أصبح الطب البديل حلا مثاليا بالنسبة للعديد من السيدات الراغبات في الحمل و الإنجاب ، اللواتي سئمن من الأدوية و التحاليل و بلغت بهن درجات اليأس الى القبول بأي حل يقترحه عليهن شخص قريب أو غريب، مهما تطلب من جهد أو مال، ورغم تطور الطب و توفر حلول عديدة كأطفال الأنابيب و التلقيح الاصطناعي، إلا أن التكلفة العالية لهذه العمليات و نسبة فشلها، دفع بالكثيرات إلى اللجوء للأعشاب الطبية و التدليك بالزيوت.. وصفات قديمة حولتها سيدات إلى مجال تخصص فاشتهرن وأصبح الحصول على موعد لدى إحداهن يتطلب وقتا و وساطة في بعض الأحيان.
معالجات ينافسن أطباء في الشهرة
بقسنطينة تنافس سيدتان معالجتان الأولى بوسط المدينة والثانية ببلدية ديدوش مراد، أشهر الأطباء على النساء الراغبات في الإنجاب، فقد ذاع صيتهن في السنتين الأخيرتين و أصبح الحصول على خدمات إحداهن يتطلب موعدا مسبقا، الأولى وهي سيدة في عقدها الرابع حولت منزلها الواقع بأحد أحياء وسط المدينة إلى عيادة لاستقبال المريضات من مختلف ولايات الوطن وليس فقط قسنطينة كما أخبرتنا خلال زيارتنا لها، موضحة بأن زبوناتها سيدات من مختلف المستويات الثقافية والاجتماعية فبينهن الماكثات في البيت والموظفات و حتى الطبيبات على حد قولها، وهو ما تأكدنا منه طيلة فترة مكوثنا عندها إذ لاحظنا إقبالا معتبرا عليها من سيدات غالبيتهن مثقفات وهو ما لمسناه خلال حديثنا إلى بعضهن حول مدى نجاعة العلاج التقليدي الذي وصفنه بأنه مريح و سحري نظرا لتجارب معارفهن السابقة.
وحسب المتحدثة فإن خلطاتها مجربة و مثبتة، وإن لم تنفع فلن تضر كما أكدت، لأنها مستمدة من صيدلية الجدات و كل مكوناتها معروفة النتائج، كما أنها تدرك جيدا خصائص كل عشبة، أو زيت تصفه لإحدى زبوناتها، وهي أعشاب قالت بأن بعضها محلي لكن بعضها مغربي وهندي وحتى صيني، تحصل عليها عموما من عطار توصيه في كل مرة بتوفير ما تحتاجه، و كذلك الأمر بالنسبة للزيوت التي منها ما هو هندي و مصري و أخرى من مكة كما عبرت.
محدثتنا أوضحت بأن ما تطبقه من علاج تعلمته من والدتها التي ورثته عن إحدى خالاتها، علما أنه علاج معقد و ليس في متناول الجميع، وأي خطأ في تعاطي  عشبة معينة في غير وقتها قد يؤدي لنتائج عكسية، لذلك فيتوجب على الراغبة في الحمل أن تصف وضعها بالكامل و بالتدقيق قبل أن تحصل على وصفتها.
أما طبيعة الحالات التي عالجتها  فقالت المتحدثة بأن أغلبها كانت ميؤوسة، أكد الأطباء لصاحباتها بأنهن عقيمات و لن يتمكن من الإنجاب لكنهن شفين بفضل العلاج التقليدي لأن فيه «  البركة» كما عبرت بعدما ذكرت لنا أسماء بعض أشهر أطباء النساء بقسنطينة الذين سبق لزبوناتها أن عالجن لديهم لسنوات دون نتيجة، وحسب المعالجة فان الحالات الشائعة عموما تتعلق بضربات البرد و التكيسات و الرحم الدافئ الذي يؤدي للإجهاض المتكرر، و كذا حالات «الربط و الخلعة»، ولكل حالة حسبها، علاج يرتبط بأعشاب معينة و مدة زمنية محددة. أما عن سعر العلاج فقالت المتحدثة بأنها لا تطلب أكثر من تكلفة الأعشاب و الزيوت التي يصل سعر بعضها أحيانا الى 5000دج.  
وصفات دقيقة تحتكم لجرعات و مواقيت محددة
لا تختلف طريقة تقديم هذه الوصفات العلاجية كثيرا عن الوصفات الطبية المتخصصة، فحسب المعالجة يتم تحديد مكونات الوصفة بحسب برنامج الدورة الشهرية للسيدة و وفق عملية حسابية دقيقة تنطلق عادة من ثالث يوم إلى ثامن يوم أو حتى اليوم 21من الدورة و يراعى خلالها الوزن و السن. أما العلاج، فيكون عموما عبارة عن منقوع بعض الأعشاب، بالإضافة إلى تحميلات وكمادات تصنع أيضا من الأعشاب التي قد يتم تبخيرها في حالات معينة، أما الاستعمال فيحدد بشكل حذر وبجرعات و مواقيت دقيقة، وهو نفس الإجراء الذي يتخذ إذا ما تطلبت الحالة علاجا بالتدليك و الزيوت، فالأمر لا يتم بشكل فوضوي بل وفق حسابات مسبقة وفق ما إستقيناه من سيدات تابعن العلاج .
و لعل أشهر الخلطات هي خلطة الماء و  الخزامى ، القرنفل و عيدان الفيجل، بالإضافة لنجمة الأرض و «الهبالة» و «حب الهيل»، و ذلك لكونها أسهل و أبسط الخلطات،  مكوناتها محلية و معروفة، و تستخدم هذه الخلطة عادة للتخلص من التصلب الناجم عن « البرودة»، كما نقول بالعامية.
وهنالك  خلطات أخرى تستخدم لأعقد الحالات أو لحالات معينة دون غيرها، تكون أعشابها أقل شهرة كـ»البرطاقوش» و عشبة مريم المعروفة بـ  «الميرامية»  والتي تفيد  لعلاج التكيس،  و تنشيط البويضات، كما أن هنالك أعشاب أخرى مفيدة للعقم كعشبة قش الشوفان و زهور البرسيم الأحمر، القرايص،  و وحيد القرن الكاذبة، و عشبة دونج كاي الصينية، أما الزيت فأفضلها هو زيت الزيتون ، الحبة السوداء وزيت  زهرة المساء.
خلطة التوائم و خطر الالتهابات
محدثتنا أوضحت بأن الطلب على خدماتها زاد في السنوات الأخيرة، وأن الكثيرات أكدن لها نجاعتها و فعاليتها، علما أن منهن من تقصدها ليس لغرض علاج العقم أو تأخر الحمل بل لإنجاب التوائم، و ذلك لوجود خلطة معينة تقدمها عادة لزبوناتها، تتكون من حشيشة الملاك والزعتر وجذور العرقسوس. الدكتورة خنفي نورة طبيبة عامة و مختصة في العلاج بالأعشاب، أوضحت بأن هذا النوع من العلاج موجود فعليا لكنه يتطلب دراسة معمقة لخصائص الأعشاب و مدة صلاحية كل واحدة منها، لأن أي استغلال خاطئ لهذه المكونات قد يأتي بنتائج وخيمة على الصحة حتى وإن كان الأمر يتعلق بأعشاب طبيعية فقد يكون بعضها ساما أو ضارا إذا ما تم مزجه بعشبة أخرى أو زيت معين. و تضيف المختصة بأن الخطورة تكمن في طريقة استعمال هذه الزيوت و الأعشاب و تطبيقها يدويا على مناطق في الجسم هي جد حساسة ما قد يسبب التهابات خطيرة قد تؤدي بدورها الى العقم. نفس الأمر أكدته أخصائية أمراض النساء و الولادة،  مونية.ر  مشيرة إلى أن العديد من المريضات تعرضن لمضاعفات صحية كبيرة ناجمة عن تطبيق خاطئ للعلاج التقليدي الذي يعد ضعيف النتائج، لكن «المعتقد الشعبي و بساطة عقول بعض النساء هو ما يروج له على حساب الطب» ، مضيفة بأن هذا العلاج إن لم يتم بطريقة سليمة تحترم شروط النظافة و الصحة قد يسبب التهابات خطيرة تؤدي إلى العقم، كما إن الإفراط في تناول بعض الأعشاب يؤدي إلى اختلالات في عمل الهرمونات قد تعقد من وضعية المرأة و تضعف حظوظها في الحمل.
نور الهدى طابي

الرجوع إلى الأعلى