تجاوز عدد الزوار الذين استقبلهم المركز التجاري الجديد " بارك مول " بسطيف أمس 30 ألف زائر، ضاقت بهم مداخل المجمع التجاري الأكبر في الجزائر و عجزت أروقته عن استيعاب تدفقهم المستمر، ما خلف مشهدا أقل ما يوصف بأنه غير حضاري، بسبب الفوضى و التدافع الكبيرين اللذين سجلت إثرهما حوادث ضياع و سقوط و مشادات كلامية واغماءات.
الإنزال البشري الذي شهده المركز التجاري في ثاني يوم من دخوله حيز الاستغلال، تجاوز المعقول لدرجة استدعت إغلاق ثاني مداخل المركز التجاري في محاولة لاحتواء الوضع، غير أن الإجراء أتى بنتائج عكسية، حيث خلف تدافعا غير مسبوق على مستوى البوابة الرئيسية التي اكتظت عن آخرها، وأصبح الولوج منها شبه مستحيل، ما دفع ببعض الزوار إلى المغادرة دون دخول المركز الجديد، بالرغم من أن العديد منهم قدموا من ولايات مجاورة بالأخص، ميلة و بجاية، قسنطينة، شلغوم العيد، و حتى العاصمة.
مشهد التدافع و الاحتكاك، لم ينته عند مدخل البوابة التي زادتها اختناقا سيدات مسنات وجدن في المكيفات الموضوعة أعلاها ملاذا للهرب من حرارة الجو الشديدة، فاتخذن من المدخل مكانا للجلوس و تبادل الأحاديث متسببات في تضييق المنفذ المؤدي إلى الرواق الرئيسي، أين بلغ عدد الجموع ما يزيد عن 1000 شخص، وهو ما دفع بأعوان الحراسة إلى تطويق السلالم المؤدية إلى الطابق الثاني و منع زوار المركز من الصعود، لينفجر الوضع مخلفا حالة من التدافع الهستيري، انتهت بسقوط نساء على الأرض و ضياع أطفال من أمهاتهن و شجارات بين الزوار، بسبب الاحتكاك المستمر الذي استغله البعض بطريقة لا أخلاقية.
و بالرغم من أن مساحة المركز المكون من 5 طوابق، تتعدى 40 ألف متر مربع، إلا أن مشكل استمرار غلق  ما يعادل 90 في المائة من المحلات، وضع المنظمين أمام معضلة حقيقية، إذ عجزوا عن التحكم في التدفق الكبير للزوار الراغبين في الدخول، بسبب عدم افتتاح الطوابق الأربعة الأخيرة، ما  جعله  يتمركز في الطابق الأرضي  و الطابق الأول، هذا الأخير الذي اكتظ عن آخره بزوار عانوا الأمرين للوصول إليه، ليفاجأوا في النهاية بعدد معتبر من المحلات المغلقة، أما المفتوحة منها، فغالبيتها نقاط بيع تابعة لعلامات تجارية كبرى، افتتحت نشاطها بإعلان تخفيضات في الأسعار، وصلت حتى 50 في المائة، كاشفة بذلك عن استعداد الجزائريين للإنفاق بسخاء على شراء قطع ملابس و إكسسوارات تتعدى أسعارها بعد احتساب قيمة الخصم 7000دج.
"المول بارك" الذي يعد الأول  من نوعه و الأضخم بالشرق الجزائري، دخل حيز الخدمة الخميس الماضي، و جاء بهدف تغيير الثقافة التقليدية للتسوق في الجزائر، القائمة على الأسواق الشعبية و نقاط البيع الفوضوية و العشوائية التي تغذي السوق السوداء، و إعطائها طابعا حديثا، إلا أن غياب التنظيم و تأخر فتح جزء كبير من المرافق و الخدمات التي تضمنها المركز التجاري الضخم خلف حالة من الفوضى، إذ اقتصر النشاط التجاري الفعلي على قاعة الألعاب وبعض الفضاءات الترفيهية، فضلا عن عدد من محلات الألبسة و العطور و الساعات لا يتجاوز عددها 15 محلا، من أصل 90 موزعة على باقي الطوابق. كما أن محلات بيع الأطعمة أيضا لا تزال مغلقة، و كذا فضاءات التسوق "إينو سطيف"، أما الخدمات البنكية و السحب الآلي للأموال، فلا تزال منعدمة إلى حد الآن.

الضغط الكبير الذي عرفه المجمع خلال اليوم الثاني من نشاطه، انعكس على وجه مدينة سطيف عموما، التي عرفت اختناقا مروريا كبيرا على مستوى مختلف منافذها، و اكتسبت صورة غير حضارية روج لها نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فنشروا منذ افتتاح المركز التجاري شريطا مصورا، يظهر زوار المجمع وهم يواجهون صعوبات في استخدام السلالم المتحركة، إذ تجاوز عدد المشاهدات  4 آلاف مشاهدة عبر فايسبوك و يوتيوب، وهو ما دفع بإدارة المجمع التجاري إلى وقف عمل السلالم و قطع التيار عنها، لتجنب المزيد من حوادث السقوط، غير أن الأمر انعكس سلبا على واقع استخدام المصاعد التي تحول الضغط نحوها و أصبح الوصول إلى أبوابها، يتطلب نصف ساعة من التدافع و الانتظار. و كشف جوزيف رزق مدير "بارك مول سطيف"، بأن الحضور فاق كل التوقعات، مضيفا في تصريح للنصر "لقد استضفنا قرابة 70 ألف زائر في اليوم الأول وإلى غاية منتصف نهار أمس بلغ العدد قرابة 30 ألف زائر من كل مناطق الوطن، تشرفنا بهذا الكم الكبير وكان يستحيل علينا التحكم في الأوضاع، و رغم ذلك فإن كل الأمور سارت على أحسن ما يرام.
و توقع المسؤول أن تتضاعف أعداد الزائرين في الأيام المقبلة مع فتح المركز التجاري "أونو" وبقية المحلات التجارية".

نور الهدى طابي

الرجوع إلى الأعلى