رؤساء بلديات قسنطينة يعانون من تبلد المشاعر و يتعاملون مع المواطنين كأشياء

كشفت دراسة أن رؤساء البلديات يعانون من احتراق نفسي كبير، وتبلّد في الشعور، كما أنهم يعتقدون أن الوصاية تعاقبهم وتعتبرهم دخلاء، وذلك جراء الضغط الممارس عليهم خلال ممارسة مهامهم الانتخابية من السكان، الصحافة وقلة الإمكانات المادية.
وأكدت دراسة أعدتها طالبة بقسم علم النفس بجامعة عبد الحميد مهري ضمن مذكرة لنيل شهادة ماستر تخصص علم نفس عيادي، بعنوان «الاحتراق النفسي لدى المنتخبين السياسيين دراسة ميدانية رؤساء بلديات قسنطينة»، أن المنتخبين عموما يعانون من ضغط نفسي كبير عند ممارستهم لمهامهم، وذلك بسبب النقص الكبير في الإمكانات المادية التي يتلقونها ضمن الميزانية السنوية، إلى جانب الضغط الممارس عليهم من طرف سكان البلديات التي يرأسونها والذين يعتبرونهم أصحاب القرار رغم أنهم في الحقيقة لا يملكون الكثير، إضافة إلى عدم وجود دعم كبير من الوصاية والمتمثلة في الدائرة والولاية، ولذلك فقد اكتشفت صاحبة الدراسة من خلال تطبيقها لسلم خاص بقياس درجات الاحتراق النفسي يعرف بسلم «ماسلاش» أن رؤساء بلديات قسنطينة يعانون من احتراق نفسي كبير جدا. وأوضحت الطالبة التي نالت تقدير مشرف جدا، أن أغلب رؤساء البلديات الذين أجابوا على الأسئلة التي وجهتها لهم في إطار المقابلة المباشرة، أنهم اصطدموا بواقع صعب جدا وأصبحوا يحسون بما يعرف لدى علماء النفس بشعور عدم الانجاز، وذلك لأنهم وعقب وصولهم إلى مناصب المسؤولية لم يتمكنوا من تجسيد المشاريع التي كانوا يخططون لها بعد فوزهم في الانتخابات المحلية، وذلك لأسباب عديدة منها، عدم وجود دعم كافي من الوصاية، وحتى من داخل المنتخبين في المجلس البلدي الذي يرأسونه، كما أن الأميار لا يثقون كثيرا في المحيط السياسي القريب منهم بشكل كبير. زيادة على هذا فقد صرحت الباحثة عقب انتهاء المناقشة للنصر أن عددا من رؤساء المجالس الشعبية البلدية وجراء الواقع الصعب الذي يعيشونه وكثرة معايشتهم للمشاكل فقد نتج لديهم ما يسمى بتبلد المشاعر، وأضحوا لا يتأثرون غالبا بالمعاناة التي يعيشها بعض المواطنين، كما أن الحالات الاجتماعية القاهرة التي تؤثر في عامة الناس أضحت لا تعني شيئا لهم، كما أنهم أصبحوا يتعاملون مع المواطنين على أنهم أشياء، ويتضح هذا الانفعال الشعوري جليا خلال أيام الاستقبال، حيث لا يبدي الأميار في الغالب أية تعاطف مع من هو أمامه، كما أبدوا أيضا انزعاجا كبيرا من الوصاية معتبرين أنها لا تقوم بمساعدتهم لتلبية طلبات السكان، بل تقوم بمعاقبتهم، كونهم دخلاء ووجودهم ظرفي فقط، في حين أن الأمر مختلف تماما كونهم يملكون صوت المواطن. أما عن علاقة رؤساء المجالس الشعبية البلدية بالصحافة، فقد أكدت محدثتنا أن كافة العينات محل الدراسة يتذمرون من الصحافيين ويعتقدون أنهم يشهرون بهم، وهو ما يزيد من حجم الضغط الممارس عليهم من طرف السكان والوصاية، كما أنهم أداة في يد باقي الأطراف ضد رئيس البلدية، ولهذا ومن الصعب جدا خلق علاقة جيدة بين الطرفين. واقترحت صاحبة المذكرة جملة من التوصيات للحد من المعاناة النفسية التي يعيشها رؤساء البلديات جراء الضغط الممارس عليهم في حياتهم المهنية، وذلك من خلال الكشف الطبي وممارسة الرياضة، التدرّب على تغيير نمط السلوك، التأييد الاجتماعي، طلب المساعدة من المتخصصين، إعطاء مزيد من الصلاحيات للأميار، وإصدار تشريعات وقوانين واستخدام مؤسسات أخرى لتطبيق هذه الإصلاحات والعمل على تحسين صورة المنتخب خاصة أمام الشعب عوض التشهير به عبر مختلف وسائل الإعلام عوض تحويل الانتباه من أعلى مراتب السلطة إلى المستوى المحلي، إلى جانب ذلك، أكدت الدراسة على ضرورة تشجيع الديمقراطية التشاركية من خلال مساهمة المواطن في وضع القرارات المحلية، تشجيع التواصل عبر فتح وسائل الاتصال أمام رؤساء البلديات وتوفير آليات لحمايتهم من المتابعات القضائية.                       

عبد الله.ب

الرجوع إلى الأعلى