مشاريـع الـترميـم لـم تسلـم بسبـب نـقص الخـبرة و غيـاب الإدارة الـناجـعة
قدمت نائبة عميد جامعة قسنطينة 3، و أستاذة الهندسة الدكتورة سعاد ساسي بودماغ، أمس بقصر الثقافة محمد العيد آل خليفة بقسنطينة، في إطار فعاليات شهر التراث، محاضرة حول القيمة الاقتصادية للتراث الثقافي، تطرقت خلالها إلى واقع مشاريع الترميم الخاصة بالتراث المادي المحفوظ بقسنطينة، و التي كان من المفترض أن يسلم جزء هام منها، تزامنا مع اختتام عاصمة الثقافة العربية، لكنها تأخرت عن الموعد بسبب غياب إدارة ناجعة للمشاريع.
و قالت المهندسة، بأن مشاريع ترميم المدينة القديمة « السويقة» ،و كذا أهم مساجد قسنطينة، اصطدمت بواقع ضعف الخبرة المتخصصة، باعتبار أنه، ووفقا للشروط التي وضعت لتنظيم عملية التوظيف، فإن 18 بالمائة فقط من اليد العاملة المتوفرة في هذا المجال، تملك معياري التخصص و الكفاءة، كما أن عدم الاعتماد على المكتسبات البشرية لتظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية في مجال الترميم، لأسباب لوجيستيكية تتعلق بتنقل الأفراد، كان له تأثير بارز على صيرورة الأعمال، فضلا عن غياب جملة من العوامل في مقدمتها الإدارة الدقيقة و الممنهجة للمشاريع و ضعف الاتصال بين مختلف الأطراف المتدخلة في عملية الترميم، وذلك بناء على ما خلصت إليه مجموعة من الدراسات الميدانية التي أعدها طلبة الهندسة المعمارية في إطار التحضيرات الخاصة بمذكرات التخرج و كان محورها الرئيسي مشاريع الترميم.
  المحاضرة اعتبرت بأن تأخر استلام المشاريع، وفقا للبرنامج الزمني الذي سطر لها عند انطلاقها سنة 2013، لا يعني بأي شكل من الأشكال فشل هذه المشاريع، بقدر ما يوفر فرصة لتدارك النقائص المسجلة على مستوى الورشات و التي وجدت كنتيجة لضيق الوقت و ضعف خبرة اليد العاملة. و يطرح مشروع ترميم التراث الثقافي، كواحد من بين أكبر التحديات التي تواجه المختصين في المجال، لاعتبارات عديدة أهمها طبيعة و خصوصية الموقع الجغرافي لقسنطينة الصخرة، فضلا عن نسيجها العمراني المتداخل و الهش نوعا ما، لذلك وجب على الجهات المسؤولة عن متابعة برنامج الترميم، أن تضبط مخططا دقيقا و شاملا لضمان إدارة أفضل للمشاريع، بما يتضمن تدارك العديد من النقائص الميدانية، على غرار ضبط سياسة اتصال تشمل كافة الأطراف الفاعلة في المشروع، بما في ذلك سكان البنايات القديمة الذين تم تجاهلهم، و أيضا إيجاد قاعدة للاتفاق مع تجار المدينة الذين طرح مشكل تعويضهم كعائق رئيسي، بسبب مشكل السجلات التجارية، فضلا عن ذلك لابد من تحديد المساحات التي من شأنها تسهيل عملية التنقل نحو المواقع و توفير إمكانية إخلائها عند الحاجة. من جهة ثانية، أشارت المهندسة إلى أن عملية الترميم لم تأخذ بعين الاعتبار احتمالات مواجهة بعض المخاطر المتعلقة، بتعطل منح الرخص و المستجدات الفجائية غير المتوقعة على مستوى مواقع الأشغال، كما أنها لم تضع تقييما ماليا شاملا و دقيقا لأعباء العملية على وجه العموم، مع إدراج كل الاحتمالات المتوقعة ، تماما كما لم يتم تحيين الدراسات التقنية المتوفرة و مواكبتها للمعطيات الحديثة للمواقع و البنيات و حتى شبكات التهيئة.
الدكتورة سعاد بودماغ، خلصت إلى القول بأن الاعتماد على المعطيات العملية التي تتوفر عليها الدراسات الميدانية التي أعدها الجامعيون، من شأنها أن تقدم نماذج مستقبلية عن آليات إدارة المشاريع في مجال استرجاع و ترميم التراث الثقافي، بشكل يسمح بتلافي الوقوع في نفس النقائص و المعوقات مستقبلا.
نور الهدى طابي 

الرجوع إلى الأعلى