أصحـــاب محـــلات يقحمـــون نســـاء العائلـــة في التجــــارة
 اقتحمت سيدات كثيرات بقسنطينة في الآونة الأخيرة  مجال التجارة الحرة و تولين مهمة إدارة محلات أزواجهن و أشقائهن بعدما كان النشاط في وقت ليس ببعيد حكرا على الرجال ، أما من يمارسنه من السيدات  فكن قليلات جدا ينظر إليهن المجتمع عادة بعين ضيقة، غير أن جولة صغيرة بين محلات المجمعات التجارية الكبرى بالمدينة تعكس بوضوح تغيرا جذريا في الأفكار، فالتجارة العائلية أصبحت أكثر رواجا و ما عاد التجار يجدون حرجا في تعويض الباعة بزوجاتهن و شقيقاتهن تقليصا للنفقات و ثقة منهم في حنكتهن التجارية، حتى أن بعض من عايشن التجربة انتقلن في ظرف وجيز من مجرد بائعات إلى شريكات في رأس المال.
فيسبوك قلب الموازين
تجار كثر على اختلاف مجالات نشاطهم باتوا يفضلون الاستعانة بخدمات بائعة عوض الوقوف في المحل بمفردهم، بالمقابل هناك من يعتمدون في تسيير شؤون تجارهم بمديرة محل تكون عادة فردا من العائلة، و السبب كما أوضح البعض من أصحاب المحلات يكمن في أن النساء، وهن أكثر زبائنهم، يجدن راحتهن أكثر في التعامل مع فتاة من التعامل مع رجل خصوصا إذا ما تعلق الأمر بتجارة الملابس على اختلافها و حتى الإكسسوارات و غيرها، إضافة إلى ذلك فإن  الكثير من الرجال أصبحوا يرتاحون لفكرة تعامل زوجاتهن مع بائعات بدلا من تجار و باعة رجال، وهو ما زاد من الإقبال على توظيف الفتيات في هذا المجال.
غالبية محلات المجمع كانت تقريبا تعتمد على فتيات بائعات، أخبرنا أصحابها بأنهن قريبات لهم، ففي البداية حسب حسين انفتح الجميع على توظيف الفتيات بسبب متطلبات السوق التي تفرضهن كبديل مريح يفضله الزبونات و بالأخص أزواجهن، لكن مع الوقت أصبح الجميع يفضلون الاعتماد على معارفهم لتوفر شرط الثقة خصوصا بعد تسجيلات حالات سرقة و تحايل من طرف بائعات سابقات.
حسين صاحب محل بالمجمع التجاري لاكوبول، قال بأنه يعتمد بشكل كبير على زوجته في تسويق بضاعته المتمثلة في ملابس المناسبات عبر الانترنت، إذ أنها ومنذ  أن أصبحت تجارة الفيسبوك رائجة ساهمت في الترويج لمحله و أكسبته زبونات أكثر، حتى انه يعتمد عليها في عملية البيع خلال المواسم كالأعياد مثلا.محدثنا أوضح بأن المجتمع تغير وأنه يفضل أن تتعامل زوجته مع زبوناته على أن يتعامل هو معهن، معلقا بأنها اقدر على استيعاب طلباتهن وحتى التحكم في محاولات خفضهن للأسعار بكل الطرق، حتى من خلال استغلال" أنوثتهن" أحيانا، مضيفا بأن أم أولاده تعمل عادة عبر الانترنت لكن ذلك لا يمنعها من النزول للمحل من حين لآخر وهو لا يجد حرجا في ذلك.بدوره أضاف سامي بأن شقيقته تعد شريكة أساسية لتجارته فما تبيعه في من مواد تجميل و أجهزة تصفيف الشعر و غيرها عبر الانترنت يتجاوز ما يبيعه هو في المحل، لذلك فإنه بات يعتمد عليها بشكل كبير حتى أنه، أصبح يستورد بعض العبايات و الخمارات التركية و الخليجية التي أخبرته بأنها رائجة الطلب عبر الانترنت، و منحها ركنا خاصا لبيعها داخل محله.سامي قال بأنه لا يحرج من عمل شقيقته معه بل بالعكس وجودها يمنحه راحة أكثر مقارنة بالعمل في محل واحدة مع بائعة غريبة، حتى أنه لاحظ بأن الزبائن بمجرد دخولهم الى المحل يتوجهون مباشرة للحديث إليها، لاعتقادهم بأن النساء أكثر دراية فيما يخص مواد التجميل و مقتنيات الجمال عموما.
من مسؤولة مبيعات إلى شريكة في رأس المال و صاحبة محل
خديجة صاحبة محل لبيع حقائب السفر و اليد بالمركز التجاري رتاج مول بقسنطينة، قالت بأنها اقتحمت مجال التجارة قبل سنتين ونصف، إذ كانت في البداية تقوم بالترويج لبضاعة محل شقيقها المستوردة بين صديقاتها اللواتي يروجن لها بدورهن لدى معارفهن و في أماكان عملهن وقد أسهمت في رفع حجم مبيعاته بشكل ملحوظ كما اكتسبت عددا من الزبونات الوفيات، وكانت هي من اقترحت على شقيقها قبل سنة و نصف تقريبا مساعدته في المحل الذي كان يملكه بوسط المدينة خصوصا و أنها لم تكن تملك وظيفة قارة، و بالفعل باشرت نشاطها معه كبائعة بالمحل بينما اهتم هو باستيراد البضاعة و مراقبة الحسابات، لكنها سرعان من أصبحت شريكة له بجزء من رأس المال بعدما قرر فتح محل ثان هذه السنة بالمدينة الجديدة، انتقلت إليه هي لتديره بوصفها شريكة فيه بنسبة 30 في المائة كما عبرت. محدثتنا قالت بأن شقيقها رفض في البداية السماح لها بإدارة المحل بمفردها خوفا من ما قد تتعرض له من مضايقات أو تحرشات، خصوصا و أن المجمع مليء بالمحلات التي يملكها رجال وهو أيضا قبلة لكل أصناف البشر، لكنه اضطر للموافقة في النهائية كون أغلب الزبائن الدائمين للمحل هم زبائنها الذين كسبت ودهم خلال عملها في محل وسط المدينة.
 مضيفة بأن عدد البائعات على مستوى المجمع كبير وهو ما جعله يتغاضى عن الأمر، وحسب خديجة فإنها ليست الوحيدة التي تملك جزء من رأس مال المحل الذي تعمل فيه، بل هناك أزيد من ثلاث سيدات بالمجمع التجاري هن شريكات في تجارة أزواجهن، قالت بأنهن يترددن باستمرار على المحلات و يتناوبن على إدارتها معهم، وهي عموما محلات مختصة في الملابس الداخلية و ملابس السهرة.في الطابق الثالث بالمجمع قابلنا إيناس شابة  في العشرينات من عمرها، وهي بائعة بمحل لأثواب و أطقم السهرة المستوردة، كانت رفقة رجل في الخمسين، علمنا لاحقا من خلال حديثنا إليها بأنه والدها، و أنها تساعده في تجارته منذ افتتاح المحل الجديد و توسعته، بعدما كان يعتمد في البداية على بائعتين اثنتين تعملان بالتناوب بين الفترة الصباحية و المسائية، مقابل مرتب شهري بقيمة مليون سنتيم، قالت إيناس بأن والدها اقترح عليها أن تتولى مهمة التسويق داخل المحل عوضا عن البائعتين السابقتين، مقابل مرتبهما معا أي مليونين سنتيم، بعدما عجزت عن إيجاد وظيفة جيدة.أما الوالد فقد أوضح بأنه يفضل توظيف ابنته على توظيف شخص غريب، أولا لأنها مصدر ثقة من ناحية الحسابات، أما السبب الأهم فهو أن معظم الزبونات أصبحن يفضلن التعامل  مع الإناث بدلا من الذكور خصوصا ما تعلق بقياس الملابس و الحديث الخاص عن القياسات و تفاصيل من هذا النوع، مضيفا بأن الاعتماد على فرد من الأسرة حتى  إن كانت ابنته في التجارة لا يطرح أي حرج لأن غالبية المحلات أصبحت تستعين بالإناث، بل العكس تواجدها على مقربة منه أفضل بكثير من عملها في مكن آخر رفقة الغرباء. أما وداد سيدة في عقدها الرابع صاحبة محل لبيع مواد التجميل و الملابس الداخلية المستوردة، فقالت بأنها تملك المحل الذي تشتغل فيه و أنها ليست شريكة لأحد ، لأنها قصتها مع التجارة بدأت منذ سنوات، إذ سبق لها أن عملت كبائعة   " تراباندو" كانت تسافر إلى سوريا و فرنسا  لإحضار بضاعة عن طريق   " الكابة" تعيد بيعها هنا، وهو ما وفر لها  رأس مال سمح لها بشراء محل في حي سدي مبروك و كراء محل  في الرتاج.محدثتنا قالت بأن زوجها لا يمانع عملها كبائعة لأنه أيضا تاجر و كان هو أول من دفعها الى تجارة " الكابة" وقدمها لمعارفه و اليوم يملكان محلين للأثاث و الملابس النسائية بالإضافة إلى محلها الحالي.
ن/ط

الرجوع إلى الأعلى