أكد مختصون في علم الاجتماع و الإعلام أمس في ملتقى بجامعة عبد الحميد مهري بقسنطينة، أن هناك بعض الوسائل الإعلامية تختلق جرائم غير موجودة و توصلها للمتلقي بتفاصيلها و تصور له بشاعتها، و  أرجعوا سبب تفشي الجريمة عند الأحداث، إلى التفكك الأسري و انحراف الأولياء ، و كذا انتهاج أسلوب التعنيف  الذي يولد لديهم الحس الإجرامي و الانتقامي، بالإضافة إلى التمرد و العصيان.
في ملتقى وطني حول « الجريمة في المدينة الجزائرية ، الواقع و أساليب المواجهة» ، حضرته الجهات الأمنية و المختصون في علم الاجتماع ، أكد عميد كلية علوم الإعلام و الاتصال و السمعي البصري فضيل دليو ، في مداخلة بعنوان « المعالجة الإعلامية للجريمة في المدينة»، بأنه و بعد أبحاث قام بها توصل إلى أن بعض الأحداث العنيفة و الجرائم التي تتناقلها بعض وسائل الإعلام في الجزائر ، خاصة المرتبطة بالأقارب،  لم تُرتكب في الواقع ،  و هي في الحقيقة غير موجودة أصلا، بل قامت، حسبه، بعض الوسائل بافتعالها ، بهدف الإثارة و الرفع من نسبة المشاهدة.
و دعا وسائل الإعلام إلى الالتزام بالضوابط الأخلاقية في معالجة قضايا الإجرام، موضحا بأن بعض الإعلاميين لا يجيدون تغطية الجرائم، في الوقت الذي تعتبر المعالجة الإعلامية لها دور أساسي في التقليل من وقوعها، مضيفا بأنه يجب ترشيد  أخبار الجريمة ، إلى ما يسمى بخيار النشر المحدود،  و هو الملتزم بالضوابط الأخلاقية و الذاتية عند الصحفيين.
و أوضح الدكتور دليو بأنه من المفروض عند معالجة الخبر الإجرامي عدم ذكر تفاصيل ارتكاب و التحضير للجريمة، و إنما يجب التركيز على ذكر العواقب الوخيمة، و التوسع في ذكر المواجهة القضائية و العقابية للردع ، موضحا بأن عنوان المقال له دور كبير في الحد من الجريمة، مؤكدا بأنه من المفروض أن يعنون الخبر حول قسوة الحكم الذي سيناله المجرم و ليس بشاعة الجريمة، باعتباره أسلوب ردعي مهم، مؤكدا بأن الصحفي في تغطيته لهذا النوع من القضايا ، مسؤول من الناحية الاجتماعية .
من جهتها الدكتورة نجوى عميرش مختصة في علم الاجتماع بجامعة عبد الحميد مهري ، قالت في محاضرة بعنوان «العوامل الاجتماعية لإجرام الأحداث من وجهة نظر المحامين و القضاة «، بأن فئة الأحداث أصبحت ضمن فئات الإجرام الفاعلة ، و أوضحت بأن هناك عدة عوامل اجتماعية و نفسية، أدت إلى دخول الأحداث ضمن هذا الحيز ، فبعد إجرائها دراسة و تقصيها للظاهرة مع محامين و قضاة،  لكونهم أكثر الأطراف دراية بهذا الموضوع ، و جدت بأن أهم عامل يحرك الجريمة عند الحدث ، هو التفكك الأسري، مشيرة إلى أن الأسرة أصبحت تنتج الإجرام، معتبرة ذلك منحى خطيرا .
كما أنها توصلت إلى أن تعنيف الحدث يولد لديه الحس الإجرامي و الانتقامي، بالإضافة إلى التمرد و العصيان، و من بين النتائج التي تم التوصل إليها انحراف أحد الوالدين، و هو ما تؤكده الإحصائيات الأمنية، حسبها ، مشيرة إلى أن الأسرة لم تبق الملاذ الآمن للأطفال ، فهناك آباء و أمهات منحرفين ، و هذا الانحراف تتعدد أشكاله ،كتناول الخمر و الانحرافات الجنسية، كما تحدثت عن عامل ثان و هو وجود الحدث في الأماكن المعزولة ، ما يجعله لقمة للانحراف، مؤكدة أن الأماكن المعزولة تنتشر فيها الانحرافات الأخلاقية ، و الحدث يصبحه لديه روح الانتقام من أقرانه الذين يعيشون حياة الرفاهية .
الأستاذ عبد الحفيظ  بولزرق، مختص في علم الإجتماع بجامعة قسنطينة، تحدث في مداخلة حول «جرائم الجنسانية، من الطابو الواقعي إلى التفشي الفيسبوكي»،  عن المثلية الجنسية و خروجها من السرية للعلن ، و كذا انتشارها بشكل واسع في الحدائق العمومية، مشيرا إلى أن الميولات و اختلال الهوية الجنسية ، يدخل في دائرة الطابو، غير أنهم باعتبارهم مختصين، يجب عليهم دراسة هذه الظاهرة و تشريحها.
و أضاف بأن هذا الموضوع الحساس، يجب أن يخرج من الرفوف المكتبية ليتم معالجته إعلاميا ، بما يساهم في الحد من انتشاره، مشيرا في ذات السياق، إلى أن رهاب المثلية الجنسية، جعل هذه الفئة تلجأ إلى الفضاء الأزرق، خوفا من رفض المجتمع، و بدأت تؤسس فضاء منظما و تنشط على موقع التواصل بشكل علني بتسمياتهم الخاصة دون حظرها ، كما أن هناك جمعيات أصبحت تنشط في العلن، و قد أقر المثليون يوما وطنيا لهم و هو يوم 10 أكتوبر، مؤكدا بأن التعتيم على هذه الظاهرة، جعلها تتفشى ، خاصة على مواقع التواصل، كما أن الحدائق العامة أصبحت مأوى للممارسات الشاذة  التي تمس بالنظام العام و الأخلاق العامة .
أسماء بوقرن

الرجوع إلى الأعلى