الجــو العائلــي والأعمــال التضــامنيـــة أعـــادت لنـــا الأمــل في الحيـــاة مـن جديـــد
 تؤكد مريضات بالسرطان تقمن بدار الإحسان لإيواء المرضى بالبليدة للنصر، بأن الجو العائلي والعمل التضامني الذي وجدوه بهذه الدار، أنساهن المرض، وأعاد إليهن الأمل في الحياة من جديد.
و قالت بعض هؤلاء النساء ، بأنهن تعرضن لصدمة نفسية قوية و تدهورت معنوياتهن كثيرا عندما تم اكتشاف مرضهن، لكن الجو العائلي و التضامني الذي يجدنه بدار الإحسان خلال فترة العلاج بالأشعة بمركز مكافحة السرطان، رفع معنوياتهن و عوضهن عن الدفء الأسري، ويؤكدن بأنهن يتحدثن مع بعضهن البعض و مع المختصين بدار الإحسان في مجالات مختلفة، بعيدا عن المرض.
وفي هذا السياق قالت لنا (م أ) من مدينة مستغانم، مصابة بسرطان الثدي في العقد الرابع من العمر ، بأن حالتها النفسية و الجسدية كانت متدهورة بعد اكتشاف إصابتها بالسرطان، وبعد حجزها موعدا للعلاج بالأشعة بمركز مكافحة السرطان بالبليدة، طرح أمامها مشكل الإيواء، و بفضل الانترنت تعرفت على جمعية البدر لمساعدة مرضى السرطان التي تشرف على تسيير دار الإحسان لإيواء المرضى، وتمكنت من خلال التواصل معها من حجز مكان للمبيت خلال فترة العلاج.
و أضافت المتحدثة بأن الانطلاقة نحو البليدة كانت صعبة، لأن معنوياتها كانت منخفضة، و كانت تشعر بالخجل ، لكن بعد وصولها إلى دار الإحسان والاستقبال الجيد الذي وجدته من طرف مسوؤلي دار الإحسان، واحتكاكها بباقي النساء والجو العائلي الذي وجدته كادت تنسى المرض، وارتفعت معنوياتها .
و تابعت التحدث إلينا بحماس و حيوية ، مؤكدة بأن وجودها بهذه الدار أكسبها الكثير من الفوائد، خاصة من الجانب النفسي، وتقول بأن مسؤولي دار الإحسان وفروا لهم الإيواء والإطعام والنقل مجانا، كما أن الجو الجماعي، سواء أثناء التنقل للعلاج، أو في الغرف،  كانت نتائجه جد ايجابية على نفسية المرضى.
و قالت من جهتها الحاجة ف. ف من ولاية معسكر، التي تكون في العقد السادس من العمر و تعاني أيضا من سرطان الثدي، بأن حالتها النفسية جيدة، والمرض تحول إلى جزء من حياتها، وأكدت بأن الجو في دار الإحسان ساهم بشكل كبير في نسيان المرض، فالمريضات خلقن جوا من التضامن والتعاون في ما بينهن ، إلى جانب المساعدات التي يتلقونها من طرف عمال دار الإحسان و مسوؤليها
وتابعت  بأن حديثهن في دار الإحسان يدور حول كل شيء، باستثناء المرض الذي يعتبر عامل مشترك بينهن، و في الكثير من الحالات تجمع المريضات وتحدثهن عن الثورة التحريرية و ذكرياتها فيها و كذا بعض الحكايات القديمة التي تحتفظ بها منذ الطفولة، من أجل الابتعاد عن حكايات المرض، و تبقى أغلى أمنية لديها قبل أن تغادر المكان، هي أن تتمكن من زيارة البقاع المقدسة.
حملة تضامنية واسعة مع المرضى
بالرغم من التكاليف الكبيرة التي يتطلبها توفير كل احتياجات و لوازم المرضى والمريضات المقيمين بدار الإحسان من الإطعام والنقل والأدوية وغيرها، إلا أن الحملات التضامنية الكبيرة من طرف المحسنين والعائلات،  جعلت الصعب سهلا ، و يتم تسيير هذه الدار في ظروف حسنة، بشكل لا يكاد يختلف عن تسيير فندق، فكل ما يحتاجه المرضى متوفر.
و أوضح في هذا السياق رئيس جمعية البدر لمساعدة مرضى السرطان مصطفى موسوي، بأن عدد الوجبات الغذائية التي تقدم للمرضى يوميا تقدر ب150وجبة، وكلها تقدم بفضل الأعمال التضامنية، مشيرا إلى أن الطاقة الاستيعابية لدار الإحسان تقدر ب45 سريرا، إلا أنها ارتفعت إلى 60 سريرا بسبب الإقبال الكبير للمرضى، وبالرغم من ارتفاع العدد، لكن كل احتياجاتهم متوفرة، مشيرا إلى أن عدد المقيمين خلال سنة 2017 بلغ 607  مرضى، بمعدل 28 ليلة لكل مريض، وتقدر التكلفة المالية السنوية للإطعام ومختلف الخدمات الأخرى، بما يزيد عن ملياري (02)سنيتم جمعت من مساهمات المحسنين و الأعمال التضامنية.
عن هذه الأعمال التضامنية ، كشف رئيس جمعية البدر، عن تبرع أحد المحنسينن خلال الأيام الماضية ب100 ثدي اصطناعي سلمت للمريضات، و ذكر بأن هذه الأعمال لا تقتصر على تقديم المساعدات فقط، بل الأمر يتجاوز ذلك إلى تنظيم سهرات وجلسات مع المرضى والمريضات، مشيرا في هذا السياق إلى قيام والدات شباب متطوعين في الجمعية، بتنظيم جلسة قهوة وشاي كل أسبوعين مع المريضات، و يتبادلن معهن أطراف الحديث، وفي نفس الوقت ذكر بأن الشباب المتطوعين بالجمعية الذين يتجاوز عددهم 250 شابا، ينظمون كل يوم جمعة زيارة إلى مركز مكافحة السرطان بمستشفى فرانتز فانون ويقدمون للمرضى مختلف الهدايا والفواكه.
وفي سياق متصل، ذكر رئيس الجمعية، بأن أعضاء الجمعية تنقلوا خلال الأشهر القليلة الماضية إلى فرنسا ولبنان، للاستفادة من خبرات مختصين يعملون  في مستشفيات لعلاج سرطان الأطفال، قصد انجاز مستشفى مماثل بالبليدة، وذكر بأن خلال هذه الجولات ، عرضوا تجربة جمعية البدر في إيواء مرضى السرطان، مؤكدا بأن الأجانب انبهروا لهذه التجربة، وتفاجأوا لتقديم خدمات مجانية للمرضى، مشيرا إلى أن فرنسا توجد بها بعض التجارب المماثلة، في حين المريض لا يستفيد من خدمات مجانية كاملة، كما أن الإطعام لا يتم جماعيا، و لا تتكفل به مراكز الإيواء،  بل يتم تخصيص لكل مريض مكان معين للطهي وتحضير طعامه، عكس ما هو موجود في الجزائر، حيث تسود الروح الجماعية والعمل التضامني بين المرضى .
و كشف المتحدث عن فتح مكتب للتوجيه، تابع لجمعية البدر بمركز مكافحة السرطان بمستشفى فرانتز فانون، ويتمثل دوره في توجيه المرضى الذين يقصدون المركز للعلاج من أماكن بعيدة ، ولا يجدون أماكن للإيواء، مضيفا بأن العديد من المرضى القادمين من ولايات أخرى، كثيرا ما يجدون صعوبات في توفير الإيواء، وبالمقابل لا يعرفون دار الإحسان، لهذا فإن فتح مكتب للتوجيه بمركز مكافحة السرطان، يسهل عليهم التوجه إلى دار الإحسان.
نورالدين -ع  

الرجوع إلى الأعلى