مستخدمو الصحة والتربية والإدارة الأكثر عرضة لإضطرابات عقلية
أكد الدكتور غزيني يحيى طبيب مختص في طب العمل بوهران، أن التكفل بالحالات التي تعاني إضطرابات عقلية يكون وسط الفئات العمالية التي تعرف تنظيما لصفوفها،  كأن تمثلها  نقابة أو تنظيم من شأنه الحرص على صحة العامل وتوجيهه ويساعد على التنسيق مع طب العمل وإطلاق دراسات  .
 وأردف الدكتور غزيني أنه على مدار مساره في طب العمل لم يسمع يوما أن صحفيا توجه لهذه الجهة الصحية لعرض حالته على مختصين وبالتالي التكفل بهذه الشريحة من العمال لازال بعيدا عن القنوات التنظيمية.
وأضاف المختص في طب العمل بوهران في تصريح للنصر يوم الخميس المنصرم على هامش لقاء جهوي لعرض المخطط الإستراتيجي الجديد للصحة العقلية والذي احتضنه فندق الياسمين بوهران، أن المطالب العمالية في السنوات السابقة كانت تتمحور حول ضرورة الحرص على تسوية الوضعية المهنية داخل المؤسسسة ومن هنا كان العمال بمختلف درجات مناصبهم يستفيدون من تكفل صحي وحقوق العطل المرضية وغيرها من المزايا، ولكن في السنوات الأخيرة وفق المتحدث فإن المطالب أصبحت تركز على الزيادة في الأجور وهذا من حق العمال ولكن أغفلوا جوانب وضعية وظروف العمل التي هي المؤشر الرئيسي في تدهور صحة العمال ومنهم الصحفيين الذين يعملون في ظروف مضطربة غالبا، حيث  أن ساعات العمل متذبذبة ومشاكل العمل اليومية لا تنتهي وخاصة وأنهم يدرجون ضمن   مهن الوساطة،  وهي المهمة الأكثر تعريضا لصاحبها لاضطرابات عقلية من غيرها، ولكن يظلون بعيدين عن أي تكفل بحالاتهم، مشيرا أيضا لتجاهل المستخدم في المؤسسة الإعلامية وعدم إعترافه بأن الإضطراب العقلي نتج عن مصاعب المهنة بل أغلبهم يتنصلون من المسؤولية،  وهذا ليس في الجزائر فقط حسب المتحدث ولكن على المستوى العالمي ولكن تتفاوت درجة الإهتمام وتحمل المسؤولية.  و بخصوص لقاء الخميس المنصرم، فقد عرض الدكتور غزيني يحيى نتائج دراسة قام بها فريق طب العمل والتي شملت 761 حالة سبق لها وأن تقدمت من المصالح الإستشفائية على مدار العامين الماضيين لطلب العلاج بسبب إضطرابات عصبية ونفسية وهي حالات من الوسط المهني أي عمال وإطارات، وتم إختيار 53 حالة تمثل حالات مرضية فعلا بإضطرابات عقلية، وأضاف المتدخل أن هذه الحالات، من الفئات ذات المستوى التعليمي العالي ومناصبها غالبا هي مناصب المسؤولية، ولكن الرجال أكثر تدخينا من النساء مما يرفع عندهم خطر الإصابة بالإضطرابات العقلية، خاصة وأن ظروف العمل هي المؤثرات الأساسية في هذا، منها عدم استقرار ساعات العمل وامتدادها في غالب الأوقات، المناوشات والجدل بين المستخدمين وانعدام الإتصال بين العمال، وهي عوامل من شأنها مضاعفة الإصابة بالإضطرابات، وأشارت الدراسة أن علامات المرض تأتي بعد أكثر من 11 سنة عمل، ولكن المشكل المطروح هو عدم إعتراف مصالح الضمان الاجتماعي بالاضطرابات العقلية كمرض، لدا تلجأ الحالات في الوسط المهني غالبا لتناول أدوية من أجل الإستفادة من خدمات الضمان الإجتماعي  عن طريق العطل المرضية، كما أبرزت الدراسة أن مستخدمي القطاع الصحي يحتلون الصدارة وتليهم فئة مستخدمي قطاع التربية الوطنية ثم عمال الإدارات.  
وعن محور اللقاء الذي أشرف عليه البروفيسور محمد شكالي نائب المدير المكلف بالصحة العقلية على مستوى وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، فقد أكد هذا الأخير أن غياب التنسيق بين كل الأطراف المعنية أحدث غيابا لمرجعية للصحة العقلية، مبرزا أن هذا المحور هو أساس المخطط الذي تسعى الوزارة لتجسيده،  وهو ذات المسعى الذي يندرج في إطاره اللقاء الذي جاء لمباشرة إنشاء فريق عمل خاص بالصحة العقلية في أماكن العمل وهي المهمة التي ستوكل لمختصين بوهران، وقال المتحدث أنه يوجد  1200 طبيب نفساني يمارسون في الصحة العمومية بالجزائر،  وهو عدد قليل مقارنة بعدد الساكنة خاصة الأطفال الذين يحتاجون لتكفل دقيق وتلفه صعوبة كبيرة، وهنا أعلن البروفيسور شكالي عن تخرج دفعة من الأطباء المختصين في العلاج النفسي والعصبي للأطفال،  وهو تخصص كان نادرا وممارسوه يعدون على الأصابع مثلما قال، مبرزا أنه منذ 4 سنوات الماضية تم فتح هذا التخصص وستتخرج أول دفعة منه قريبا، ولكن بالنظر للتعامل الحساس مع الطفل فإن كل طبيب في هذا التخصص لا يمكنه معالجة أكثر من 8 أطفال يوميا، أما مرضى التوحد حسب المتدخل فإن بهم لا  ينتظر المخطط بل يتم منذ سنوات عبر خمس  مصالح إستشفائية،  وهو أيضا مدرج ضمن المخطط من أجل دعم المساعي التي بدأت من قبل وتدارك النقائص.
وخلال عرض المخطط الإستراتيجي الوطني لترقية الصحة العقلية الذي سبق عرضه والمصادقة عليه على مستوى وزارة الصحة الأسبوع المنصرم، أكد البروفيسور شكالي أن هذا المخطط  سيكون مرجعا وطنيا حول وضعية الصحة العقلية وكل المعطيات الخاصة بها من أجل التكفل بها والتحكم في آليات العلاج وبالتالي يكون لدى الوزارة نظرة واضحة حول هذا الجانب، مضيفا أن هذا المخطط الذي يمتد ما بين «2017-2020» يرتكز على الإهتمام بالصحة العقلية عموما،  وليس فقط الأمراض والإضطرابات العقلية مثلما كان عليه الحال سابقا.
هوارية ب

الرجوع إلى الأعلى