عندما توثق  ساعة  المسجد الكبير بتلمسان  لجرائم الاستعمار
لا تزال آثار دم إمام المسجد الكبير بتلمسان جلول بن عصمان عالقة بساعة منصوبة بإحدى الأروقة، توثق لجرائم الاستعمار الفرنسي، إلى جانب  رصاصتين فوق المقصورة التي تعود إلى حوالي 10 قرون من الزمن . رغم مرور ستة عقود على حادثة اغتيال جلول بن عصمان، إمام المسجد الكبير بتلمسان، لا تزال آثار دمائه الطاهرة عالقة بين عقارب الساعة، حيث سقط شهيدا في حدود الساعة السادسة و 20 دقيقة يوم جوان 1957، مثلما هو مدون أعلى الساعة، كما تعبر آثار رصاصتين بمقصورة المسجد، على همجية الاستعمار الذي دخل عنوة حرم المسجد الكبير، عقب صلاة المغرب، حسب مصطفى. م ، قيم المسجد الذي دلنا على تفاصيل الحادثة المروعة التي أسفرت عن إغلاق المسجد  آنذاك لمدة ثمانية أيام.
 و أضاف القيم بأن المسجد الكبير بتلمسان، لعب دورا بارزا إبان الاحتلال الفرنسي في توعية و تعليم و تدريس النشء أصول علوم الدين و الحفاظ على الهوية و التنوير بالقضايا المصيرية ، و اعتبره شعلة في سبيل تحقيق النصر و الحرية .
المسجد لا يزال لحد الآن قبلة للزوار من مختلف بقاع العالم الإسلامي، باعتباره تراث مادي يؤرخ لحقب الفتح الإسلامي للمغرب العربي، وشاهد على استقطاب مئات المشايخ و العلماء، يقول السيد مصطفى ، فمن لم يزر الجامع الكبير، على حد تعبيره ، فقد تجاهل موقعا ساهم في بناء الحضارة الاسلامية وتنمية المنطقة فكريا و روحيا .
المسجد الكبير بتلمسان تحفة معمارية نادرة، تعبر عن فن العمارة الاسلامية يمتد عمره إلى حوالي 10 قرون من الزمن، مثلما هو موضح في لوح خشبي، و قد تمت الأشغال به في جمادى الثانية عام 530هـ .
و تذكر بعض المصادر التاريخية، أن هذا المسجد بني على ثلاث مراحل، الأولى تعود إلى عام 1102م، حيث قام يوسف بن تاشفين ببناء مسجد يشبه مسجدي الجزائر و ندرومة يحتوي على قاعة للصلاة - هي القاعة الحالية - وفناء من سبعة أروقة، و في المرحلة الثانية تم بناء المحراب والرواق الأوسط و القبة الموجودة أمام المحراب، أما المرحلة الثالثة فكانت عام 1236م، وفيها قام يغمراسن ببناء سبعة أروقة جديدة فوق الفناء القديم، الأمر الذي أعطى للمسجد  شكله و أبعاده الحالية، وزوده أيضاً بمنارة وقبة مركزية يتدلى وسطها شمعدان فريد من نوعها بمساجد الجزائر .
 يبلغ طول مسجد تلمسان أزيد من 30مترا ، بعرض يتجاوز 60 مترا ، و استنادا إلى بعض الدراسات التاريخية، و يرجح أن يكون بناء المسجد في عهد الدولة المرابطية، كما قال المتحدث ، مشيرا إلى أن مسجد تلمسان هو المسجد الوحيد، من بين مساجد المرابطين، الذي يتوفر على محراب من الحقبة المرابطية، يأخذ جوفه شكلا متعدد الأضلاع وهو شكل شاع في الهندسة المعمارية الإسلامية قبل المرابطين في المشرق و المغرب و الأندلس.
 يتكئ قوس المحراب على عمودين، و تعلو الجوف قبة صغيرة و حافتان على شكل متعدد الأضلاع و لوحات مستطيلة، أما القبة فتتألف من 16جزءاً وهي تشبه قبة جامع القرويين التي تتألف من 20جزءاً، وإن لم يكن المرابطون هم أول من ابتدع هذا الشكل من القباب، فإنهم استفادوا  منه في تتويج جوف المحراب، كما استعملوه في أماكن أخرى، مثل بعض الحمامات وقبة الباروديين بمراكش التي تتكون من 8 أجزاء، و لم يتبق من المقصورة سوى الباب الذي يتخذ جزؤه العلوي شكل القوس، وهو موضوع في إطار عرضه مترين وارتفاعه 1.25م زين بخطوط كوفية على الوجهين، كليهما تحمل البسملة وآيات قرآنية وكتب على القوس «وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم أمر ببنائه... أبو عبد الله محمد بن يحيى بن أبي بكر بن إبراهيم أيده الله ونصره ووفقه... في المسجد الجامع بتلمسان العليا حرسها الله وكان اتمامه في شهر رمضان المعظم عام ثلاث و ثلاثين وخمسمائة»، إلى جانب هذه الزخرفة الخطية توجد زخرفة نباتية تتكون من سعف و زهور بعضها منحوت على الخشب وبعضها الآخر مسمّر.
و أكد قيم المسجد مصطفى و المؤذن الشيخ ياسين، أن للمسجد الكبير رواق أرضي يمتد الى قلعة المشور، لتمكين الخليفة آنذاك من أداء الصلوات ، فيما توجد مدرسة قرآنية تحت الأرض أبوابها موصدة.
هشام ج

الرجوع إلى الأعلى