نالـــــت العلامـــــــة الكاملــــــة في ثـــــلاث مــــــواد و18 أضعـــــــف نقاطـــــــها
تمكنت النابغة ابنة مدينة ميلة زينات بن زيان من تحصيل أعلى معدل على المستوى الوطني في إمتحان شهادة التعليم المتوسط ، الذي اعتبرته  أ سهل من الامتحانات الفصلية، وتراوحت نقاطها ما بين 18 التي تحصلت عليها مرة واحدة و  20 التي نالتها في ثلاث مواد   والباقي 19 وأكثر ، فكان معدلها النهائي 19,83 / 20 الذي حقق لها ولولايتها ما لم تكن تنتظره، وهي المرتبة الأولى وطنيا لأول مرة في تاريخ ميلة.
ابن الشيخ الحسين.م 
«لا أحب تلك الصورة النمطية  عن التلميذ النجيب"
التلميذة بن زيان زينات من مواليد 15 ديسمبر 2002 ، هي البنت الثانية من   أربعة أبناء للسيد بن زيان زهير الموظف بشركة توزيع الكهرباء والغاز للشرق بميلة، وأم ماكثة بالبيت الكائن بحي التحصيص الجنوبي بلدية ميلة، وتعتبر زينات الممتازة بين إخوتها المتفوقين أيضا  كونهم أوائل في دراستهم، ولكنها قالت أنها ليست البنت التي تركز على الدراسة فقط بشكل مبالغ فيه، كما أنها لا تحب أن تكون في تلك الصورة النمطية التي يضع فيها الجميع النجباء والمتفوقين، بحيث يكونوا دائما منعزلين عن الآخرين، قليلي الكلام وحتى الابتسام عملهم الوحيد هو الدراسة، معبرة بأنها ليست مخلوقا فضائيا، بل هي كأي فتاة أخرى في سنها تعيش يومياتها بمختلف تفاصيلها.
 "من أهم أهدافي، تقول زينات، هو التميز الذي اخترت له أن يكون في المجال الدراسي"، فطيلة مشوارها الدراسي كانت من الأوائل حتى أنها نالت المرتبة  الأولى في شهادة التعليم الابتدائي بمدرسة أحمد حملة بميلة،  لذلك رتبت نفسها كما تضيف، ووضعت برنامجا كما وضعه الجميع، ولكن الاختلاف يكمن في مدى تطبيقه بالشكل المطلوب.
 ففي كل يوم وبعد العودة من الدراسة مساء إلى البيت ترتاح قليلا، ثم تراجع دروس يومها وتحل واجباتها المنزلية، أي أن الفترة المسائية مخصصة لمواد الفهم، وفي صبيحة اليوم الموالي تستيقظ باكرا لحفظ  الدروس التي تتطلب ذلك.
 بالنسبة  للدروس الخصوصية عرفتها زينات في مرحلة التعليم المتوسط وحاجتها إليها كأي تلميذ آخر في هذه المرحلة ولكنها لم تتلق  يوما دروس دعم خاصة بالمنزل أو فوج مكوّن من عدد بسيط من التلاميذ بل كانت كباقي أقرانها، مجرد تلميذة في أفواج الدروس الخصوصية، والمواد التي تلقت فيها هذه الدروس، هي الرياضيات، الفيزياء، الفرنسية والإنجليزية،    المادتان الأخيرتان تقول زينات، "أنه و باعتبارهما غير مستعملتين بكثرة في حياتنا اليومية والمحيط الذي أنتمي إليه  حتم علي  التحكم  فيهما  جيدا أن آخذ دروس دعم،  وكل هذا كان سببا في تحقيق النتيجة التي فاجأتها فعلا،  حيث كانت وعائلتها ومعارفها على ثقة من نجاحها وبمعدل 19 /20،  ولكن أن تحصل على  19.83 فهذا ما لم يكن بالحسبان وصنع المفاجأة الكبيرة لها ولمعارفها وللشارع الميلي عموما ، خصوصا وأنه المعدل الأعلى وطنيا.

 ومن العوامل التي مكنتها  من هذا المعدل  تضيف زينات  بعد المرافقة والتوجيه الجيد للوالدين و أسرة المؤسسة وكذا المحيط، كان الحضور الجدي بالقسم طيلة المشوار الدراسي وليس هذه السنة فقط،  فكانت كثيرة الأسئلة التي لم يبخل الأساتذة أبدا في الرد عليها ومناقشتها، ولهذا تتوجه لهم بالشكر الجزيل  لوقوفهم معهم كتلاميذ وتقديمهم دروس المقرر التي تراها كافية لهضم جميع المواد  كما يجب.
المتفوقة استعانت أيضا بالكتب الخارجية المختلفة والمتاحة على مستوى المكتبات و بالانترنت في الولوج إلى المواقع التعليمية لزيادة المعارف والفهم أكثر، فلم تكن استعمالاتها للفضاء الأزرق يخرج  عن النطاق التعليمي إلا فترات العطل، حتى أنها لم تفتح حسابها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك إلا العام الماضي، ولم تدخله من تلك الفترة إلى اليوم إلا 3 أو 4 مرات فقط،  بسبب التزامها بأهم أولوياتها، وهو التفوق في الشهادة، كما أن الوالد الكريم  كما قالت، كان متابعا لها و لإخوتها في هذا الموضوع، ولا يتيح لهم الانترنت إلا في أوقات معينة، بحيث لا تؤثر سلبا على برنامجهم الدراسي، مضيفة"  كوني اجتماعية وأتمتع بروح الجماعة أفادني هذا كثيرا في تحصيلي العلمي وأعده من أهم أسباب وصولي إلى هذه النتيجة الإيجابية، بحيث كنت مع باقي صديقاتي متعاونات كثيرا، نتبادل الأفكار والمعلومات ونتناقش دائما لزيادة الفهم والتحصيل، وكانت إحدانا تساعد الأخرى ونشجع بعضنا البعض للدراسة والتفوق، ما خلق جو المنافسة بيننا وهو ما يستهويني ويزيد من إصراري على أن أكون المتميزة بنتائجي".
تحب قراءة الروايات وترفض حصر المرأة في البيت
 وخارج أجواء الدراسة والتحضير للشهادة كانت زينات تلك الفتاة التي تساعد والدتها في أعمال البيت اليومية، تروّح عن نفسها مع صديقاتها، وكان للعائلة التي رافقتها جيدا دور بحيث لم يبخل الأب عموما عليها بكل ما يساعدها على التغيير والترفيه من الرحلات والتجوال أوقات العطل و زيارة الأقارب للخروج من جو الدراسة،  الذي قالت أنه في كثير من الأحيان يؤدي بالتلميذ إلى مشاكل وضغوطات نفسية إن لم يتم  التفطن لذلك، فالعامل النفسي حسبها أهم  مسببات النجاح والتفوق والراحة النفسية تزيد من التركيز المطلوب أثناء الامتحان.
 واعتبرت نابغة ميلة والوطن أن دعوات الأهل وخصوصا الأم والجدة عززت ثقتها في نفسها كثيرا، كما أضافت بأنها  مارست هوايات  مثل الكاراتي،   وترى أنه من حق الفتيات أن يمارسن ما يستهويهن ولا فرق بينهن وبين الذكور في ذلك، مدعمة قولها بأن المرأة اليوم ليست تلك التي تمكث بالبيت فقط، بل لها دور فعال في المجتمع لابد أن تلعبه كما يجب، ومما كانت تواظب عليه زينات أيضا خلال يومياتها خارج الدراسة حفظ القرآن فهي إلى اليوم حفظت خمسة أحزاب ولولا تركيزها على التحضير للشهادة لزاد ما تحفظه كما قالت لنا، كما أن للمطالعة حصة في اهتماماتها خارج الدراسة وفي أوقات الفراغ، حيث تفضل مطالعة الروايات ومنها البوليسية للكاتبة أجاتا كريستي و  الكتب الدينية منها السيرة النبوية والرحيق المختوم بالإضافة إلى ما ينمي ثقافتها العامة إجمالا، وهذا ساعدها كثيرا في التخلص من الطاقة السلبية وأبعدها عن التوتر أو الضغط، بالإضافة إلى أنها كانت تغتنم الوقت ما بين الفترة الصباحية والمسائية في الترويح عن نفسها مع صديقاتها بطريق العودة، و مشاهدة التلفاز بالبيت قبل العودة إلى القسم ونفس الشيء بعد انتهاء دروس  الفترة المسائية إلى حين وصولها للمنزل، أين تبدأ في تنفيذ برنامجها اليومي.
"حلمي هو البحث عن حلول للأمراض المستعصية"  
وتصبو التلميذة الأولى وطنيا من حيث المعدل لأن تكون طبيبة ولكن طبيبة باحثة، همها الوصول إلى حلول للأمراض المستعصية لتفيد البشرية وخصوصا الأمة الإسلامية، والجزائر بالأخص، حيث تحدثت للنصر أنها تطمح لدراسة الطب و استكمال دراستها بالخارج في تخصص الأمراض الباطنية وتحديدا المشاكل المتعلقة بالجهاز الهضمي كونها عانت منها في صغرها، ما جعل رغبتها في الطب تكبر مع تزايد سنها لإيجاد حلول لها وإفادة الجميع بها.
المتفوقة  أطلق عليها الكثيرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي وصف  النابغة بعد  أن تحصلت  على  العلامة الكاملة في الرياضيات التي قالت أنها أحب مادة إليها، والفيزياء والتربية الموسيقية، وأضعف علامة في سلمها كانت  18 في مادة التربية المدنية. وقد  اعتبرت أن ما حظيت به من اهتمام من الجميع وعلى رأسها  السلطات التي زارتها من بيتها العائلي حافزا للمضي في تحقيق أهدافها المسطرة، وهي دائما التميز في الدراسة والتحصيل العلمي أكثر وأكثر.

معلمة التحضيري اكتشفت نبوغها المبكر  
 و من جانب عائلتها التي استقبلت الخبر بفرحة عارمة رغم أن الجميع كان على يقين من نجاحها بمعدل ممتاز في حدود 19 ولكن أن تكون زينات الأولى وطنيا، فهذا لم يرد نهائيا لأي أحد منهم ،فقد كانوا ينتظرون الأولى على مستوى البلدية أو الولاية كأعلى تقدير،  ومنذ معرفة النتيجة في حدود الساعة الـ11:05 سا من أمس الأول، وباب منزل السيد زهير بن زيان والد زينات مفتوح لاستقبال المهنئين، وأكد لنا رفقة أمها  أن زينات بنت ليست متعبة نهائيا بل هي على روح عالية من المسؤولية، واكتشاف تميزها هذا كان في الصف التحضيري أين أخبرتهما معلمتها بأن هذه البنت جوهرة ونابغة قائلة لهما " احتفظا بها" وهو ما كان يقول السيد زهير، حيث أكد ووالدتها على التربية الخلقية أولا ثم اعتمدا معها وكذلك باقي إخوتها المتميزين أيضا في الدراسة،  على التوجيه والنصح الذي لم يخب أبدا مع زينات تحديدا، وهو كما يضيف الوالد، ما سيبقى معتمدا عليه إلى جانب الثقة الكاملة في اختياراتها لأنها على قدر كبير من الوعي والفهم، بشكل يفوق سنها حسبما أكده جدها لأمها قائلا، أنه كثيرا ما يجالسها مستمتعا بنقاشها ومحاورتها معه و باقي أخوالها، في مجالات تفوق سنها ومستواها الدراسي "الشيء الذي جعلنا نكون على يقين من تفوقها حيث كانت جدتها تدعو لها وتطمئنها بأنها ستكون الأولى" يضيف الجد .
أساتذة إكمالية شنينبة يشيدون بتميز التلميذة
مدير اكمالية شنينبة حسين أين درست زينات الذي زارها ببيتها، أكد على أن التلميذة جمعت بين الجد في الدراسة والخلق، وأنها مثال للتلميذ النجيب فهي جديرة بهذه النتيجة التي شرفت المؤسسة والولاية ككل، وأستاذتها في مادة الرياضيات زارتها أيضا وأكدت على أن ما تمكنت زينات من تحقيقه في شهادة التعليم المتوسط يعد مسك ختام مشاورها التعليمي ومشرف لها كأستاذة قبل تلميذتها التي أثبتت بجدارتها  جدية ما يقدمه الأساتذة عموما من مجهودات في المؤسسات التربوية.  أساتذتها الآخرون أجمعوا على تميز الفتاة خصوصا  من ناحية كثرة التساؤلات التي تطرحها في القسم ونوعيتها، بالإضافة إلى ثقتهم في إمكانياتها التي وإن فاجأتهم بالمرتبة الأولى وطنيا  إلا أنها بالنسبة لهم أهل لها وتعد بمستقبل علمي زاهر. مدير التربية الذي كان في منزل عائلة بن زيان بعد إعلان النتيجة، وبعد أن نقل لهم تهاني والي الولاية وتهانيه الخاصة اعتبر في حديثه للنصر، أن هذه النتيجة تاريخية بالنسبة لولاية ميلة، ودعا الجميع للفخر بهذه الفتاة و ما حققته لأنها كانت سابقة رفعت اسم ولاية ميلة وسكانها وطنيا، ولهذا هي جديرة بالتكريم في أكثر من مناسبة كما أضاف، مشيرا في كلامه إلى تحسن نتيجة الولاية ككل في هذه الشهادة مقارنة بالعام الماضي وتحصل 153 تلميذا على تقدير ممتاز بولاية ميلة.                                                    ا.م 

الرجوع إلى الأعلى