"أويد أيلي" تقليد قديم يحييه سكان قرى تيزي وزو
يستقبل سكان قرى تيزي وزو عيد الفطر المبارك من كل سنة بعادة قديمة متوارثة أبا عن جد يحييها الأطفال الصغار الذين يخرجون إلى أزقة القرى بعد منتصف الليل في آخر يوم من شهر رمضان و هم يرددون الأغاني و الأهازيج لمطالبة العائلات بنصيبهم، مما أعدوه من حلويات و مقبلات و مكسرات و بيض بالمناسبة  و تعرف هذه العادة باسم  «أويد أيلى» بمعنى «أعطيني حقي» و تعود كل سنة إلى المنطقة و معها مظاهر تكريس صلة الرحم و التآزر بين العائلات.بعد إعلان موعد عيد الفطر في السهرة، تستعد العائلات التي غادرت  القرى نحو المدن البعيدة للعودة إلى مسقط رأسها في الليل وسط تضاريس جبلية وعرة، خاصة بالنسبة للقاطنين بمرتفعات قرية «ثسافث أوقمون» ببلدية إيبودرارن في دائرة آث يني ، و ذلك من أجل تمكين أبنائهم من المشاركة في تجسيد هذه العادة الجميلة مع بقية أبناء قريتهم،ما يعكس تمسك هذه العائلات بعادات الأجداد في استقبال عيد الفطر و مختلف المناسبات الدينية الأخرى.  كما يعود المغتربون  مع أطفالهم إلى القرية خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان، من أجل قضاء عيد الفطر بين أحضان الأهل و الجيران و الأحباب و الاستمتاع بتلك الأجواء البهيجة التي يصنعها الأطفال الصغار في أزقة القرية.
و يبدأ الاحتفال بعادة «أويد أيلي « التي تحتل مكانة خاصة لدى الصغار و الكبار بعد منتصف الليل و تمتد إلى غاية الرابعة أو الخامسة صباحا ، بحيث يخرج جموع الأطفال ذكورا و إناثا إلى ساحة القرية محملين بالقفف، و يجوبون شوارعها باتجاه منازل الجيران و هم يرددون أهازيج مرتبطة بهذه العادة، فتخترق أصواتهم المرتفعة الأزقة و الدروب و يطرقون كل الأبواب الواحد تلو الآخر دون استثناء، و يطلبون من ساكنيها حقهم مما أعد للعيد من حلويات و مكسرات و مقبلات تقليدية و بيض و هناك عائلات تمنح لهؤلاء الأطفال بعض النقود، و يتنافس هؤلاء البراعم الصغار في ما بينهم في جمع الهدايا و النقود في تلك الليلة.
 و تقول السيدة «جوهر» إحدى قاطنات قرية «ثسافث أوقمون» أن هذه الليلة هي ليلة الأطفال بامتياز،  حيث يسمح لهم بالخروج و السهر خارج البيت ليلا طيلة شهر رمضان و حتى في باقي أيام السنة، و تعتبر ليلة عيد الفطر فرصتهم الوحيدة للخروج لإحياء طقوسهم التي اعتادوا عليها لاستقبال هذه المناسبة الدينية ، كما تعبر عن مظاهر ترفيهية و اجتماعية جميلة و تحافظ على روح التآخي و توطد أواصر التواصل بين الجميع، و عن طريق هؤلاء الأطفال الصغار يتصالح المتخاصمون من أبناء القرية و تعود المياه إلى مجاريها، لأن أبناءهم يدخلون إلى جميع بيوت الجيران والأقارب و تتذوق كل عائلة ما أعدته العائلة الأخرى للعيد.
و تضيف محدثتنا أن الجميع يتسامحون قبل عيد الفطر الذي يجب أن يحل على العائلات دون وجود أي خلافات بين أفرادها و  يتبادلون التهاني بهذه المناسبة الجميلة في أجواء من الفرح.
أما السيدة «أم الخير» فقالت بخصوص عادة «أويد أيلى» بأنها تتأهب لها بالتسوق خلال الأسبوع الأخير من شهر رمضان، من أجل اقتناء كل ما له صلة بهذه المناسبة من مكسرات و حلويات بكل أشكالها و هدايا نقدمها للأطفال عشية العيد التي تعتبر من أجمل الليالي في المنطقة، نظرا لأجواء الفرحة التي يصنعونها ، مؤكدة بأن هذا التقليد السنوي له خصوصياته، إذ يقوي صلة الرحم و يعزز العلاقات الاجتماعية بين الجيران و الأقارب بفضل الأطفال الصغار.
سامية إخليف

الرجوع إلى الأعلى