طلبة يفضلون التجول بين أروقة المراكز التجارية على المكتبات و  المحاضرات
تغيرت اهتمامات الطلبة في الآونة الأخيرة، من حيث استغلال ساعات الدراسة في الجامعة، و لم تعد محصورة بين المحاضرات و الدروس التطبيقية و التنقل للمكتبة لاستعارة الكتب،  و تحضير البحوث، و إنما أصبحت منصبة على الموضة و آخر صيحاتها في سوق الملابس ، و كذا الاهتمام بأنواع المأكولات، لتصبح المراكز التجارية المجاورة للجامعات، الوجهة المفضلة لهم، فيقضون وقتهم في التجول بين أروقتها، و الجلوس على كراسيها، حسبما لاحظناه و ما استخلصناه من حديثنا مع الطلبة.
زرنا المركز التجاري المجاور لجامعة عبد الحميد مهري بالمدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة، باعتباره القبلة المفضلة للطلبة الجامعيين، خاصة المتمدرسين بهذه الجامعة و جامعة صالح بوبنيدر القريبة منها و ذلك في حوالي الساعة الواحدة بعد الظهر، حيث لاحظنا توافد الطلبة  على هذا المرفق التجاري، و كانت وجهة بعضهم الفضاء المخصص للأكل السريع، فيما فضل البعض الآخر التجول بين المحلات و تجريب الألبسة، و قد لاحظنا بأن الغالبية العظمى يرتدون ملابس شبابية تجسد آخر صرعات الموضة.و أجمع جل الطلبة الذين تحدثنا إليهم بأن الفضاءات التجارية هي وجهتهم المفضلة و تعد المتنفس الوحيد لهم، حيث توفر كل شروط الراحة و الأمان، بالإضافة إلى الخدمات، في الوقت الذي تغيب، حسبهم، المرافق الخدماتية بالجامعة، موضحين بأن الحجم الساعي للمقاييس و البرنامج الدراسي المكتظ، جعلهم يشعرون بالملل و عدم القدرة على الاستيعاب، ما دفعهم إلى التغيب عن بعض المحاضرات، خاصة التي تكون في فترة الغداء، بغية الترويح عن النفس و الاستمتاع بتناول الوجبة، و لدى استفسارنا عن سبب عدم تناولها في المطعم الجامعي، قال بعضهم بأنهم يشعرون بالخجل إذا اصطفوا في طابور أمام باب المطعم لانتظار دورهم.
«البحوث متوفرة في الأنترنت و لسنا  بحاجة للمكتبة»
و ما أثار دهشتنا خلال حديثنا مع الطلبة أنهم يضعون المكتبة في آخر قائمة اهتماماتهم، بعد أن كانت في السنوات الماضية الوجهة الأولى للطلبة، باعتبارها مصدر أساسي للمراجع اللازمة لإعداد البحوث ، حيث كانت تشهد في فترات الفراغ، اكتظاظا كبيرا للطلبة بغية استعارة الكتب، و نفس الشأن بالنسبة لقاعات المطالعة التي كانت تعتبر فضاء لتحضير البطاقات التقنية، و قد أجمع هؤلاء الطلبة في حديثهم إلينا بأنهم نادرا ما يذهبون إلى المكتبة ، و هناك فئة لم تدخلها قط و لم تستعر كتابا منذ دخولها إلى الجامعة، و علقوا بأنهم يتجنبون تعب الانتظار الطويل من أجل استعارة كتاب دون فائدة، لأن كل الكتب، على حد قولهم، و حتى البحوث، متوفرة في شبكة الأنترنت بالتهميش و يمكن سحبها جاهزة ، و لا حاجة لقضاء ساعات من الانتظار بغية استعارة كتاب أو كتابين.  و جدنا محمد و هو0 طالب في العلوم الاقتصادية بجامعة عبد الحميد مهري،  جالسا فوق كرسي بأحد أروقة المركز، فسألناه عن سبب تواجده هناك، فقال  لنا بأن التوزيع الزمني للمحاضرات و الدروس التطبيقية ممل، إذ تقدم الدروس دون انقطاع ابتداء من الساعة الثامنة و النصف صباحا إلى غاية الرابعة مساء،  و أحيانا توجد ساعة فراغ تكون في الغالب في الساعة الأولى صباحا أو في الساعة الأخيرة مساء ،  فيها لا تؤخذ بعين الاعتبار فترة الغذاء، ما يدفعه، إلى التوجه نحو المركز التجاري رفقة أحد زملائه لتغيير الجو، حسبه، و تناول وجبة الغذاء، للعودة مجددا للدراسة، فيما لا يجد وقتا للذهاب إلى المكتبة ، معتبرا ذلك ليس ضروريا و مجرد عناء و مشقة، لأن شبكة الأنترنت توفر كل المراجع.
 هروب من طوابير  المطعم الجامعي   
التقينا بخمس طالبات كن يتجولن داخل المركز التجاري و يدخلن بين الفينة و الأخرى إلى المحلات المخصصة لألبسة الشابات، و يتبادلن وجهات النظر حول الأزياء المعروضة، فأخبرتنا إحداهن بأنهن يدرسن بكلية علوم الأرض والجغرافيا والتهيئة العمرانية بحي زواغي سليمان، و قدمن إلى المركز التجاري « ريتاج مول» من أجل التجول و تمضية الوقت ، و أكدن بأن المحاضرات لم تنطلق بعد ، ما جعلهن يتنقلن  وقت الفراغ   إلى المدينة الجديدة و بالضبط للمركز التجاري و الاطلاع على الأزياء الخريفية المعروضة ، مشيرات إلى أنهن يترددن على هذا المركز كثيرا، بغية تناول وجبة غداء في مكان مريح، بالرغم من غلاء سعرها الذي يصل إلى 600 دينار للشخص الواحد ، على الانتظار طويلا أمام المطعم الجامعي، من أجل وجبة ذات نوعية رديئة.
و قالت طالبتان من ميلة  تدرسان العلوم الصيدلانية بجامعة صالح بوبنيدر ، بأن المحاضرات لم تنطلق بشكل فعلي في كليتهن، في حين بدأت الدروس التطبيقية، ما جعلهما تغتنمان ساعات الفراغ للتنقل إلى أكبر مركز تجاري بالمدينة الجديدة، نظرا لتوفره على كل المستلزمات، و ذلك بغية اقتناء ملابس و أوان و أغطية، لأنهما تقيمان لأول مرة بحي جامعي،  و أضافتا بأنه و بالرغم من بعد المسافة بين الجامعة و المركز التجاري، ما يحتم عليهما ركوب الحافلة أو سيارات «الفرود»، إلا أنهما وجدتا هناك ما يلبي حاجياتهما ، دون عناء التنقل إلى وسط المدينة أو المراكز التجارية الأخرى، خاصة و أنهما لم تزورا ولاية قسنطينة من قبل، و اعتبرتا هذه المساحة  التجارية الكبرى وجهتهما المفضلة،  التي تقتنيان منها كل المستلزمات و توفر لهما ظروف الراحة و الأمان و الطمأنينة.
أ بوقرن 

الرجوع إلى الأعلى