرامج المستوردة مع ديانتنا و عاداتنا، و وضع استراتيجية بيداغوجية بالتنسيق بين كل الجهات المعنية بالقطاع التربوي.          

أستاذ علم الاجتماع بجامعة قسنطينة 2 بولماين نجيب
التلميذ اليوم ينظر للمعلم على أنه عدو
ركز الأستاذ المحاضر بجامعة قسنطينة 2 في تخصص علم الاجتماع بولماين نجيب في تحليله لظاهرة العنف المدرسي، على تدهور الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية للأسرة كأهم الأسباب التي أدت إلى استفحالها، و أكد على ضرورة إعادة الاستقرار لهذه الخلية كمكون رئيسي للمجتمعات.و قال المختص بأن بروز الطبقية في مجتمعنا انعكس سلبا على التعليم و على القيم العلمية بصفة عامة، بحيث أصبحت هناك فئة كبيرة من الشباب غير المتعطشة للتعلم، ما جعل المدرسة مهمشة و لا قيمة حتى للمعلم فيها، مشيرا إلى إسناد التعليم إلى أناس لا يرغبون فيه حقيقة، و إنما من أجل ضمان العيش فقط، و قال المختص بأن كل هذه العوامل ساهمت في انتشار العنف انطلاقا من داخل الأسرة، و من ثم الشارع فالمدرسة، و تطورت الأمور إلى حد الجريمة، متحدثا عن مشكلة تعاطي المخدرات خاصة في المتوسطات و الثانويات، و قال بأن بعض حالات العنف التي تصدر عن التلاميذ ضد الأساتذة، سببها تعاطي هذه السموم التي أصبحت منتشرة في الوسط المدرسي، مضيفا بأن تلميذ اليوم أصبح يرى معلمه و كأنه عدو له و ضد قيمه التي يريد العيش على نمطها، ناهيك عن حالات العنف التي تحدث بين التلاميذ.كما حمل بولماين بعض الأساتذة مسؤولية الانحرافات التي تحدث في الوسط المدرسي، و قال بأن هناك الكثير من المعلمين ممن تبدو عليهم علامات نقص في القيم الأخلاقية، ما يؤدي بهم إلى الاصطدام بتلاميذ يعانون من مشاكل اجتماعية داخل أسرهم مثلا، فتحدث بينهم ملاسنات و شجارات وصلت في كثير من الأحيان إلى الاعتداء على المعلمين، مضيفا بأن تردي الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية لكثير من الأسر الجزائرية، انعكس سلبا على الحالات النفسية لأبنائهم المتمدرسين، زيادة عن «عدم تحكم» الكثير منهم في تربية أبنائهم، و هو ما ينتج عنه حدوث انحرافات آلية في سلوكات الأبناء، الذين يتعاملون بها بدورهم مع أقرانهم خاصة بالمدارس. المختص اقترح ضرورة إعادة الاستقرار للأسرة، و تأسيس هيئات اجتماعية تتكفل بحماية الأسرة و خلق ظروف مواتية للعيش، مع تكثيف رقابة الأولياء بخصوص استعمال أبنائهم للانترنت و مشاهدة أفلام العنف، مؤكدا على دور الأسرة وخاصة الأم في تربية النّشء تربية سليمة.
  خ.ض      

الرجوع إلى الأعلى