جمعية راشدة تتكفل ب116 امرأة في 2015 معظمهن ضحايا العنف الزوجي
استقبلت جمعية راشدة فرع قسنطينة ،منذ بداية السنة الجارية 116 امرأة ، أكثر من 90 بالمائة منهن يعانين من العنف الزوجي ، الكثيرات هشمت رؤوسهن و أجسادهن مليئة بالكدمات و آثار الضرب المبرح،و أخريات طردهن أزواجهن بمعية أولادهن من بيت الزوجية ،و هناك حالة لشابة تعود زوجها على ضربها على رأسها و وجهها إلى أن فقأ عينها و رفض أن ينفق عليها فظلت لسنوات تقتات بلمجة ابنتها التي تحضرها من المدرسة ، كما قصدت الجمعية طالبة في العشرينات من عمرها ،اكتشفت بعد الزواج بأن زوجها الذي يهملها،يعاني من شذوذ جنسي، و أخرى معاقة حركيا تتعرض للضرب و الإهانة من أختها.
جميعهن  يطلبن التوجيه و التكفل بحالاتهن اجتماعيا و نفسيا و قانونيا و أحيانا طبيا ،و الفئة العمرية الأكثر تضررا من هذا العنف بين  31 و 50 عاما ، حوالي 80 بالمائة منهن ربات بيوت و أمهات مستواهن التعليمي متوسط، و تشكل الجامعيات الموظفات حوالي 10 بالمائة من السيدات اللائي يقصدن فرع الجمعية بقسنطينة  طلبا للمساعدة ، كما أكدت رئيسة الجمعية .
السيدة مليكة شطوح بينت في لقاء بالنصر بمقر جمعية راشدة ، فرع قسنطينة الجديد الذي تم افتتاحه منذ شهر ماي الفارط بحي الإخوة خزندار، بأن في  ذات الشهر استقبلت الجمعية عبر شبابيكها المتخصصة ،أكبر عدد من النساء المعنفات و جميعهن غير عاملات و يقمن وسط مدينة قسنطينة ،بعضهن حضرن بمحض إرادتهن ،و العديد منهن تم توجيههن من قبل أطباء مصلحة الطب الشرعي بالمستشفى الجامعي بن باديس،و تربطهم براشدة علاقة تعاون و شراكة،  بعد إخضاعهن للفحص وحصولهن على شهادات طبية تثبت تعرضهن للعنف الجسدي أو الجنسي.
  و أضافت محدثتنا بأن راشدة استقبلت خلال شهر مارس رجلين و في شهر جوان رجلا واحدا ،و في العام الفارط تكفلت بطفل من ضحايا العنف، مشددة بأن هذه الجمعية تهدف إلى جانب الدفاع عن حقوق المرأة و الطفل و مناهضة العنف بأشكاله، إلى حماية الأسرة باعتبارها نواة المجتمع، و الدفاع عن استقرارها و تماسكها، مشيرة إلى أن شريحة واسعة من المواطنين لا يعلمون بأن الجمعية فتحت مقرا جديدا بعد شهور طويلة من الغلق، بفضل مساعدة مديرية النشاط الاجتماعي و التضامن لولاية قسنطينة، شريكها في نشاطاتها ذات الطابع الاجتماعي و الإنساني .
و أشارت من جهة أخرى ذات المسؤولة بأن العدد الإجمالي من النساء اللائي قصدن الجمعية خلال سنتي  2014 و 2015 يناهز 162 امرأة .
و قد بينت من جهتها المسؤولة عن الشباك القانوني بالجمعية ،الأستاذة المحامية لدى المحكمة العليا و مجلس الدولة فوزية بلحوت سلطاني،بأن الغالبية العظمى من النساء اللائي يقصدنها عبر هذا الشباك من ضحايا العنف الأسري و ينشدن التوجيه و الإرشاد و الشريحة الثانية ، كما أكدت المحامية، تتمثل في زوجات يائسات معنفات يستشرنها في إجراءات طلب التطليق و الخلع،مشيرة إلى أن سنة 2015  شهدت ارتفاعا مذهلا في قضايا الخلع المسجلة بالمحاكم التابعة لمجلس قضاء قسنطينة و خاصة محكمة شؤون الأسرة ببلدية قسنطينة ، فقد أصبح الخلع من القضايا العادية ، حسبها، خاصة بالنسبة للموظفات، المستقلات ماديا، اللائي يعجزن عن إثبات الضرر بحكم جزائي أو شهود للحصول على التطليق، بعد أن كان يشكل طابوها في سنة 2002. وتأتي في المرتبة الثالثة الأمهات المطلقات أو المقبلات على الانفصال ،ليستشرنها عبر الشباك القانوني دائما، حول  إجراءات الحصول على النفقة، خاصة و أن صندوق النفقة لم يتم تفعيله بعد، إلى جانب إجراءات و شروط الحصول على حضانة الأبناء،كما تقصدها نساء يتعرضن بعد الطلاق إلى تحرش و اعتداء الأزواج السابقين ،و شددت محدثتنا بأنها و في كل الحالات تسعى إلى شرح إيجابيات و سلبيات كل إجراء، و تحاول إصلاح ما يمكن إصلاحه قبل اللجوء إلى العدالة .  
نائبة رئيسة الجمعية و مسؤولة شباك المساعدة الاجتماعية تأسفت لأن شريحة واسعة من المطلقات الحاضنات اللائي تستقبلهن في الشباك الاجتماعي يعانين من التحرشات و الاعتداءات المسلطة في حقهن من قبل أزواج سابقين يتخذون من أبنائهم أوراقا للضغط و المساومة و الانتقام ، دون الاهتمام بمصير أبناء الطلاق الذين يسقطون في بؤر التسرب المدرسي و الانحراف و الإجرام و يتحطمون نفسيا و اجتماعيا في حالات كثيرة بسبب هذه الظروف .و أشارت محدثتنا إلى حالة سيدة شابة طلقها زوجها ، فعادت بمعية بناتها القاصرات إلى بيت والديها. و بعد  فترة أعادت الزواج و تكفل والداها اللذان لم يتقدم بهما العمر، برعاية الحفيدات  و تربيتهن، بعد الحصول على حكم قضائي بالحضانة. لم يتحمل الأب هذا الواقع، فقرر أن ينتقم و ينغص حياة طليقته و أهلها بوابل من القضايا، على أمل أن تسند حضانة بناته لأمه و لا يدفع لنسيبه نفقتهن و ليحرق قلب طليقته.
و أضافت المساعدة الاجتماعية التي تحمل خبرة أكثر من عقدين في هذا التخصص، بأن التحقيقات الاجتماعية التي تجريها،أثبتت بأن هناك أيضا فئة من النساء تتلاعبن أيضا بحياة و مستقبل أبنائهن، و يستعملنهن للانتقام من أزواجهن أو النصب و الاحتيال، فقد حضرت مثلا غلى شباكها  سيدة قالت بأن زوجها طلقها و طردها من البيت و ليس لها مأوى تلجأ إليها أو مصدر رزق.و سع رئيسة الجمعية لإيجاد عمل و مأوى لها لدى مسنة مريضة تحتاج إلى مرافقة تساعدها و اتضح بعد التحقيق الاجتماعي بأنها ورثت منزلا من أبيها و بأن زوجها الميسور لم يطردها قط ، و طلقها لفترة قصيرة ثم أعادها إلى عصمته.
و شددت محدثتنا بأنها و كافة عضوات راشدة من نفسانيات و محاميات و متخصصات في علم الاجتماع و طبيبات يحرصن عبر كل شبابيك الجمعية على توجيه النساء اللائي يقصدنهن و تقديم الاستشارات و المساعدات التي يحتجن إليها، دون التأثير عليهن، فوحدهن يتخذن قراراتهن بمحض إرادتهن .
و شددت رئيسة راشدة بأن الجمعية و كافة شركائها يبذلون جهدهم من أجل إعادة بناء الأسر المفككة و لم شملها من أجل استقرار الأبناء و توازنهم النفسي و الاجتماعي و مساعدة النساء المعنفات و المظلومات على استرجاع ثقتهن و اعتبارهن في المجتمع و الاعتراف و العرفان بما تحملنه من معاناة و مساعدتهن على تحقيق الاستقلالية المادية و الاعتماد على أنفسهن بالتكوين و التشغيل.و بخصوص مشروع قانون تجريم العنف ضد الجزائريات ،اعتبرته بادرة خير و خطوة إيجابية لتغيير واقع المرأة و نظرة المجتمع إليها.
فقأ عينها و رفض الإنفاق عليها فاضطرت لسد رمقها  بلمجة ابنتها
من بين الحالات المؤلمة التي عالجتها راشدة في 2015 حالة زوجة شابة و أم لطفلتين،عانت المسكينة في صمت من عنف زوجها الذي تعود على ضربها منذ الأيام الأولى من زواجهما  ، خاصة على مستوى الرأس و الوجه، و كان عنفه يتضاعف يوما بعد يوم ،بالموازاة مع صبرها من أجل ابنتيها الصغيرتين. ذات يوم لطمها و لكمها بقوة على مستوى العين ففقأها و تعفنت و فقدت تماما القدرة على الإبصار واضطر الأطباء إلى استئصالها.و بدل أن يتحرك ضمير زوجها و يندم، اتخذ استراتيجية أخرى للعنف و تتمثل في عدم التحدث إلى زوجته و إهمالها  و عدم الإنفاق عليها تماما. و ظلت المسكينة  قابعة في ركن من البيت لسنوات، تقتات على قطعة الخبز «اللمجة» التي تحضرها ابنتها يوميا من مدرستها .
ذات يوم زار والد الزوجة ابنته، فلم يتمالك نفسه عندما اكتشف وضعيتها المزرية، فطلب منها مرافقته إلى منزل العائلة، بكت طويلا ثم توسلت إليه أن يتركها مع ابنتيها، فهما كل ما تملك في هذه الدنيا إلى أن يعود والدهما إلى رشده.
عندما عاد الأب الموجوع إلى بيته لم يتمالك نفسه فأخبر أخويها بما حدث، فهرعا لإحضارها مع ابنتيها إلى بيت العائلة ،ثم ذهبا للتحدث إلى زوجها و تهديده بالملف الطبي الذي معها إذا لم يطلقها دون مشاكل.عندئذ زاد تعنت الزوج و اتهمها بالنشوز و الإهمال العائلي و طالبها بالعودة إلى بيت الزوجية.
رب أسرة يضرب ابنتيه الرضيعتين و يتسبب في إصابة أمهما بمرض عقلي
إنها شابة جامعية في ربيعها 31، أم لرضيعتين ، الأولى عمرها عامين و الثانية ثمانية أشهر و نصف،قصدت الشباك القانوني لراشدة و هي تبكي و ترتعد من الخوف بحثا عن حل، و برفقتها ابنتها ذات السنتين من العمر التي كانت آثار الضرب جلية على ملامحها البريئة.كانت بحوزتها عدة شهادات طبية تثبت تعرضها للضرب المبرح هي و ابنتيها.
قالت الأم :»لو اكتفى زوجي بضربي لوحدي لتحملت و صبرت و فوضت أمري إلى الله ،لكنه يتحول إلى وحش كاسر عندما يرى ابنتي الرضيعتين نائمتين أو ممددتين في فراشهما، فيشبعهما لكما و لطما. لم أعد أتحمل ،أمومتي تئن و قلبي محطم أعيش تحت وقع الصدمات و الرعب خشية أن يقتلهما».المسكينة تم تحويلها من قبل طبيب إلى مستشفى الأمراض العقلية للعلاج ،عندئذ بدأ زوجها يهددها بتقديم شهادة بأنها مريضة عقليا إلى المحكمة إذا فكرت في رفع شكوى ضده أو طلب التطليق أو الخلع ليحظى بحضانة البنتين.
معاقة حركيا تتعرض للضرب
و الإهانة من أختها
العنف في مجتمعنا يمكن أن يأتي من كل الجهات حتى و إن تعلق الأمر من الأخت فقد قصدت الجمعية معاقة حركيا في العقد الثالث من العمر، لأنها ضحية عنف شقيقتها المطلقة التي تقيم معها في المنزل العائلي بعد وفاة والديهما.الشابة التي تعاني أيضا من اضطرابات في النطق و الكلام، أكدت بأن أختها تشتمها و تهينها دائما، دون سبب، حتى و إن شاكرتها على الطعام الذي تحضره لها. كما لا تتردد في ضربها كلما تغضب، و كأنها تنتقم منها لشيء لم تفعله.و أضافت المسكينة بأن أختها تهددها بطردها من البيت لكي تتمكن من بيعه.
طالبة تعاني من شذوذ زوجها
أحبت شابا و كل تصرفاته كانت تؤكد لها أنه يبادلها الحب، و عندما تقدم لطلب يدها وافقت فورا ،رغم أنها لا تزال تدرس بالجامعة و هو لا يعمل و يتلقى مصروفه من عائلته الميسورة .و تم الزواج و اعتقدت بأنها دخلت معه جنة السعادة الزوجية . بعد أيام معدودة من شهر العسل تغير تماما زوجها،قال لها بأنه لا يريد الإنجاب و بأنه يفضل أن ينام بعيدا عنها.و وافقت على كافة طلباته،لأنها تحبه. و سرعان ما أصبح زواجهما حبرا على ورق، لكل منهما حياته المنفصلة كجارين. و بدأت الشكوك تراودها بأنه مختلف عن باقي الرجال و بأن علاقات مريبة تربطه ببعض الرجال ،لتكتشف لاحقا مؤشرات عن شذوذه فهو مثلي ظلمها بارتباطه بها  و حطم حياتها فالحب في حياتها نقمة أو لعنة لا تستطيع الفكاك من قبضتها الموجعة.       

إلهام-ط        

الرجوع إلى الأعلى