ارتفاع أسعار إكسسوارات أجهزة السمع يحرم أطفالا من الدراسة!
يعاني العشرات من الأطفال الصم و ضعاف السمع بولاية قسنطينة، من ارتفاع أسعار الأكسسوارات الضرورية لتشغيل أجهزة السمع، ما جعل أولياءهم يطالبون بإدراج هذا النوع من المعدات ضمن تعويضات صندوق الضمان الاجتماعي، خاصة أن هذا الوضع حرم العديد من الأطفال من الدراسة بشكل عادي.
و يقول السيد رابح و هو ولي طفلة وُلدت بإعاقة في السمع، أن ابنته ذات التسعة أعوام استفادت من عملية لزراعة القوقعة و عمرها 4 سنوات، ما جعلها قادرة سماع الأصوات و تعلّم النطق بشكل تدريجي، لكن صعوبات أخرى بدأت تظهر مع مرور الوقت، إذ اكتشف أن الاكسسوارات التي تُعد ضرورية لتشغيل الجهاز، باهضة الثمن بل و غير متاحة إلا في أماكن محددة.
و ذكر محدثنا أن «الكابل» مثلا، قد يشتغل في بعض الأحيان لأسبوع واحد فقط، ما يضطره في كل مرة إلى شراء كابل جديد يتعدى سعره 1200 دينار و يمكن أن يصل إلى 3500 حسب العلامة المتوفرة، أما البطاريات فتُكلِّف العلبة منها التي تكفي لشهر و نصف فقط، مبلغ مليون سنتيم على الأقل، و الأدهى من ذلك، أن الأولياء كثيرا ما يكتشفون أن بعض الوحدات تالفة بعد شرائها، فيما يحتاج اقتناء أقراص المخصص لامتصاص الرطوبة ما لا يقل عن 1600 دينار، لكنها أصبحت غير موجودة في السوق أصلا.
كل هذه التكاليف جعلت الأولياء، خاصة محدودي الدخل، يلجأون إلى “الاقتصاد” في استعمال أجهزة السمع و لو تطلّب الأمر إعادة أبنائهم إلى عالمهم الصامت، حيث يضطر السيد رابح على سبيل المثال، إلى نزع الجهاز من أذن ابنته بعد انتهائها من مراجعة الدروس في المنزل، رغم أنها تعترض في كل مرة و تطالب بمشاهدة التلفاز و ممارسة حياتها بصفة عادية كغيرها من أفراد العائلة.
هذا الوضع دفع بالعديد من الأولياء إلى المطالبة بإدراج أكسسوارات معدات السمع الخاصة بالأطفال، ضمن الأجهزة التي يتم تعويضها من طرف مصالح الضمان الاجتماعي، خصوصا أنهم يحتاجون إليها مدى الحياة، و أي توقف عن استعمالها سيحرمهم من ممارسة يومياتهم بصفة طبيعية و يؤثر بشكل أخص على الدراسة، إذ يُعد تعلّم النطق ضروريا في هذا العمر، للتمكن من الاندماج بسهولة في المجتمع، و تدارك الأعوام الأولى التي كانوا خلالها صما و ضعاف السمع.
إلى جانب ذلك، يطرح الأولياء “نقص” أخصائيي الأرطوفونيا، كما يضطرون إلى دفع ألف دينار للساعة لتعليم الأطفال لديهم، بعدما كان السعر لا يتعدى 800 دينار، تُضاف إلى ذلك مشكلة بُعد الأقسام الخاصة عن العديد من التلاميذ، سيما القاطنين بالمناطق البعيدة و المعزولة، ما أدى إلى حرمان البعض منهم من التمدرس، بعدما كانوا قد ضيّعوا أخرى بسبب إعاقتهم السمعية.
و في سياق متصل، تلقت النصر رسالة وجهها بعض أولياء الأطفال المعنيين المنخرطين في الجمعية الولائية لزراعي القوقعة و ضعاف السمع، إلى والي قسنطينة، يقولون فيها إن الجمعية المذكورة “حادت» عن تحقيق الأهداف الأساسية لها و المتمثلة، حسبهم، في تأهيل و إعادة إدماج زارعي القوقعة و ضعاف السمع و توفير قطاع الغيار لجهاز القوقعة و المعينات السمعية لهذه الفئة، و ذلك رغم “الموارد المالية الضخمة” التي تتلقاها في شكل إعانات من الدولة أو تبرعات من المحسنين.
رئيس الجمعية الولائية لزراعي القوقعة و ضعاف السمع أوضح في اتصال بالنصر، أن هيئته سعت لدى وزير العمل و التشغيل و الضمان الاجتماعي، إلى إدخال الاكسسوارات الخاصة بأجهزة السمع ضمن التأمينات، و هو ما تكلل بتصريح صدر مؤخرا عن الوزير بأن العملية في نهايتها، و استغرب رئيس الجمعية حديث بعض الأولياء عن تلقي إعانات “ضخمة”، حيث قال إنها شحيحة، إلى درجة أن 150 مليون التي تم تلقيها من الولاية هذا العام، صُرِفَت و تحت رقابة محافظ الحسابات، في تغطية ديون سنة 2016 التي لم يتم خلالها الحصول على أية إعانات، حسب تعبيره.
و أكد المتحدث أن أبواب جمعيته مفتوحة لجميع الأولياء لطرح انشغالاتهم، و الاستجابة لها وفقا للمتاح، خصوصا، حسبه، و أن غلاء الأكسسوارات يُعدّ مشكلة وطنية و لا يمكن لجمعيته حلّها بمفردها، إذ يقارب عدد المنخرطين في الهيئة 280، فيما توجد العديد من الحالات التي لم يُصرح بها الآباء بعد، ما يعقد من علاجها في المستقبل، مضيفا أن جمعيته تسعى إلى إيجاد الحلول العامة لا الفردية، كما أنها تتعاون مع المستشفى الجامعي لإجراء عمليات زراعة القوقعة.
 ياسمين.ب

الرجوع إلى الأعلى