معلم تاريخي و سياحي يحاكي قمم الأوراس
إلى أقصى غرب ولاية قالمة و على ارتفاع يفوق الألف متر فوق سطح البحر تنتصب قمة حجر شواف الشهيرة، وسط غابات الزان و الفلين الكثيفة، في مشهد نادر يجمع بين سحر الطبيعة و تاريخ بعيد يروي قصصا من ليل الاستعمار الطويل و الثورة المقدسة التي اتخذت من جبال بوعربيد، بني عمران، طاية و القرار و كاف ونار معقلا لها بعمق الولاية التاريخية الثانية، أين تتواجد القمة الصخرية الحادة التي ظلت شاهدة على حضارات عريقة مرت من هنا و نضال شعب أعزل اتخذ من الجبال الصخرية و الغابات و الكهوف ملاذا يحتمي فيه من ظلم الاستعمار و ترسانته الحربية الرهيبة و منطلقا لمسيرة التحرير التي أعادت الأرض لأهلها.
اكتشفت قوات الاحتلال الفرنسي الأهمية الإستراتيجية لقمة حجر شواف التي تطل اليوم على ثلاث ولايات هي قسنطينة، سكيكدة و قالمة و حولتها إلى برج مراقبة يغطي مساحة واسعة من إقليم الولاية التاريخية الثانية، منه ترصد تحركات الثوار و تضيق الخناق على سكان الإقليم، تمنعهم من الرعي وسط الغابات الكثيفة و تحرمهم من الخشب الذي يعد المصدر الرئيسي للوقود و بناء المساكن الريفية التقليدية.
قمة صخرية شاهقة تحاكي قمم الأوراس و لا تكاد تختلف عنها في التاريخ البعيد و الثورة الخالدة و الجغرافيا و الجمال و الطبيعة العذراء التي لم تمسسها يد البشر بسوء، ظل هذا الكنز على كل لسان و تحول بمرور الزمن إلى معلم تاريخي و هبته الطبيعة لسكان المنطقة الذين استعملوه في مواجهة جيش الاحتلال و رصد حرائق الغابات، و حولوه أيضا إلى موقع سياحي طبيعي ساحر يطل على سواحل البحر الأبيض المتوسط و فضاء أخضر واسع يعد من أجمل الغابات بالشرق الجزائري و منطقة الشمال القسنطيني. و قد وضعت قوات الاحتلال سلالم حديدية تصل إلى قمة حجر شواف و أنشأت برج مراقبة ظل محور صراع بينها و بين وحدات جيش التحرير التي تمكنت من السيطرة عليه، عندما تحول الإقليم إلى منطقة محرمة و اتخذت منه موقعا لحراس الثورة الذين كانوا يرصدون تحركات العدو ليلا و نهارا من هذه القمة التي فقدت أهميتها بعد الاستقلال و تحولت إلى مجرد قصة تاريخية يسترجعها السكان القدامى عندما يتذكرون حرب التحرير.
اليوم عاد الاهتمام بحجر شواف بعد انفراج الوضع الأمني و تعبيد الطرقات المؤدية إلى الإقليم الجبلي المعروف أيضا بإقليم الإسكيمو، أين يعمر الشتاء طويلا و تطبق الثلوج على السكان بثاني أعلى القمم بقالمة بعد مرتفعات ماونة، و انطلقت عدة رحلات منظمة بقيادة جمعيات محلية و هواة الطبيعة القادمين من مختلف ولايات الوطن لإعادة استكشاف حجر شواف و تمكين الأجيال الجديدة من معرفة تاريخ المنطقة و معلمها الطبيعية النادرة.
الطريق إلى المزار التاريخي صعب و شاق، فالموقع بعيد عن الطريق المعبد و على الزوار أن يقطعوا مسافة كيلومترين تقريبا، عبر مسالك صعبة و غابات فلين كثيفة، قبل أن يصلوا إلى مرتفع تنتصب فوقه أعلى قمة بالإقليم الغربي.
يقوم المنظمون للرحلات بمساعدة الزوار على تسلق القمة باستعمال سلم حديدي عمره نحو مائة عام، و هو مثبت بإحكام على الصخر الكبير و ينتهي بسياج معدني يحمي الزوار من السقوط عندما يصلون إلى القمة، للاستمتاع بالمناظر الطبيعية على امتداد البصر و التقاط صور تذكارية مع الأصدقاء و أفراد العائلة أحيانا، حيث تتميز الرحلات إلى المنطقة بالطابع الجماعي و العائلي في أغلب الأحيان، خاصة في فصل الربيع، الموسم المناسب للسياحة الجبلية و رياضة المشي في الوسط الطبيعي. و سمح النشاط المكثف لجمعية غار الجماعة بقالمة و وسائط التواصل الجديدة و الرحلات المستمرة إلى القمة العالية، برواج صورة حجر شواف على نطاق واسع و ارتفاع عدد الزوار من هواة الطبيعة و الاستكشاف و المغامرة فوق القمم الصخرية الحادة.
و تعمل فرق الدرك الوطني و الغابات على تأمين الموقع و وفود السياح و مساعدتهم على الوصول إلى القمة، و تقديم الشروحات الوافية لهم حول تاريخ حجر شواف، و مكانتها السياحية و كيفية المحافظة على الطبيعة و بعث السياحة الطبيعية التي يعول عليها كثيرا لدعم القطاع الذي ظل رهينة بعض المواقع الأثرية
و المنتجعات الحموية المغلقة.
فريد.غ
حجر شواف بقالمة
- التفاصيل
-
2500 سائح من 5 قـارات زاروها في شهرين: قسنطينة تعيش ربيعها السياحي
تستعيد قسنطينة بريقها و تستقطب السياح بشكل مكثف في السنوات الأخيرة، ما يضعها في مقدمة الوجهات الثقافية...
عناية بحيوانات منزلية وتطوّع لعلاج أخرى مشرّدة: الرعاية الصحية للقطط ضرورة لتجنّب الأوبئة
يعرف الاهتمام بالرعاية الصحية للحيوانات تزايدا منذ الجائحة كما يؤكده بياطرة، قالوا إن المربين صاروا...
تنافس بقوة وتفرض إنتاجا مختلفا: هل ستنهــــي منصــات البــث التدفقــي زمن التلفـــاز؟
استثمرت منصات رقمية للبث التدفقي بقوة في عادات التلقي الجديدة التي شكلتها التكنولوجيا الحديثة، وذلك طوال...
موسم جديد ينطلق بقسنطينة: تقطير الورد والزهر يدخل دائرة الأنشطة الاقتصادية
تتعطر مدينة الصخر العتيق هذه الأيام، بنسائم الزهر والورد، الذي يفوح عبقه من بيوت ألف أهلها عادة التقطير، التي ظهرت...
تستقطب زبائن من دول مجاورة ولا تنام قبيل الأعياد: علي منجلي تتحوّل إلى عاصمة للتسوّق بالشرق الجزائري
أصبحت المقاطعة الإدارية علي منجلي في قسنطينة، عاصمة للتسوّق في الشرق الجزائري، بعد نجاحها في جذب...
أغنية "من زينو نهار اليوم" للراحل عبد الكريم دالي : نشيــد الفـــرح الخالــد في عيــد الجزائرييـــن
تشكل أغنية "من زينو نهار اليوم صحة عيدكم" للراحل عبد الكريم دالي، رمزا من رموز الهوية الموسيقية الجزائرية و الموسيقى...
تقليد مكرّس بقرى جبال جيجل: “لوزيعــة” عــادة الأجـداد لاستقبال الشهـر الفضيل
تحافظ العديد من العائلات القاطنة بأعالي جبال جيجل، على عادة "لوزيعة" قبل حلول شهر رمضان الفضيل،...
مختصون يحذّرون من العزلة الاجتماعية: إشراك كبار السن في الأنشطة اليومية مهم لصحتهم النفسية والجسدية
تعاني شريحة من كبار السن عزلة اجتماعية، ونوعا من الوحدة والتهميش، إذ يميل أشخاص إلى التعامل مع...
انتعاش تجــارة الألـوان والنكهات قبيل رمضان: سيّـدات يقتحمن سوق التوابل وتحـذيـرات من الــغش
تعرف تجارة التوابل والأعشاب خلال الأيام الأخيرة انتعاشا كبيرا، وإقبالا قياسيا على مختلف محلات...
بين الحــاجة الشخصية والمشاريع المصغّرة: إقبال على ورشات تعلم المملحات
تسجل دورات تعليم مختلف أنواع المأكولات الخاصة بشهر رمضان كالمملحات والمعسلات وكذا «الخطفة» أو...
<< < 1 2 3 4 5 > >> (5)