الدرامـــا الجزائريـــة  وقعـــت في الإسفاف و الانتاج طريقــة لتقــاسم الأمـــوال
انتقدت الممثلة الجزائرية المعروفة ريم تاكوشت الدراما الجزائرية وقالت أنها تعاني من  أزمة اغتراب عن الحياة الواقعية التي يعيشها الجزائريون، ودعت إلى إعادة النظر في أعمالنا التلفزيونية و مراجعتها لأنها أضحت تتسم بالمبالغة في جرأتها و خروجها عن خصوصية المشاهد الجزائري، وسجلت حالة من التقليد للمسلسلات التركية. ريم تاكوشت التي حضرت مؤخرا إلى مدينة قسنطينة من أجل تقديم عملها المونودرامي «سواد في الأمل» تحدثت عن ضرورة التوجه نحو الاحترافية في العملية الإنتاجية، وترى أنه لا بد من وجود رقابة ولجنة قراءة للنصوص. كما تحدثت، في حوار خصت به النصر عن   نظرتها لنقابة الفنانين وطريقة انتخابها.

حاورها: حمزة دايلي

النصر: قدمت الكثير من الأدوار التي أثرت على المشاهدين،  أبكيتهم أحيانا وأسعدتهم في أحيان أخرى، ما سر تعلق الجمهور بك ؟
ـ ريم تاكوشت: أميل إلى الأدوار المركبة و أعتبر نفسي  من الممثلات الناجحات في مثل هذه الأدوار. لا أحب كثيرا الأدوار البسيطة، ففي الدور المركب يمكن إظهار قدرات الممثل و يمكنه أن يجذب الاهتمام، عبر تقمصه لشخصيات قد تكون متناقضة أو مرضية متسلطة.

أصابنا هوس تقليد  الدراما التركية

. في الدراما الجزائرية هناك ممثلات يظهرن ثم يغبن عن التلفزيون نهائيا، ما هو السبب حسب رأيك؟
ـ الحكم على أي ممثل، يكون من خلال العمل الميداني و مدى نجاح الأدوار التي قام بها في جذب المشاهدين. في التمثيل لا يوجد مكان للمجاملة و إنما علينا أن نصارح أنفسنا و نجيب على هذا السؤال: «هل أنا ممثلة أو لست ممثلة؟»، بعيدا عن الشهادات التي يمكن تعليقها في أي مكان، فالميدان هو الحكم حقيقي ولا يظلم فيه أحد.
ليس من السهل على الفنان أن يوفق في السينما و التلفزيون والمسرح، لكن ذلك راجع للتوفيق من الله و حب المهنة والإخلاص فيها، إن التمثيل له علاقة وطيدة بمدى شغف الفنان بهذه المهنة و مدى حبه لها. مع العلم بأن لكل ميدان خصوصيته وجمهوره، فالتلفزيون لا يعطيك الحق في الخطأ، لأنه يمثل عادات البلد و صورته.

العمل الدرامي والسينمائي أصبح يورث

-هناك دعوات من أجل تحرير الدراما الجزائرية من الجمود و طرق أبواب الانفتاح ما رأيك ؟
ـ حين يدخل مسلسل تلفزيوني إلى البيوت، عليه أن يؤدي مهام المربي و يقوم بالتوعية، و لا يمكننا عمل سيناريو من أجل عمل سيناريو،هذا ما وقعت فيه الدراما الجزائرية مؤخرا.
أرى أن الدراما الجزائرية وقعت في فخ الإسفاف و الجرأة المبالغ فيها، حيث مرت بعض المشاهد في رمضان الماضي، جعلت إحدى الممثلات تخجل و ترفض مشاهدتها، لما فيها من مبالغة في وصف أمور لا يمكن مشاهدتها في نطاق العائلة.
التمثيل موهبة بالدرجة الأولى، يمكن للفنان أن يتكون و يدرس الفن، لكن الموهبة مهمة جدا وهي في الأصل هبة من عند الله، فأنا دخلت عالم التمثيل وأنا صغيرة.
هل تعتقدين بأن النص الدرامي الجزائري ارتقى إلى المستوى المطلوب؟
ـ هناك نقص في طريقة إعداد المسلسلات الدرامية، فعدم معالجة النصوص قبل إنتاجها، ساهم في ظهور أعمال تلفزيونية لا تتقبل خصوصية المشاهد الجزائرية و تركيبته النفسية، من المفروض قبل مرور مسلسل تلفزيوني لمرحلة البث و المشاهدة، يمر على لجنة مشاهدة تقدم ملاحظاتها على العمل و تقيم مدى انسجامه مع العادات الجزائرية وتمنع الأشياء الفاضحة من المرور عبر  التلفزيون الجزائري . لو مرت مسلسلات رمضان الماضي على مثل هذه اللجان و سمحت بمثل تلك المشاهد، فإن الممثلة ستقول بأن اللجنة ليست لها علاقة بعملها، أو لا تمتلك رؤية درامية و أبعادا فنية للحكم على الأعمال التلفزيونية.

الإنتاج طريقة لتقاسم المال

. هل الدراما الجزائرية أصبحت حقا لا تحترم المشاهد الجزائري و خصوصيته؟
ـ الدراما الجزائرية وقعت في نفس المستنقع الذي كانت فيه الدراما المصرية، كنا نعيب على المصريين من قبل، عدم تمثيلهم لمجتمعهم و عدم التعبير عن مشاكله الحقيقية، و هو نفس النسق الذي اتجهت فيه الدراما الجزائرية منذ سنوات، إذ أن هناك مسلسلات يتم تصويرها في بيوت فخمة جدا تضم أثاثا فاخرا و يرتدي الممثلون نوعية من الأزياء لا تعكس الملابس التي يرتديها عادة الجزائريون. هذه الأمور و غيرها، جعلت الدراما الجزائرية تتحدث عن مشاكل لا تعني الجزائريين ولا ترتبط بهم و كأنها تعيش قطيعة مع الجمهور.
في أعمالنا الأخيرة أصابنا هوس تقليد الدراما التركية، حيث أن جل الأعمال أصبحت تدور أحداثها داخل فيلات ضخمة جدا و فخمة ، الأمر الذي انعكس على القيمة التثقيفية للدراما التي تم إهمالها، بسبب التركيز على تقليد ثقافات أخرى دون التركيز على خصوصية المشاهد الجزائرية و التعبير عن حياته اليومية، عبر أعمال تلفزيونية تهمه و يرى نفسه فيها وهذا للأسف لم نعد نلمسه.
الشخصية الجزائرية لها مميزاتها وتركيبتها المتميزة ، فالدراما التي لا تعكس محيطها وتحاول مناقشته، هي دراما عرجاء و ناقصة و يجب إعادة النظر في طريقة إنتاجها. أتمنى أن تعالج هذه الظاهرة في أقرب وقت.
. تشهد الساحة الفنية تزايدا كبيرا في أعداد الممثلين و الممثلات هل هذه الظاهرة صحية؟
ـ ظهور فنانين كثيرين  في الدراما الجزائرية أثر على مردوديتها فالموجة الجديدة  تتميز بالاعتباطية لقد أضحى من هب ودب يقول أنا فنان، و هو ما سبب أزمة حقيقية في الجزائر، لقد أصبح  المنتجون يرفضون التعامل مع الممثلات والممثلين المعرفين أو المحترفين و يستقدمون ممثلين غير متخصصين من كل الأماكن ويعطونهم أجرة زهيدة جدا.

أموال طائلة تصرف على مسلسلات دون مستوى

في العقود الماضية كانت الفنانة تعاني من نظرة المجتمع السيئة. كانت من تذهب إلى عالم الفن تؤمن به وتسعى لأن تنجح بعملها وإخلاصها وحبها لمهنتها، تعاني كثيرا.
حاليا تغيرت الظروف وأصبح الأب الجزائري أو حتى المجتمع يقبل أن تمثل الفتاة من أجل المال، في حين تقلص عدد القادمين إلى مجال التمثيل عن حب و شغف. أصبحت المسلسلات الجزائرية عمليات حسابية تحدد فيها نسبة الأرباح و كمية الأموال التي دخلت للأرصدة.
. يتم اختيار الممثلات من الجامعات بمعيار الجمال و أحيانا لا يتم المرور على مرحلة الكاستينغ، هل الجمال كاف لاختيار الممثلة ؟
ـ يتم الاستعانة في الغالب بممثلات دون الأخذ بعين الاعتبار معايير فنية، قد يتم اختيارهن من أجل الجمال أو لاعتبارات أخرى، في حين يتم تهميش الممثلات المحترفات لأنهن يعرفن حقوقهن المادية ولا يسمحن لأحد بأن يستغلهن. المحترفة تعرف قواعد اللعبة في عالم التمثيل، و ترفض التعامل مع مخرجين مزيفين صعدوا بطرق ملتوية، لأنها تعاملت مع مخرجين محترفين يحترمون العمل السينمائي.
. هل المنتج  شريك في ذلك ؟
ـ يتم اختيار الممثلات دون الأخذ بعين الاعتبار، معايير الخبرة و التمثيل، حيث أصبحت لا أستغرب وجود مسلسل تلفزيوني لمنتج أعطى دور البطولة لأخته، و وزع الأدوار الأخرى على عائلته و أصدقائه و أقاربه البعيدين، كأن العمل الدرامي أو السينمائي، أصبح يشبه الملكية التي تورث للأبناء و لهم الأحقية فيها. هذه الظواهر و أخرى أثرت على المردودية الفنية في الجزائر وأحبطت الممثل المحترف.

البيوت الفخمة و الأزياء في الدراما لا تعكس صورة الجزائري

. ما هو السبب الحقيقي وراء هذا التقهقر ؟
ـ غياب الرقابة الفنية عن الأعمال الجزائرية، جعلها تصدر بنوعية غير مشرفة و هي في الأخير ليست أعمالا تلفزيونية حقيقة، و إنما هي طريقة لتقاسم المال و توزيعه على الممثلين و منتجي الفيلم. أضف إلى ذلك، غياب النقاد و تكاسلهم عن إبداء آرائهم الفنية. بكل صراحة الكثير من الأعمال الأخيرة، من المفروض أن نواجه أصحابها و نخبرهم بمدى رداءتها ، و عدم القيام بذلك ساهم في غياب المحاسبة الفنية وحتى المالية، إنني أتساءل كيف تصرف الأموال الطائلة على مسلسلات دون المستوى؟
يجب أن نصارح أنفسنا، فلا يمكن الاستمرار بنفس هذه الطريقة في العمل، لأن الزمن تجاوزنا وعليه، يجب علينا أن نؤمن بدور القطاع الخاص في الإنتاج الفني والدرامي، حيث أن الخواص لا يمكنهم المراهنة على هواة في أعمال لا تجلب لهم ربحا ماديا و لا يمكن عرضها في القنوات التلفزيونية، لأنها لن تقبل في الأصل إذا كانت غير جيدة. لهذا سيتم الاعتماد على سيناريو مدروس و العملية الإنتاجية برمتها ستعتمد على المحترفين.
 . شاركت في أعمال سينمائية ذات إنتاج مشترك و أصبحت لديك سمعة دولية و تتعاملين مع ممثلين من الخارج ؟
ـ عانيت كثيرا من كتاب السيناريو المزيفين و المخرجين غير المتمكنين، و في مرات كثيرة كنت أرفض العروض التي قدمت إلي، لأنني أرفض العمل من أجل العمل.
أنا معجبة بطبيعة العمل السينمائي ذي الإنتاج المشترك، حيث أن هذه التجربة التي خضتها  في كثير من الأفلام جعلتني أعمل في جو مليء بالاحترام و الاحترافية ، لهذا لم أعد أستطيع قبول المشاركة في أي عمل. في رصيدي تجارب لا تسمح لي بأن أعمل مع منتجين غير محترفين.

انتخابات نقابة الفنانين شبيهة بعرس بدوي

 - لديك بطاقة فنان، لكنك من الأشخاص الذين عبروا عن غضبهم من نقابة الفنانين التي أنتخب أعضاؤها مؤخرا ؟
ـ نقابة الفنانين التي نصبت مؤخرا في مدينة الجلفة وضع على رأسها الشيخ عطا الله. أنا لم أكن أعرفه، لأنني لم أشاهد أعمالا تلفزيونية أو سينمائية له، ليكون رئيسا لنقابة تمثل الفنانين. أعيب على المنظمين الطريقة التي تم بها هذا اللقاء الذي كان شبيها بعرس بدوي في مدينة الجلفة و نظم في قاعة للأعراس، كل هذا أصابني بالدهشة من الوضعية التي وصل إليها الفنان في الجزائر. يجب على الفنانين أن ينظموا أنفسهم و عدم السماح لمن هم خارج الميدان بأن يمثلوهم و يتحدثوا باسمهم، صراحة أنا لم أتفاجأ بحضور أناس غير معنيين بالفن في حفل تنصيب النقابة بالجلفة، فمن كانوا هناك أتوا من أجل مكاسب مالية و امتيازات و ليس من أجل الدفاع عن حقوق الفنانين الجزائريين.

الرجوع إلى الأعلى