صور ومقتنيات تعيد إحياء نوستالجيا عيد  الزمن الجميل     
مع حلول كل مناسبة واحتفالية يسعى الجزائريون لتذكر الماضي ومقارنته بالحاضر، فكل جيل يفتخر بما كانت عليه العادات والتقاليد وما أصبحت عليه، ولعل عيد الفطر من بين المناسبات التي نسبح خلالها بذاكرتنا في أغوار الماضي، ونستذكر طرق وتقاليد الإحتفالية في نوستالجيا جميلة تهدف دائما لترسيخ تلك العادات في الأجيال الجديدة، للمحافظة على التراث والتاريخ الذي يصنع المستقبل.
بهذا الخصوص كانت للنصر دردشة مع عبد القادر كشيطي أحد هواة جمع الصور والأغراض التي تعيدنا إلى الزمن الجميل، و   الذي بالرغم من أنه لا يزال شابا، لكنه يعكف على جمع الصور والألعاب والأغاني وكل  ما يرمز للعادات والتقاليد المرتبطة بهذه المناسبات.
صور تؤرخ للحظة و  لعب لم يعد لها وجود
يؤرخ السيد عبد القادر كشيطي من وهران، لمظاهر الاحتفال بعيد الفطر المبارك بالجزائر، عن طريق عشرات الصور التي جمعها في إطار تجسيد هوايته المفضلة وهي جمع الأشياء القديمة، ومن خلال تلك الصور يرسم السيد كشيطي لوحة فنية لمختلف مظاهر الإحتفال بالعيد من ملابس وحلويات ولعب أطفال وغيرها من الأشياء التي تصنع نوستالجيا هذه المناسبة في ربوع الجزائر عامة و في وهران خاصة.
ومن الأمور التي فضل المتحدث التطرق لها هي «المصوراتيين» الذين كانوا يتموقعون في مختلف أرجاء المدينة قرب المعالم التاريخية والأماكن الجميلة لالتقاط الصور للأطفال وأوليائهم بألبسة العيد لتوقيف الزمن للحظة والتأريخ لها وبالتالي التأريخ لمنظومة مجتمع وعادات وتقاليد وغيرها من القيم الجميلة التي اختفت اليوم، فأصبح كل شخص يلتقط عشرات الصور في تلك اللحظة و بعضها لا يحمل معاني ودلالات توثيقية، بل مجرد صورة ملتقطة بأجهزة الهواتف النقالة.
 و أمام انعدام الإمكانيات، يلجأ السيد كشيطي لنشر تلك الصور على صفحات الفايسبوك ليستمتع بها رواد الفضاء الأزرق الذين سرعان ما يتناقلونها بينهم، خاصة الجيل الجديد الذين لا يعرفون شيئا عن الإحتفالية بالعيد في العقود الماضية.

فإلى جانب المصور الفوتوغرافي  الذي يكاد يختفي من وهران، اختفى مظهر إشراف الأمهات على مشط شعر بناتهن صباح العيد وتشكيل الضفائر المميزة، وتم تعويضها بتسريحات عند الحلاقات، فمنهن من تسهر طوال  الليل في الطابور لتتباهى بتسريحتها صباح العيد. كما اختفت عادات أخرى، ولا تزال البعض منها تصارع من أجل البقاء.
مشروع للتعريف بالعملة الجزائرية عبر العصور
هواية جمع التحف القديمة لا تقتصر على الأشياء المرتبطة بالمناسبات الإحتفالية عند السيد كشيطي، بل كل ما يمكن أن يكون ذا قيمة تراثية تؤرخ لزمن ما، وفي هذا الإطار يوضح المتحدث أنه يسعى رفقة صديقه للتعريف بصور العملة الجزائرية عبر العصور، حسبما توفر منها لديه، حيث يقوم بعملية بحث تاريخي من أجل توثيق المعلومات التي يتحصل عليها و نشرها مع صورة العملة وأرشفتها على شكل ملفات إلكترونية يتم نشرها عند الإنتهاء من المشروع.
و يعكف السيد عبد القادر كشيطي حاليا على البحث في خلفيات ودلالات الرسوم التي حملتها وتحملها العملة الوطنية الجزائرية منذ القدم، بهدف التوثيق لهذا التراث الحضاري الذي يرمز للسيادة الوطنية، من أجل وضعه في خدمة الأجيال الحالية والقادمة، مثلما قال، ويتوقع أن يتم نشر نتائج هذا البحث على شبكات التواصل الاجتماعي لتعميم الفائدة.
أما المشروع الثاني بالنسبة لكشيطي و أربعة من أصدقائه، فهو جمع الكتب المدرسية لمختلف مراحل التمدرس في الجزائر منذ الإستقلال، حيث أخذ صورا للصفحات الأولى من كل كتاب وجمعها في ملف إلكتروني أيضا، لتذكير أجيال الستينات والسبعينات بالكتب التي درسوا بها وتعريف الأجيال الحالية بأنواع الكتب المدرسية الجزائرية، وهي الكتب التي يحتفظ ببعضها السيد كشيطي وأصدقاؤه و لا زالوا يبحثون عن بقية الكتب التي تنقصهم، وهي كتب  تحمل بين طياتها حنينا مميزا لمختلف مراحل التمدرس في الجزائر، ومن شأنها أن تشكل جزء مهما من تاريخ المنظومة التربوية في الجزائر.

ويضيف السيد كشيطي أنه يحوز أيضا على مجموعة من دليل الهاتف للجهة الغربية للوطن من 1965 إلى غاية 1973، حيث أن الجيل الحالي لا يعرف شيئا عن هذا الدليل الذي كان يضم أرقام الهواتف التابثة للأشخاص والمؤسسات والإدارات والعديد من الخدمات، حيث يستطيع المواطن تصفح هذا الدليل والحصول على أي رقم هاتفي يريد، وكانت تلك الأرقام تعكس عدد زبائن شركة الإتصالات الهاتفية آنذاك التي كانت تابعة للبريد والمواصلات.
نقص الإمكانيات «سجن» المقتنيات  في علب كارتونية
وأوضح المتحدث أنه يحتفظ بأشياء ذات قيمة تراثية وتاريخية في علب الكارتون، لانعدام فضاءات العرض، حيث أن كل الفضاءات تشترط دفع مبالغ مالية مقابل العرض، مثلما قال السيد كشيطي الذي أفاد أن الأمر لا يقتصر فقط على دفع المبلغ المالي، بل على ممارسات غالبا ما تنفر الجمهور، حيث أن أغلب أجنحة التحف القديمة، لا تشهد إقبالا كبيرا للجمهور، مما أحبط معنويات هؤلاء الهواة وأصبح القليل منهم فقط يحرص على المشاركة في المعارض، خاصة وأن ه الفئة التي يتحدث عنها كشيطي تضم هواة و ليس تجارا للتحف، مضيفا أنه لجأ لشبكات التواصل الاجتماعي من أجل نشر صور لتلك التحف، لما يوفره الفضاء الافتراضي من اهتمام بهذه التحف ويعوضه رفقة أصدقائه عن «سجن» هذه الأشياء التراثية في علب كارتونية.           
هوارية ب

الرجوع إلى الأعلى