قرية المكفوفين بقهوة الريح.. اللغز الذي عجز الأطباء عن تفسير ظاهرته
تكتشف لحظة مرورك بالمكان المسمى قهوة الريح، عبر منعرج حدودي بين ولايتي عين الدفلى و تسمسيلت، ظاهرة غريبة تتمثل في تواجد عدد معتبر من المكفوفين على قارعة الطريق الوطني رقم 65 ، ينتظرون منذ شروق الشمس، مساعدات مادية من المارة، لعلها تمكنهم من إعالة باقي أفراد عائلاتهم الذين يعانون في صمت من فقدان نعمة البصر .
 يتخذ عدد من المكفوفين قارعة الطريق الوطني رغم 65 ، و بالضبط المكان المعروف باسم دوار قهوة الريح، التابع إقليميا لبلدية طارق ابن زياد، مكانا مهما للفت انتباه أصحاب المركبات، القادمين من مختلف الولايات، و دفعهم للتوقف، بغية تقديم يد العون لهم و الاستفسار عن وضعهم الصحي و المعيشي ، خصوصا بعض التجار الذين ألفوا المرور من هناك.
   المكان معروف بهبوب رياح شديدة حتى في الأيام العادية، لكنها لا تثني المكفوفين من التردد عليه، فهم لا يبالون بتقلبات الطقس، لأن خياراتهم ضئيلة من أجل توفير لقمة العيش لعائلاتهم التي يعاني معظم أفرادها من نفس الإعاقة البصرية، التي أصبحت ظاهرة في دوار قهوة الريح  .
يقول المكفوف محمد لوكيل في العقد الرابع ، رب أسرة  متكونة من 4 أشخاص، بأن المرض أفقده نعمة البصر بصفة تدريجية،  ولم يتمكن لحد الآن من معرفة الأسباب الرئيسية لذلك، مشيرا إلى أن أغلب العائلات القاطنة في المباني المتراصة عبر منحدر تحت الطريق الوطني رقم 65 ، تعاني في صمت مطبق من إعاقة بصرية.
و أضاف بأن  بعض اللجان و الفرق الطبية من ولايتي عين الدفلى و تيسمسيلت، زارت تباعا منذ حوالي 7 سنوات، دوار قهوة الريح، لتقديم المساعدة الطبية وإعطاء توضيحات حول  الأسباب الرئيسة وراء انتشار هذه الظاهرة،  إلا أن الوضعية لا تزال على حالها ، حيث تعددت، كما قال محمد لوكيل، آراء الأطباء بين العامل الوراثي الذي ينتقل من خلال زواج الأقارب ، و إقامة  السكان في منطقة صلصالية تحفها أشجار التين الشوكي من كل مكان،  فضلا عن هبوب الرياح على مدار السنة، ما  ساعد  ، حسب التفسيرات التي قدمت لهم، في إصابة العين بالأشواك باعتبارها  عضو حساس جدا  ،  كما ربط البعض ذلك بالعامل البيئي و المستوى المعيشي ، و يرجح البعض الآخر بأن فيروس وبائي هو السبب في الظاهرة،  خاصة في ظل غياب أبسط الاحتياجات بدوار قهوة الريح ، إلى جانب نقص النظافة و الرعاية الصحية .
ظاهرة انتشار « العمى « بدوار قهوة  الريح، الواقع بالجهة الجنوبية الشرقية لعاصمة الولاية عين الدفلى بنحو 75 كلم،  حيرت كل من استطلع وضعية السكان عن قرب ، و تطرح  أكثر من علامة استفهام عن طرق العيش في بقعة معزولة.
 الشاب عبد القادر حجموم ، في العشرينات من عمره أكد بأن أغلب العائلات هناك تعيش على صدقات المحسنين وأصحاب القلوب الرحيمة، و يصارع بعضهم الظروف الصعبة من أجل البقاء ، فيما يكتفي البعض الآخر بالحصول على إعانات مصالح مديرية النشاط الاجتماعي و التضامن التي تقدر ب 3 آلاف دج، متسائلا هل هذه المنحة كافية حقا لتلبية احتياجاتهم؟!!
و علق أحد السكان بأن أبناء بعض العائلات الناجين من ظاهرة فقدان البصر، يمتهنون عدة نشاطات و مهن غير مستقرة في مختلف القطاعات، كالبناء و التجارة في بعض المدن و الولايات المجاورة .           
هشام ج

الرجوع إلى الأعلى