أرقام مفزعة و إحصائيات رهيبة عن وضعية الأطفال في الجزائر كشفت حقائق مغيبة رغم وجودها كواقع سوسيولوجي تعيشه الشريحة و أكدته الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل "ندى " التي سجلت وجود 750 طفلا من الجنسين تم إشراكهم في تجارة الجنس و الرق الأبيض،  حيث أقحموا في الدعارة ذكورا و إناثا خاصة المراهقات و المراهقين، الذين أصبحوا المستهدف الأول باعتبار مرحلتهم حساسة يسهل على هذه الشبكات إستدراجهم و التأثير عليهم، كما  أوضحت الشبكة أن 1.025 طفلا وقعوا ضحية الاعتداءات الجنسية  55 منهم في زنا المحارم، هذه الأخيرة تشهد بدورها تفاقما و إتساعا يوما بعد يوم رغم تنافيها مع تعاليم الدين الإسلامي، حيث أرجعها عديد المختصين النفسانيين و علماء الدين إلى ضعف الوازع الديني و غياب الرقابة الأسرية و التنشئة الإجتماعية داخل المؤسسات التربوية.

كما تم إحصاء حوالي 920 طفلا ضحية التسول و التشرد، و 4.890 آخرين أستغلوا في مجال عمالة الأطفال،هذه الظاهرة بدورها أخذت منحى متصاعدا و خطيرا، ففي وقت سابق كانت هذه الشريحة تلجأ بمحض إرادتها للشغل مبكرا في التجارة أو حمل السلع  بسبب سوء الأوضاع الإجتماعية و تدهور الظروف  المعيشية، حيث كانت هذه الظاهرة مشاعة فقط عند الطبقة الفقيرة التي لا تملك دخلا يسد حاجياتها، لكن الواقع الآن اختلف فالظاهرة لم تعد تقتصر على الفقراء و لا على شغل معين، فقد أصبح تجار المخدرات و الدعارة يستدرجون هذه الفئة العمرية سواء كانوا من ذوي الدخل الضعيف أو ميسوري الحال و يقحمونها في هذا المجال، مستعملين في ذلك أساليب إغرائية و إستمالات عاطفية لإقناعهم  بغرض إستخدامهم كوسيلة لترويج سمومهم و إشباع رغباتهم، حيث سجلت شبكة "ندى" 18322 مكالمة هاتفية على الرقم الأخضر في أقل من 10 أشهر تخص قضايا عنف ضد الأطفال كالاعتداءات الجنسية و التسول و عمالة القصر.

و قد أرجع رئيس الشبكة الوطنية للدفاع عن حقوق الطفل السيد عرعار السبب وراء تفاقم هذه الظاهرة و جعل الأطفال عرضة للعمالة و التسول إلى التسرب المدرسي، حيث كشفت بعض الدراسات الوطنية حسب ذات المصدر بأن 5 بالمائة من الأطفال غير متمدرسين  في الجزائر ،مشددا على ضرورة التنسيق بين مختلف الأطراف الفاعلة و الجهات المعنية بخصوص الإجراءات المتخذة في التصدي لظاهرة العنف و تعزيز حماية الطفولة، و على التحسيس بتوعية المجتمع بخطورة الوضع و ضرورة مكافحته، مؤكدا في ذات السياق على دور المجتمع في عملية التبليغ لتمكين المختصين من التدخل لتفادي وقوع العنف و التكفل به حين وقوعه.  

و اللافت أن هذه الأرقام تم الكشف عنها تزامنا مع نشر نتائج دراسة عالمية أجريت خلال الشهر الجاري على 50000 طفل تتراوح أعمارهم بين 8 سنوات و 12 سنة، تبرز هذه الدراسة التي كلف بإجرائها على مستوى الجزائر الأستاذ حبيب تليوين رئيس مختبر العمليات التعليمية و السياق الإجتماعي بجامعة وهران، أطفال الجزائر في المرتبة الرابعة عالميا في السعادة، و ذلك بعد كل من  رومانيا كولومبيا و إسرائيل، و قد استخدمت الدراسة المقاييس الدولية و النفسية و الأسئلة الفردية لقياس مستوى رضا الأطفال و درجة سعادتهم في حياتهم اليومية، و أوضح الأستاذ حبيب بأن أطفال الجزائر هم الأكثر إرتياحا و سعادة في حياتهم الأسرية و المدرسية و كذا الاجتماعية،  مضيفا بأن الشيء الوحيد الذي يميز الطفل الجزائري عن باقي أطفال العالم هو شعوره بنوع من الخوف الذي أرجعه إلى ارتفاع معدل عمليات الإختطاف في السنوات الأخيرة.

أسماء بوقرن

الرجوع إلى الأعلى